تخلت عن شرط رحيله.. ما أسباب تغير موقف واشنطن من الأسد؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع دخول قانون "قيصر" الأميركي حيز التنفيذ، أعلنت الولايات المتحدة على لسان ممثلها الخاص المعني بشؤون سوريا جيمس جيفري، أنها لا تطالب برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد عن السلطة، أو انسحاب القوات الروسية من الأراضي السورية.

وقال جيمس جيفري خلال مؤتمر افتراضي نظمه معهد "الشرق الأوسط" في 22 يونيو/ حزيران 2020: إن "ما يميز منهجنا هو أننا لا نطالب بالانتصار المطلق. لا نقول إن على الأسد أن يرحل، نؤكد أن عليه وحكومته تغيير ممارساتهم".

وتابع: "كما لا نقول إن الروس يجب عليهم أن يغادروا. نفضل ألا يكونوا هناك، لكن محاولات تحقيق خروجهم ليست جزءا من سياساتنا". وشدد على أن الولايات المتحدة تريد مع ذلك أن تعود الأوضاع في سوريا إلى ما كانت عليه قبل العام 2011، أي قبل دخول القوات الروسية والإيرانية.

تصريحات المسؤول الأميركي أثارت تساؤلات عن أهدافها، وجدية مساعي الولايات المتحدة لإنهاء الأزمة السورية بعد دخولها العام التاسع، والتي يرى مراقبون أنها لن تنتهي مع وجود بشار الأسد في السلطة، الذي جعل من الأراضي السورية مسرحا للقوات الروسية والإيرانية والمليشيات الشيعية بمختلف جنسياتها.  

تحولات كبيرة

وعلى صعيد مدى جدية الولايات المتحدة في إنهاء الأزمة السورية، قال الخبير في الشأن السوري عبد الله الأسعد: إن "أميركا ليست على عجلة من أمرها، وأن موضوع العقوبات ليس التجربة الأولى لها، فهي عندما فرضت عقوبات على العراق لم يتم الإطاحة بصدام حسين (الرئيس الراحل) بعد أشهر أو سنتين، وإنما استمر الحصار لمدة 13 عاما".

وأشار الأسعد في حديث لـ"الاستقلال" إلى أن الولايات المتحدة تعول على نبذ النظام السوري وعزله من الداخل، بالقول: إن "المدة التي ستعيشها سوريا تحت قانون العقوبات الأميركية (قيصر) ستشهد تحولات كبيرة في النسيج الاجتماعي- المدمر أساسا- ولا شك أن طول مدة الحصار سيجعلهم يتقبلون كل شيء".

وتوقع المحلل السوري أن "يكون هناك حل للأزمة السورية في القريب العاجل، لكنه ليس نهائيا، وإنما عبارة عن مرحلة بسيطة من خطة زمنية تخطط لها أميركا بوجود روسيا، وفي ظل هاتين الدولتين سيتم وضع أشخاص في مفاصل الدولة التي يتمركز فيها مجموعة من المليشيات حاليا".

وفي 17 يونيو/ حزيران 2020 دخل قانون "قيصر" الأميركي حيز التنفيذ، والذي يعاقب كل من يساند النظام ويمارس أنشطة اقتصادية، سواء على مستوى الدول أو الشركات والأفراد.

وطالت عقوبات "قيصر" 39 شخصا وكيانا بينهم بشار الأسد وزوجته أسماء لحرمان حكومته من مصادر التمويل في محاولة لدفعها للعودة إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة.

وردا على تصريحات جيفري، قال وليد المعلم وزير خارجية النظام: إن الأسد سيبقى على رأس السلطة، وأن قرار رحيله بيد الشعب السوري لا واشنطن. وبين خلال مؤتمر صحفي في 23 يونيو/ حزيران 2020 أن الغاية من قانون قيصر هي التأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة في 2021.

تدوير الأزمة

ولطالما تحدثت الولايات المتحدة في الكثير من المناسبات عن رفضها لأي وجود للأسد في مستقبل سوريا، إلا أن تصريحات جيفري تأتي لتعكس واقعا آخر من ذلك تماما، فهل تبدلت الرؤية الأميركية تجاه مصير رئيس النظام السوري؟

وفي هذه النقطة، رأى الأسعد خلال حديثه مع "الاستقلال" أن "واشنطن تسعى إلى إعادة تدوير الأزمة، وستكون للعقوبات المفروضة على سوريا مضاعفات كبيرة. أما بشار الأسد فهو مجرم جنائي ويجب فرض حكم جنائي ضده".

وأشار إلى أن الأزمة الآن تتصاعد عسكريا وسياسيا في سوريا، وأن "بشار الأسد يمسك فقط بزمام القوة الأمنية المسلطة سيفا فوق رقاب الشعب السوري، أما عسكريا فقد أصبح جزء كبير من الجيش غير مسيطر عليه، وولاؤهم مقسم بين روسيا وإيران، وضباط آخرون يتواصلون مع أميركا".

وأكد الأسعد مجددا أنه لا يوجد حل نهائي للأزمة السورية في الوقت الحالي، وإنما إعادة تموضع، لكن في النهاية غاية أميركا وإسرائيل بناء كيان انفصالي في الشمال السوري، وإحداث "الفوضى الخلاقة" ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير.

من جهته، علق الناشط السوري خالد السليمان على حديث جيفري، قائلا: "لو أن الدول الفاعلة بالملف السوري وجدت بديلا يمكن فرضه على الشعب السوري أسوأ من بشار الأسد لما ترددت في تغييره منذ بداية الثورة كما حصل بدول الربيع العربي".

وعبر تغريدات على "تويتر" في 23 يونيو/ حزيران 2020 أضاف السليمان: "عندما يقول  جيمس جيفري، إن الولايات المتحدة لا تطالب برحيل بشار الأسد، أو انسحاب القوات الروسية من سوريا فهو لم يأت بجديد. والشعب السوري يعلم أن جميع الإقليميين الفاعلين بالملف السوري هم دمى تحركها أميركا ولمصلحة إسرائيل".

وفي يونيو/ حزيران 2019، صرح مصدر مسؤول في البيت الأبيض في إيجاز صحفي، بالقول: إن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أنه لا يوجد مستقبل لبشار الأسد في سوريا. وأضاف: "الأسد لن يشارك -بالتأكيد- في أي جهود لإعادة الإعمار قد تعود بالنفع على نظامه".

تأتي هذه التصريحات قبل اجتماع ثلاثي عقد بين الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل في القدس المحتلة في يوليو/ تموز 2019، سيتناول الأزمة السورية والوجود الإيراني على حدود فلسطين المحتلة.

مواقف سابقة

وكان للولايات المتحدة مواقف واضحة ضد النظام السوري، إلا أنها لم تصر على المطالبة برحيله، ففي أبريل/ نيسان 2017، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه لا يصر على رحيل بشار الأسد من أجل إنهاء الاقتتال في سوريا.

وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية: "هل نحن نصر على رحيل الاسد. لا.. ولكني أعتقد بأن ذلك سيحدث يوما ما؟". وأضاف: "أعتقد أنه ليس من المستحيل التوصل لسلام في سوريا مع بقاء الأسد… صحيح أن كلمة مستحيل قوية، لكن أعتقد بأنه ستكون هناك بداية جيدة برحيله".

الرئيس الأميركي عاود الحديث عن مصير الأسد خلال كلمة له في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أكد فيها أن الإدارة السابقة للولايات المتحدة فوتت فرصة تحقيق رحيل الأسد عن السلطة.

وأوضح ترامب: "الإدارة السابقة للولايات المتحدة قالت إن على الأسد أن يرحل، وكانت لديهم فرصة لتحقيق ذلك لكنهم لم يحققوه". وأشار إلى أن سلفه، الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، لم يرد على حالات "استخدام" النظام السوري للأسلحة الكيميائية.

وتابع: "أما أنا فقمت بالرد على مثل هذه الأشياء، واستخدمت من أجل ذلك 58 صاروخا من طراز توماهوك"، في إشارة إلى قصف مطار الشعيرات العسكري التابع للنظام السوري في أبريل/ نيسان 2017.

جاء هذا الهجوم ردا على الهجوم الكيميائي على خان شيخون الواقع في 4 أبريل/ نيسان 2017، الذي يتهم النظام السوري بتنفيذه والذي أدى إلى مقتل 100 شخص وإصابة 450 آخرين. وكانت الضربة هي أول هجوم انفرادي للولايات المتحدة تعمد استهداف قوات الأسد خلال الحرب المندلعة منذ عام 2011.

واتخذت واشنطن منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، موقفا مناهضا بشدة للأسد الذي تقول إنه يقف وراء مقتل مئات الآلاف من السوريين وتورط في ارتكاب جرائم حرب، وقدمت في هذا السياق مساعدة عسكرية ومالية للمعارضة المسلحة في البلاد.