"حرج كبير".. ماذا تملك الأنظمة العربية أمام ضم إسرائيل للضفة الغربية؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن حرج القادة العرب بسبب مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، مشيرة إلى أن بعض الأنظمة الخليجية سئمت من القضية الفلسطينية وتنظر إليها في الوقت الحالي على "أنها لا تصلح إلا لمزبلة التاريخ".

وتحت عنوان "مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية يحرج القادة العرب"، قالت الصحيفة الفرنسية: إن "هذه المعضلة تحرج الدول العربية، ولكنها اعتادت عليها في السنوات الأخيرة بسبب الأحادية الإسرائيلية الأميركية".

بين أمرين

وأشارت "لوموند" إلى اعتراف واشنطن بالقدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية عام 2017، ثم اعتراف البيت الأبيض بضم إسرائيل للجولان عام 2019، وأخيرا إعلان خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في يناير / كانون الثاني 2020.

وأكدت أن احتمال ضم الحكومة الإسرائيلية جزءا من الضفة الغربية اعتبارا من 1 يوليو/ تموز 2020، سيضع العواصم العربية مرة أخرى في حرج، حيث يجد قادة الدول العربية أنفسهم عالقين ما بين موقفهم التقليدي المؤيد للفلسطينيين والرأي العام المعادي بشدة لإسرائيل من جهة، واعتمادهم العسكري والمالي على الولايات المتحدة من جهة أخرى.

ولفتت الصحيفة إلى أنه "بالنسبة للبعض منهم، مثل ملوك الخليج، لديهم مصالح تتقاطع بشكل متزايد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت تتخذ فيه المملكة الأردنية الهاشمية، المتاخمة للضفة الغربية، موقفا حازما".

وبينت أن الملك عبد الله الثاني، يواصل الاتصالات الهاتفية واللقاءات عبر تقنية "الفيديو كونفرنس" مع نظرائه العرب والإدارة الأميركية والمسؤولين الأوروبيين، مما يثير شبح "صراع كبير" في حالة الضم.

ولفتت الصحيفة إلى أن الملك الأردني أوضح في تصريح لمجلة "دير شبيغل" الألمانية ردا على سؤال حول إمكانية رد فعل عمّان على المشروع الإسرائيلي: لا أريد أن أهدد (...)، لكننا ندرس جميع الخيارات" ومن ضمنها إلغاء اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1994.

ووفقا لـ"لوموند"، فإن المملكة الهاشمية تعرف أن أي ضم، سواء كان مقصورا على الكتل الاستيطانية أو يغطي غور الأردن بأكمله، من شأنه أن يدفن بشكل قاطع حل الدولتين، وهو أساس عملية السلام في الشرق الأوسط.

كما تخشى عمّان أن تدفع إسرائيل، في مثل هذه الحالة، التي لا تريد أغلبية غير يهودية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، الفلسطينيين بالنزوح تجاه الأراضي الأردنية.

"حملة ضغط"

وأكدت الصحيفة أنه لمواجهة هذا السيناريو، الذي ربما يكون قاتلا لسلالته، على الملك عبد الله أن يكون حازما، ولكن قطع العلاقات مع إسرائيل قد يشكل خطرا من خلال تعليق المساعدة المالية الحيوية التي تقدمها واشنطن للمملكة الخالية من الموارد الطبيعية، وهي بقيمة مليار دولار سنويا.

وأوضح وزير الخارجية الأردني السابق مروان المعشر أن "للملك خيارات أخرى"، في إشارة إلى إمكانية إلغاء اتفاقية شراء الغاز الموقعة مع إسرائيل أو الحد من التعاون الأمني.

من جهته، قال مصطفى الحمارنة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني: "فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يظل الملك عبد الله الزعيم العربي الذي لا يزال يتحدث بصوت عال، ويقود حملة ضغط شرسة. ونجح بشكل ملحوظ في جعل الإمارات العربية المتحدة تشدد موقفها".

ونوهت "لوموند" إلى أنه في 12 يونيو/ حزيران، اتخذت الملكية البترولية مبادرة جديدة تماما، حيث نشر سفيرها في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، عمودا في الصحافة الإسرائيلية، يحذر فيه من أن الضم "سيقلب بلا شك التطلعات الإسرائيلية لإقامة علاقات أقوى" مع العالم العربي، وهي إشارة إلى تعاون يبدو سريا بين حكومة نتنياهو والاتحاد الإماراتي.

عدو مشترك

وأوضحت أن الإمارات، التي ليس لها علاقات رسمية مع إسرائيل، ضاعفت في الواقع، على مدى السنوات العشر الماضية، التبادلات مع الدولة العبرية، في المجال الأمني ​​والتكنولوجي، وهذا التطور، موجود أيضا في المملكة العربية السعودية والبحرين، ويقوم على العداء مشترك لإيران والإخوان المسلمين، إضافة إلى الازدراء المشترك للجماهير العربية وتطلعاتها الديمقراطية.

ومع ذلك، ترى "لوموند" أن احتمال توقف هذا التقارب في حالة ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية لا يزال موضع تساؤل، ففي الأيام التي تلت نشر هذه المقالة، أدلى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بتصريحات جديرة بالملاحظة.

وقال قرقاش، في كلمة أمام مؤتمر للجنة الأميركية اليهودية، وهي مجموعة معنية بدعم اليهود:  "هل يمكن أن يكون هناك خلاف سياسي بيني وبين إسرائيل لكن أستطيع في نفس الوقت أن أحاول أن نعمل في مجالات أخرى من العلاقة؟ أعتقد أنني أستطيع وأعتقد أن هذا هو ما نحن عليه أساسا".

وأضاف: "التعاون لمواجهة التحدي الذي تمثله جائحة كورونا (كوفيد 19) لا يؤثر على معارضة الإمارات لضم الأراضي المقترح أو قضايا سياسية أخرى".

وكرد مثالي على هذا الخطاب، أعلن بنيامين نتنياهو، الخميس 25 يونيو/ حزيران 2020، عن إبرام اتفاق بين الشركات الإماراتية والإسرائيلية لتطوير أبحاث ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

ونقلت "لوموند" عن ثيودور كاراسيك، قوله: "الحقيقة المرة هي أن الإمارات سئمت من القضية الفلسطينية التي، حسب رأيهم، لا تصلح إلا لمزبلة التاريخ، ومن وجهة نظرهم، يعتبر الانحياز إلى إسرائيل خيارا إستراتيجيا. كما تعزز الحاجة لمواجهة التدخل التركي في ليبيا هذه القناعة، التي تشاركها فيها المملكة العربية السعودية، حتى لو كان ذلك بشكل أقل علانية".

صمت الرياض

وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن الرياض، التي أدلت بتصريحات قوية بشأن قضية القدس، التزمت حتى الآن صمتا نسبيا حول ملف الضم، ولم يتخذ الملك سلمان ولا ابنه ولي العهد الأمير محمد موقفا علنيا في هذا الموضوع.

ويقول حسين إيبش، المحلل في معهد الخليج العربي بواشنطن في حديث للصحيفة الفرنسية: إن "القادة السعوديين لا يريدون الإساءة لدونالد ترامب وهم منزعجون للغاية لأن الفلسطينيين لم يقدموا بديلا لخطته".

أما مصر، فقد اكتفت حتى الآن، عبر صوت وزير خارجيتها، سامح شكري، عن الإعراب عن "قلقها" من الإجراءات الإسرائيلية، وهو شكل من أشكال الدبلوماسية الذي اتخذته دول عربية أخرى.

ونقلت الصحيفة عن صحفي إسرائيلي (لم تذكر اسمه) قوله: إن قطر هددت بوقف مساعدتها المالية لقطاع غزة في حال الضم، وهو أمر حاسم للحفاظ على الهدوء في هذه المنطقة، وأثير في اجتماع الجهات المانحة، لكن لم تؤكده الدوحة.

وفي ختام حديثه لـ"لوموند" يرى ثيودور كاراسيك أن "الأردن هي الأكثر تشددا مع إسرائيل لكنها معزولة"، لافتا إلى أن "دخول مشروع الضم الذي هو قيد التنفيذ في أول يوليو/ تموز 2020، قد يتسبب ببعض الاضطرابات غير أن المملكة الهاشمية سترضخ في النهاية".