أبو خميني.. شاب صغير منحته طهران نفوذا واسعا في العراق

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم صغر سنه، فإن الجرائم التي ارتكبها حسين المالكي بحق العراقيين، جعلته واحدا من أبرز قادة المليشيات الشيعية المرتبطة بإيران، بل وتصدر اسمه الكثير من الشخصيات العراقية الموالية للمرشد الإيراني علي خامنئي.

المالكي المعروف بـ"أبو خميني" وقع مؤخرا في قبضة القوات الأمنية العراقية ضمن 14 عنصرا من مليشيا "كتائب حزب الله" اعتقلوا في 26 يونيو/ حزيران 2020، بتهمة التخطيط لقصف المنطقة الخضراء (تضم مقرات الحكومة ومبنى سفارة واشنطن) بالصواريخ، حسبما أفاد موقع قناة "الحرة" الأميركية.

لكن الجهات الرسمية العراقية، لم تؤكد أو تنفي حتى يوم 29 يونيو/ حزيران 2020 اعتقال المدعو "أبو خميني" والذي تطاله اتهامات عدة تتعلق بارتكاب عمليات قتل ممنهجة ضد أبناء المكون السني في العراق، إضافة إلى تهديداته العلنية للمتظاهرين بالقتل.

إلا أن تقارير صحفية كشفت بأن قائد “كتائب حزب الله" عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ"أبو فدك"، ومسؤول أمن الحشد الشعبي أبو زينب اللامي، قادا مجموعة من المليشيات في محاولة لتطويق القصر الرئاسي ومقر جهاز مكافحة الإرهاب، من أجل الضغط على الحكومة لإطلاق سراح نحو 14 عنصرا من المليشيات ومن ضمنهم "أبو خميني".

حلقة وصل

حسين إبراهيم المالكي، لا يعرف تاريخ ميلاده على وجه الدقة، لكن جميع المعلومات المتداولة عنه تؤكد أن عمره لا يتجاوز الثلاثين عاما، ومع ذلك فإن الكثيرين في العراق يحسبون له ألف حساب من أعلى هرم الدولة إلى أصغر منصب فيها، كونه مسنودا من إيران ويعتبر رجلها الجديد في العراق.

وتعد شخصية أبو خميني الحلقة الأبرز بين طهران، وتنظيم "كتائب حزب الله" في العراق، فقد أسند إليه منصب المنسق العام للحزب، إضافة إلى منصب مسؤول استخبارات قوة "حزب الله" الموجودة بشكل مكثف في منطقة "جرف النصر" بمحافظة بابل، والتي تعد إحدى المعاقل المهمة والبارزة للمليشيات المقربة من إيران.

ويعمل أبو خميني مع مجموعته التي تقدر بالآلاف بشكل مكثف في منطقة "جرف الصخر" التي يعتقد أن المنطقة تضم سجونا سرية لإيران ومعسكرات تدريبية تابعة للحرس الثوري الإيراني، ويوجد بها مسؤولون كبار من "حزب الله" اللبناني، و"حزب الله" العراقي، ومن جماعة الحوثي اليمنية، كما أن الجنرال الإيراني السابق قاسم سليماني كان يوجد فيها بكثرة.

ولا يقتصر دور أبو خميني على تعزيز النفوذ الإيراني في العراق، ولكنه مكلف بمهام أمنية وعسكرية في منتهى الخطورة، موجهة بالأخص إلى السعودية والولايات المتحدة الأميركية، بحسب تقارير إعلامية.

قتل طائفي

ظهر أبو خميني في مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي في أبريل/ نيسان 2020 يدعو إلى قتل المتظاهرين من السنة والشيعة، موجها جملة من الشتائم إلى جموع المحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد.

أبو خميني يشتهر بسيطرته على منطقة شارع فلسطين في شرق العاصمة بغداد، ويتهم بارتكاب العديد من المجازر بحق أهل السنة بعد اختطافهم، دون أن يتعرض للمساءلة من السلطات العراقية، رغم أن مكتبه ومحل سكناه معروف، حسبما كشف رعد السليمان أحد شيوخ عشائر محافظة الأنبار (ذات الغالبية السنية) في سبتمبر/ أيلول 2017.

وقال السياسي العراقي بهجت الكردي في مقابلة تلفزيونية في أكتوبر/ تشرين الثاني 2016: إن "إيران تصنع القتلة في العراق، وأن أبو خميني أحد هؤلاء الذين تصنعهم طهران بطريقة مدروسة".

وأشار إلى أن "دولة الولي الفقيه في إيران، تعمل ليل نهار لصناعة المجرمين في العراق، وأبو خميني هو من أقارب رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي".

وتابع الكردي: "أبو خميني يظهر أنه أذكى من أدوات إيران الأخرى، وهو مدرب تدريب محترف على صناعة المتفجرات، ولديه فرقة للاغتيالات بأسلحة كاتمة الصوت، وربما يكون هو المسؤول عن اختطاف الموطنين السنة من محافظة الأنبار في مرحلة الحرب ضد تنظيم الدولة".

مناصب عدة

تشير تقارير إلى أن أبو خميني أسس وترأس عدة مجموعات تنفذ عدة مهام مختلفة، وجميع هذه المجموعات والتنظيمات مرتبطة بقوة "حزب الله" الخاصة على مستوى المنطقة.

وعلى رأس تلك المجاميع، حركة "أنصار الولاية"، التي يقدر تعدادها بنحو 1500 مقاتل مدرب على أعلى التدريبات العسكرية، خاصة المتعلقة بالهجمات الصاروخية، الذي تعد مهمته الأولى ضرب القوات والمصالح الأميركية في كل مكان، وخاصة العراق.

وتفيد تقارير صحفية بأن "أنصار الولاية" جرى إنشاؤه بناء على فتوى وأفكار المرجعية الشيعية العراقية المقيمة في إيران، المتمثلة برجل الدين الشيعي كاظم الحائري، وهو المخول بإدارة التنظيم بشكل سري داخل الساحة العراقية، عبر الإيعاز لأبو خميني بتنفيذ الأوامر الإيرانية.

ويجمع أبو خميني منصبين مهمين، يتمثلان في كونه المنسق العام لحزب الله في العراق، ومسؤول استخبارات نفس الحزب. وتُعرّفه مواقع إلكترونية قريبة من مليشيا الحشد الشعبي بأنه مستشار الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله.

وتظهر صور ومقاطع عدة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لقاءات يجريها أبو خميني مع شخصيات سياسية ودينية شيعية، إضافة إلى اجتماعاته بعدد من قادة المليشيات المسلحة الموالية لإيران.

مهاجمة السفارات

تطال أبو خميني اتهامات عدة، كان من أبرزها قيادة الاقتحام لمبنى السفارة البحرينية في العاصمة العراقية بغداد، في 27 يونيو/حزيران 2019، وذلك بعد استضافة المنامة للورشة الاقتصادية الخاصة بالخطة الأميركية المزعومة للسلام، المعروفة إعلاميا بصفقة القرن.

وقد جاءت عملية الاقتحام بدفع من قوة "حزب الله" الخاصة، وبعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران بالعراق، وهي كل من "كتائب النجباء" التي يرأسها أكرم الكعبي، وكتائب "سرايا الخُراساني" بقيادة علي الياسري.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، حيث أن أبو خميني وقوة "حزب الله" الخاصة، تتهم بشن هجمات على مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد، التي تضم أبنية حكومية وسفارات أجنبية.

لذلك فإن مراقبين يربطون أنباء اعتقال أبو خميني على يد القوات العراقية، بالهجمات التي كانت تشن ضد سفارة واشنطن ببغداد، والقواعد العسكرية في العراق الموجودة فيها القوات الأميركية.

وفي سبتمبر/ أيلول 2020، نقلت تقارير تصريحات نسبت للقيادي في تنظيم "حزب الله" وحركة "أنصار الولاية" العراقية، أبو زهراء السلطاني، قوله: إن منطقة "جرف النصر" تحتوي على مئات الصواريخ الباليسيتة الموجهة؛ قصيرة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى.

وأفاد بأن تلك الصواريخ هي من طراز: "أشتر، بتار، تايكر، قاصم، مبير"، مؤكدا أنه يمكن أن يصل البعض منها إلى عمق السعودية، إضافة إلى امتلاكهم العشرات من الطائرات المسيرة من نوع "رقيب"، والتي عملت على ضرب عدة مصالح مختلفة في الداخل والخارج العراقي.