"لوفيجارو": ليبيا ساحة مواجهة بين الإمارات وقطر.. ماذا عن مصر؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية مقالا للكاتب جورج مالبرونو، تناول فيه الدور الخليجي في الحرب الدائرة بليبيا، مؤكدا أن قادة الإمارات يدركون أنه بعد هزيمة خليفة حفتر "لا يوجد حل عسكري" للصراع المستمر منذ وفاة الزعيم الليبي معمر القذافي في 2011.

يأتي ذلك في ظل الأزمة الخليجية التي دخلت عامها الرابع، ففي 5 يونيو/ حزيران 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت كل المنافذ الجوية والبحرية والبرية معها، في أسوأ أزمة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج عام 1981، تحت مزاعم دعم الإرهاب والتقرب من إيران.

ميدان للمواجهة

وقال الكاتب في مقاله: إن "ليبيا أصبحت ميدان مواجهة مغلقة بين الممالك الخليجية، حتى أكثر من سوريا"، مبينا أن "هذه المواجهة بين المحور السياسي المناهض للثورة والإسلاميين بقيادة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الداعمين لمصر والجنرال خليفة حفتر".

وأضاف: "الجهة الأخرى هي قطر، حليفة تركيا، التي تدافع عن حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، المعترف بها دوليا". وأشار إلى أن الإمارات، التي يسيطر عليها هاجس جماعة الإخوان المسلمين وقطر، وهي في حالة حرب معهما منذ عام 2017، تدرك أنه بعد هزيمة حليفها حفتر "لا يوجد حل عسكري" وتدعو إلى وقف عام لإطلاق النار.

وحذرت أبوظبي من أننا "على حافة مواجهة إقليمية يجب تجنبها بأي ثمن"، لكن جلال الحرشاوي، الباحث بمعهد "كلينجنديل" للعلاقات الدولية بلاهاي، والمتخصص بالشأن الليبي، يشير إلى وجود فرق بين التدخل القطري والإماراتي بهذا الصراع.

ونقلت الصحيفة عن الباحث قوله: إن "دعم قطر لحكومة الوفق قبل كل شيء سياسي، حيث ساعدت دبلوماسيتها في التفاوض على الصفقة التي وقعها فايز السراج مع تركيا العام الماضي. كما تعمل الدوحة أيضا كمورد للولايات المتحدة".

وتابع الحرشاوي: "لا تزال المساعدة العسكرية موجودة، ولكن ليس بشكل كبير، فعلى سبيل المثال عندما سيطر الأتراك على قاعدة الوطْية الجوية جنوب غرب طرابلس والتي كانت خاضعة لسيطرة قوات حفتر، غادرت سفن الشحن القطرية ومرت عبر تركيا لتقديم الدعم".

وأوضح أنه "باختصار، قطر موجودة في ليبيا كداعمة لحليفها التركي"، الذي يُبرر تدخله الليبي أولا بالحرص على الحفاظ على مصالحه في الطاقة بشرق البحر الأبيض المتوسط".

من جهة أخرى، أكد الباحث بمعهد كلينجنديل أن "آلاف الغارات الجوية الإماراتية بين أبريل/ نيسان وديسمبر/كانون أول 2019، تؤكد أن أبوظبي تتدخل عسكريا في ليبيا"، مذكرا بأن الطائرات الإماراتية بدون طيار قصفت منطقة طرابلس، قبل وجود الطائرات التركية بدون طيار.

ماذا عن مصر؟

وبحسب الصحيفة، فإن الوضع في ليبيا، كما هو الحال في مصر أو في سوريا، تراهن الإمارات- التي تتهم قطر وتركيا بمحاباة حلفاء الإخوان المسلمين بليبيا- على وجود رجل قوي على رأس جيش لـ"قمع الخطر الإسلامي والجهادي، حتى لو كان ذلك يعني غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان".

وأفاد الحرشاوي بأنه "إذا كان الإخوان المسلمين غير محبوبين كثيرا في ليبيا، فإنهم يعملون خلف الكواليس كقوة غامضة، ويقومون بالسيطرة على المناصب الرئيسية في المؤسسات. وهكذا فإنهم يسيطرون على جزء من دبلوماسية حكومة السراج، ولكن قبل كل شيء لديهم حضور ملحوظ في البنك المركزي".

وتساءل المتخصص في الشأن الليبي: "هل يملكون سيطرة هناك في ليبيا؟"، مجيبا "لا، إنهم يتمتعون بمراكز قوى أخرى في وزارة الاقتصاد والثروة السيادية. وبفضل المظلة العسكرية التركية، ستحصل جماعة الإخوان المسلمين على مزيد من السلطة، لكنهم لن يسيطروا على ليبيا".

وعن الدور المصري تساءل الحرشاوي: هل ستكون مصر قادرة على مقاومة التدخل العسكري في ليبيا مدفوعة من دائنيها بالخليج؟ وأجاب: "خيار شن القاهرة حربا مباشرة ضد تركيا يبدو أمرا مستبعدا، لكن لا يستبعد في الوقت نفسه دخول الجيش المصري إلى برقة لأسباب تتعلق بالصورة والسمعة".

وأشار إلى الخطوط الحمراء التي رسمها رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، ففي كلمة متلفزة أدلى بها في 23 يونيو/ حزيران 2020 عقب تفقده وحدات من القوات الجوية بمحافظة مطروح المتاخمة للحدود مع ليبيا، قال السيسي مخاطبا قوات من الجيش: "كونوا مستعدين لتنفيذ أي مهمة هنا داخل حدودنا، أو إذا تطلب الأمر خارج حدودنا". واعتبر السيسي أن تجاوز مدينتي سرت (شمال وسط ليبيا) والجفرة (جنوب شرق العاصمة طرابلس) خط أحمر.

غير أن حرشاوي يوضح أن "تحذير الرئيس المصري من الصعب تحقيقه، بالنظر إلى توازن القوى غير المتكافئ لحلفاء مصر، في مواجهة الأتراك والفصائل"، مضيفا: "لكن تركيا لا تهتم بسرت، وما تريده وحكومة الوفاق الوطني معها الهلال النفطي".

وإدراكا لحدودها، يمكن أن تكون مصر راضية عن دخول برقة الشرقية، كما يقول الحرشاوي، الذي أوضح أن "بنغازي وطبرق ليس لهما قيمة تذكر بالنسبة لطرابلس أو الأتراك"، لذا فهي منطقة حيث يمكن لمصر أن تتخذ موقفا بطوليا، وترسل جنودها هناك وتدفع حفتر إلى مساعدة المرتزقة الروس الذين يشعرون بالعزلة.

وأكد الحرشاوي  في ختام حديثه للصحيفة الفرنسية: أن "هذا قد يكون كافيا لحفاظ السيسي على علاقته مع الإمارات، الأمر الذي دفعها لمواصلة اللعب كقوة إقليمية".