هل تحرص الدول الغربية بالفعل على إرساء السلام بالشرق الأوسط؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ديرليش بوستاسي" في مقال للكاتب إسماعيل شاهين، الضوء على الأوضاع الأمنية المتردية في الشرق الأوسط، وعلاقتها مع تجارة السلاح التي تديرها دول غربية، إذ إن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يسيطرون على 70 بالمئة من هذه التجارة بالعالم.

واستند الكاتب في مقاله على تقرير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام(سيبري) الذي يغطي السنوات 2015-2019، حيث يعد  الشرق الأوسط هو أحد أكبر أسواق تصدير الأسلحة العالمية.

أرباح ضخمة

وأوضح شاهين: "لعله من الأسباب المهمة وراء ارتباط أميركا وروسيا وفرنسا ارتباطا وثيقا بالشرق الأوسط هي الأرباح الضخمة التي تجنيها هذه الدول من تجارة الأسلحة؛ لأن هذه البلدان الثلاث في المراكز الثلاثة الأولى في تجارة الأسلحة العالمية، إضافة إلى ذلك فإن مناطق الصراع في الشرق الأوسط تعد أرضية اختبار جيدة لتقنيات الأسلحة الجديدة التي تنتجها".

وتابع: لا يخفى على أحد أن السعودية والإمارات ومصر هي من بين أهم أسواق الأسلحة في الشرق الأوسط. كما أن استخدام الأسلحة الأميركية والروسية والفرنسية في الصراعات في اليمن وسوريا وليبيا أمر معروف بالضرورة ولدى الجميع. 

ونوه شاهين إلى أن دول الشرق الأوسط، التي لم تتمكن من التخلص من النظام الاستعماري الذي أنشأته القوى الغربية لمدة قرن تقريبا، خصصت جزءا كبيرا من دخلها من النفط إلى التسلح بدلا من التنمية الوطنية.

وأعرب الكاتب عن قلقه من أن الجامعة العربية، التي تأسست في أواخر الحرب العالمية الثانية لمحاربة القوى الاستعمارية لأوروبا والدفاع عن القضية الفلسطينية، فقدت فلسفتها التأسيسية اليوم؛ وبات التعامل مع إسرائيل أمرا محبذا.

وتابع: بل ثمة دول عربية وازنة في جامعة الدول تعتبر أن حل القضية الفلسطينية يمكن بالتواصل مع إسرائيل، ليس هذا فحسب بل تتعامل مع بعض القضايا الراهنة مثل مسألة ليبيا قضية استعمار، وهذه كلها أحداث ملموسة تسببت في زيادة القلق المذكور أعلاه.

وبحسب شاهين، فإن المثير كذلك أن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمسؤولين عن حماية السلام العالمي،يسيطرون ما لا يقل عن 70 في المائة من تجارة الأسلحة العالمية.

من المستفيد؟

ودفع هذا الأمر الكاتب للتساؤل بشأن حرص دول تقتات على تجارة السلاح حول جدية رؤيتها من أجل إرساء قواعد السلام والاستقرار وهل بالفعل حريصة على ذلك؟

في هذا الصدد، أجاب الكاتب: إن الاعتقاد العالمي بأن هذه الدول، التي تكسب أموالا فلكية من دول الشرق الأوسط من خلال بيع الأسلحة، لن تتخلى أبدا عن أرباحها من أجل الديمقراطية أو السلام، أصبح أمرا شائعا بشكل متزايد.

وأردف: "من أجل إبقاء تجارة الأسلحة حية في الشرق الأوسط، يجب ألا تتوقف التهديدات والأزمات والصراعات وهو شرط أساسي لذلك".

وبيّن الكاتب أن فكرة أن الأنظمة الديمقراطية الليبرالية ستكون أكثر سلاما ولن تقاتل بعضها البعض هي فكرة منطقية، ولكن في الحقيقة تعمل هذه الدول المتاجرة بالسلاح بالفعل على إعاقة الوصول إلى هذا المستوى الحضاري.

بل على العكس من ذلك تفتح الباب على مصراعيه للديكتاتوريات أن تتجذر وتترسخ في سياسات ووجدان شعوب منطقة الشرق الأوسط قاطبة.

في هذا السياق، يرى الكاتب أن وجهة نظر قوية أصحبت بشكل متزايد أن الدول الغربية لا تستطيع التخلي عن أرباحها من تجارة الأسلحة والنفط، وبذلت جهودا كبيرة لعدم قيام هيكل ديمقراطي في الأنظمة السياسية الداخلية لدول الشرق الأوسط.

وأوضح: بعبارة أخرى يُنظر إلى الدول الغربية التي تتحكم في تجارة الأسلحة والنفط على أنها أكبر عقبة أمام الحركات الديمقراطية في الشرق الأوسط. إضافة إلى ذلك، فإنه من المعروف أن الدول الديمقراطية التي تتجنب الصراع المباشر مع بعضها البعض، تتقاتل ضمنيا في الشرق الأوسط.

وأشار شاهين إلى أنه ليس من الصحيح شرح عدم الاستقرار المستمر في الشرق الأوسط فقط بالديناميات المحلية، ولكن أيضا من الضروري شرح الصراعات الديناميكيات الخارجية. يعني ثمة أسباب خارجية أيضا تحول والاستقرار في المنطقة برمتها ولكن من الحقائق التي لا يمكن إنكارها أن فرنسا وأميركا وروسيا على القائمة الأولى التي تغذي الصراعات في الشرق الأوسط.

وأكد أنه في السنوات الأخيرة ومن أجل أن توسع هذه الدول تجارتها في مجال الأسلحة وخاصة دولة مثل فرنسا فإنها عملت على إثارة المتاعب في كثير من المناطق ومن ذلك إثارة المشاكل والفتن أمام تركيا وفي دول الخليج وكذلك بمصر واليونان. تماما يشبه ذلك الإستراتيجية الإسرائيلية؛ من أجل أن تنفذ تل أبيب خططها السياسية بسهولة في فلسطين.

وختم الكاتب التركي مقاله بالقول: هناك رأي راجح في الحقيقة يقول إن إسرائيل بحاجة إلى شرق أوسط فقير مجزأ سياسيا وضعيف اقتصاديا حتى تتمكن من تنفيذ خططها السياسية في فلسطين بسهولة.