سياسة واستثمار.. نيويورك تايمز: هذه علاقة آل كوشنر بالسعودية

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراK عن علاقة صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، وشقيقه جوش كوشنر، بالمملكة العربية السعودية.

وقال مراسل الصحيفة بلندن الذي شغل رئيس مكتبها سابقا في القاهرة، ديفيد دي كيركباتريك، إنّ زيارة صهر ترامب غير المعلنة إلى السعودية في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، سبقها بيوم واحد زيارة شقيقه جوش كوشنر.

وأفاد التقرير أن "الزيارة عرفت لقاءً بين كوشنر الذي يشغل منصب مستشار شؤون الشرق الأوسط، وولي العهد محمد بن سلمان، الذي كان يعمل آنذاك على تمكين سلطته، في ساعات متأخرة من الليل، تحدثا فيها بشكل سري".

تداخل مصالح

وأوضح المحرر أن "جاريد جاء للحديث عن السياسة، بينما زار شقيقه الأصغر المملكة من أجل العمل"، وتابع التقرير، "كان جوش كوشنر، المؤسس لشركة لرأس المال المخاطر (نوع من الشركات يتسم الاستثمار فيها بمخاطرة عالية) عمرها ثمان سنوات، قد أمضى ثلاثة أيام في مؤتمر للمستثمرين قبل وصول شقيقه، ووعد بن سلمان بإنفاق مليارات الدولارات على تقنيات مستقبلية عالية من أجل المملكة".

واستند المحرر إلى تصريح العديد من المشاركين في المؤتمر، فقال، "كان جوش يجري محادثات أكثر خصوصية مع المسؤولين السعوديين"، وبحسب بعض المحامين في مجال الأخلاقيات الحكومية الذين استقت الصحيفة رأيهم، فإنّ "تلك المحادثات قد تظهر تداخلا في المصالح".

وعاد التقرير ليوضح أنه "على الرغم من أن جاريد كوشنر قطع علاقته بشركة أخيه في الوقت الذي دخل فيه البيت الأبيض، إلا أنه كان يناقش السياسة الأمريكية مع حكام المملكة في نفس الوقت تقريبا الذي كان فيه أخوه يتحدث عن أعماله مع كبار مساعديه".

وقال متحدث باسم شركة جوش كوشنر، ثرايف كابيتال، "إن وقت انعقاد المؤتمر لم يكن في فترة رسمية لجمع الأموال، وبعد مرور عام، جمعت الشركة مليار دولار"، بحسب المصدر ذاته.

خرق سياسي

وأفاد شخصان تحدثا إلى جوش كوشنر في المؤتمر، للصحيفة، "بأنه كان يروج لشركة تأمين صحي أسسها في عام 2012، باسم أوسكار هيلث، أعلنت بعد خمسة أشهر عن جولة تمويل جديدة بقيمة 165 مليون دولار".

وقال متحدث باسم جوش كوشنر، بحسب التقرير، "إنّ إدارة أوسكار هيلث ليس لديها علم عن أي استثمار مباشر من قبل السعوديين". مضيفا، "لكن المتحدث، جيسي ديريس، رفض الكشف عما إذا كان السعوديون قد استثمروا في أي من صناديق ثرايف، مشيرا إلى أنها لم تتلق أي أموال من أي سعودي لم يكن قد استثمر من قبل في أموالها، منذ الانتخابات الرئاسية".

وفي بيانٍ له، قال ديريس "إنه بدافع من الحذر الشديد، وضعت ثرايف، بعد فترة وجيزة من انتخابات عام 2016، سياسة لحظر الاستثمارات من قبل المستثمرين الأجانب الجدد الذين لديهم أعمال أمام الإدارة الحالية"، مؤكدا أنّ "الشركة قد التزمت بهذا الحظر"، بحسب نيويورك تايمز.

وأشار التقرير إلى أن المتحدث باسم الشركة "رفض الإجابة عما إذا كان ثرايف قد استمر في تلقي الأموال من السعوديين الذين بدأوا الاستثمار قبل نوفمبر/ تشرين الثاني 2016".

ولم يستبعد التقرير وجود ارتباط وثيق بين جاريد كوشنر وشركة جوش، مضيفا "لقد كان في مجلس الإدارة وفي لجان الاستثمار لثرايف كابيتال حتى يناير/ كانون الثاني 2017، كما تظهر كشوفات بياناته المالية".

جر المتاعب إلى أخيه

وأفاد المحرر أن "جاريد حصل على ما لا يقل عن 8.2 مليون دولار من الأرباح الرأسمالية من مختلف صناديق ثرايف أثناء عمله في البيت الأبيض، وفقًا لإقرار الذمة المالية المقدم في مايو/ أيار 2018".

واستطرد كاتب التقرير، "لا يمكن تحديد ما إذا كان جاريد كوشنر على علم بزيارة أخيه إلى الرياض أو بأي استثمار سعودي في أموال أخيه. ورفض المتحدثون باسم البيت الأبيض ومحامي جاريد كوشنر الرد على هذه الأسئلة علنا".

وقال المحامي الجمهوري المتخصص في أخلاقيات الحكومة، جان باران، "إن الاستثمار في صندوق تديره شركة ثريف كابيتال لا يبدو أنه يمثل مشاكل قانونية لجاريد كوشنر، إلا إذا كان دوره في البيت الأبيض قد أعطاه الإشراف على المسائل المتعلقة بالاستثمار السعودي"، بحسب نيويورك تايمز.

لكن الخبيرة في أخلاقيات الحكومة وأستاذة القانون في جامعة واشنطن في سانت لويس، كاثلين كلارك، قالت للصحيفة إن "المناقشات السعودية مع جوش كوشنر أثارت مشكلة لأخيه".

الاستقواء بكوشنر

وأفاد التقرير أنه "في وقت انعقاد المؤتمر، كان بن سلمان يحظى باهتمام إيجابي من الكثيرين في الغرب لاتخاذه خطوات أولية لفتح اقتصاد المملكة وتخفيف قوانينها الاجتماعية. لكن العلاقة بينه وبين جاريد كوشنر أثارت المزيد من التدقيق عندما أظهر ولي العهد المزيد من العنف".

ومضى تقرير الصحيفة، إلى القول إنه "بعد أسبوع من مغادرة كوشنر للعاصمة السعودية الرياض، أمر بن سلمان بالاعتقال خارج إطار القانون نحو 200 رجل أعمال ومسؤولين سابقين في فندق ريتز كارلتون، تعرض بعضهم للتعذيب الواضح. كما كان وراء الخطف الغريب لرئيس وزراء لبنان، وبعد أشهر، قام باعتقالات، ووفقًا لأقاربه، قام بتعذيب المدافعين البارزين عن حقوق المرأة".

وزاد المحرر، "في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل عملاءه جسد كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي داخل قنصلية السعودية في إسطنبول، بناءً على أوامر بن سلمان، كما قطعوا جثته، حسبما خلصت وكالات الإستخبارات الأمريكية".

واستغرب التقرير من استمرار جاريد كوشنر في دعم ولي العهد، "حتى بعد أن قاد تدخلا عسكريا على مدار أربع سنوات في اليمن تسبب في كارثة إنسانية لا يبدو لها نهاية قريبة، وفي الوقت نفسه، زرع الانقسام بين الحلفاء الأمريكيين في المنطقة من خلال محاولة عزل قطر بسبب الخلافات السياسية".

ووقفت الصحيفة على "إصرار كوشنر أن يصبح بن سلمان حليفا حيويا، لا سيما في حث الفلسطينيين على الاتفاق حول خطة السلام الأمريكية الموعودة". وقال التقرير "لقد ذهب إلى حد تخطي اعتراضات أعضاء مجلس الوزراء وكبار المسؤولين وأقنع ترامب بزيارة المملكة في أول رحلة له إلى الخارج كرئيس".

وزاد التقرير، "حتى بعد ردود فعل عنيفة من قبل الحزبين بشأن مقتل خاشقجي، قال كوشنر إن ترامب يجب أن يساند ولي العهد. وفي فبراير/ شباط المنقضي رفض البيت الأبيض موعدا نهائيا حدده الكونجرس للحصول على تقرير من ترامب بشأن قضية القتل، وتجاهل الضغوط للاعتراف بنتائج المخابرات بشأن دور بن سلمان في الجريمة".

وقال المحرر، "لم يمر وقت طويل على انتهاء المهلة التى حددها الكونجرس، حتى سافر جاريد كوشنر إلى الرياض في أول لقاء مباشر مع ولي العهد منذ وفاة خاشقجي".

"وزعم منتقدو ترامب في كثير من الأحيان أن المصالح المالية تحكم تعاملات إدارته مع حكام الخليج الغني بالنفط، ولأنهم مستثمرون كبار في العقارات الأميركية، فمن المتوقع أن يعود كل من ترامب وجاريد كوشنر إلى أعمالهم التجارية والاستثمارات العقارية عندما يغادران البيت الأبيض"، بحسب نيويورك تايمز.

وخلص التقرير إلى أن "جوش كوشنر نجا إلى حد كبير من التدقيق الذي وقع على إدارة ترامب، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه احتفظ بمسافته. ابتعد عن الشركة العائلية ليؤسس شركته لرأس المال المخاطر، كما أنه ديمقراطي، قال إنه صوّت ضد ترامب على الرغم من العلاقة العائلية".

وختم المحرر مستدركا، "لكنّ مؤتمر الرياض جذب عمالقة وول ستريت، وتساءل بعض الحاضرين كيف تمكن لاعب صغير نسبيا من الوصول إلى هذا المستوى من المسؤولين السعوديين".