"جارديان": مجيء ترامب عزز العلاقات السرية بين الخليج وإسرائيل

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "جارديان" البريطانية الضوء على تاريخ العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، موضحة أن عقودا من العداء بين الطرفين انتهت بسبب كراهيتهما المشتركة لإيران والأحزاب الإسلامية في المنطقة.

وقالت الصحيفة في تقرير لمحرر الشؤون الشرق الأوسط بـ"جارديان"، إيان بلاك، إن "نقطة التحول الرئيسية في العلاقة كانت حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله".

وأشار المحرر إلى أن "حرب الـ34 يوما مثلت تغيرا حادا في ديناميكيات الإقليم، وذلك عندما أدانت الرياض غارة شنها حزب الله على إسرائيل وخطف خلالها جنديين إسرائيليين"، ووصفتها الصحيفة بـ"المغامرة الغير محسوبة".

واعتبرت "جارديان"، أن "اللحظة التي كانت حاسمة؛ جعلت الدبلوماسية السرية بين إسرائيل ودول الخليج تتكثف". وتابعت "في منتصف سبتمبر/ أيلول 2006، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى العاصمة الأردنية، عمان، للقاء السفير السعودي الأسبق  بواشنطن بندر بن سلطان".

مواجهة إيران تجمعهم

ونقل التقرير عن مؤسس المركز الإماراتي للدراسات الاستراتيجية المدعوم من الحكومة، جمال السويدي، قوله "القضية الفلسطينية لم تعد في مقدمة المصالح العربية، حيث فقدت الأولوية في ضوء التحديات والتهديدات والأزمات التي تواجه دول المنطقة. مسألة إسرائيل لا تقارن بالتهديد الذي تمثله إيران وحزب الله والمجموعات الإرهابية".

ومضى تقرير الصحيفة البريطانية يقول، "كثير من التطورات الهامة فيما يخص العلاقة بين إسرائيل والخليج مرت دون ملاحظة لأنها كانت مغلفة بمواقف علنية متناقضة، وفي بعض الأحيان بأكاذيب صريحة".

وأردفت الصحيفة "في ديسمبر/ تشرين الأول 2008، عندما تم قتل ما لا يقل عن 1400 فلسطيني في غزة في العملية العسكرية الإسرائيلية المعروفة باسم الرصاص المصبوب، انتقد السعوديون إسرائيل صراحة". مضيفة، "بعدها بفترة قصيرة، بدا أن الرياض تشجع مزيدا من العمل العسكري الإسرائيلي ضد حماس، في هيئة ضربات جوية ضد قوافل أسلحة إيرانية في السودان في طريقها إلى غزة".

واستند التقرير، إلى وثائق قال إنها أمريكية سرية مسربة، توضح أن "إسرائيل دشنت حملة دبلوماسية لمنع الأسلحة من الوصول، وعندما فشلت الحملة، شنت غارات طويلة المدى عبر البحر الأحمر داخل السودان في بداية 2009، لكنهم أعطوا إخطارا مسبقا للسعودية"، حسب مصادر الصحيفة.

واستشهدت الصحيفة بتصريح نائب رئيس مجلس الأمن الوطني الإسرائيلي، الذي شدد على أنه "كان هناك تعاون بين مختصين رفيعي المستوى من المخابرات والأمن من إسرائيل ودول الخليج".

وقال المصدر ذاته، إن "السعوديين وافقوا على عبور طائرات سلاح الجو الإسرائيلي فوق أراضيهم لضرب منشآت إيران النووية، قبل أن يتم التخلي عن الفكرة بسبب معارضة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 2012".

تطبيع مع السعودية

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن "الدلائل تتراكم على تطور علاقات التقارب بين إسرائيل و5 من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، التي لا يملك أي منها علاقات رسمية مع الدولة اليهودية".

ومضت تقول "لقد أبرز دونالد ترامب هذا التغيير المتسارع في رحلته الخارجية الأولى كرئيس أمريكي إلى العاصمة الرياض، عندما توجه مباشرة بعدها إلى تل أبيب".

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو يسعى لتطبيع العلاقات مع السعودية.

واستطرد المحرر، "مع ذلك، فإن اجتماعي المسؤولين الخليجيين مع نتانياهو في وارسو تخطى أي شيء قد يكون حدث في السابق، حيث تحول الشيء غير العادي إلى عادي".

وقال بلاك، "هناك أيضا اعتراف عملي في العواصم الخليجية بمنافع الروابط الأمنية والتكنولوجية والاقتصادية مع إسرائيل، ليس فقط من أجل مصلحتهم، لكن أيضا بسبب نفوذها لدى أمريكا. وإسرائيل ترى الروابط مع الخليج بمثابة سبيل هام لتوضيح نفوذها في واشنطن".

وأضاف التقرير "لم يكن لقاء نتنياهو مع السعوديين والإماراتيين في وارسو اللمحة العلنية الأولى لهذا التغير في حقيقة الشرق الأوسط".

زيارة سلطنة عمان وأبو ظبي

وأوضحت الصحيفة أنه "في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي مباحثات في مسقط، عاصمة سلطنة عمان، مع حاكمها السلطان قابوس". وأردفت "في اليوم التالي، زارت زميلته في حزب الليكود، وزيرة الرياضة والثقافة ميري ريجيف، أبو ظبي في الإمارات".

"خلال إقامتها في أبو ظبي -حيث كان فريق الجودو الإسرائيلي ينافس في بطولة دولية- ظلت  ريجيف أمام الكاميرا فيما كان نشيد بلدها يُعزف. وتجولت، لاحقا، في مسجد الشيخ زايد الفخم"، بحسب الصحيفة التي خلصت إلى أن "الزيارتين الوزاريتين للعاصمتين الخليجيتين أعطتا دفعة قوية للانطباع بحدوث تغيير دراماتيكي في تحالفات الإقليم".

واعتبرت الصحيفة أن "الدليل الأكثر وضوحا على تداخل المصالح بين الخليج وإسرائيل جاء في التصريحات العامة العرضية للمسؤولين في الخليج". وأوضحت، "ففي البحرين، واجه وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة إدانة العام الماضي عندما تحدث عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد إطلاق صواريخ إيرانية من سوريا".

وفي نهاية 2017، عندما أعلن ترامب القرار المثير للجدل بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تلك أبيب إلى القدس، غرد خليفة قائلا: "ليس من المفيد الدخول في معركة مع الولايات المتحدة بشأن قضايا جانبية، بينما نحن سويا نحارب الخطر الواضح والقائم للجمهورية الفاشية الإسلامية".

ولفتت الصحيفة إلى وجود "إشاعات بأن عاصمة البحرين، المنامة، قد تكون الوجهة التالية لنتنياهو في دول مجلس التعاون الخليجي".

الصفقات الأمنية

وأفادت "جارديان" أن "حجم التجارة الإسرائيلية مع دول الخليج حاليا يقدر بمليار دولار سنوياً، على الرغم من عدم توفر إحصاءات رسمية من كلا الجانبين، إلا أن الإمكانات هائلة - في مجال التكنولوجيا، وخاصة الأمن السيبراني والري والإمدادات الطبية وصناعة الماس، ومجالات أخرى، قد تصل إلى 25 مليار دولار سنويا"، وفقا لدراسة استشهدت بها الصحيفة.

وأفاد التقرير أن "رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يستخدمون جوازات سفر أجنبية يسافرون بانتظام إلى الإمارات العربية المتحدة، عادةً على متن رحلات تجارية عبر عمان". وبحسب المصدر ذاته، "قدمت AGT International، المملوكة للإسرائيلي ماتي كوشافي، حواجز إلكترونية ومعدات مراقبة بقيمة 800 مليون دولار لحماية حدود الإمارات وحقول النفط".

الصحيفة البريطانية أوضحت أن "السعوديون أيضا، مثل الإماراتيين، قاموا بإشراك الشركات الإسرائيلية في المجال الأمني". مشيرة إلى أن "شركة إسرائيلية نفذت مشروع الجدار العالي التقنية بين المملكة والعراق، في 2014، واستخدمت اسم شركة الدفاع الأوروبية العملاقة EADS كواجهة فقط"، وفقا لما كشفه أحد كبار المخضرمين في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية في مقابلة استدل بها المحرر في تقريره.

وفي عام 2012، تابع بلاك، "عندما انتهك المتسللون نظام الكمبيوتر الخاص بشركة أرامكو السعودية، وهي شركة النفط الوطنية، تم استدعاء الشركات الإسرائيلية".

وقال التقرير إن "إسرائيل باعت طائرات بدون طيار إلى السعودية عبر جنوب إفريقيا، لكنها أنكرت أنها باعت نظام "القبة الحديدية" للدفاع عن المملكة من الهجمات الصاروخية التي يشنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن".

وأشار المحرر إلى أنه، في عام 2018 ، "سُمح لوسائل الإعلام الإسرائيلية من قبل المراقبين العسكريين بنشر معلومات عن لقاء  بين رؤساء الأركان الإسرائيليين والسعوديين في مؤتمر في واشنطن لقادة الجيوش الحليفة للولايات المتحدة، رغم أن السعوديين أنكروا القصة".

التعاون الاستخباراتي

وبحسب الصحيفة، فإن "التعاون الاستخباراتي بين إسرائيل ودول الخليج أكثر سرية - رغم أن السياسيين والمسؤولين الإسرائيليين يشيرون إليه في بعض الأحيان".

وذكر التقرير أنه في أواخر عام 2017، "تصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عناوين الصحف عندما عرض تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن إيران مع السعودية"، وبحسب الكاتب، "أكدت المصادر الغربية وجود مثل هذا التعاون".

ونقل بلاك قول متحدثين سعوديين غير رسميين، أفادوا أن "التعاون مع إسرائيل يقتصر على مواضيع إيران ومكافحة الإرهاب".

وعاد التقرير إلى عام 2013، حيث "التقى بندر بن سلطان، من خلال إدارة الاستخبارات العامة السعودية آنذاك، برئيس الموساد، تامير باردو. وحسبما ورد في نشرة إخبارية متخصصة في الاستخبارات في عام 2016، لم يكن هناك من قبل مثل هذا التعاون النشط بين البلدين".

ولفتت الصحيفة إلى أن هناك "شكاوى من الجانب السعودي، تفيد أن العلاقة غير متكافئة"، وزادت، "يقال إن إسرائيل لم تستجب دائمًا لطلبات الاستخبارات، حتى عند إرسالها عبر الولايات المتحدة. وهناك بالفعل دلائل على وجود نقاش داخلي في إسرائيل حول قيمة الروابط مع المملكة".

الوسيط ترامب

ورأى المحرر أنه "لا يزال هناك نقص في الثقة بين الجانبين، حيث أن الإسرائيليين غير واثقين  من حماية السعوديين لمصادرهم".

وبحسب الصحيفة، "تعززت الروابط المتنامية بين إسرائيل والخليج من خلال وصول ترامب إلى البيت الأبيض، على الرغم من أن الخطط الأمريكية المبكرة لعقد اجتماع بين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد، لم تتحقق".

وتابع التقرير "تضاعفت بوادر تعميق العلاقات السعودية الإسرائيلية عندما وصل الملك سلمان إلى العرش في عام 2015. وفي عام 2016، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لمصر كي تنقل إلى السعودية جزيرتي تيران وصنافير على البحر الأحمر، عند مصب خليج العقبة".

"كما قوبل قرار ترامب في ديسمبر/ كانون الأول 2017، بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس -منتهكًا إجماعًا دوليًا طويل الأمد- في البداية برد خفيف من الرياض"، بحسب التقرير.

موقفها من القضية الفلسطينية

واستند المحرر في تقريره إلى التسريبات تشير إلى "دور رئيسي للسعوديين في الضغط على الفلسطينيين"، موضحا أنه "عندما قام ولي العهد برحلة مدتها 3 أسابيع إلى الولايات المتحدة في الربيع الماضي، نقل إشارات أعلى صوتًا عن نواياه تجاه إسرائيل، وقال لـ "ذي أتلانتك" إنه يجب على الفلسطينيين قبول خطة ترامب أو الصمت والتوقف عن الشكوى حول قضية لم تعد أولوية مقارنة بمواجهة إيران".

كما اعترف بن سلمان صراحة بالمطالبات اليهودية لإسرائيل، معلنا "أعتقد أن للفلسطينيين والإسرائيليين الحق في امتلاك أرضهم"، وهو ما أدى إلى قيام متظاهرين فلسطينيين في غزة بحرق صور لأفراد العائلة المالكة السعودية، بحسب جارديان.

ورأى محرر الصحيفة، أن "هذه العلاقات الدافئة عانت على نحو متزايد من ضربة قوية بقتل جمال خاشقجي في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018. فوسط الإدانة الدولية وتغير ردود الفعل السعودية باستمرار، كانت الحكومة الإسرائيلية صامتة في البداية".

وذكّرت الصحيفة بموقف نتنياهو أعرب عن أسفه للحادث الـ "مروّع"، معتبرة أنه "تصدى للقضية في نهاية المطاف -لكنه حذر أنه من المهم أن تبقى السعودية مستقرة - وهو ما قاله ترامب تمامًا. فيما قالت مصادر سعودية إن موقفه "موضع تقدير كبير" في الرياض"، بحسب المصدر ذاته.

وخلص التقرير إلى أن "علاقة السعودية بإسرائيل، لاتزال حذرة ومتحفظة في العلن، فبخلاف دولة الإمارات والبحرين، ترفض الرياض السماح للإسرائيليين بحضور الأحداث الرياضية الدولية".