صحيفة تركية: ما فرص توقيع القاهرة وأنقرة اتفاقية للحدود البحرية؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ديرليش بوستاسي" التركية مقالا للكاتب إسماعيل ياشا تناول فيه الخلافات بين أنقرة والقاهرة، والحديث الذي تردد مؤخرا عن ضرورة تركها جانبا والتركيز على القضايا المشتركة بين الطرفين، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا البحر الأبيض المتوسط، والتي فيها المصالح التركية متشابكة تماما ومتماهية مع المصالح المصرية.

وقال الكاتب التركي في مقاله: إنه "على الرغم من واقعية هذا الطرح وترحيب الشارع العربي فيه، فإن احتمالية أن يغدو حقيقة أمر بعيد المنال مع الأسف".

أولويات السيسي

وأوضح ياشا: "من أجل حماية المصالح المصرية في البحر المتوسط من الضروري عقد اتفاقية رسمية مع أنقرة تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين البلدين وفي حال تم ذلك بالفعل فإن اليونان ستفقد مساحة بحرية تفرض سيادتها عليها تقدر بمساحة لبنان كاملة".

ولفت إلى أن "القاهرة تدرك ذلك تماما وهي تعي أن التعاون مع تركيا في هذه المسألة على وجه الخصوص هو مفيد لها أكثر بكثير من التعاون مع أثينا لذلك ينتظر أن تسلك مصر طريقا ما من أجل بدء شكل من أشكال التعاون في هذه المسألة".

غير أن المدهش- بحسب الكاتب- في أن عبد الفتاح السيسي والذي استولى على حكم مصر بانقلاب عسكري يظهر عدم مبالاة بما يحدث ويبدو أنه لا يهتم كثيرا إذا ما فقدت مصر ما هي مهددة بفقده من مصالح نفطية هائلة في المتوسط والسبب لا حاجة لتبريره؛ الحفاظ على كرسي الحكم أهم بكثير من أي مصلحة أخرى حتى لو كانت دولته التي يترأسها.

وبحسب ياشا، فإن السيسي يدرك تماما أن دعم إسرائيل له حين تولى منصبه هذا بعد موجة الربيع العربي هو دين عليه يجب سداده كل آن وكل لحظة. ولا حاجة لإثبات ذلك فلو كان الأمر ليس هكذا ما تجرأ يوما على إعطاء السعودية جزيريتي تيران وصنافير في قلب البحر الأحمر للسعودية بحجة أنهما تعودان للرياض.

وتابع: "ولا حاجة للتذكير بموقف القاهرة الرسمي من سد النهضة والتساهل غير المبرر مع إثيوبيا أمام هذه القضية التي تهدد 100 مليون مصري في قضية غاية في الأهمية مثل قضية المياه والتي تعد عند كل بلاد الدنيا مسألة أمن قومي".

مقارنة بمرسي

ونوه ياشا إلى أنه "يمكن فهم هذا أكثر حين نقارن موقف السيسي الراهن بموقف المرحوم مرسي حين هدد إثيوبيا أنه وفي حال نقصت قطرة واحدة من مياه النيل فإن ثمنها سيكون سيلا من الدم. وشدد المرحوم الرئيس مرسي إن دماءه فداء لكل قطرة ماء تنقص من حصة مصر من مياه النيل! وقتها وبكل وضوح أعلن مرسي أن مصر لا تريد خلافا مع إثيوبيا لكن كل الخيارات مطروحة".

وزاد الكاتب قائلا: أمام هذا الموقف الصلب الصلد من مرسي كان موقف السيسي كوميديا ووصف بالفضيحة، فقبل عامين عقد اجتماع بين السيسي ونظيره الإثيوبي وبعد اجتماع مطول معه في المؤتمر الصحفي طلب السيسي من آبي أحمد أن يردد وهو الذي لا يجيد العربية ولن يفقه ما سيقول "والله والله لن أضر مصر أو مياهها" فما كان من الأخير إلا أن ردد هذه العبارة وهو يضحك مستغربا في مشهد هزلي أشبه بمسرحية باهتة.  

في المقابل- يضيف الكاتب- فإن إثيوبيا تأخذ هذا الأمر على محمل الجد وهي تعلن أنها مواصلة بناء السد حتى لو كان ثمن تمامه الحرب التي من الواضح أن مصر لا تمتلك قوة أو إرادة المبادرة وشنها.

واستدرك: "نعم الجيش المصري مدعم بعتاد قوي يشمل سفنا وطائرات حربية، ولكن هذا لا يكفي للقيام بحرب فهذه الأسلحة التي تشتريها الدول العربية – كما جرت العادة – هي للتخزين وليس لاستخدامها دفاعا عن مصالحها. الجيش المصري معروف عنه أنه ينتج الإسمنت والحديد والخيار والطماطم ويشن هجمات على الأبرياء ويتلقى الهزائم من إسرائيل".

ورأى الكاتب التركي أن "هذه الحقيقة ليست غائبة البتة عن إثيوبيا وإدراكا لهذا الوضع، تواصل مشروع السد، بغض النظر عن اعتراضات القاهرة، التي تفقد التحكم كل يوم، ودون أن تأخذ تهديدات القاهرة على محمل الجد".

وتوصل إلى أن "احتمالية أن يعقد السيسي اتفاقية مع تركيا تحمي مصالح بلاده هو أمر مستبعد إلى حد ما؛ ولكن في الحقيقة الصعوبة أيضا عند الرئيس أردوغان الذي لم يتحدث مع السيسي أبدا حتى هذه اللحظة ولا يعترف به ورفض أن يجلس معه على طاولة واحدة في أكثر من مناسبة دولية".

واختتم مقاله بالقول: "كذلك من سيضمن أن كلا الطرفين سيرحب بهذه المبادرة وهو بذلك قريب من إسرائيل والإمارات والسعودية وهذا الجانب يعزز من فرضية أن مبادرة ما أو اتفاقية قد تلوح بالأفق بين القاهرة وأنقرة أمر بعيد المنال".