رغم تمديد تخفيض الإنتاج.. لهذه الأسباب لن يتعافى سوق النفط قريبا

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

نتج عن اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك +)، في 6 يونيو/حزيران 2020، قرار بالإجماع لتمديد تخفيضات الإنتاج الكبيرة، التي قللت من حدة الانخفاض في أسعار النفط.

وتعليقا على ذلك، قال تقرير نشرته صحيفة أميركية شهيرة: "سيمنع هذا الاتفاق النفط من إغراق السوق، مما يتيح للطلب وقتا للتعافي مع بدء عودة الاقتصادات للعمل حول العالم، بعد الركود الكبير بسبب إغلاق فيروس كورونا".

واستدركت صحيفة بلومبرج في تقريرها: "ومع ذلك، فإن أسعار النفط لا تتعافى كما كان يأمل المضاربون". وتضيف: "نعم، هناك توقع باستعادة توازن العرض والطلب في المستقبل القريب، لكن الاستهلاك لم يرتفع بقدر ما كانوا يأملون في ذلك الآن".

أسعار النفط

ويوضح التقرير بالقول: "لقد تلاشى الارتفاع في أسعار خام غرب تكساس الوسيط، الذي استمر لفترة وجيزة فوق مستوى 40 دولارا للبرميل، في الأسبوع الأول من يونيو/حزيران". 

هذا الارتفاع الذي تسببت فيه نشوة الخروج من الإغلاق، اصطدم بواقع إجراءات التعايش مع هذا الفيروس. ففي جميع أنحاء العالم، أصبح من الواضح أن العودة إلى الخروج للعمل، أو اللعب سيتوقف.

وتابع التقرير: "ففي الولايات المتحدة، هناك مخاوف الآن من أن عودة تفشي عدوى الفيروس التاجي المستجد، في بعض الأماكن، قد تؤدي إلى وقف عمليات إعادة الفتح، بل والعودة مرة أخرى إلى الإغلاق الكامل". 

وتظهر البيانات الأسبوعية الجديدة مستويات قياسية من المخزونات في المخازن الأميركية.

ويرى التقرير أنه "لم يكن من المفترض أن يكون الأمر كذلك. كان الهدف من تخفيض الإنتاج النفطي هو بدء تجفيف المخزون، أي تقليل العرض".

أضف إلى ذلك، إعادة فتح المتاجر والمصانع والشركات سيؤدي إلى زيادة الطلب، وبالتالي مزيدا من الاستقرار والانتعاش في أسعار النفط. بدلا من ذلك، يبدو أن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس، وفق التقرير.

وفي هذا السياق، جاءت توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية للطلب العالمي على النفط أكثر تشاؤما.

فقد أظهرت أحدث توقعاتها، التي نُشرت في وقت سابق من شهر يونيو/حزيران، أن الطلب الحالي يقل بحوالي 4.5 مليون برميل يوميا، أو 4.5 ٪، عن مستواه في الربع الرابع من العام 2019. 

وترى إدارة معلومات الطاقة الآن، أن انخفاض الطلب العالمي على النفط سيستمر بشكل أعمق لفترة أطول، وفق التقرير.

وتابع: "وبشكل أكثر تحديدا، في الولايات المتحدة، فإن التعافي في الطلب على النفط، الذي شوهد في أبريل/نيسان، يتعثر بشكل ملحوظ". 

ولا تزال عمليات تسليم جميع أنواع الوقود من مستودعات التخزين أقل بنسبة 20 في المائة عن مستوياتها بداية العام، على أساس متوسط ​​أربعة أسابيع. 

ويفسر التقرير ذلك، بالقول: "لقد توقف الارتفاع في الطلب على البنزين، بسبب تجنب بعض الأشخاص، الذين عادوا للخروج إلى عملهم، وسائل النقل العام، ولا يزال منخفضا على أساس سنوي بنسبة 20 ٪ تقريبا". 

وبشكل أكثر حدة، لا يزال الطلب على الوقود النفاث منخفضا بأكثر من 60 ٪، في حين أن الانخفاض في الطلب على زيت الوقود المقطر يزداد، ولا يقل.

التعافي المتعثر

لقد توقف الانتعاش في الطلب الأميركي على النفط بعد بداية قوية، يقول التقرير، متابعا: "يمكن أن تؤدي عملية إعادة الإغلاق المحتملة، إذا كانت هناك موجة ثانية من العدوى، إلى انتكاس سريع، وانخفاض أكثر حدة مما سبق".

وأردف: "دعونا نلقي نظرة على وسائل النقل، والتي تمثل مجتمعة 56 ٪ من استخدام النفط في جميع أنحاء العالم (..) لا يوجد بالتأكيد أي علامة على انتعاش سريع في حركة الطيران، والذي شهد أكبر انهيار بسبب إغلاق الحدود وإيقاف الرحلات الدولية، والمحلية في معظم الدول". 

على الرغم من أن الرحلات الجوية التجارية العالمية، وفقا لموقع FlightRadar24، قد ارتفعت بنسبة 54 ٪ عن منتصف أبريل/نيسان 2020، إلا أنها لا تزال أقل من المستويات التي شوهدت في أوئل شهر يناير/كانون الثاني بنسبة 60 ٪، وفق التقرير.

وتابع: "في حين أن بعض شركات الطيران في أوروبا بدأت في إعادة تنشيط رحلاتها، فإنه لا تزال عملية فتح الحدود بالكامل بعد أسبوعين على الأقل".

وفي المملكة المتحدة، من المرجح أن تحد متطلبات الحجر الصحي للركاب القادمين من استيعاب المقاعد المتاحة، وفق التقرير. وتابع: "لقد بدأت الرحلات التجارية في الارتفاع بالفعل، ولكن الانتعاش بطيء".

أيضا يزداد استخدام السيارات الخاصة مع سعي الأشخاص للحفاظ على بعدهم عن بعضهم البعض، ولكن هذا لا يقلل من حقيقة الانخفاض الكبير في حركة التنقل. 

فحتى مع تخفيف القيود، العديد من الشركات سمحت فقط لنسبة صغيرة من موظفيها بالعودة إلى مكاتبهم احتراما لتدابير التباعد الاجتماعي. 

ويظل العمل من المنزل، لكل من يستطيع ذلك، هو الاختيار الأول في الوقت الراهن. ويترجم ذلك، إلى ارتفاع ضيق للغاية في القيادة كما هو موضح في الإحصائيات الواقعية من مؤشر حركة مرور Tomtom. 

حتى في الصين، حيث لم تعد بعض حركة المرور إلى مستويات ما قبل الوباء فحسب، بل تجاوزتها، فإن هذا الازدحام محدود في الزمان والمكان.

وذكر التقرير أن مستويات الازدحام في ساعة الذروة في شوارع المدن الصينية هي أسوأ مما كانت عليه قبل الوباء، فقد أصبحت الطرق أكثر ازدحاما خلال ساعات الذروة للتنقل. 

لكن حجم حركة المرور خارج تلك الأوقات، وخلال نهاية الأسبوع والعطلات، لا تزال ضعيفة، مما يدل على أن الأمور لا تزال غير كاملة بشكل طبيعي. 

الازدحام الآسيوي

خارج الصين، وفي أماكن أخرى في آسيا، فإن الصورة مختلطة إلى حد كبير، حيث تظهر بيانات حركة المرور في اليابان وتايوان أن الازدحام لم يخف أبدا بالقدر نفسه، الذي حدث في أي مكان آخر.

فالطرق في تايبيه (عاصمة تايوان) مشغولة تقريبا الآن كما كانت في العام 2019، في حين أن الازدحام في طوكيو انخفض بنحو 40 ٪. 

وعلى العكس من ذلك تماما، فإن الطرق شبه خاوية في كوالالمبور وسنغافورة ومانيلا، حيث بدأت السيارات لتوها في العودة إلى الشوارع، وفق التقرير.

وتابع: "ينعكس خروج أوروبا من الإغلاق في الارتفاع البطيء في مستويات الازدحام في شوارع مدنها". 

وعلى الرغم من أنه لا يزال الزحام في أوقات الذروة الصباحية أقل بنحو 65 ٪ في المتوسط ​​مما كانت عليه قبل عام في لندن وميلانو. 

إلا أن ذلك يعتبر ارتفاعا عما كان عليه الوضع في أوائل أبريل، حيث كانت نسبة الزحام أقل بـ 90 ٪ تقريبا، وفق التقرير.

وأضاف: "لقد بدأ الانتعاش، ولكن مع اختيار العديد من الأشخاص، أو طلب أصحاب العمل منهم الاستمرار في العمل من المنزل، من المرجح أن يكون الانتعاش بطيئا". 

ومن المحتمل أن يؤدي نقص مرافق وقوف السيارات في المدن الأوروبية إلى إعاقة زيادة استخدام السيارات مثل تلك التي شوهدت في الصين.

أما في الولايات المتحدة، فالوضع مازال متأخرا، ففي نيويورك وسان فرانسيسكو، لا يزال ازدحام الطرق في الساعة 8 صباحا منخفضا بنحو 80 ٪ عن مستويات العام الماضي للأسبوع السادس على التوالي.

وإجمالا، لا تزال مستويات الازدحام في ساعة الذروة في أوروبا والولايات المتحدة أقل بكثير من مستويات العام السابق.

وبالنسبة لأولئك الذين يأملون أن يساعد التعافي السريع في الطلب على النفط في تحفيز أسعار النفط على الارتفاع، لا تبدو البيانات مشجعة للغاية حتى الآن. 

لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن نعود إلى أي شيء قريب من الطبيعي، وفق التقرير.