تقرير "التجارة العالمية".. هل يقضي على آمال ابن سلمان بشراء نيوكاسل؟

عبدالرحمن محمد | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

ضربة جديدة تلقتها السلطات السعودية بعد إدانتها رسميا من قبل منظمة التجارة العالمية بانتهاك حقوق شبكة "بي إن سبورتس" الرياضية، وتحديدا خرق قوانين الملكية الفكرية بوقوفها وراء قنوات "بي آوت كيو".

جاء ذلك في تقرير مطول تجاوز 130 صفحة، أصدرته لجنة التحكيم لهيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، 17 يونيو/ حزيران 2020.

تلك الإدانة الدولية كانت متوقعة بعد الجهود الحثيثة التي بذلتها شبكة "بي إن سبورتس" منذ تسليم شكواها إلى المنظمة قبل عام ونصف.

لكن الأمر الذي جاء على خلاف التكهنات، تلك التصرفات التي صدرت عن وسائل إعلام محسوبة على النظام السعودي، والتي حاولت تحويل دفة الاتهامات إلى صالح المملكة، عبر أخبار مفبركة وبيانات مغلوطة منسوبة إلى منظمة التجارة العالمية. 

أصابع الاتهام

بعد حصار قطر بشهرين، وتحديدا في أغسطس/آب 2017 بدأت عملية القرصنة والسطو الممنهجة التي قادتها "بي آوت كيو" على برامج شبكة قنوات "بي إن سبورت سبورتس"، ما دفعها للبدء في سلسلة طويلة من الإجراءات ضد السعودية.

التقرير الذي أصدرته لجنة التحكيم لهيئة تسوية النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، يعد خطوة مهمة لصالح الشبكة المعتدى عليها، ونقطة تضاف إلى رصيد قطر في صراعها الدبلوماسي ضد دول الحصار، حسب مراقبين.

وأوضح التقرير أن "السعودية خالفت القانون الدولي للملكية الفكرية وفقا لأدلة مقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)"، وكشف أن قنوات "بي آوت كيو" استفادت من دعم مؤسسات وشخصيات سعودية نافذة، منها المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني.

وأثبت التقرير إدانة السعودية ومخالفتها صراحة لاتفاقية "تربس" المعنية بحماية الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة، وهو ما ينصف العديد من الجهات الرياضية والإعلامية التي تضررت مصالحها بسبب أعمال القرصنة.

ولفت التقرير إلى أن السعودية كانت تتفاخر بهذه القرصنة، ولكنها بعد ذلك تهربت وتراجعت وحاولت إلقاء اللائمة على دول أخرى، الأمر الذي أكده التحقيق الاستقصائي "خلف الستار" الذي نشر كأحد حلقات برنامج "ما خفي أعظم" على شاشة الجزيرة.

وكشف التحقيق التفاصيل السرية للموقع الذي تبث منه "بي آوت كيو" من داخل السعودية، والشخصيات المرتبطة بهذا المشروع.

تحريف وتزوير

يرى مراقبون أن قرار اللجنة يعد سابقة تاريخية، حيث –ولأول مرة- يتم رفض محاولة المدعي عليه "الجانب السعودي" التذرع في دفاعه باستثناءات الأمن القومي، إضافة إلى أن المنظمة طلبت من المملكة وضع حد لإساءة استخدام حقوق الملكية الفكرية، وتصحيح تدابيرها حتى تصبح متوافقة مع قانون منظمة التجارة العالمية.

في المقابل دعمت اللجنة وجهة النظر السعودية بأن باستطاعتها منع الشبكة القطرية من الحصول على "استشارات قانونية" في المملكة بأسباب تتعلق بالأمن القومي، لكن هذا لا ينفي التهمة التي حواها التقرير الصادر عن المنظمة.

منع شبكة "بي إن سبورتس" من ممارسة حقها القانوني داخل المملكة أصبح متكأ يستند عليه الجانب السعودي في تحريف تقرير منظمة التجارة العالمية الذي أوضح بشكل واضح لا يحتمل تأويلا، مشاركة الحكومة السعودية في انتهاك حقوق الشبكة القطرية.

وأطلق مغردون سعوديون وسم #منظمة_التجارة_ترفض_ادعاء_قطر الذي تصدر قائمة أكثر الوسوم انتشارا في المملكة حاصدا أكثر من 46 ألف تغريدة، اعتبر من خلالها المشاركون فيه أن حكم منظمة التجارة جاء في صالح المملكة.

لكن الأمر تجاوز التغريد بذلك في منصة تويتر من قبل مغردين، إلى قيام وزارة الخارجية السعودية بالمشاركة في التدليس عبر حسابها الرسمي قائلة: "ادعاءات ساقطة ومزاعم كاذبة"، مرفقة تغريدتها بذات الوسم.

وشارك في الحملة أيضا، مكتب "التواصل الحكومي" في السعودية عبر حسابه في تويتر، حيث وضع بيانا نسبه إلى فريق التحكيم التابع لمنظمة التجارة العالمية، قال فيه: إن "الإجراءات التي اتخذتها المملكة ضد قطر، مبررة لحماية مصالحها الأمنية".

كما وضعت شعار منظمة التجارة العالمية، رغم أن بيان الأخيرة جاء على النقيض تماما، الأمر الذي يظهر أن نص البيان إنما هو لفريق الدفاع السعودي في القضية.

في المرمى

التصرفات السعودية حيال قضية سرقة بث شبكة "بي إن سبورتس"، جعلت المملكة في مرمى نيران التصريحات الصادرة عن الاتحادات العالمية لكرة القدم، خصوصا بعد فشل محاولات عدد منها في رفع دعاوى أمام المحاكم السعودية بسبب تدخل الحكومة وإيقافها، بحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية.

وقالت الشبكة: إن كلا من: الدوري الإنجليزي الممتاز والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والدوري الإسباني والدوري الألماني، رفع دعاوى أمام المحاكم في السعودية، لكن السلطات تدخلت وأوقفتها.

وكان الرئيس التنفيذي للدوري الممتاز، ريتشارد ماسترز، دعا الدوري إلى إجراء تحقيق كامل في مزاعم القرصنة، بعد استقباله شكوى شبكة "بي إن سبورتس"، وفقا لـ "بي بي سي".

ونقلت تعهد ماسترز بإجراء "بحث كامل" في مخاوف حقوق الإنسان الناشئة عن مشاركة السعودية في عملية الاستحواذ على حقوق الشبكة القطرية.

وقالت الهيئة المنظمة لكرة القدم الأوروبية: "يجب على أولئك الذين يسعون إلى اتباع مثال -بي أوت كيو- ألا يشكوا في أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سيبذل جهودا كبيرة لحماية ممتلكاته ودعم شركائه الذين يساعد استثمارهم في كرة القدم على أن تظل هذه اللعبة الرياضة الأكثر شعبية في العالم من المستوى الشعبي حتى النخبوي".

وأضاف الاتحاد الأوروبي: "إن القرصنة لا تهدد هذا الاستثمار فحسب، بل تهدد أيضا وجود الرياضة المحترفة كما نعرفها".

وكان التقرير السنوي لمكتب الممثل التجاري الأميركي "يو إس تي آر" قد وضع السعودي ضمن القائمة السوداء لأسوأ عشر دول بالعالم في حماية حقوق الملكية الفكرية، وأضافها إلى قائمة "دول المراقبة ذات الأولوية" بسبب البث غير القانوني للبطولات والمنافسات الرياضية من خلال قنوات "بي آوت كيو" المقرصنة، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.

صفقة مهددة

حسب مراقبين، فإن التقرير الأخير لمنظمة التجارة العالمية بشأن قرصنة البث الخاص بشبكة "بي إن سبورتس" من قبل القناة السعودية "بي آوت كيو"، ألقى بظلاله على الصفقة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لشراء نادي "نيوكاسل يونايتد" الإنجليزي بـ 300 مليون جنيه إسترليني.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة "بي إن سبورتس"، يوسف العبيدلي، حذر في رسالة مكتوبة رؤساء أندية الدوري الإنجليزي من صفقة "نيوكاسل"، متهما الحكومة السعودية بـ "تسهيل سرقة الحقوق التجارية للدوري الممتاز لمدة ثلاث سنوات –وبالتالي الإيرادات التجارية لأنديتكم- من خلال دعم خدمة القرصنة (بي آوت كيو) واسعة النطاق"، حسب "بي بي سي".

وقالت صحيفة "ديلي ميل البريطانية": إن رابطة الدوري قد تتدخل لإلغاء الصفقة السعودية المرتقبة، استنادا إلى القوانين السارية التي تمنع تحويل ملكية الأندية لأطراف مدانة بجرائم، من بينها جريمة القرصنة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية.

وفي وقت سابق، وصفت منظمة العفو الدولية، سعي السعودية لشراء نادي "نيوكاسل يونايتد" الإنجليزي بأنه "محاولة لغسل العار عبر الرياضة".

وقال رئيس حملات المملكة المتحدة في منظمة العفو الدولية، فيليكس جاكنز: إن "السعودية تستخدم بريق ومكانة الرياضة كأداة للعلاقات العامة لتشتيت الانتباه عن سجل حقوق الإنسان السيئ لديها"، بحسب صحيفة "صن" البريطانية.

ظلال الأزمة

قبل أن تنشر منظمة التجارة العالمية تقريرها الأخير والذي يحوي اتهامات مباشرة للسعودية، كانت صحيفة "الغارديان" البريطانية قد نشرت تقريرا في 26 مايو/ أيار 2020، يتحدث عن شكوك واسعة فيما يخص إتمام صفقة "نيوكاسل" بسبب الأزمة مع "بي إن سبورتس".

وقالت الصحيفة: إن "خرق القوانين الدولية من قبل السعودية عبر وقوفها خلف "بي آوت كيو" يهدد بشكل مباشر صفقة الـ 300 مليون جنيه إسترليني المزمع عقدها مع ملاك نادي "نيوكاسل ينايتد" الإنجليزي".

وبعد صدور تقرير منظمة التجارة العالمية، عادت الصحيفة لتفرد مساحات واسعة للحديث عن التأثيرات الكبيرة التي ستخلفها اتهامات المنظمة، على قرار رابطة الدوري الإنجليزي فيما يخص الاستحواذ السعودي على النادي.

وذكرت صحيفة "ميل أون صنداي" البريطانية في 6 يونيو/ حزيران أن السعودية تعمل على التوصل إلى "تسوية" مع قطر بشأن حقوق البث التلفزيوني، وذلك عقب تهديد شبكة "بي إن سبورتس" بعرقلة صفقة شراء الفريق الإنجليزي.

لم يكد حبر تقرير منظمة التجارة العالمية يجف، حتى ظهر رجل أعمال أميركي ليقدم عرضا يفوق العرض السعودي بـ 50 مليون جنيه إسترليني كاملة.

الصحفي الرياضي في شبكة "سكاي سبورتس"، كيت داوني، بين في تغريدة على "تويتر" أن رجل الأعمال الأميركي "هنري موريس قدم عرضا بقيمة 350 مليون جنيه إسترليني (440 مليون دولار) لشراء "نيوكاسل".