محمود موسوي.. إيراني محكوم بالإعدام لتورطه باغتيال سليماني

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أصدرت السلطة القضائية الإيرانية، في 9 يونيو/ حزيران 2020، حكما بالإعدام بحق مواطن إيراني، بتهمه التجسس لصالح المخابرات الأميركية والموساد الإسرائيلي، وإعطاء معلومات عن تحركات قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني مقابل الحصول على أموال.

إعلان إيران عن قرب إعدام محمود موسوي مجد، وربط اسمه بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، الذي قتل في غارة جوية أميركية بالعاصمة العراقية بغداد في 3 يناير/ كانون الثاني 2020، تسبب بجدل واسع حول الشخصية التي وجهت لها كل اتهامات كبيرة.

"هوية غامضة"

المحكوم بالإعدام يدعى سيد محمود موسوي مجد بن سيد كاظم، إلا أن ولادته ومحل سكناه والمعلومات الخاصة بحياته الاجتماعية ووظيفته السابقة تكاد تكون غير متوفرة بشكل واف على شبكة الإنترنت.

الأنباء تضاربت حول وظيفة موسوي مجد، إذ تحدثت تقارير عن انتمائه إلى الحرس الثوري وتحديدا في فيلق القدس الذي كان يقوده قاسم سليماني، وقاتل في سوريا إلى جانب القوات الإيرانية في العراق وسوريا والذين تطلق عليهم السلطات تسمية الـ"مدافعين عن حرم السيدة زينب".

لكن وكالة الأنباء الحقوقية الإيرانية "هرانا" الناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، أفادت بأن موسوي مجد، كان طالب دراسات عليا في علم الاجتماع بالجامعة الأميركية في بيروت.

وأوضحت أن "السجين الأمني" محمود موسوي مجد، محتجز حاليا في الجناح الرابع من سجن "إيفين" التابع للحرس الثوري الإيراني. وأفادت بأنه "احتجز في البداية لدى حزب الله اللبناني لمدة شهرين ونصف الشهر تقريبا، ثم نقل إلى طهران".  

إلا أن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين إسماعيلي، كشف خلال تصريحات في 13 يونيو/ حزيران 2020 أن محمود "موسوي كان مقيما مع أسرته في سوريا وهو على صلة بالقوات الاستشارية الإيرانية".

في حين أفادت تقارير صحفية بأنه لم يكن عضوا في الحرس الثوري الإيراني، لكنه كان من العناصر المؤثرة في فيلق القدس وقريب جدا من قاسم سليماني، كما أظهرت الصورة الوحيدة التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية لموسوي مرتديا الزي العسكري.

أبرز الاتهامات

وجهت السلطات الإيرانية تهما إلى موسوي بالعمل لصالح الموساد الإسرائيلي والـ"سي آي إي" (وكالة المخابرات المركزية الأميركية) وكان يجمع لهم المعلومات عن المراكز الأمنية والقوات المسلحة بما فيها فيلق "القدس" ومحل استقرار وتحركات سليماني، مقابل الحصول على أموال بالدولار.

وبعد ساعات من تصريحات إسماعيلي، أعلنت وكالة أنباء السلطة القضائية الإيرانية (ميزان) أن إعدام موسوي مجد، لا علاقة له بمقتل سليماني، وأنه كان مسجونا أثناء مقتل القائد السابق لفيلق القدس الإيراني.

وأكدت وكالة أنباء السلطة القضائية أن إحدى الاتهامات الموجهة له هي "بيع معلومات تفشي تحركات وأماكن وجود القادة العسكريين في الماضي، بمن فيهم سليماني".

وتابعت: موسوي مجد اعتقل في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أي قبل مقتل سليماني بأكثر من عام. وأفادت بأن المتهم لم يفرج عنه منذ اعتقاله، وهو ما يعني أنه كان مسجونا خلال العملية الأميركية التي أودت بحياة قاسم سليماني في العراق.

وعلى إثر الجدل بخصوص علاقته بمقتل سليماني من عدمه، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين إسماعيلي، خلال تصريحات صحفية في 13 يونيو/ حزيران 2020، أن اعتقال موسوي مجد "لا علاقة له باغتيال القائد قاسم سليماني".

وأوضح أنه في أعوام مضت وفي ضوء علاقته (موسوي مجد) بالمستشارين الإيرانيين في سوريا، كان قد زود جهازي الـ "سي آي إي" والموساد بمعلومات عن مجالنا الدفاعي والعسكري خاصة ما يتعلق بوزارة الدفاع وفيلق القدس وتنقلات وأماكن إقامة قاسم سليماني خلال العامين الماضيين.

محاكمات عدة

في 9 يونيو/ حزيران 2020 أعلن المتحدث باسم القضاء غلام حسين إسماعيلي عن إصدار حكم الإعدام بحق "جاسوس المخابرات الأميركية" الذي تولى جمع المعلومات عن قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.

وفي بيان المركز الإعلامي للسلطة القضائية، قال: إن موسوي مجد اعتُقل في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وحكم عليه بالإعدام لأول مرة، الفرع 15 في المحكمة الثورية، وذلك في 25 أغسطس/ آب 2019.

ولفت إلى أن موسوي أعيدت محاكمته بعدما وجدت المحكمة العليا أنه كانت هناك أخطاء إجرائية في محاكمته الأولى، وصدر بحقه حكم إعدام ثان، أقرته المحكمة العليا.

وفي 23 مارس/ آذار 2020، حكم عليه الفرع 15 من محكمة الثورة الإسلامية، برئاسة القاضي أبو القاسم سليماني، ثم أيدت الشعبة 19 للمحكمة العليا هذا الحكم، وسيتم تنفيذه قريبا، بحسب تصريحات رسمية.

وبحسب تقرير لموقع "إيه بي سي" الأميركي، فإن هناك تكهنات بأن موسوي مجد، ربما يكون أحد "الجواسيس" الـ17 الذين أعلنت المخابرات الإيرانية عن اعتقالهم في 2019.

وفي مؤتمر صحفي في يوليو/ تموز 2019، أعلنت الاستخبارات الإيرانية أنه تم اعتقال 17 جاسوسا يعملون لحساب وكالة المخابرات المركزية، وقد يواجه بعضهم عقوبة الإعدام.

وقالت الاستخبارات الإيرانية حينذاك: إن المعتقلين عملوا كموظفين في "مراكز حساسة" في البلاد، بما في ذلك "المجالات الاقتصادية والنووية والبنية التحتية والعسكرية و السيبرانية، ومجالات مماثلة في القطاع الخاص".

جاسوس أم بريء؟

وشكك عدد من الباحثين والإعلاميين بالرواية الإيرانية عن التهمة الأساسية بحق موسوي التي تسعى طهران إلى تنفيذ حكم الإعدام بحق موسوي مجد الذي تعتقله من نحو سنتين.

وقال الباحث الأميركي المختص في الشأن الإيراني، كليفورد سميث: إنه "يبدو أن الإيرانيين يعدمون شخصا في السجن منذ عامين بتهمة (جريمة) وقعت قبل خمسة أشهر".

وأضاف سميث عبر تغريدة كتبها على "تويتر" في 10 يونيو/ حزيران 2020: أنه "في الواقع، الرجل إما ضحية وبريء أو بطل، علينا تذكر محمود موسوي مجد، إنه يستحق ذلك".

من جهته، طرح مدير تحرير جريدة "رسالت" الإيرانية مسعود برهادي احتمالية "المتاجرة" عن طريق تصوير مقتل الجنرال قاسم سليماني على أنه تم من الداخل الإيراني.

وكتب في "تويتر": "كانت الرحلة الأخيرة للحاج قاسم مُعلنا عنها مسبقا، ولم يكن هناك حاجة للتجسس على تنقلاته. كان الشخص عند "استشهاد الحاج قاسم" معتقلا أصلا.

وتابع، قائلا: "علينا أن نكون حذرين أن لا نظهر الاغتيال الأميركي على أنه من الداخل. أقول لنفسي ولغيري عسى أن تنكسر يدي وقلمي إن أردت المتاجرة باسم الحاج قاسم"، حسب تعبيره.

وفي السياق ذاته، يعتقد الباحث اللبناني المختص بالشأن الإيراني، علي هاشم، أن موسوي مرتبط بالفعل بالمؤامرة التي أعلنت عنها طهران في أكتوبر/تشرين الأول 2019، حول محاولة اغتيال سليماني، والتي كانت ستتم في مدينة كرمان الإيرانية.

وأضاف هاشم، في سلسلة تغريدات كتبها على حسابه في "تويتر": أنه "من المؤكد الآن أن هذا الرجل الذي تتهمه إيران بالتجسس على سليماني، كان رهن الاحتجاز عندما اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في وقت سابق من هذا العام (مطلع 2020)، فالحديث يدور عن مؤامرة أخرى".

وتابع الباحث قائلا: "نعلم الآن أيضا أن محمود موسوي مجد، المتهم بالتجسس على سليماني، كان عضوا في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وخدم في سوريا لبعض الوقت".

وقال مدير عام وكالة "ميزان" للأنباء مهدي كشت دار: إن الشخص المحكوم عليه كان معتقلا عندما قُتل سليماني في العراق، ولم يكن هذا الشخص هو من كشف وجود سليماني قرب مطار بغداد.

وكتب كشت دار على حسابه في "تويتر": "إفشاء مكان تنقل وإقامة الحاج قاسم للموساد هو أحد الاتهامات التي وجِهت لسيد محمود موسوي مجد. كان هذا الشخص رهن الاعتقال عند استشهاد حاج قاسم سليماني ولم يكن عامل كشف وصول الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس لمطار بغداد".