تظاهر ضد حمدوك ويستعد للانتخابات.. هل يعود حزب البشير لحكم السودان؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في عام 1998 تأسس حزب المؤتمر الوطني السوداني على أنقاض الجبهة الإسلامية القومية التي كان يتزعمها الدكتور حسن الترابي، وبحسب تعريفه الأيديولوجي يتبنى المؤتمر الوطني التوجه الإسلامي القومي المحافظ.

أورد الحزب في منهجية عمله المدونة أنه يسعى إلى "تحقيق مبادئ وأهداف منها إقرار الحاكمية في الدولة لله، والعمل على توجيه الحياة العامة والخاصة، وتحقيق الوحدة الوطنية ولاء لله، مع ترسيخ الحكم على الشورى والديمقراطية، والسعي لتطهير المجتمع من الفساد تأكيدا لاستقلال للأمة".

عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019، واجه المؤتمر الوطني الذي كان يرأسه الرئيس المعزول العديد من التحديات والصعوبات، بعدما عمل مجلس السيادة الحاكم، والحكومة الانتقالية التي يقودها اليساري عبد الله حمدوك، على تفكيك الحزب وحله، ومنع أعضائه من ممارسة السياسة، والانخراط في العمل العام.

تحديات جمة واجهها أعضاء الحزب، أبرزها إعادة تنظيم صفوفهم، وانخراطهم في التحركات الشعبية من خلال المظاهرات والفعاليات الميدانية.

ومع فشل حكومة حمدوك في إصلاح الوضع الاقتصادي، وطلب استدعائه بعثة أممية، وجد حزب المؤتمر الفرصة سانحة ليبرز ويعود مرة أخرى للساحة، بإعلانه تحدي تلك القرارات ببيانات وتصريحات، والنزول إلى الميادين في مظاهرات. فهل يعود حزب البشير إلى واجهة الحياة السياسية في السودان، عبر بوابة فشل حكومة حمدوك الانتقالية؟

تصدى لحمدوك

في 5 يونيو/ حزيران 2020، أعلن حزب المؤتمر، أنه سيتصدى بقوة لمشروع البعثة الأممية بالسودان، وذكر في بيان، إن "ما صدر عن مجلس الأمن فيما أسماه ببعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة في العملية الانتقالية بالسودان (يونتيماس)، عوضا عن العملية المختلطة في دارفور (يوناميد)، لا يعدو إلا أن يكون تلبيسا والتفافا من الدول التي تقف خلف القرار (صاغته بريطانيا وألمانيا) لتمرير ذات الأجندات الأولى".

وشدد: "سنقف سدا منيعا بوجه أهداف وتوجهات هذه الدول التي ترعى مشروع القرار، وتسعى لتنفيذه بالسيطرة على وطننا في كافة تراب بلادنا الحبيبة". وأكد الحزب "رفضه التام لكافة أشكال التدخل الخارجي والوصاية الدولية أو الاستعمار بوجهه الجديد".

بيان الحزب جاء عقب إعلان مبعوث الاتحاد الإفريقي لدى السودان، السفير محمد بلعيش، في 29 أبريل/ نيسان 2020، أن "الاتحاد مستعد لدعم طلب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إنشاء بعثة سياسية أممية في بلاده".

وفي 27 يناير/ كانون الثاني 2020، أرسل حمدوك، خطابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، قال فيه: "يطلب السودان من الأمم المتحدة أن تسعى إلى الحصول على ولاية من مجلس الأمن لإنشاء عملية لدعم السلام بموجب الفصل السادس في أقرب وقت ممكن، في شكل بعثة سياسية خاصة تضم عنصرا قويا لبناء السلام وينبغي أن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان".

وهو الطلب الذي رفضته قطاعات واسعة من الشعب السوداني، ومنهم المؤتمر الوطني (الحاكم سابقا)، حيث أكد في أكثر من موضع رفضه التام لكافة أشكال التدخل الخارجي والوصاية الدولية أو ما أسماه "الاستعمار بوجهه الجديد".

نزل إلى الشارع

حزب المؤتمر الوطني، لم يكتف بالبيانات، بل انخرط في مظاهرات ضد حكومة حمدوك، في 6 يونيو/ حزيران 2020، بمدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية الخرطوم، مطالبا برحيل الحكومة، احتجاجا على قرار مجلس الأمن، بإنشاء بعثة أممية جديدة في البلاد، وتردي الأوضاع الاقتصادية.

ومنذ أن عزل البشير في 11 أبريل/نيسان 2019، تحت وطأة احتجاجات شعبية، وبدء مرحلة انتقالية، يسعى السودانيون لإنهاء هذه المرحلة الانتقالية، بإجراء انتخابات تنهي ملف الاضطرابات في البلاد.

وانخرط أنصار حزب المؤتمر في الاحتجاجات القائمة بشأن ما يعانيه السودانيون من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية)، إلى أرقام قياسية، ما ترك احتقانا شعبيا بالغا.

تحدى التفكيك 

في 29 نوفمبر/ كانون الثاني 2019، أقر مجلس السيادة الانتقالي وحكومة حمدوك، قانون إلغاء قوانين النظام العام والآداب العامة بالولايات لسنة 2019، وقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989 وإزالة التمكين.

القانون يلغي بصورة مباشرة حزب المؤتمر ويقضي بحجز واسترداد الممتلكات والأموال المملوكة للحزب، والواجهات التابعة له، وإحالتها لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي الاتحادية.

كما نص القانون على تكوين لجنة من 18 عضوا تتولى مهمة التوصية للجهات المختصة بحل أي جهاز حكومي أو حزبي أو منظمة أو نقابة أو مفوضية أو شركة أو أذرع حزبية تتبع لنظام الثلاثين من يونيو وإنهاء خدمة منسوبيها.

القانون رفضه حزب المؤتمر، وتحدى قرار حله وتفكيك نظام الإنقاذ الذي حكم البلاد على مدار 30 عاما، حيث أكد في غير موضع من خلال قياداته أن حل الأحزاب القائمة يكون من خلال تشريع يصدره البرلمان المنتخب وليس من صلاحيات مؤسسات المرحلة الانتقالية.

أمانة الشباب بالحزب أصدرت بيانا، حذرت فيه من أن "أي خطوة من السلطات لحل حزب المؤتمر الوطني، ومنعه من حقه المشروع في الممارسة السياسية، ستواجه بوابل من الغضب الذي لن يسلم منه أحد".

ويمتلك الحزب الحاكم السابق قوة تنظيمية كبيرة، عبر عدد هائل من الأعضاء الموجودين في عموم القطر، ولديهم القدرة على الحشد الشعبي، والفاعلية الميدانية.

يستعد للانتخابات

قيادي بحزب المؤتمر الوطني، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، قال لـ"الاستقلال": "لمن لا يعرف، فإن حزب المؤتمر يضم قرابة مليوني عضو من مختلف أطياف وطوائف الشعب السوداني، وهو رقم كبير وفارق، لحزب سياسي، كان له دور بارز خلال 3 عقود في حكم السودان، سواء اتفق البعض أو اختلفوا، لذلك فمحاولة الإقصاء محكومة بالفشل تحت أي ظرف من الظروف". 

وأضاف: "المؤتمر الوطني أعاد تنظيم صفوفه، استعدادا للمشاركة الفاعلة في مستقبل السودان، الذي يحتاج إلى كل الخبرات والجهود المخلصة، لانتشاله من الأزمات الحالية، والعبور من مرحلة عنق الزجاجة وتدارك المخاطر المحدقة المحيطة به". 

وتابع: "مشروع استدعاء البعثة الأممية مقلق لكل أبناء السودان، لأنه يهدد استقلالنا، ودولتنا لأجيال قادمة، خاصة وأنه قرار غير مفهوم، في ظل وجود مجلس عسكري وحكومة انتقالية، وانتخابات مستقبلية، فنحن لسنا في حالة حرب على غرار دول أخرى في الجوار.

وختم القيادي بالحزب حديثه بالقول: "كل الفصائل السياسية الموجودة تخطط أو يجب أن تخطط للانتخابات، واختيارات الشعب، وهو بالمناسبة ما تخشاه أحزاب وتجمعات قائمة ومشاركة في السلطة الحالية، لأنها تعلم أن خيارات الشعب ربما لن تأتي بها إلى السلطة، فيحاولون وضع عثرات وعراقيل لإطالة المرحلة الانتقالية، وإبعادهم للانتخابات قدر استطاعتهم، لكن في النهاية الكلمة للشعب دائما".