بندقية وإنجيل.. كيف يدير ترامب معركته ضد رافضي العنصرية؟

حسن عفيفي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع اتساع رقعة الاحتجاجات والعنف في الولايات المتحدة اعتراضا على مقتل الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد على يد ضابط شرطة أبيض، برزت انتقادات للرئيس دونالد ترامب وطريقة إدارته للأزمة، وامتد الخلاف لتقييم بواعث المحتجين ومن يحركهم.

فمنذ اللحظة الأولى لاندلاع الاحتجاجات اعتراضا على مقتل فلويد، اتخذ ترامب خطا هجوميا على المحتجين، وشكلت تصريحاته عبر حسابه في موقع تويتر مادة للانتقاد من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين.

وقال ترامب في إحدى تغريداته: إن الكلاب البوليسية الأشرس والأسلحة الأفظع في انتظار المتظاهرين حال تجاوزوا أسوار البيت الأبيض، الأمر الذي اعتبر تحريضا على العنف.

أعضاء بالكونغرس الأميركي عن الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب، اعتبروا أن خطابه يؤجج الأزمة أكثر من كونه طريقا للحل. 

وانتقد السيناتور بات تومي، عضو الكونغرس نبرة ترامب تجاه المتظاهرين، وقال في إفادته للصحفيين بولاية فيلاديلفيا: "لم أتحدث مع الرئيس خلال الأيام الماضية، لا أعتقد أن بعض تغريداته كانت عاملا مساعدا، أعتقد أنه من الأفضل لو غير نبرة رسائله".

صورة ترامب أمام كنيسة سانت جون القريبة من البيت الأبيض، ممسكا بالكتاب المقدس (الإنجيل) رآها البعض استغلالا للدين، فيما انتقده آخرون لاستغلال وزير الدفاع واصطحابه للظهور أمام العدسات في وقت احتدم فيه الجدل حول استدعاء الجيش لقمع المتظاهرين.

هذه الانتقادات اضطرت وزير الدفاع مارك إسبر لاحقا إلى تبرير موقفه بالقول إنه لم يكن على دراية بطريقة إخراج الموقف.

السيناتور عن الحزب الجمهوري بين ساس، انتقد تفريق الشرطة لمتظاهرين حول البيت الأبيض لترتيب زيارة ترامب للكنيسة التي تعرضت للحرق على يد المحتجين.

وقال في بيان مكتوب: "أنا ضد تفريق متظاهرين سلميين من أجل التقاط صورة مثلت استغلالا لكلمة الرب من أجل غرض سياسي".

فيما رأت الباحثة بالمعهد الأميركي للدراسات الإستراتيجية والدولية، أليس هانت، والمتخصصة في العلاقات المدنية العسكرية في الولايات المتحدة أنه "بعد انتهاء الفترة الحالية، سيحتاج البنتاغون (وزارة الدفاع) لإعادة بناء الثقة بين المدنيين والمؤسسة العسكرية".

وأضافت هانت في تصريحات لمجلة فورين بوليسي: "يحتاج العسكريون إلى ضمان عدم مساومة القادة المدنيين عليهم في قضايا سياسية، وعدم استغلالهم لمصالحهم".

استدعاء الجيش

خلال اجتماع ترامب بحكام الولايات وصفهم بالضعفاء في مواجهة العنف المتزايد بالشارع، وأكد خلال مؤتمر صحفي أنه سيرسل قوات من الجيش لأي ولاية تتعثر في ضبط الأمن في الشارع.

إلحاح ترامب على فكرة استدعاء الجيش رآه جو بايدن منافسه الديمقراطي في الانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إقحاما للجيش في الشوارع بغرض الحصول على مكسب سياسي.

الباحثة أليس هانت ترى أن تهديد ترامب حكام الولايات هو بمثابة الاستخدام القسري لقوات الجيش، كما أن استدعاءه المتكرر للجيش يزيل الفواصل بين ما هو مدني وما هو عسكري.

واعتبرت أن استخدام الجيش ضد المتظاهرين يدمر القواعد الراسخة للحالات التي يجوز فيها استخدام تلك القوات على الأراضي الأميركية، كما يصدر صورة عن أن الجيش يقمع المواطنين.

ويحتاج الرئيس الأميركي إلى تفعيل قانون الانتفاضة لنشر الجيش، حيث يمنع القانون الفيدرالي مساعدة قوات الجيش في إنفاذ القانون داخل الولايات.

يعود قانون الانتفاضة للعام 1807، والذي ينص على استدعاء قوات الجيش والحرس الوطني لمواجهة التهديدات الإرهابية أو أثناء الكوارث الطبيعية. 

القانون تم تطبيقه عدة مرات لمواجهة أعمال عنف داخل الولايات آخرها عام 1992 في أحداث شغب لوس أنجلوس التي اندلعت اعتراضا على تبرئة ضباط بيض من تهمة استخدام العنف ضد مواطن من أصول إفريقية.

رفض رسمي

وزير الدفاع الأميركي أعلن رفضه للجوء ترامب إلى تفعيل قانون الانتفاضة في مواجهة المتظاهرين بالشوارع، ورأى أن وضع الولايات المتحدة لا يستدعي نشر قوات الجيش.

الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة بالجيش الجنرال مارتن ديمبسي انتقد أيضا دعوة ترمب لتحويل شوارع الولايات المتحدة لساحة حرب.

وقال ديمبسي: "أبناؤنا من الجيش الأميركي يضعون أنفسهم في المخاطر لحماية المواطنين، مهمتهم خارج البلاد صعبة بدرجة لا يمكن تخيلها، وهي أصعب في الداخل. الولايات المتحدة ليست ساحة معركة، والمواطنون ليسوا أعداءنا".

القائد السابق للعمليات الخاصة بالجيش الأميركي الجنرال تومي توماس، بدوره قال: "ما لا يريد المواطنون سماعه كلمة ساحة المعركة في الولايات المتحدة، إلا إذا واجهت البلاد غزوا خارجيا، أو واجهت فشلا دستوريا، حربا أهلية مثلا".

تهديد ترامب بإرسال قوات فيدرالية إلى الولايات رغما عنهم، لاقى رفضا من بعض حكام الولايات. 

فحاكم ولاية نيويورك الديمقراطي أندرو كومو قال: "استخدم ترامب الجيش لتفريق متظاهرين سلميين من أجل الحصول على صورة في الكنيسة، الأمر برمته مجرد عرض تلفزيوني لهذا لشخص. أمر مخز".

تسليح الشرطة

بينما تزداد حالات عنف الشرطة في الولايات المتحدة، كشفت مواقع غير حكومية مقتل 1099 مواطنا أميركيا في عام 2019 وحده، وهو المعدل الآخذ في الارتفاع منذ 2013. بينما شهدت السنوات الخمس الأخيرة مقتل 1200 أميركي من أصل إفريقي على يد الشرطة. 

الكاتبة أمينة خان رأت في مقالها على لوس أنجلوس تايمز، أن القتل على يد الشرطة من أكثر الأسباب المؤدية للوفاة بين الشباب من أصل إفريقي في الولايات المتحدة.

ونقلت خان عن فرانك إدوارد، أستاذ الاجتماع في جامعة روتجرز، احتمالية وفاة ١ من بين كل ألف رجل أو شاب من أصول إفريقية في حادث عنف من الشرطة، وهو معدل أعلى بثلاثة أضعاف من بقية الأجناس.

ومع تصاعد حالات العنف ثار الحديث عن تسليح الشرطة، حيث أصبح استخدام القوة المفرطة السمة الغالبة في مواجهة أعمال الشغب، وغدا بعض رجال الشرطة يتحركون بعقيدة حربية عسكرية أكثر منها بوليسية.

طبقا للبرنامج 1033 لتسليح الشرطة المحلية، أقر الكونغرس السماح لوزارة الدفاع نقل معدات حربية لاستخدامها محليا، بهدف تعزيز قدرات وحدات إنفاذ القانون الدفاعية، ضد عصابات تهريب المخدرات والتهديدات الإرهابية.

في 2015 وعقب استخدام الشرطة القوة المفرطة واستخدام مدرعات حربية وقاذفات القنابل ضد المحتجين في ولاية ميسوري، اعتراضا على مقتل شاب أسود على يد شرطي أبيض، قرر الرئيس السابق باراك أوباما تعليق العمل ببرنامج 1033، وحظر تزويد الشرطة بمدرعات وقاذفات القنابل، في إطار الحد من عسكرة الشرطة.

وخلال أشهر حكمه الأولى، قرر الرئيس دونالد ترمب رفع الحظر عن القرار 1033 واستئناف توريد المعدات العسكرية لقوات الشرطة، بالرشاشات والدروع الواقية ومضادات الألغام.

واعتبر البعض أن قرار 1033 وإمداد الشرطة المدنية بمخلفات الحروب التي استخدمها الجيش، أحد الأسباب الرئيسية في عنف الشرطة ضد المتظاهرين وارتفاع حالات القتل خلال عمليات الاعتقال.