صحيفة سويسرية: وسط هزائمه.. هل يواصل الغرب دعم حفتر؟

12

طباعة

مشاركة

هل سيتمكن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر من قضاء آخر أيامه في مسكن جميل بأبوظبي، في وقت ينهار حلمه بغزو العاصمة طرابلس رغم دعمه من قبل الكثيرين وأولهم الإمارات؟

سؤال طرحته صحيفة "لوتون" السويسرية الناطقة بالفرنسية، في بداية تقرير لها عن خلفية حفتر الذي مني بهزائم في الفترة الأخيرة جعلت العديد من حلفائه يفكرون في التخلي عنه.

وشكلت خسارة قاعدة الوطية الجوية الواقعة 125 كيلومترا جنوب غرب طرابلس قبل أيام، انتكاسة إستراتيجية ثانية لقوات حفتر بعد خسارة مدينة غريان في يونيو/ حزيران 2019. 

وتعود هذه الانتكاسة إلى التحول العسكري النوعي الذي طرأ على قوات الوفاق التي كانت مؤلفة في بادئ الأمر من مجموعات شبه عسكرية غير متجانسة ذات مصالح متعارضة،

وقالت الصحيفة: إن الرجل القوي البالغ من العمر 76 عاما من شرق ليبيا، والذي أعلن نفسه بتهور سيدا للبلاد بأكملها قبل ست سنوات، في وضع سيئ للغاية. 

وأضافت: "بعد أربعة عشر شهرا من إطلاق جيشه هجوما على طرابلس، عانت قواته من نكسات خطيرة في الأيام الأخيرة لدرجة أن حلمه يبدو الآن مدفونا بالكامل".

إدارة الظهر

ورأت أن الأخطر من ذلك بالنسبة للتابع السابق للعقيد معمر القذافي ثم وكالة المخابرات المركزية الأميركية، داعموه العديدون - روسيا والإمارات ومصر وفرنسا والأردن - الذين يمكن أن يبدؤوا في إدارة ظهورهم لتسليح هذا الرجل الذي يشتبه في أنه مسؤول عن ارتكاب جرائم حرب متعددة.

وأردفت: "قبل أيام، سيطرت قوات حكومة الوفاق الوطني (GAN) بقيادة فايز السراج، التي نصبها الغربيون واعترفت بها الأمم المتحدة، على قاعدة الوطية الجوية الإستراتيجية جنوب العاصمة والتي كانت في أيدي أعدائها منذ ست سنوات".

وبينت "لوتون" أن النتيجة الأكثر قسوة على حفتر هو بدء تراجع المقاتلين الروس، أي مرتزقة فاجنر المرتبطين بالكرملين بقوة، حيث توجهوا إلى الرمال الصحراوية على بعد 500 كيلومتر شرقا إلى الجفرة التي أصبحت الآن أقرب قاعدة جوية تهدد العاصمة. 

ووفقا للرؤساء الجدد للوطية، من خلال الاستيلاء على هذه القاعدة الإستراتيجية، فهم وضعوا أيديهم بشكل ملحوظ على الأسلحة الروسية الصنع، بما في ذلك نظام بانتسير للدفاع المضاد للطائرات.

وأكدت أن الانتصار لم يدم طويلا، فالآن، بدعم من الطائرات المقاتلة التي نشرتها موسكو، تم بالفعل إعادة نشر مئات المرتزقة الروس على الحدود بين غرب ليبيا (طرابلس) والشرق (برقة).

ويشير حسن ماجد، مؤسس D&S Consulting- شركة استشارية في مجالي الشؤون الإدارية والإستراتيجية في باريس- إلى أن "هذه الهزيمة الإستراتيجية لحفتر تسببت في اضطرابات"، بينما حصلت روسيا على مكانة مهمة في هذه المسألة.

وبين أنه "من خلال استخدام شركة فاجنر، لا تتدخل روسيا مباشرة كدولة، كما تفعل في سوريا، بل تظهر كمن يقدم خدمة مما يترك لها هامشا كبيرا لتولي دور الوسيط، والسعي لوقف محتمل لإطلاق النار من خلال رسم الخطوط الأمامية".

اختلالات الحليف

وتساءلت الصحيفة مجددا: هل الدعم الذي تقدمه روسيا من أجل خليفة حفتر؟، مجيبة إنه مجرد واجهة، كما يتضح من نقص الموارد النسبية التي أتيحت له خلال المعركة الطويلة تجاه طرابلس، والتي اعتبرها المشير حاسمة.

ويؤكد جلال حرشاوي باحث في معهد العلاقات الدولية في كلينجندايل (هولندا) والمتخصص في الشأن الليبي أنه "منذ البداية، كانت روسيا تعلم أن جيش حفتر لم يكن قويا بما يكفي لشن حرب استنزاف في طرابلس، على بعد 1000 كيلومتر من بنغازي، خاصة وأن تركيا تدخلت بوسائل حربية ضخمة".

وأردف: "لكن الروس تركوا هذا العبث يتكشف، وهم يلعبون على اختلالات حليفهم، فتدريجيا، يتحول الوضع إلى موقف دفاعي لشرق ليبيا، حيث تمكنت روسيا من جعل نفسها لا غنى عنها، وفيما بعد سيكون عليها فقط قطف برقة مثل الفاكهة الناضجة".

وأوضحت "لوتون" أن الإمارات العربية المتحدة، من جانبها، تواصل دعم حصنها القديم، والتي تمول مغامراته الحربية إلى حد كبير، وتقدم أيضا حصتها من المرتزقة السوريين أو اليمنيين أو السودانيين أو التشاديين.  

لكن إلى متى؟ تتساءل الصحيفة، لافتة إلى أنه إلى الآن لا أحد يعرف، على الرغم من أن معظم الخبراء لا يراهنون على طول عمر المشير حفتر الذي تلتهمه طموحاته الشخصية، والذي يبدو أنه يجد محركه في امتلاكه الأسلحة أكثر من رؤيته الهادئة لليبيا. 

وبحسب الصحيفة، إذا كانت روسيا تعرف كيف تجعل نفسها مهمة في ليبيا، فهذا هو الأمر نفسه بالنسبة للمشير حفتر في برقة.

ويقول حرشاوي: "المليشيات الكبرى اصطفت وراء حفتر، وقد اكتسبت قبيلته، الفرجاني، التي كانت تابعة إلى حد ما، مكانا مركزيا بفضله في شرق البلاد". 

وأكد حرشاوي "أن إزاحة حفتر لن تؤدي فقط إلى انهيار الهيكل الأمني ​​الوحيد الذي يحفظ برقة، ولكن أيضا المخاطرة بمزيد من الصراعات التي يمكن أن تقوض المنطقة، ناهيك عن شعبية المشير الذي على الرغم من تجاوزاته، لا يزال ينظر إليه الكثيرون على أنه الضامن للأمن".