نجاح تجربتها في ليبيا.. لهذه الأسباب يطالب يمنيون تركيا بالتدخل

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تصاعد في الآونة الأخيرة، الحديث عن تدخل تركي محتمل في اليمن، بعد النجاحات العسكرية والسياسية التي حققتها الحكومة الشرعية في ليبيا بمساندة سياسية ودعم عسكري من أنقرة.

يمنيون تحدثوا للاستقلال في وقت سابق، مطالبين أنقرة بلعب دور سياسي إيجابي في اليمن، إلى جانب الدور الإنساني والإغاثي الذي تلعبه منذ سنوات، وذلك لتوسيع خيارات الحكومة الشرعية، وخلق حالة توازن، تضمن تحقيق مصالح اليمنيين، وخروج الشرعية من عباءة التحالف السعودي الإماراتي الذي صادر القرار السيادي اليمني منذ تدخله بحجة إنهاء الانقلاب.

دعوات اليمنيين جاءت في سياق مطالبة الحكومة الشرعية بإعادة رسم خريطة تحالفاتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية، بما يحقق مصالحها في استعادة دولتهم ووحدة ترابهم الوطني، ورفض كل أشكال الوصاية والهيمنة للتحالف السعودي الإماراتي الذي مارس دورا سلبيا على الحكومة الشرعية وجعلها في حالة ارتهان لا تملك فيه قرارها.

في تقرير حديث كشفت دورية إنتلجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية، عن وجود عناصر تركية في مدينة شبوة اليمنية مؤخرا، ضمن منظمات إنسانية وإغاثية، بالتنسيق مع وزيري الداخلية أحمد الميسري، والنقل اليمني صالح الجبواني.

بخلاف اليمنيين، طالبت أصوات عربية أيضا، بنفس المطلب، من بينهم المحامي وعضو مجلس الأمة الكويتي ناصر الدويلة الذي غرد على تويتر قائلا: "نظرا لتطاول الحرب في اليمن، أقترح أن يمنح الأتراك دورا في اليمن، وستنتهي كل الخلافات فورا، وأقترح أن تمنح تركيا قاعدة في جزيرة سقطرى، تدير منها عمليات دعم الشرعية في اليمن والصومال، وتضبط الأمن في بحر العرب، بالتنسيق مع دول المنطقة".

غضب سعودي

أواخر كانون الثاني/ ديسمبر 2019، أجرى وزير النقل اليمني صالح الجبواني، زيارة إلى تركيا، معلنا عزمه توقيع اتفاقيات في قطاعات النقل خاصة الموانئ والمطارات.

الجبواني صرح عقب الزيارة أنه اتفق مع وزير النقل التركي جاهد طورهان، على تشكيل لجان فنية مشتركة (يمنية - تركية) لدراسة الملفات المتعلقة بقطاع النقل البحري والجوي والبري في اليمن، تمهيدا لتوقيع اتفاقية لتطوير الموانئ والمطارات اليمنية.

وأكد الوزير اليمني، أن توقيع الاتفاقية سيتم بعد إتمام اللجان الفنية عملها، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية ستعود على اليمن بالفائدة، وأن الوزارة ستستفيد من الشركات التركية المختصة في مجال النقل، كونها أثبتت نجاحها على المستوى العالمي. 

ملف الموانئ الذي أثاره الجبواني هو ملف شديد الحساسية بالنسبة للإمارات، حيث أن أحد أهداف أبوظبي من السيطرة على عدن، هو تحييد ميناء المنطقة الحرة، وإيقاف العمل فيها لصالح موانئ الإمارات.

الجبواني غرد على تويتر قائلا: "التقيت بنائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، نعمان قورتولموش، بحضور مستشار رئيس الحزب ياسين أقطاي، واللقاء تناول الأضرار التي تعرض لها الاقتصاد اليمني بسبب الحرب، وسعينا للحصول على دعم الأشقاء والأصدقاء لتأهيل البنية الأساسية للاقتصاد"، ووصف اللقاء بأنه كان "مثمرا وبناء".

تحركات الجبواني جاءت بعد أن أكد في أكثر من تصريح أن "العلاقة بين التحالف والشرعية تشوبها اختلالات جوهرية، ولا بد من تصحيحها، بعد 3 سنوات من تدخل هذا التحالف في اليمن".

وسبق أن هاجم الجبواني التحالف في سلسلة تغريدات، قائلا: إن "عمليات التحالف لم تؤد في الواقع إلا إلى مفاقمة الأوضاع، سواء من حيث التسبب في مقتل آلاف اليمنيين أو تدهور الوضع الإنساني، أو مزيد من إضعاف الحكومة الشرعية".

تحركات الجبواني أثارت غضب السعودية، التي دفعت بدورها مسؤولين في الحكومة الشرعية لشن هجوم على الجبواني، قائلة: إن تحركاته وتصريحاته لا تمثل الحكومة اليمنية (المقيمة في الرياض).

وكتبت وكالة سبأ اليمنية للأنباء، التابعة للحكومة أن "التصريحات التي صدرت عن الجبواني، المتعلقة بتوقيع  اتفاقيات في قطاعات النقل خاصة الموانئ والمطارات، تعبر عن وجهة نظر شخصية ولا تمثل الحكومة".

وقالت الوكالة: "تلك التحركات والتصريحات التي يقوم بها بعض أعضاء الحكومة، هي تصريحات غير مسؤولة ولم يتم الرجوع فيها إلى دولة رئيس الوزراء وفخامة رئيس الجمهورية".

وهاجمت صحف سعودية، من بينها "عكاظ" و"الوطن"، الجبواني، وقالت: إنه "يخترق الشرعية، ويعمل لصالح أجندة قطرية وتركية".

نموذج إيجابي

اليمنيون يرون في التدخل التركي في ليبيا نموذجا إيجابيا يجب استنساخه في بلادهم، لأنه وفق بعضهم لم يتم إلا بطلب من الأطراف الشرعية المعترف بها دوليا، كما هو الحال في دعم حكومة الوفاق الليبية، والحكومة الصومالية الشرعية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سبق وأكد على ذلك في خطابه بالقول: "تدخلنا لم يكن يوما من الأيام من تحت الطاولة، بل كان تدخلا معلنا ورسميا، والعالم يعرف حجم ذلك التدخل وطبيعته".

خبراء يمنيون قالوا: إن التدخل التركي يختلف شكلا وموضوعا عن التدخلات العسكرية التي تمارسها أبوظبي في ليبيا واليمن حيث تدعم الأطراف غير المعترف بها دوليا في كلا البلدين.

متابعون للشأن اليمني أكدوا أيضا للاستقلال أن تركيا لا تسعى للاستحواذ على موارد البلد الذي تتدخل فيه، ولا تخطط للهيمنة أو السيطرة على مقدراته، ولا تهدف للتوسع الإستراتيجي أو التمدد الجيوسياسي، كما هو حال التدخل الإماراتي السعودي في اليمن.

خطوات معلنة

الكاتب والصحفي التركي حمزة تكين قال لـ"الاستقلال": "أصبح واضحا للجميع أن التدخلات التركية في العديد من الدول لم تكن إلا تدخلات إيجابية، لم تؤد إلا إلى نتائج إيجابية، التأييد الشعبي الذي قوبلت به تلك التدخلات في العالم العربي كان واسعا جدا، وهذا يدل على إيجابية هذه التدخلات".

يضيف تكين: "ومن هذا المنطلق نحن نسمع منذ فترات، ونتلقى الكثير من المطالبات اليمنية من مفكرين ونافذين ومسؤولين هناك يطالبون بتدخل تركي، سياسي أو عسكري، ينهي الوضع المأساوي القائم الذي تسببت به الرياض وأبوظبي".

ويتابع الصحفي التركي: "أنقرة حريصة دائمة على أن تساعد من يطلب منها المساعدة، وحريصة دائما على أن تكون تدخلاتها إيجابية، حيث يقتضي الواقع والأمر، ففي اليمن حاولت تركيا منذ أن بدأت ما تسمى بعاصفة الحزم، أن تكون وسيط خير لإنهاء الحرب في بدايات الأمر، لكن الرياض وأبوظبي أصرتا على الاستمرار، والنتائج نراها اليوم".

ويسترسل تكين: "باعتقادي، التدخل التركي في اليمن، إذا كان سيحصل، فسوف يحصل في المحافل الدولية، ومن خلال الأطر الدبلوماسية، لدعم ما تريده الشرعية في اليمن، وأي تدخل تركي لن يكون إلا بطلب رسمي وعلني من الشرعية في اليمن، التي ينبغي عليها أن تحدد أطر التدخل وكيفيته، وعليها أن تقدم تصورا لأنقرة عن هذا التدخل الذي ترغب به، ويدرس الأمر في الدوائر التركية، وبناء عليه يتخذ القرار".

الصحفي التركي ختم حديثه قائلا: "في تقديري لن يكون هناك تدخل عسكري في اليمن، ليس لأن تركيا لا تستطيع، بل لأنها لا ترغب بسبب الوضع القائم هناك، فهي لا تريد أن تصطدم عسكريا مع أي طرف، بشكل يزيد المسألة تعقيدا على اليمنيين، مكتفية بدعم الشرعية سياسيا ودبلوماسيا، لأن اليمن بحاجة للتخلص من الانقلابين".

ويختم حمزة تكين: "في حال تم تسهيل الطرقات لتركيا، لتقديم أي دعم إغاثي أو تنموي أو لوجستي، فستكون تركيا حاضرة إلى جانب الشعب اليمني، وتأمين احتياجاته الطبية والإغاثية والتعليمية، لإعادة الحياة إلى اليمن كما كانت قبل هذه العاصفة، التي لم تأت إلا بالشؤم والمجاعات والقتل للشعب تحت مبررات واهية".


المصادر