مسؤولون يمنيون طالبوا بفك الارتباط مع تحالف الرياض.. إليكم الأسباب

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن معظم القوى السياسية في الحكومة الشرعية باليمن وصلت إلى قناعة من عدم جدوى الاتفاقات التي ترعاها السعودية، بعد أن خاب ظنها مجددا، كما خاب ظنها من قبل بتدخل التحالف الذي لم يحسم حربا ولم ينه انقلابا ولم يمكّن شرعية.

في تغريدة حديثة لمستشار الرئيس اليمني عبدالعزيز جباري، دعا فيها الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه الجنرال علي محسن الأحمر إلى الانسحاب من أي اتفاقات سياسية في حال أرادت السعودية والإمارات فرض حكومة جديدة أو إضافة ملحق جديد لاتفاقية الرياض (المتعثرة).

تسريبات أفادت بأن السعودية تمضي باتجاه فرض رئيس حكومة بديلا عن رئيس الحكومة الحالي الدكتور معين عبدالملك، كما أفادت التسريبات بأن السعودية تسعى لإضافة ملحق جديد لاتفاقية الرياض يستوعب شروط المجلس الانتقالي الجديدة ويمنحهم صلاحيات أوسع.

جباري المقيم في الرياض اعتبر استمرار الرئيس هادي وحكومته كجزء من تلك الاتفاقيات بقاء مذلا، قائلا: "‏إذا صحت الأخبار المسربة بخصوص ما يسمى بملحق لاتفاق الرياض وفرض وتسمية رئيس  حكومة جديدة بإرادة غير يمنية، فخيرا للرئيس ونائبه وللشعب اليمني الانسحاب من المشهد السياسي بدلا من البقاء المذل".

وطالب جباري من القوى السياسية اليمنية تحمل المسؤولية التاريخية أمام الشعب اليمني، في حال قررت الاستمرار في تلك العملية السياسية.

زيارة عاجلة

كان عيدروس الزبيدي رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات قد أجرى زيارة عاجلة مؤخرا إلى الرياض قابل فيها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بعد تصعيد إعلامي سعودي ضد المجلس الانتقالي مطلع مايو/أيار 2020.

بيان للتحالف السعودي اتهم المجلس الانتقالي بمنع قوات خفر السواحل اليمنية من أداء مهامها، وذلك عقب التفجير الذي استهدف ناقلة بريطانية قبالة سواحل خليج عدن في 18 مايو/أيار 2020.

تزامنت زيارة عيدروس الزبيدي، التي أتت بطلب من ابن سلمان، بحسب مصادر صحفية، مع مواجهات تجري بين قوات الجيش الوطني ومليشيا المجلس الانتقالي المدعومة من الإمارات، في محافظة أبين، بعد أن قام المجلس الانتقالي بإعلان الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية في 26 أبريل/نيسان 2020.

وحسب التسريبات، فإن اللقاء بين ولي العهد السعودي ورئيس ما يسمى المجلس الانتقالي قد تطرق إلى إمكانية إضافة ملحق جديد لاتفاقية الرياض يمنح المجلس الانتقالي صلاحيات أوسع، ويضيق من صلاحيات الشرعية، وهي ذات الرؤية التي سبق أن طرحتها أبوظبي من قبل، وتسعى لفرضها.

تطمينات زائفة

لم تكن الدعوة للانسحاب دعوة آنية مبنية على تلك التسريبات المفترضة، بل هي نتاج قناعة تكونت عبر تراكمات من خيبة الأمل لدى عناصر من الحكومة الشرعية ولّدتها الرياض، كان آخرها الاتفاقية التي رعتها بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

فالسعودية التي رعت اتفاقية الرياض ومنحت المجلس الانتقالي (غير معترف به دوليا) نصف الحكومة، ودخلت في الاتفاقية كطرف ضامن، لم تقم بواجبها بإلزام المجلس الانتقالي بتنفيذ بنود الاتفاق، ما دفع مراقبين للقول بأن السعودية متواطئة مع المجلس الانتقالي.

علاوة على ذلك، فإن الرياض التي لم تقم بتمكين الشرعية من العودة إلى عدن وممارسة مهامها، لم تقم بمنع الانتقالي من إعلان الإدارة الذاتية، وهي خطوة نحو الانفصال الكامل، تمت خارج إطار اتفاقية الرياض.

حسب مراقبين، فإن السيناريو في جنوب اليمن يتم وفق الرؤية التي تريدها أبوظبي، على يد المجلس الانتقالي، في ظل صمت الرياض، وتجاهلها لتلك التطورات، ومنحها تطمينات زائفة للحكومة الشرعية، وطلبها من الحكومة الشرعية بمزيد من ضبط النفس تجاه تلك التطورات.

ذلك السلوك من جانب السعودية، دفع مراقبين لترجيح تلك التسريبات بنوايا الرياض إضافة ملحق لاتفاقية الرياض يمنح الانتقالي مزيدا من الصلاحيات على حساب الحكومة الشرعية.

سحب البساط

موضوع فرض رئيس حكومة جديد (لا يعبر عن الإرادة اليمنية)، بحسب تعبير مستشار الرئيس هادي، هو إحدى نقاط النزاع التي حاولت فرضها الإمارات مسبقا.

الإمارات تستخدم كل أوراقها من أجل تسمية رئيس وزراء جديد موال لها، أو إعادة رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح الذي عرف بولائه للإمارات، وسحب البساط من تحت أقدام الرئيس هادي.

العلاقة بين الحكومة الشرعية وأبوظبي شهدت توترا، منذ إقالة هادي لرئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح في أبريل/نيسان 2016. كانت الإمارات قد فرضت بقاء بحاح كنائب للرئيس ورئيس للوزراء، قبل قيام الرئيس هادي بإقالته بشكل مفاجئ.

عقب تلك الإقالة، اتهمت الإمارات هادي بالخيانة، وحسب تصريح خاص أدلى به القيادي الجنوبي عادل الحسني لـ"الاستقلال"، فإن هادي قد استُقبل في أبوظبي بشكل غير لائق بروتوكوليا، بحضور قيادات استخباراتية وأمنية سعودية وإماراتية.

وأضاف الحسني أن محمد بن زايد استقبل هادي قائلا: "هلا بالخاين.. اللي غدر بنا.. أعدناك إلى عدن وأخرجنا الحوثي من عدن وضحينا بدماء جنودنا من أجلك، والآن تنقلب علينا".

ويتابع الحسني أن هادي أجابه بأن "الإماراتيين لم يقوموا بإعادة حتى الكهرباء أو حتى الماء إلى عدن"، وأضاف بأن اللقاء انتهى بشكل غير لائق كما بدأ بشكل غير لائق.

وتابع الحسني بأن الإمارات كانت تخطط للتخلص من هادي، وتعيين بحاح مكانه، وأكد الحسني بأن بحاح كان قد اتفق مع الإمارات على تأجير جزيرة سقطرى لمدة 99 عاما، لهذا فإن إقالة هادي لبحاح لخبطت أوراق الإمارات، وشهدت العلاقة توترا منذ ذلك الحين.

استمرار المحاولة

تردد الإمارات بين الحين والآخر، أن رئيس الوزراء الحالي غير شرعي، وتقول بأن بحاح هو رئيس الوزراء الشرعي، لأنه حصل على ثقة مجلس النواب (البرلمان)، بينما لم يحظ أحمد عبيد بن دغر رئيس الحكومة السابق، وكذلك معين عبدالملك رئيس الوزراء الحالي على ثقة البرلمان.   

ومنذ ذلك الحين، تسعى الإمارات لإعادة بحاح، بالتنسيق مع السعودية، غير أن أجنحة في الشرعية تعارض عودته لقربه من الإمارات واستعداده للتخلي عن جزيرة سقطرى لصالح أبوظبي، بحسب مراقبين.

الكاتب البريطاني ديفيد هيرست سبق أن أشار في مقاله بصحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي يدعمان إعادة بحاح المقرب من الإمارات، وإقصاء هادي.

جناح غير معلن

لم تكن قناعة مستشار هادي، عبدالعزيز جباري بعدم جدوى أي عمل سياسي تكون السعودية طرفا فيه، هي الوحيدة في هذا السياق.

ويمكن القول: إن جباري يمثل عضوا في جناح داخل الشرعية تشكل خلال السنوات الماضية، ويضم هذا الجناح (غير المعلن) عددا من عناصر الشرعية، بات أغلبهم على قناعة بعدم جدوى الاتفاقيات التي ترعاها السعودية وكان لهم موقف رافض من السياسة السعودية تجاه الملف اليمني إجمالا.

من بين أولئك وزير النقل صالح الجبواني، الذي هاجم السعودية أكثر من مرة، وكذلك رئيس دائرة التوجيه المعنوي اللواء محسن خصروف، الذي اتهم الرياض بإطالة أمد الحرب وعدم الرغبة في حسم المعركة، وكذلك وزير الداخلية نائب رئيس الوزراء أحمد الميسري الذي شن هجوما حادا على المملكة واتهمها بالكذب.

التطورات التي حصلت بالجنوب في أغسطس/آب 2019، وأسفرت عن انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي ضد الحكومة الشرعية في عدن بدعم من الإمارات ما دفع هذا الجناح لإعادة النظر في موقف السعودية تجاه هذه التطورات، وهاجم عدد منهم الرياض، ما دفع السعودية لمهاجمتهم وتوجيه اتهامات لهم بالعمل ضد توجهات الحكومة الشرعية.