بث أغنية "بيلا تشاو" عبر مآذن مساجد بتركيا.. من الفاعل وما السبب؟

12

طباعة

مشاركة

فتحت المديرية الدينية الإقليمية في إزمير التركية تحقيقا داخليا، بعد بث مساجد المدينة أغنية "بيلا تشاو" بنسختها التركية من المآذن بشكل غامض، إثر تعرضها على ما يبدو لاختراق.

الحادثة التي وقعت خلال شهر رمضان تسببت في غضب واسع في البلاد، فيما ألقت السلطات القبض على النائبة السابقة لرئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في إزمير، بانو أوزدمير، في وقت متأخر يوم 21 مايو/أيار 2020، للاشتباه في إثارتها "عداوة عامة"، عبر نشرها تسجيلات مصورة للواقعة عبر "تويتر".

مراد اتكين قال في مقالة بصحيفة يتكين ريبورت: إن بث الأغنية أزعج الكثيرين في تركيا سواء من المتدينين أو غيرهم، وقد تكرر الأمر ببث أغنية تركية من مآذن مساجد المدينة مرة أخرى بنفس الطريقة.

من الفاعل؟

وتطرق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لهذا بقوله: "يأمل البعض أن يخرج من مآذن تركيا صوت غير الأذان وهذا لن يكون، ومسؤولو الشعب الجمهوري يأخذون من هذه التصرفات أملا في ذلك".

أحد أكثر ردود الفعل إثارة للاهتمام جاء من أستاذ القانون الأول حسين حاتمي والذي لم يؤيد كثيرا أن يكون وراءها الشعب الجمهوري، لكنه وصف الحادثة بالفتنة وقد شاركه رئيس الشؤون الدينية علي أرباش هذا الرأي.

أما الناطق باسم الرئاسة التركية (إبراهيم كالين) فرآه حدثا أبعد من الاستفزاز، وكتب على صفحته بتويتر "هذه الحادثة هي ثمرة جهود عودة بعض العقليات التي تعتبر في حالة عداء مع مقدسات الأمة، من المعقول جدا أن يبقى بعض الناس صامتين ضد هذه الهجمات وضد ديننا وآذاننا ومقدساتنا".

لكن أولئك الذين تمنعوا عن المحافظة على احترام قيمهم الدينية دائما موضوعون في صفحات التاريخ الخجلة خاصة وأن الصمت علامة الرضا، وفق الكاتب.

ويقول الكاتب: "بكل الأحوال سيتم إلقاء القبض على الفاعلين ومن أمرهم إن وجدوا وإن كان الهدف هو محاولة تهيئة الأجواء مثلا لتنفيذ انقلاب أو ما شابه فسيتم تنفيذ العقوبات عليهم وفق القانون".

وتابع: "يجب أن يكون هؤلاء عبرة للآخرين في أن التصرفات غير الواعية إلى أين يمكن أن تفضي. ليس هذا فحسب، بل أيضا معرفة من يقف وراءهم من الدول أو العناصر الإقليمية المحيطة، فمن الواضح أن كثيرا من الأطراف تسعى لاستفزاز السلطات التركية صباح مساء".

تركيا من ناحية، تعيش على وقائع مقترحات الانتخابات المبكرة، كما أن قوانين الأحزاب على جدول الأعمال، إضافة إلى وجود عمليات للبحث عن الأموال من الخارج للتغلب على الصعوبات الاقتصادية.

ومن ناحية أخرى، تظهر قضية تهميش واستقطاب أخرى كل يوم، لكن الجميع اليوم مشغول في مجابهة فيروس كورونا وبالتالي هذه الجهود لا تؤتي أكلها، وفق الكاتب.

ويتابع: "ما يحدث في هذه الأيام ومحاولة الاستقطاب غير المسبوقة وتبادل كلمات مثل هم ونحن، هو أمر خطير انعكس في صورة قرصنة نظم الأذان في إزمير".

وأردف: أن "الأفضل من الدخول في اتهامات هنا وهناك هو العثور على المتسببين بالحادثة وتقديمهم للمحاكمة، ففي النهاية أداء المسؤولين ليس الغضب من ردة فعل الناس أو عدمها بل مهمة المسؤولين الأولى هي السيطرة وضبط الأمور". 

حركة مقصودة

بدوره قال الكاتب حسين جولارجة في مقالة بصحيفة ستار: إنه "من الواضح أن هذه الحركة المقصود منها هو الاستفزاز ولكن سيتم العثور على المتورطين عاجلا أم آجلا ولو كان وراء هذا السلوك جماعة غولن، فلن يكون الأمر مستغربا".

لكن "غولن هي منظمة إرهابية" من الباطن ولا تعمل في العلن بحيث يمكنها أن تفتعل أي ألاعيب وانقلابات وغيرها. إذن من يقف وراء هذه الاستفزازات؟، يتساءل الكاتب.

وكتب زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو على حسابه على تويتر "أماكن العبادة مقدسة لدنيا، ولا يمكن قبول أن يخرج من المآذن أي شيء سوى الأذان والسلام الوطني التركي. يجب العثور على الجناة في أقرب وقت ممكن".

ويعقب الكاتب: "في الحقيقة هذا تصريح جميل ولكن إلى أي مدى يمكن أن يكون صادقا؟ وذلك لأن أول من نشر هذه الحادثة كانت المسؤولة في حزب الشعب الجمهوري في وقت لم يسمع بالحادثة الكثيرون وعليه كان على كليتشدار أوغلو أن يتفاعل مع هذه المسؤولة أولا".

وتابع: أن "بانو اوز ديمير ليست عضوة عادية في الحزب بل هي على تماس مباشر ومستمر مع كليتشدار أوغلو وقد شاركت معه في غير فعالية كتفا بكتف، كما أن لها صورة أخرى في هذا الحادث كما حوادث مسبقة دعمت فيه نسوة تقاتلن في صفوف منظمة بي كاكا (حزب العمال الكردستاني) الإرهابية ولها دور كبير في مظاهرات غيزي بارك 2013".

ووفقا لتقارير صحفية أخرى، فإن اوزديمير على مقربة من رئيس حزب الشعوب الديمقراطي (صلاح الدين دميرتاش) والذي يقبع الآن في السجن بتهمة التعاون مع تنظيم بي كاكا، وقد تلقت معه برنامجا قياديا في أميركا لتأهيل قيادات "بديلة".

كما أن علاقتها مع الولايات المتحدة لا تنتهي، حيث شاركت أيضا في برنامج  حول تمكين القيادات النسائية ورائدات الأعمال الذي نظمته وزارة الخارجية الأميركية في الفترة من 7 إلى 27 فبراير/شباط 2016. 

وبالتالي عندما يوجه الرئيس أردوغان اتهاماته أو يحمل الحادثة لهذه السيدة فهو محق، سيما وأن ما حدث ليس بسيطا والاستفزاز كان كبيرا بحق، لأن هذا النشيد كان يتبع للجماعات الاشتراكية المناهضة للفاشية والشيوعية والثورية في فترة موسوليني في إيطاليا.

ويعلق الكاتب: "هنا يحاول الإرهابيون في تركيا الالتصاق بهذه الأغنية، وقد أبدى رئيس بلدية ازمير طونش سويار إعجابه بها، بل إنه يتراقص على أنغامها كلما حانت الفرصة".

والأغنية في معناها بالعربية من ويكبيديا المترجم:

صباح يومٍ ما، أفقت من النوم
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
صباح يومٍ ما، أفقت من النوم
ورأيت وطني محتلًا
 
يا رفيقة، احمليني بعيدًا
وداعًا أيتها الجميلة، وداعاً أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
يا رفيقة، احمليني بعيدًا
لأنّني سأموت
 
وإن متّ، كمقاوم
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
إذا متّ، كمقاوم
فعليكِ دفني
 
ادفنيني، أعلى الجبال
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
ادفنيني، أعلى الجبال
تحت ظل وردة جميلة
 
وإن مرّ، مرّ قومٌ
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
إذا مرّ، مرّ قومٌ
سيقولون: ما أجمل الوردة
 
تلك وردة المقاوم
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
تلك وردة المقاوم
الذي استشهد حرًا

فهل بث الأغنية هو مصادفة مع الحديث المستمر في الأيام الأخيرة عن انقلاب والدعوة لتنفيذه هنا في تركيا من قبل مسؤولين في حزب الشعب الجمهوري؟!، يتساءل الكاتب.