المشروع المصري الإماراتي لعسكرة ليبيا.. هكذا وأدته هزائم حفتر

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"إن انتصار اليوم لا يمثل نهاية المعركة، بل يقربنا أكثر من أي وقت مضى من يوم النصر الكبير، بتحرير كافة المدن والمناطق، والقضاء نهائيا على مشروع الهيمنة والاستبداد، الذي يهدد أمل الليبيين وتطلعهم لبناء دولتهم المدنية الديمقراطية".

بيان استعادة قاعدة الوطية العسكرية، وطرد مليشيات اللواء الانقلابي المتقاعد حفتر منها، أعلنه فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني. 

هزائم حفتر التي كان لها دوي واسع إقليميا ودوليا، مثلت ضربة مفصلية لحفتر، المدعوم من دول عديدة على رأسها مصر والإمارات، أصحاب المشروع الرامي إلى إحلال حكم عسكري في ليبيا.

طاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، "لا نفهم ما استفادته الإمارات من التورط في الشأن الليبي بهذا الشكل؟ دولة لا تجمعنا معها أي حدود.. شيء مؤسف".

سقوط مدو

شهد فجر يوم 18 مايو/ آيار 2020، سيطرة حكومة الوفاق الليبية "المعترف بها دوليا"، على قاعدة الوطية الجوية، ذات الأهمية الإستراتيجية في مسار الصراع في المنطقة الغربية بليبيا، نظرا للحيز الجغرافي الإستراتيجي الذي تقع فيه القاعدة.

تكمن أهمية السيطرة على قاعدة الوطية، أنها تعطي للقوات الموجودة فيها، إمكانية تنفيذ طلعات جوية على محاور الاشتباكات، في محيط العاصمة الليبية طرابلس، حيث توفر غطاء جويا للقوات الموجودة على الأرض.

السقوط المدوي للقاعدة، كان له تداعياته على كامل المنطقة الممتدة من الحدود التونسية إلى قاعدة الجفرة الجوية بالوسط.

فسيطرة القوات الحكومية على قاعدة الوطية مثل ثاني سقوط لغرفة عمليات رئيسية في المنطقة الغربية التابعة لمليشيا حفتر، بعد سقوط مدينة غريان، في 26 يونيو/ حزيران 2019.

ومع السيطرة على قاعدة الوطية، من المتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة في كامل ليبيا، بتساقط مناطق أخرى، بدءا من ترهونة، وجنوب طرابلس، ثم مدينة سرت، وقاعدة الجفرة الجوية، التي تمثل مفتاح السيطرة على كامل إقليم فزان بالجنوب، وهو الأمر الذي يعني سقوط مشروع الإمارات، ومصر الخاص بسيطرة حفتر على كامل ليبيا، وترسيخ الحكم العسكري فيها. 

غضب واستنفار

في 19 مايو/ آيار 2020، بعد يوم واحد من سقوط قاعدة الوطية، صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، بسام راضي أن "السيسي اطلع على مجمل الأوضاع الأمنية على كافة الاتجاهات الإستراتيجية الثلاثة الرئيسية على مستوى الجمهورية، وجهود القوات المسلحة لضبط الحدود وملاحقة العناصر الإرهابية، خاصة في شمال سيناء، والمنطقة الغربية".

والمنطقة الغربية العسكرية التي ذكرها السيسي، هي واحدة من المناطق الأربع العسكرية للقوات المسلحة المصرية، ويقع مقرها بمرسى مطروح قرب الحدود الليبية.

بعدها عضد تلك الرواية الإعلامي المصري أحمد موسى، الذي قدم حلقة بعنوان "رسائل السيسي حول ليبيا" خلال برنامجه على قناة صدى البلد، مؤكدا أن "استقرار ليبيا من أولويات الأمن القومي المصري، وأن مصر لن تتهاون مع من يدعم الجماعات الإرهابية".

وأضاف: "نرفض التدخلات التركية والقطرية في الشأن الليبي. السيسي شدد للقادة الأفارقة على أهمية محاربة الإرهاب في ليبيا". 

أما الإعلامي نشأت الديهي، فقال خلال حلقة برنامجه على قناة "TeN" الفضائية: "ما يجري الآن هو إعادة إنتاج ما تم على هذه الأرض منذ عقود من قبل المستعمرين".

واستمر الديهي، الذي تناسى التدخلات الروسية والإماراتية والمصرية الداعمة لحفتر، والتي ساهمت في تأزم الوضع الليبي، وتندر على العهد السابق، بقوله: "ما كان يجري في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، أفضل بمئات المرات مما يجري الآن على الساحة الليبية".

وأردف قائلا: "ليبيا الآن دولة فاشلة.. حدودها متوترة، وموترة للجيران في كل مكان، وهذا نتاج لحجب إرادة الجماهير الليبية، المحجوبة خلف الأسوار المرتفعة من الظلم والظلمات".

المذيع تجاهل تماما أن نظامه المصري بقيادة السيسي وحلفائه، ساهموا في وأد التجربة الديمقراطية في ليبيا، منذ 2014، وشاركوا في اندلاع الحرب الطاحنة المستمرة حتى الآن.

التعاطي الإماراتي

صدمة سقوط قاعدة الوطية العسكرية، انعكست سلبا على التعاطي الإعلامي الإماراتي مع الحدث، حيث وصف موقع "سكاي نيوز العربي"، الهزيمة بـ"الانسحاب التكتيكي".

وفي ذلك الإطار تناول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا للمتحدث باسم مليشيات حفتر أحمد المسماري، وهو يجري مقابلة، وصفت بـ "المهينة" مع قناة الحدث التي تبث من الإمارات، إثر هزيمتهم في قاعدة الوطية.

قال النشطاء: إن "مذيعة الحدث، قامت بتحقيق مهين مع المتحدث الليبي التابع لحفتر"، وكانت المذيعة قد سألت المسماري عن الأسلحة التي خلفوها وراءهم أثناء انسحابهم من الوطية، ثم استهجنت إعلانهم من قبل بعد سقوط "صبراته وصرمان"، إعدادهم لخطة مدروسة لحماية الوطية، وهو مالم يحدث، وأخيرا اختتام الحلقة بطريقة مهينة قبل أن يكمل العسكري الليبي حديثه.

تغير الخطاب

في 20 مايو/ آيار 2020، نشر موقع مدى مصر، مقالا بعنوان "الإمارات ومصر تستعدان للتخلي عن حفتر بعد خسارة قاعدة الوطية الجوية" حيث كتبت الصحيفة نقلا عن مسؤولين ليبيين ومصريين أن البلدين قررتا التخلي عن حفتر بعد أكثر من عام على الحملة العسكرية الفاشلة للاستيلاء على طرابلس.

وأوردت مدى مصر عن مسؤول مصري رفض الكشف عن هويته، قوله: "السؤال اليوم للتحالف المصري الإماراتي الفرنسي الذي دعم حفتر حتى هذه اللحظة هو عن الخطوة التالية في ضوء هزيمة حفتر"، وأضاف: "لا يمكن لأحد أن يراهن على حفتر مرة أخرى".

ظهر تغير في الخطاب الرسمي الإماراتي، تجاه وقف التصعيد، والحديث عن ضرورة الحل السلمي، وأعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، أنه "لا يمكن إحراز أي تقدم حقيقي على الساحة الليبية دون وقف فوري وشامل لإطلاق النار والعودة إلى مسار العملية السياسية".

تزامن هذا مع الاتهام الذي وجهه مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، بأن "الإمارات تخرق قرارات مجلس الأمن الدولي، وتزود مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر بالسلاح والمعدات".

وفي 17 مايو/ آيار 2020، طالب عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية محمد عماري، بعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار بقطع كافة العلاقات مع الإمارات التي وصفها بالدولة المحاربة.

كما طالب باعتبار الإمارات دولة معتدية، وأن ليبيا في حالة حرب معها، وقال: "الإمارات متورطة في سفك الدم الليبي، وانتهاك سيادة ليبيا، وإقامة قاعدة عسكرية فيها، واختراق أجوائها، وتبني مشروع الانقلاب العسكري".