بعد كورونا.. هكذا ذهبت خطط ابن سلمان الاقتصادية مع الريح

12

طباعة

مشاركة

تواجه المملكة العربية السعودية، التي يُعتقد أنها تتمتع بأقوى اقتصاد بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أوقاتا صعبة في الآونة الأخيرة لأسباب مثل انخفاض الاحتياطيات وزيادة الديون الخارجية وتدني مستويات المعيشة.

ويتمثل تضرر الرياض الكبير من فيروس كورونا، بانخفاض أسعار النفط الذي يفضي إلى ضغط خطير على ميزانية المملكة، بحسب مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية "أورسام".

واستهدفت السعودية 6.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي جراء العجز المالي، بافتراض أن سعر خام برنت سيكون في المتوسط ​​65 دولارا للبرميل هذا العام.

عجز وديون

كما عدلت المملكة تقديراتها للعجز المالي وقدرت أن عجز الموازنة يمكن أن يمثل 15 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، حيث انخفضت أسعار النفط للبرميل إلى 19 دولارا فيما تم تداوله حول 32 دولارا.

وفقا لصندوق النقد الدولي، في عام 2014، ارتفعت أسعار النفط إلى ما يقرب من 100 دولار للبرميل، مما زاد من ثروة المملكة التي ذابت بوتيرة سريعة بسبب انخفاض أسعار النفط والإنفاق المفرط.

ويقدر صندوق النقد الدولي أنه بسبب الفيروس، قد يصل الناتج المحلي الإجمالي لصافي ديون السعودية إلى حوالي 19٪ هذا العام، و27٪ عام 2021، و50٪ في 2022.

وما لم تكن هناك زيادة كبيرة في أسعار النفط، يبدو أن المملكة ستبقى على الأرجح دولة مدينة في السنوات القادمة.

ومن توقعات ذلك، التخلف عن سداد الائتمان لمدة خمس سنوات (CDS)، والفشل المتوقع في دفع أدوات الدين (أذون الخزانة، السندات الحكومية، فواتير التمويل، إلخ) التي تقدمها الحكومة أو الشركات في الدولة، وسط الذعر العام للفيروس التاجي والسعر المحدد لأسعار النفط المنخفضة.

وتضع هذه الأمور المملكة العربية السعودية في وضع أسوأ بكثير مقارنة بدول مثل الهند وإندونيسيا وأيسلندا وأيرلندا والبرتغال وروسيا وإسبانيا، وفق مركز أورسام.

ويرى أن من الضروري أن ترتفع أسعار برميل النفط إلى 76 دولارا لكي تتمكن السعودية من موازنة ميزانيتها.

وصرح وزير المالية السعودي محمد الجدعان أواخر مايو/أيار 2020، بأن عائدات دولته من النفط ستنخفض بنسبة 22٪، والعائدات غير النفطية بنسبة 17٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبالتالي فإن عجز الموازنة سيكون أعلى من المتوقع. ويقدر أن مستوى الدين الخارجي المتوقع سيرتفع من 120 إلى 220 مليار ريال هذا العام.

ويقول مركز أورسام: "بهذه الظروف، فالمملكة يجب أن تكون أكثر حذرا مع الانهيار التاريخي لأسعار النفط الخام، خاصة في ظل هكذا وضع خطر يشي برفع سقف الدين من 30٪ إلى 50٪ ، وهو أعلى نقطة يمكن للخزينة اقتراضها".

وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن ديون المملكة التي بلغت 11.8 مليار دولار في 2014، زادت 16 مرة في 2019 ووصلت إلى 183.7 مليار دولار.

أيضا، وفقا لتقارير البنك المركزي السعودي، انخفض إجمالي الأصول الاحتياطية، التي بلغت حوالي 732 مليار دولار في عام 2014، إلى 499 مليار دولار في عام 2019. كما أن الإنفاق البالغ 233 مليار دولار الذي تم في السنوات الأربع الماضية هو 4 أضعاف ميزانية دول مثل لبنان والأردن.

وأعلنت السلطات التي توقعت أن ينكمش النمو الاقتصادي بسبب الفيروس التاجي عن خطة تقشف من أجل الحد من إنفاق البلاد الذي وصل إلى أحجام هائلة، ووقف الاتجاه السلبي في الوضع المالي.

في خطة التقشف، من أجل منع الآثار الاقتصادية للفيروس التاجي في يونيو/حزيران 2020، سيتم إيقاف بدل غلاء المعيشة الممنوح للجمهور وزيادة ضريبة القيمة المضافة والخدمات من مبيعات السلع في كل مرحلة من مراحل سلسلة الإنتاج والاستهلاك في يوليو/تموز، من 5 ٪ إلى 15 ٪، كما سيخفض عدد الموظفين ورواتبهم.

ومع خطة التقشف هذه، قال المسؤولون: إن القطاعات ستنتعش وتهدف إلى توفير 27 مليار دولار. ومع ذلك، بالنظر إلى العجز المتوقع في الميزانية هذا العام، يُرى أن الوفورات التي سيتم تحقيقها ستكون كافية لجزء فقط من عجز الميزانية.

عبء ثقيل

وشارك العديد من المواطنين السعوديين عبر وسائل الإعلام الاجتماعية بالتذكير بزمن ارتفاع أسعار النفط والأيام السخية في البلاد.

وصرحت الأكاديمية السعودية والمعارضة مضاوي الرشيد أن الغضب من ولي العهد محمد بن سلمان ازداد وأن أحلام العديد من الشباب في البلاد تبخرت في مواجهة قرار الحكومة بإحكام الحكم.

وضعت السعودية عبئا ثقيلا على القطاع الخاص في تحقيق خطته لتنويع الاقتصاد والتخلص من الاعتماد على النفط ومع ذلك، فإن زيادة معدلات ضريبة القيمة المضافة من 5 ٪ إلى 15 ٪ سيضر الاستهلاك والقدرة التنافسية، مما يتسبب في تعميق الركود الاقتصادي بسبب الفيروس والآثار السلبية على العديد من قطاعات الأعمال منخفضة الطلب.

وتابع مركز أورسام: "إن معرفة كيف سيكون من المفيد زيادة معدلات ضريبة القيمة المضافة مفيدة للقطاع الخاص أمر مثير للفضول".

ويوضح أن القطاع الخاص يتأثر بشدة بانخفاض الطلب لأن الزيادة في تكاليف المعيشة تجبر الناس على الحفاظ على السيولة في بيئة الأزمة والحد من إنفاقهم".

ولذلك، سيضطر القطاع الخاص الذي لن يتمكن من زيادة إيراداته في حالة ضعف الطلب المحلي حتى نهاية العام 2020، إلى تقليص العمالة من أجل خفض تكاليفه، وهو ما سينعكس كقيمة مضافة إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة.

ويبلغ معدل البطالة في السعودية حوالي 12٪، ولكن ابن سلمان، الذي يهدف إلى زيادة العمالة وخفض معدل البطالة إلى 7٪ مع الصناعات الجديدة والمشاريع الضخمة على طريق رؤية 2030، عالق في أزمة الجائحة الفيروسية.

ويقول المركز: "سيؤدي العجز الضخم في الميزانية إلى انخفاض النفقات التي يتم إجراؤها في نطاق برنامج الإصلاح، وتقليص العمالة، وبالتالي لن يتم تحقيق الأهداف. ووفقا لمعهد التمويل الدولي، سيرتفع معدل البطالة إلى 13٪ في عام 2020".

ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماشا للاقتصاد السعودي بنسبة 2.3%، أما مجموعة سامبا المالية السعودية فتتوقع انكماشا بنسبة 3.7% وبعض الجهات الرصينة أيضا تتوقع انكماشا بنسبة تصل إلى 5%.

بدورها، حدثت وكالة التصنيف الائتمانية "موديز"، التي تأخذ في الاعتبار مخاطر البلاد، النظرة المستقرة للسعودية بشكل سلبي مع العلم أن انهيار أسعار النفط بسبب الفيروس يشكل مخاطر على المملكة بسبب قوتها المالية القصيرة والطويلة الأجل.

وهناك شكوك حول درجة تعويض الحكومة لخسائر عائدات النفط، حيث أدى الانخفاض المفاجئ في أسعارها مع تدهور الاقتصاد العالمي إلى تأثير غير مسبوق في خضم انتشار كورونا، وأثر هذا على السعودية بانخفاض الإيرادات الحكومية والصادرات بسبب ضعف الطلب.

ويقول مركز أورسام: "أظهر الفيروس هشاشة المملكة واقتصادها الريعي القائم على إيرادات النفط بشكل أساسي وشبه وحيد، وقد صرح وزير المالية محمد الجدعان أن الاقتصاد لا يمكن أن يعود إلى ما قبل الفيروس التاجي".

ويختم: "وسط هذه الأزمات التي تواجهها السعودية وبالنظر إلى أن خطة التقشف ستبطئ وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، يُعتقد أن أهداف رؤية 2030 التي تم إنشاؤها بهدف تنويع الاقتصاد والتخلص من الاعتماد على النفط، يمكن تأجيلها".