بعد القدس والجولان.. هذه السيناريوهات الأبرز لضم إسرائيل أراضي بالضفة

أحمد علي حسن | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أصبحت "القدس عاصمة لإسرائيل"، وبعدها انتقلت سفارة واشنطن من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، ومن ثم أصبح الجولان السوري جزءا في خريطة دولة الاحتلال التي يرسمها بقلم أميركي أسود.

واليوم، أجزاء عربية فلسطينية أخرى مهددة بالضم لتصبح ضمن "الدولة الإسرائيلية" المزعومة التي أُقيمت على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية بعد النكبة التي هجرت الملايين من ديارهم.

لا شك أن الخطوة المزمعة تأتي ضمن "صفقة القرن" التي كشفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عندما كان يقف إلى جانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في يناير/ كانون الثاني 2020.

خطة ترامب، منحت إسرائيل، الضوء الأخضر لضم غور الأردن، المنطقة الإستراتيجية التي تشكل 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية والمستوطنات المبنية عليها بما فيها الموجودة في شرق القدس.

القرار الإسرائيلي حركه الاتفاق الأخير الذي وقعه نتنياهو، ورئيس تحالف "أزرق- أبيض"، بيني غانتس، لتشكيل حكومة وحدة طارئة، يتناوب كل منهما على رئاستها، على أن يبدأ نتنياهو أولا لمدة 18 شهرا.

الاتفاق يقضي أيضا بالبدء في طرح مشروع قانون يستهدف ضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، مطلع يوليو/ تموز 2020.

لكن التحذيرات التي سبقت إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة وضم الجولان المحتل، تكررت أيضا في خضم الحديث عن سرقة 30 بالمئة من مساحة الضفة.

وعلى الرغم من التحذيرات الدولية والعربية، وانشغال العالم بأزمة "كورونا"، فإن إسرائيل على ما يبدو ماضية في تنفيذ مخططها وهو ما تفسره زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأخيرة إلى الأراضي المحتلة.

سيناريوهات محتملة

من خلال المعطيات على الساحة الإسرائيلية والدولية، فإن السيناريوهات المتوقعة بهذا الشأن تبدو متباعدة من حيث المؤشرات والتقديرات ومآلات كل منها على الوضع الفلسطيني الإسرائيلي عموما.

ويمكن استقراء سيناريوهين يلخصان المرحلة المقبلة مع أخذ الطرف الإسرائيلي بعين الاعتبار ما يعيشه من أزمة داخلية لم تتبدد على الرغم من تشكيل حكومة الوحدة.

سيناريو الضم الكلي: تذهب فيه إسرائيل للسيطرة على الأراضي التي تخطط لها، والمقدرة بـ30 بالمئة من مساحة الضفة، مدعومة بالموقف الأميركي الذي يرى الخطوة ضمن بنود "صفقة القرن" التي يرعاها.

لكن ثمة شيئا خطيرا يتوقف عليه هذا السيناريو يتعلق بالخطوط المرسومة ضمن المستوطنات الإسرائيلية، وحول ما إذا كانت ستتوسع إلى المناطق التي تقع ضمن نفوذ الاحتلال من حيث السيطرة عليها.

وبذلك فإن الأمر لا يقتصر على المستوطنات، إنما يطول مناطق فلسطينية مشتركة السيطرة بين الاحتلال والسلطة التي يرأسها محمود عباس. وهذا السيناريو يبدو قريبا للتطبيق رغم ما سيرافقه من جدل واسع.

سيناريو الضم الجزئي: الأمر هنا مرتبط بحجم ردة الفعل الدولية والإقليمية إزاء إقدام إسرائيل على الخطوة، وإذا ما قوبلت برفض صداه مرتفع فربما يطبق الاحتلال خطته بشكل جزئي، على أن يستوفيها لاحقا.

ولكن في المقابل، ربما تذهب إسرائيل إلى إقرار مشروع قانون يأتي على كل الأراضي المقامة عليها المستوطنات، كحل مرحلي إلى حين تسمح الظروف بفرض "السيادة الفعلية" على الأرض، وهو ما دعا إليه سابقا نواب في الكنيست.

وربما يكون السيناريو مؤجلا إذا ما أرادت إسرائيل الأخذ بعين الاعتبار المواقف الدولية الرافضة، إلى جانب اهتمامها بالمحافظة على الهدوء في الشارع الإسرائيلي، خاصة بعد فترة التشنج التي رافقت الانتخابات.

عوامل مؤثرة

كل السيناريوهات المتوقعة والمطروحة يسهم في تشكيلها المعطيات التي تشهدها الساحة الدولية، مع عدم إغفال قياس الأمر بردود الفعل العربية عقب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وضم الجولان السوري من بعدها.

تشكيل الحكومة واحد من أبرز العوامل، والتي ولدت بعد 17 شهرا من الجمود، إثر 3 عمليات انتخابية في إبريل/نيسان 2019 وسبتمبر/أيلول ومارس/آذار الماضي.

وحول هذا الأمر، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات، أن الجسم الحكومي الإسرائيلي الجديد يضم خليطا من الأحزاب التي لا يجمعها قاسم مشترك.

وقال لـ"الاستقلال": إن الخلاف بين الأحزاب الخمسة المكونة للحكومة الجديدة يتشعب، ولن يتم إقرار أية قوانين تجعل الضم قانونيا من أجل مصادرة أراض في "مناطق C"، ليصبح سكانها اليهود شرعيين.

ومن العوامل المؤثرة أيضا، انشغال العالم بأزمة كورونا، فقبل أن ينتشر الوباء كانت في حسابات نتنياهو، أن مهمة الضم يجب أن تتم قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وحتى قبل اندلاع الأزمة، كان القلق لدى نتنياهو ومحيطه من احتمال خسارة ترامب وحزبه الجمهوري الانتخابات أقل، لكن القلق الآن تعاظم بفعل فشل الإدارة الأميركية في لجم انتشار الفيروس.

مساعدة عربية

أضف إلى ذلك أن العالم اليوم منشغل بأزمة الوباء القاتل التي ضربت حسابات دول عظمى، وبالتالي فإن القضية ليست على سلم الأولويات الدولية في الوقت الحالي.

ومع ذلك، فإن توافق بعض الأنظمة العربية مع السياسة الإسرائيلية، وتعالي صيحات التطبيع ولو سرا، وسكوتها عن خطوات الاعتراف بالقدس عاصمة، وضم الجولان السوري، فإن كل ذلك قد يمهد الطريق أمام إسرائيل.

ومن وجهة نظر "بشارات" فإن كل الأطراف الإقليمية "مشاركة في الضم وتدعمه وأولها الأردن، على الرغم مما يثيره من غبار، لكن تصرفاته توحي بغير ذلك"، مشيرا إلى أن دولا خليجية (لم يسمها) تدفع أموال طائلة.

ويضيف هنا أن الفترة الحالية ربما تأخذ منحى مختلفا عما كانت تتوقعه إسرائيل، خاصة بعد تصريحات العاهل الأردني عبد الله الثاني، وزيارة بومبيو.

ويقول أيضا: "سيتم تطبيق الضم، ولن تحدث مناوشات في الضفة الغربية لأن السكان (الفلسطينيين) سئموا من قيادتهم في ظل غياب الأفق المستقبلية".

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي أن الفلسطينيين "لا يريدون خسارة الوضع الحالي، لأنهم يعتبرونه جيدا بالنسبة لهم، لكنه في الواقع كارثي للغاية، إذ يهيئ لما بعد الضم بهدوء".

وفي حال إبداء الغضب الفلسطيني فربما تحدث بعض المشاكل، لكن برأي "بشارات" سيتم السيطرة عليها عبر إغراءات تقدمها إسرائيل للسلطة.

وبصورة عامة، فإنه يعتقد أن الأمر "لن يكتمل" لأن الداخل الإسرائيلي غير مستقر، مع وجود حكومة تناقضات خطيرة جدا على إسرائيل لن يكون لها مستقبل.