بعد انتهاء كورونا.. كيف سيصبح شكل السياحة في العالم؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

ترك فيروس كورونا، الحكومات يائسة بسبب سرعة انتشار العدوى، ما تسبب في صدمات مفاجئة في الاقتصاد العالمي أدت إلى أزمة أكبر مما حدث في عام 2008، خاصة بعد أن بقيت كل بلد تعمل بمفردها، ونفذت الدول الكثير من الإجراءات منها الحجر الصحي الإلزامي للكثير من المدن.

وانهارت العملات المحلية في كثير من الدول في خضم النقص في الطلب ما أدى لضعف النشاط الاقتصادي فأوقع هذه البلدان في أزمة مالية حقيقية وتركت الكثير من مناحي الحياة تواجه مصيرها بنفسها فيما تبحث دول أخرى عن الإمدادات الطبية والمنتجات الغذائية اللازمة هنا وهناك.

ومع ذلك، فإن ممارسات الاستيلاء التي تطبقها دول مثل إيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية وجمهورية التشيك بعيدة كل البعد عن الحد من وتيرة الوباء.

ويقول مركز سيتا التركي للأبحاث: "ظهرت نماذج كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة وهونج كونج وفيتنام في المقدمة كأمثلة أكثر نجاحا، فدول شرق آسيا، التي حصرت انتشار الفيروس بإجراءات وقائية مبكرة، تم تمييزها بشكل إيجابي عن الدول الأخرى في مكافحة الوباء".

وفي حين أن قرارات الحجر الصحي المتخذة في أوروبا وأميركا الشمالية، تشكل جزءا كبيرا من الاقتصاد العالمي، فإنها تتسبب في انخفاض النشاط الاقتصادي، وبالتالي ينخفض ​​الطلب العالمي في جميع القطاعات تقريبا.

وبسبب هذا الانكماش في الطلب، فقد 195 مليون شخص وظائفهم بالفعل، وسرعان ما زادت أرقام البطالة التي وصلت لأعلى من عشرة بالمئة جراء آثار الأزمة وأصبحت المشاكل التي يسببها الوباء مزمنة.

وأضاف المركز: "من الواضح أن التوظيف والبطالة سيكونان أحد البنود الرئيسية لجدول أعمال الحكومات في الفترة المقبلة، يشيران إلى فترة أزمة طويلة الأمد فيما تشير صعوبة التنبؤ بآثار الأزمة العالمية إلى وضع أكثر خطورة لقطاع السياحة لأن عنصر الإنفاق الأول الذي يتخلى عنه الناس في مثل هذه الأزمات هو السياحة، وهي منتج استهلاكي فاخر".

بالإضافة إلى ذلك، أثر تقييد النقل بسبب Kovid-19 بشكل كبير على القطاع وأبعد المستهلكين عن نفقات السياحة، حيث أن الفيروس لديه أيضا القدرة على الإضرار بالمناطق الأخرى التي يهيمن عليها قطاع الخدمات.

يعمل في قطاع السياحة الذي يبلغ حجمه 10.4 ٪ من الاقتصاد العالمي، 319 مليون شخص. ووفقا لأرقام 2019، فإن قطاع السياحة الذي يشكل 20 في المائة من مجالات الأعمال التي تم إنشاؤها في الاقتصاد العالمي، يغطي 10 ٪ من العمالة في العالم.

السياحة والاقتصاد

تعد السياحة هي المورد الثاني لاقتصاد الدول الكبرى بعد الصناعة خاصة في دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وفرنسا، كما أنها تحرك عجلة الاقتصاد في دول مثل إنجلترا وتركيا.

على سبيل المثال، يقدر قطاع السياحة بحجم 2.2 تريليون دولار في جميع أنحاء أوروبا، و في آسيا، يساهم في تشكيل اقتصاد بقيمة 2.1 تريليون دولار.

ووصل حجم القطاع في الاقتصاد العالمي إلى 2.75 تريليون دولار في 2018 و 2.75 في 2019، ومن المتوقع أن يصل القطاع إلى 4 تريليون دولار بحلول عام 2029.

وهذا القطاع من المتوقع أن يساهم في إجمالي العمالة في العالم بسعة 420 مليون شخص في عام 2029، كما أنه سيزيد الاستثمارات التي تم إجراؤها 1.45 تريليون دولار. ومع ذلك، منع الفيروس القاتل المستهلكين من عادات الإنفاق العامة، وانخفض الطلب أيضا بسرعة.

ويوضح المركز أن "القطاع الذي يعتقد أنه يكلف 6 تريليون دولار للاقتصاد العالمي، له أكبر الأثر على حركة النقل وليس من الممكن أن لا يتأثر قطاع السياحة سلبا خاصة في ظل بيئة النقل الحالية المصابة بالذعر".

وأكد المجلس العالمي للنقل والسياحة (UNWTO)، أن القطاع السياحي قد تكبد بالفعل خسارة تتراوح بين 30 و 50 مليار دولار بسبب Kovid-19، مبينا كذلك أن أكبر خسارة في الدخل ستكون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي حين أنه من المتوقع أن ينخفض ​​عدد السياح بنسبة 12 في المائة في جميع أنحاء آسيا، يبدو من الصعب على القطاع الوصول إلى معدل النمو المعلن عنه بنسبة 4 في المائة هذا العام.

وأوضح زوراب بولوليشفيلي، الأمين العام للمجلس العالمي للنقل والسياحة أن الفيروس من المتوقع أن يؤثر على 80 ٪ من الشركات ذات الصلة بقطاع السياحة، وأن القطاع الذي يساهم في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والعمالة والتعاون الدولي يتأثر سلبا بالوباء.

وأكد بولوليشفيلي أن عدد السياح سينخفض ​​أكثر من 50 ٪ عام 2020، مبينا أن الظروف الحالية أشد من الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

عوائد السياحة

بالمقارنة مع وباء سارس SARS ، أثر Kovid-19 على الصناعة بشكل أكثر عمقا وتسبب في انخفاضات خطيرة في دخل العديد من البلدان السياحية.

وفي الوضع الحالي حيث يتم تقييم أنه لا يمكن تعويض خسارة الدخل هذه في وقت قصير، هناك زيادة في جميع النفقات العامة. ويمكن القول: إن البلدان التي تتمتع بنصيب كبير في الدخل القومي لقطاع السياحة ستكون أكثر تأثرا بالأزمة التي تشهدها اليوم. 

وفي حين أن تطبيق شروط الحجر الصحي في إيطاليا وإسبانيا والأرجنتين والولايات المتحدة وألمانيا وروسيا والعديد من البلدان الأخرى يقيد رحلات الناس، فقد ظهرت إمكانية عدم قيام الشركات بالإنتاج بما يكفي.

ووسط بيئة الخوف العالمية هذه والتي لديها القدرة على جر الناس إلى النهب، فإن قيود النقل تشكل تهديدا حقيقيا من شأنها أن تضر بالصناعة بشكل مباشر.

على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة حظرا على الطيران الواصل إلى أوروبا ما أعاق حركة أكثر 850 ألف شخص يستخدمون هذه الخطوط بشكل شهري.

وفي السياق، شكل تقييد وصول الوافدين من أوروبا الذي يساهم بـ 3.4 مليار دولار سنويا في الاقتصاد الأميركي، تهديدا لعمل 5 ملايين شخص.

وبحسب المركز، تشير التقديرات إلى أنه ستكون هناك خسارة قدرها 450 مليار دولار في عائدات السياحة في جميع أنحاء العالم.

والرقم الحالي، الذي يقابل ثلث إجمالي الإيرادات للقطاع، له حجم يمكن أن يؤثر على الاقتصاد العالمي وفي قطاع السياحة، الذي خسر 80 مليار دولار بسبب حاجز النقل فقط في مارس/آذار 2020.

ومن المتوقع أن ينخفض ​​عدد السياح بأكثر من 900 مليون في عام 2020 كما يمكن تقدير مدى الأزمة بشكل أفضل، بالنظر إلى أن هذا التخفيض يشكل تهديدا للأعمال من 100 إلى 110 مليون شخص.

السياحة في تركيا

تركيا ومن خلال استضافة 51.7 مليون سائح في عام 2019 أصبحت سادس أكبر دولة في العالم في حركة السياحة، ولديها 34.5 مليار دولار إيرادات ناتجة عن هذا القطاع.

ولكن ليس من الممكن رفع الرقم إلى 57 مليون زائر هذا العام وفق ما خططته أنقرة للعام الراهن بإيرادات تصل إلى 40 مليار دولار وذلك بسبب Kovid-19.

هذا بالطبع سيتسبب بتراجع عوائد السياحة حيث انخفاض معدلات الإشغال في الفنادق وخطوط الطيران بنسبة 80 بالمئة، كما أن الدول التي تنشط فيها حركة السياحة تعاني بالفعل من الفيروس وتخضع في معظمها لإجراءات الحجر الصحي سيما إيران وألمانيا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا.

هذه البيانات في وقت تعد فيه السياحة واحدة من الاقتصادات المتقدمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​، وتركيا هي رابع أكبر دولة سياحية في أوروبا.

ففي تركيا ومنذ العام 1980 كان هناك تركيز كبير على قطاع السياحة وأثر هذا الاهتمام على كافة مناحي المجتمع، الأمر الذي يجعل الكثيرين يعولون على فصل الصيف حيث تتردد تقديرات بأن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على نشاط الفيروس، ما يعني انتعاشا كبيرا في حركة السوق وخاصة الحركة السياحية. 

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تؤدي التخفيضات الضريبية وحزمة دعم السياحة المعلنة إلى تحقيق بعض الراحة للقطاع. ومع ذلك، ستستغرق الصناعة سنوات عديدة للوصول إلى إمكاناتها في السنوات الماضية بسبب مخاوف من ظهور موجات جديدة من الخوف والذعر والوباء.

ويقول المركز: "ستعمل تركيا على الاستفادة من الفرص الناشئة عن Covidien-19، وسوف تجلب الابتكار في قطاع السياحة الذي سيتم إصلاحه بسبب تغير عادات المستهلكين، من منظور قائم على الصحة".

على سبيل المثال، احتمال تحول الأشخاص إلى فنادق أصغر وأكثر صحة قد يخلق مصادر دخل جديدة لصناعة السياحة التركية في فترة ما بعد الوباء وستكون أهمية أكبر للسياحة الطبية من بين أهم نتائج النجاح الذي تحقق في مكافحة كورونا.