واشنطن بوست: في مسلسل "النهاية".. الخيال العلمي يحقق أحلام العرب

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الضوء على مسلسل درامي مصري تنبأ بتدمير إسرائيل والجهات الرسمية فيها، حتى أغضب الشارع في "تل أبيب".

وقالت الصحيفة في تقرير كتبه كل من سودارسن راجيفان مدير مكتب الصحيفة في القاهرة وستيف هندريكس مدير مكتب الصحيفة في القدس: إن مسلسل النهاية الذي يُعرض على القنوات المصرية يعتبر أول عمل مبني على الخيال العلمي، إلا أنه يصور عالما يحلم الكثير من العرب في أن يصبح حقيقة.

يحكي العمل الميلودرامي (الدراما بين الواقع والاحتمال) عن عام 2120، حيث يُعلم المدرس طلابه أن إسرائيل قد فنت من الوجود وأن سكانها اليهود عادوا إلى بلدانهم التي ينحدرون منها، وأن الولايات المتحدة جرى تفكيكها إلى دويلات عديدة.

قال عمرو سمير عاطف، مؤلف المسلسل: "في كل مكان، نحتاج إلى العدالة التي ستجعل هذا العالم مكانا أفضل للعيش"، في الوقت الذي يصر فيه على أن الدراما ليس لها علاقة بالواقع، ولا علاقة لها بـ"سياساتنا".

غضب إسرائيلي

لكن العرض، وهو واحد من العشرات التي تعرض خلال شهر رمضان المبارك، حيث تزداد نسب المشاهدة، أصاب الإسرائيليين بالغضب، فبالنسبة للكثيرين يكشف مسلسل "النهاية" عن عداء يكذب عقودا من التعاون بين حكومتي البلدين.

وقال إسحاق ليفانون سفير إسرائيل السابق في مصر: "هذا يعود إلى رواية من قبل معاهدة السلام، وعلى الرغم من كل ما قمنا به مع المصريين، فهم يرون أن إسرائيل ستباد، إنه أمر مزعج للغاية".

وفي بيان غير اعتيادي وشديد اللهجة، شجبت وزارة الخارجية الإسرائيلية العرض باعتباره مؤسفا وغير مقبول، خاصة بين دولتين بينهما اتفاق سلام منذ 41 عاما.

يُشار إلى أن "سينرجي"، الشركة المنتجة التي قدمت العرض، تربطها علاقات قوية بوكالة المخابرات العامة، كما أنه يتم بث المسلسل على شبكة مملوكة لشركة مؤيدة للحكومة.

ولم ترد الحكومة المصرية على طلب للتعليق من صحيفة واشنطن بوست.

ويشير التقرير إلى أنه في العلاقة الهشة دائما - العنيفة أحيانا- بين إسرائيل وجيرانها، ترى "تل أبيب" أن مصر تمثل قصة نجاح ومكانا مؤلما.

فمنذ عام 1979، عندما وقع البلدان على معاهدة سلام غير مسبوقة، "عملت قياداتهما المتعاقبة معا في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط، وخاصة في مواجهة التشدد الإسلامي"، حسب الصحيفة.

ومع ذلك، يدرك الإسرائيليون تمام الإدراك أن الرأي العام في مصر هو من بين الأكثر معاداة لإسرائيل في المنطقة.

شعرت الحكومة الإسرائيلية منذ فترة طويلة بالإحباط من الفجوة بين العلاقة الرسمية، التي أصبحت أكثر تعاونا فقط في عهد عبدالفتاح السيسي، والآراء المبغضة لها في الشارع.

فحتى مع اختفاء الرسوم والتعليقات المعادية للسامية من وسائل الإعلام الحكومية، فقد ازدهرت تلك الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق الصحيفة.

وقالت ميشيل دن، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "المواضيع المعادية لأميركا أو لإسرائيل أو للسامية في وسائل الإعلام والترفيه المصرية قصة قديمة".

وتتابع: "لقد ظهروا بكثافة في وسائل الإعلام المملوكة للحكومة وكذلك القطاع الخاص على مر السنين، على الرغم من الاحتجاجات الإسرائيلية والأميركية".

وأضافت: "إن نظريات المؤامرة والتصورات ذات الصلة تحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهور المصري، وهذا هو على الأرجح سبب كتابتها في النصوص".

خروج عن المألوف

ومع ذلك، فإن مسلسل "النهاية" يعتبر خروجا عن المألوف هذه الأيام، رغم أن الإسرائيليبن اعتادوا على البرامج الرمضانية التي تُبنى على سرد قصص معادية لإسرائيل في مسلسلات وحكايات ومغامرات.

إلا أنه في السنوات الأخيرة، سيطر المسؤولون في حكومة السيسي على إنتاج المسلسلات وأمروا بموضوعات تثني على الجيش والشرطة، أو تتحدث عن شر "جماعة الإخوان المسلمين" المحظورة من قبل النظام، وفق تعبير الصحيفة.

بطل الرواية هو مهندس كمبيوتر يعيش في عالم مستقبلي مليء بالقدرات الخارقة، وفي الحلقة الأولى، يناقش مدرس مع طلابه حربا حدثت لتحرير القدس من سيطرة إسرائيل، واضطر اليهود إلى الفرار.

كما يظهر المسلسل خريطة للولايات المتحدة، التي تمزقت على ما يبدو بسبب الحرب الأهلية، ويقول المعلم: "كانت أميركا الداعم الرئيسي للدولة الصهيونية".

أحدث المسلسل حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للاحتفال بذكرى تأسيسها (النكبة الفلسطينية - منتصف مايو/أيار).

وقال عوزي ربيع مدير مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في جامعة تل أبيب: "لقد فوجئت بأن السلطات سمحت لهذا أن يحدث، فهم يعلمون أننا نحتفل بعيد تأسيس دولتنا، كما أنهم يشنون هذا الهجوم الضاري في الوقت الذي يضرب فيروس كوفيد 19 العالم بأسره".

من جهته أكد مؤلف المسلسل أن إسرائيل تبالغ في رد فعلها تجاه العمل الدرامي، مضيفا أنه يقدم عملا دراميا، لكن "تصعيد هذا الأمر ليصبح مشكلة أو قضية سياسية أمر غريب، فهم يخلقون قضية كبيرة من لا شيء".

وذكر أن إسرائيل بالكاد يأتي ذكرها في المسلسل ذي الثلاثين حلقة، مبينا أن العرض هو مجرد تحذير من إمكانية تدمير العالم بطرق لا تعد ولا تحصى، مثل الاحتباس الحراري، وكيف قد يبدو المستقبل وأن الإشارة إلى إسرائيل كانت مجرد جملة من شخصية ثانوية.

في مقابلات مختلفة، أشاد المصريون بالعمل وتأثيراته الخاصة واستخدام التكنولوجيا، ولم يصفها أحد بأنها معادية للسامية أو لتل أبيب، بل قالوا إن تصوير تدمير إسرائيل كان مناسبا بالنظر إلى السعي طويل الأمد للفلسطينيين لاستعادة أراضيهم المحتلة.

وقال رحاب الجندي، مهندس كهرباء (39 سنة): "إنه خيال علمي مصنوع بشكل جيد، ويتحدث عن القدس والسلطة والهيمنة والعديد من الموضوعات الأخرى، فالقصة لا علاقة لها بإسرائيل، فهو يشير فقط إلى رغبة موجودة في قلوب جميع العرب، أمنية تنهي احتلالهم".

وأوضح عمرو محمد (30 سنة)، اختصاصي دعم السلامة في أوبر، أن "فلسطين لم تكن أرض الصهاينة منذ البداية، ويؤمن كل عربي أنهم أخذوا ما ليس لهم من قوة السلاح، لذا لا ينبغي أن يزعجهم أن يكون لدينا دراما مصرية تذكر تلك الحقائق".

من جهتهم عبر الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة عن مشاعر مماثلة، لكنهم شاهدوا الدعوات إلى زوال إسرائيل من خلال منظور تجاربهم الخاصة.

وقال محمود ناهد (37 عاما)، موظف في الخدمة المدنية في غزة: "أشاهد المسلسل لأنني أحب الممثل الرئيسي، لقد لاحظت الجوانب السياسية، أن إسرائيل لن تكون موجودة في العام 2120، ولكن أعرف أن المسلسل هو خيال علمي وليس شيئا واقعيا".

وأضاف أن المشاهدين أمثاله اعتادوا سماع أن إسرائيل ستختفي، لكنه يعتقد أن الفكرة ستبقى على الأرجح في عالم الخيال ،وأضاف: "ليس لأن إسرائيل قوية ولا تعرف الكلل، ولكن لأن العرب ضعفاء ومنقسمون".