سحل العالقين.. هكذا أهدر السيسي كرامة المصريين بالداخل والخارج

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مشهد السحل الذي تعرض له المواطن المصري مؤخرا في السعودية على يد أجهزة الأمن، أثار موجة من الغضب الشديد والحزن العميق في نفوس المصريين.

المواطن المصري المسحول لم يفعل شيئا أكثر من مطالبة دولته في مساعدته على العودة لأرض الوطن في ظل الظروف العصيبة التي يحياها مغتربا في ظل جائحة كورونا.

ما تعرض له المواطن حسام ماضي بالسعودية، ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل إهانة المصريين وإهدار كرامتهم في الخارج، في ظل نظام عسكري يقوده الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي لا يفوت أي فرصة يمكنه من خلالها المتاجرة بأبناء شعبه. 

"عشان تتوب"

في 7 مايو/ آيار 2020، وجهت النيابة العامة السعودية، أمرا بالقبض على مقيم مصري، قالت إنه حرض على إثارة الشغب أمام سفارة دولته بسبب إجراءات كورونا.

بعدها بساعات، ظهر المواطن المصري حسام ماضي، المقيم بمدينة جدة، وهو يتعرض للسحل على الأرض من قبل أجهزة الأمن السعودية، ويداه مكبلتان، ويستغيث باكيا: "والله ما أقصد، والله في بالي نقف قدام سفارتنا وينزلونا زي ما حصل في الكويت"، ليرد عليه أحد عناصر الأمن السعودي قائلا: "عشان تتوب".

تلك الحادثة أثارت جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج "#سحل_مصري_في _السعودية"، وندد مغردون بطريقة اعتقال المواطن المصري وطالبوا بمحاسبة الفاعلين.

كما وجه نشطاء مصريون انتقادات لاذعة لرئيس النظام عبد الفتاح السيسي، ووزيرة الهجرة نبيلة مكرم، لعدم التدخل وحماية رعاياها في الخارج وحفظ حقوقهم.

وناشدت أسرة المصري المسحول حسام ماضي، القاهرة بالتدخل لإنقاذه، ورفع الظلم والمهانة عنه، دون صدى أو تعليق من قبل المسؤولين.

وكتب الحقوقي المصري هيثم أبو خليل، عبر تويتر، قائلا: "هنقعد لأمتي ننشر تسريبات قتل وفيديوهات لسحل المصريين في الداخل والخارج؟!

7 سنوات كافية لإعلام 100 مليون مصري أنهم لا كرامة لهم ولا دية في الداخل والخارج، المطلوب الآن تثوير هؤلاء الذين خبروا وعلموا ذلك حتى يتوقف الهتك والهوان!". 

وتمثل مأساة حسام ماضي، نموذجا لتعامل نظام السيسي مع العالقين في الخارج منذ اندلاع أزمة فيروس كورونا العالمية، إذ يعانون من الإهمال وعدم الاستجابة لطلباتهم، ما جعلهم في وضعية صعبة خارج بلادهم.

مصريون عالقون

دول عديدة أغلقت حدودها وعلقت رحلات الطيران، لكنها حرصت على استثناء مواطنيها الراغبين في العودة، ونظمت رحلات طيران خاصة لإعادة مواطنيها العالقين في دول أخرى.

آلاف العمال المصريين الذين تم تسريحهم من وظائفهم أو أُجبروا على الحصول على إجازة مفتوحة من دون راتب في عدد من دول الخليج بسبب التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا وجدوا أنفسهم مضطرين للعودة إلى بلادهم على وجه السرعة، وناشدوا السلطات المصرية كي تساعدهم على العودة مثل باقي دول العالم.

عضو البرلمان أحمد طنطاوي تقدم يبيان عاجل لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ووزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بشأن عودة العالقين.

طنطاوي قال في بيانه: "الاستجابة الفورية لطلب بضعة آلاف أو حتى عشرات الآلاف من المواطنين الذين يستنجدون الآن بالوطن بعدما تقطعت بهم السُبل وإعادتهم لبلدهم بشكل كريم هو حفاظ لإنسانيتهم، ولكرامة 14 مليون مصري يعيشون في الغربة".

لكن حكومة السيسي تقاعست عن تلبية مطالب المصريين العالقين في الخارج بشكل ملحوظ، ما تسبب في العديد من الأزمات المتلاحقة.

وأظهرت فيديوهات نشرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 100 مصري عالقين بميناء ضبا السعودي منذ 25 مارس/آذار 2020، وغيرهم العشرات في البحرين يطالبون بإعادتهم لمصر بعد إنهاء خدماتهم ونفاد أموالهم.

وفي 19 أبريل/ نيسان 2020، أضرب عدد من المصريين العالقين بالكويت عن الطعام، احتجاجا على تجاهل السلطات المصرية، واستمرار احتجازهم في مراكز الإيواء.

وأظهرت مقاطع الفيديو تكدس الطعام خارج الغرف المخصصة لإيواء المصريين، ومحاولة أحد الضباط تهدئتهم وإقناعهم بفض الإضراب.

واشترطت حكومة السيسي أن يوقع الراغب في العودة على تعهد بأن يتحمل تكاليف الإقامة في الحجر الصحي بأحد الفنادق على نفقته الخاصة.

ابتزاز رخيص

الكويت أعلنت أنها من تحملت نفقات إجلاء العالقين المصريين لديها، وهو ما وصفه البعض بابتزاز الكويت، فيما قال آخرون إنه "تصرف دنيء".

في 8 مايو/ آيار 2020، قال النائب الكويتي أحمد الفضل في مؤتمر صحفي: "من ناحية معاملة الدولة لتلك الدول التي تعنتت في التعامل معنا، وعملت معنا بنظام ابتزاز، لم تعهده علاقاتنا التاريخية في السابق، وأساءت أيما إساءة لمواطنيها ورعاياها قبل أن تسيء إلى الكويت، ردنا عليهم سيكون بالقاعة".

وحمل أحمد الفضل وزارة الخارجية الكويتية مسؤولية الرد على الحكومة المصرية، دون أن يذكر اسمها صراحة، قائلا: "تتحمل وزارة الخارجية المسؤولية الكاملة وكذلك كل صناديقنا السيادية التي تستثمر في تلك الدول، يجب أن يكون لدينا رد، إذا لم أجدك معي في وقت الحاجة، ففي وقت الرخاء لا أحتاجك، وفي وقت الطيب لا أريدك".

وأضاف الفضل: "هذه الحكومات ولا أسقطها على الشعب أبدا، فهذه الشعوب إخوة لنا، وعلاقاتنا التاريخية متجذرة فيهم، أنا أتكلم عن حكومة بلغت بها قمة الدناءة بأن تتعامل مع دولة الكويت بهذه الطريقة الابتزازية، والطُعم الذي يستخدمونه هو أبناؤهم للأسف". 

سخرية واستهزاء

الإعلامي عمرو أديب هاجم المصريين العائدين في برنامجه على شاشة MBC، قائلا بسخرية: "بصراحة احنا مكناش عاملين حسابكم، لو عارفين إنكم هتبقوا متضايقين كنا هنقول لكم استنوا سنة ولا حاجة هندهنها ونركب فيها نجف".

وأضاف: "هذه هي الظروف المتاحة لمن يريد من الدولة حجرا صحيا بالمجان، أما من يريد مستوى أفضل فعليه أن يدفع المبالغ المطلوبة للحجر الصحي بفنادق مرسى علم".

وشدد أديب، أن "الأماكن المخصصة للحجر الصحي بهذا المستوى من السوء كما يقولون، هذا حجر صحي وليست رحلة، لولا الملامة كنت قولت لكم الطيارة اللي جابتكم ترجعكم. اللي متضايق ما يجيش".

الصحفي جمال سلطان رد على أديب عبر حسابه بفيسبوك، قائلا: "هذه عبارات يمكن أن تسمعها من المحتل الإسرائيلي يخاطب الفلسطينيين، ويستحيل أن تسمعها من إعلامي يتحدث لشعب بلده، أحقر من ذلك لم أقابل ولم أسمع في حياتي، صبي تركي آل الشيخ على خطى معلمه".

الكرامة للأجانب 

وعلى النقيض في 8 أبريل/ نيسان 2020، نقلت وكالة الأنباء الرسمية في مصر عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس قولها: إن "وزير الخارجية مايك بومبيو وجّه الشكر لوزير الخارجية المصري سامح شكري ولشركة مصر للطيران على تنظيم رحلات خاصة لإعادة المواطنين الأميركيين إلى وطنهم".

جاء ذلك في وقت كانت حكومة السيسي وأذرعه الإعلامية تتحدث عن صعوبة إحضار جميع المصريين العالقين بالخارج، وضرورة أن يدفعوا من أموالهم ليقيموا في أماكن الحجر الصحي. 

وفي 6 أبريل/ نيسان 2020، صرح مصدر مسؤول بوزارة الخارجية القطرية لصحيفة "الشرق" المحلية، بأن "السلطات المصرية رفضت استقبال طائرة إسبانية استأجرتها الدوحة لنقل المصريين العالقين بالدوحة".

وأضاف: أن "السلطات القطرية استأجرت الطائرة إلا أن السلطات المصرية امتنعت عن استقبالها قبل أن تقلع بدعوى توقف جميع حركة الطيران الدولي في مطار القاهرة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا". 

وناشد المصريون العالقون بالدوحة السلطات المصرية، لإعادتهم لبلادهم برحلات خاصة، لكن القاهرة التزمت الصمت كعادتها إزاء مواطنيها العالقين.