هشام طلعت مصطفى.. مستثمر مصري أنشأ "يوتوبيا" وقتل سوزان تميم

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

في مصر ليس غريبا أن تجد العسكري رئيسا للجمهورية، والقاتل رجل أعمال ومستثمر كبير يتحدث عن الأخلاق والقيم مثلما هو الحال مع هشام طلعت مصطفى صاحب مشروع "مدينتي" الذي أثار إعلانه الأخير موجة من الجدل في مصر.

هشام طلعت مصطفى، هو رئيس الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني، وعضو مجلس الشورى السابق، والقيادي في الحزب الوطني (المنحل) بمحافظة الإسكندرية (شمالا)، وأحد المقربين من جمال مبارك، نجل الرئيس الراحل حسني مبارك.

خلال مداخلة هاتفية له مع المذيع عمرو أديب على فضائية "MBC" في 9 مايو/ أيار 2020، عبر هشام عن استيائه من الانتقادات الموجهة لإعلان "مدينتي" قائلا: "هناك نفوس غير سوية وتشعر بالملل، وجاية تتسلى.. ربنا يهديهم".

هشام طلعت مصطفى الذي يصف قطاعا كبيرا من المصريين بأن نفوسهم ليست سوية، داعيا لهم بالهداية، نسي أنه إنسان قاتل وأن التهمة ثبتت عليه بحكم المحكمة ودخل السجن على إثرها، وأن له سجلا أسود لتورطه في قضايا فساد كبرى خلال عهد مبارك.

جريمة قتل

في 28 يوليو/ تموز 2008، استيقظت مصر والعالم على جريمة قتل مروعة في مدينة دبي الإماراتية، حيث تم العثور على المطربة اللبنانية سوزان تميم مقتولة داخل شقتها.

سرعان ما اكتشفت الشرطة الإماراتية هوية القاتل، وهو ضابط مصري سابق، عمل بجهاز مباحث أمن الدولة، وحاصل على فرق في مكافحة الإرهاب، يدعى محسن السكري.

وفد من شرطة دبي حضر إلى مصر حاملا معه معلومات الجريمة، بعد ضبط السكري في أحد الفنادق التي كان يعتاد التردد عليها، واعترف بعد ضغوط بأنه نفذ الجريمة بتحريض من هشام طلعت مصطفى الذي دفع له بشكل مقدم مبلغ 300 ألف دولار، جرى تحويلها لحسابه في بنك (HSBC) في القاهرة في أبريل/ نيسان 2008.

وضبطت الشرطة المصرية مليون دولار أخرى حصل عليها السكري من هشام طلعت مصطفى نقدا وكان يخبئها في بوتوجاز شقته.

فر بعدها هشام طلعت إلى سويسرا، وجرى إقناعه بالعودة إلى مصر، لا سيما وأن هروبه كان سيعرضه لملاحقة الإنتربول، ويدمر إمبراطوريته الاقتصادية التي تأثرت بالفعل أسهمها في البورصة (آنذاك) وانخفضت أكثر من 30% بسبب الأخبار التي بدأت تتسرب عن الواقعة، وهو ما دفع طلعت للعودة بالفعل في ظل وعود بحكم مخفف في القضية.

بعد القبض عليه، وجهت له النيابة، التهمة بأنه دفع مليونى دولار لضابط الشرطة السابق محسن السكرى لقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم طعنا في شقتها بإمارة دبى.

تقارير إعلامية في تلك الفترة تحدثت عن زواج هشام طلعت من سوزان تميم، عرفيا بعقد عرفي عام 2005، ودفع مبلغا ماليا ضخما لها ولعائلتها كما ساعدها في تصوير عدد من الأغاني المصورة في سويسرا.

وفي 21 مايو/ آيار 2009، قضت محكمة جنايات القاهرة بإعدام هشام والسكري بعد إدانتهما بقتل المطربة اللبنانية، وفي 28 سبتمبر/ أيلول 2010،  تم تخفيف الحكم، إلى السجن 15 عاما لهشام، و25 عاما للسكري.

وفي يونيو/ حزيران 2017، أصدر رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، قرارا جمهوريا بالعفو عن 502 من المحبوسين في قضايا مختلفة، بمناسبة عيد الفطر، بينهم هشام طلعت مصطفى.

تقارير صحفية قالت: إن هشام كان يدير أعماله من داخل السجن، وحصل على جهاز لاب توب، وفاكس، ومنح سكرتيره الخاص تصريح دخول يومي للسجن فضلا عن تخصيص مكتب مكيف له داخل السجن من أجل ممارسة عمله.

مشروع "مدينتي"

في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، فجر البرلماني طلعت السادات، قضية فساد أراضي مشروع "مدينتي"، قائلا: "أرض مدينتى لم يدفع هشام فيها جنيها واحدا، هذا العقد باطل لأن العقد الذى لا يذكر فيه الثمن يعتبر باطلا وأنا أطالب بثمن الأرض".

وأضاف: "لا أريد نسبة من الشقق للدولة، على الأقل سيكون ثمن الأرض أكبر من الأصول التي يريدون بيعها ويريدون تحويلنا إلى لاجئين، فلو حسبنا متر الأرض بألف جنيه سيصبح ثمن الأرض 34 مليار جنيه، يمكن أن تسدد ديون مصر".

في 10 مايو/ آيار 2020، كتب خالد رفعت صالح أستاذ جامعة قناة السويس ومدير مركز طيبة للدراسات السياسية والإستراتيجية، عبر صفحته بفيسبوك، عن هشام طلعت مصطفى، قائلا: "بعد أن تبرع ب 4.5 مليون جنيه لجمعية جيل المستقبل الخاصة بجمال مبارك فى 1999.. دخلوه لجنة سياسات الحزب الوطني.. فانفتحت له طاقة القدر".

وأضاف: ثم "خصص له وزير الإسكان الفاسد محمد إبراهيم سليمان (زميله فى لجنة السياسات) مساحة 8 آلاف فدان (حوالي 33.6 مليون متر مربع) بالأمر المباشر ببلاش تقريبا ليبني عليهم شقق ومشروعات استثمارية على أن يعطي الدولة 7% من الشقق بعد ما يخلص المشروع". 

وتابع: "لم يدفع مليما واحدا من جيبه فى المشروع، لكنه راح البنك العربي الإفريقي والبنك التجارى الدولى (اللي رئيسهم برضه كان زميله فى لجنة السياسات) وأخذ قرضا 150 مليون دولار (حوالى 855 مليون جنيه) عشان يبدأ يساوي بهم الأرض ويبدأ الحفر والإعلانات.. القرض كان بضمان الأرض اللي مدفعش فيها مليم أصلا". 

وأكد: "فتح باب الحجز للمواطنين ولم مليارات الجنيهات من الشعب عشان يبني بيها المدينة.. فكسب مليارات من الهواء من أول يوم بدون أن يدفع أصلا مليم (عملة مصرية قديمة ليس لها قيمة) واحد من جيبه".

وقال: "لما تم إبطال عقد الأرض بحكم محكمة نهائي فى 22 يونيو/حزيران 2010، لم يتم حبسه مع أن الجريمة ثابتة تماما عليه بل تم التصالح مع الدولة.. وبرضه الدولة مخدتش منه أى فلوس نهائي.. لأنه تبين أنه كان مديونا للبنوك بنحو 2.5 مليار جنيه، منهم مليار جنيه مديونيات شخصية حصل عليها بالضمان الشخصى (أكرر أخذ قرض مليار جنيه بالضمان الشخصي بدون ضمانات نهائي) وذلك من بنوك العربي الإفريقي والأهلي وفيصل.. فاضطرت الدولة تأخذ نصيب أكبر من الوحدات واتقفلت القضية على كده".

قريب "مبارك"

ولد هشام طلعت مصطفى في 9 ديسمبر/ كانون الأول 1959، وتنحدر أصول عائلته إلى مدينة قويسنا بمحافظة المنوفية، من محافظات الدلتا (شمالا). 

تخرج من كلية التجارية جامعة القاهرة عام 1980، ثم سلك طريق والده رجل الأعمال الراحل طلعت مصطفى، ابن عمة السيدة سوزان مبارك زوجة الرئيس الراحل.

في عام 1992 قدم هشام، أوراق اعتماده في الحزب الوطني الحاكم وقتها، وتم تصعيده بشكل لافت، حتى أصبح عضوا في المجلس الأعلى للسياسات بالحزب، إضافة إلى ترؤسه لجنة الإسكان بمجلس الشورى، وكان عضوا بالتزكية عن دائرة المنتزه والرمل وسيدي جابر بمحافظة الإسكندرية.

سبق لهشام الزواج من الممثلة المصرية نورا، إلا أنهما تطلقا في عام 1993، وهو الآن متزوج من السيدة هويدا وله منها 3 أبناء عمر وطارق ومحمد.