عوضا عن إجراءات التقشف "المؤلمة".. ماذا طلب السعوديون من ابن سلمان؟

الرياض - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثارت القرارات التي أعلنها وزير المالية السعودي محمد الجدعان، اليوم الاثنين، غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسبب رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة وإيقاف بدل غلاء المعيشة، وذلك في إطار تدابير تقشفية جديدة فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد.

واعتبر رواد موقع "تويتر" عبر مشاركتهم في وسوم عدة منها #القيمة_المضافة، #القرارات_الجديدة، ما صدر عن وزير المالية بأنها قرارات جائرة وتمس فقط الطبقة الكادحة، في حين يواصل آل سعود وعلى رأسهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان البذخ وتبديد أموال الشعب على ملذاتهم.

وحمّل ناشطون مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية للمملكة لابن سلمان، مؤكدين أن المملكة تنتقل من فشل سياسي، إلى تخبط اقتصادي، إلى انحلال اجتماعي، إلى غرق في أزمات متتالية ومتشعبة، منذ وصوله للسلطة، مطالبين ولي العهد ببيع ممتلكاته لدعم ميزانية الدولة.

القرارات الجديدة، مهد لها وزير المالية في وقت سابق من شهر مايو/ أيار 2020، قائلا: إن "استدامة المالية العامة تتطلب اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون مؤلمة لمواجهة التراجع الاقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط".

ليعلن اليوم إيقاف بدل غلاء المعيشة ابتداء من يونيو/حزيران 2020، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 بالمئة على أن تبدأ في الأول من شهر يوليو/تموز 2020.

"تسونامي سلمان"

واستنكر ناشطون تضيع النظام الحاكم في المملكة لأموال الشعب على ملذاتهم ومؤامراتهم السياسية الفاشلة، مشيرين إلى أن ابن سلمان تبنى حملة لتبديد المال العام منذ وصله للسلطة بالرغم مما تعانيه المملكة من أزمة وأعباء اقتصادية.

وتساءل رئيس منظمة "القسط" لحقوق الإنسان يحيى عسيري، قائلا: "لماذا البلد على كف عفريت منذ وصول سلمان بن عبدالعزيز للحكم". وأجاب: "طبعا لا براءة لمن قبله، كلهم أجرموا، لكن الأحداث متسارعة للغاية وصادمة وكبيرة ومخيفة منذ وصوله! حروب ومشاكل وأزمات وقرارات خلف قرارات وتقشف وزيادة أسعار وانهيار نفط".

وحذر المعارض السعودي يحيى عسيري من أن "سلمان (العاهل السعودي) تسونامي سياسي مرعب، قد يعصف بالبلاد! ومعه مبس (محمد بن سلمان".

وكتب الداعية السعودي المعارض الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، قائلا: "بعد أن بذروا الأموال والثروات في ملذاتهم والرشاوى السياسية، وفي السفه والحرب الخاسرة ودعم الثورات المضادة، رجعوا الآن لامتصاص ما بقي من أموال الشعب المثقل أصلا بالبطالة والفقر الضرائب والغلاء والرسوم! ثم يسلّكون ذلك بوسوم مخادعة عن الطاعة، والوطنية المختصرة فيهم!".

أموال الفساد

وتساءل ناشطون عن أوجه صرف الأموال التي أعلن ابن سلمان أنه جمعهما من محاربته للفساد، والتي زج على أثرها بالعشرات من أفراد العائلة الحاكمة في السجون في حملة اعتقالات واسعة عرفت باعتقالات "الريتز كارلتون".

وكانت السلطات السعودية بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان، قد شنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 حملة ملاحقات قانونية لمسؤولين وأمراء داخل العائلة الحاكمة وشخصيات اقتصادية شهيرة بدعوى اتهامهم بالفساد.

وتم إيداع المعتقلين في فندق "الريتز كارلتون" بالرياض، بعد إخلائه من النزلاء وقطع جميع خدمات الاتصال عنه، وصرح النائب العام السعودي حينها: أن التحقيقات أظهرت تعاملات مخالفة للقانون بمبالغ تعدت 370 مليار ريال على مدى عشرات السنوات.

في حين قالت اللجنة العليا لمكافحة الفساد المشكلة بأوامر ملكية برئاسة ابن سلمان: إنها استعادت أموالا للخزينة العامة للدولة تجاوزت في مجموعها (400) مليار ريال (1 ريال = 0.27 دولار) متمثلة في عدة أصول من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقدية وغيرها.

وأشار الناشط علي عسيري -من دعاة الملكية الدستورية في السعودية وعضو مساند لجمعية "حسم"، إلى أن محمد بن سلمان خرج في مقابلة تلفزيونيه وذكر بالحرف "أن إجمالي المبلغ المستخلص من جماعة فندق الريتز أكثر من مئة مليار دولار (٣٧٥ مليار ريال)"، لافتا إلى أن مسودة ميزانية الدولة ذلك العام خرجت دون أن يوجد لهذا المبلغ ذكر فيها نهائيا. وأضاف: "دعك من القصر، واليخت، واللوحة، فيه مئة مليار دولار وينها؟".

وتساءل الدكتور سعد الدوسري: "أليس الأولى إيقاف الحرب العبثية والإجرامية في اليمن، التي تستنزف الميزانية السعودية دون فائدة أو نتيجة منذ خمس سنوات وكذلك إيقاف حلب ترامب الذي وصل إلى مرحلة لا يمكن القبول بها بدلا من تحميل الشعب تبعات وآثار كورونا والانهيار الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط".

"لا سمع ولا طاعة"

واستنكر ناشطون حملة التطبيل التي أطلقها الذباب الإلكتروني التابعة للسلطة الحاكمة، بعد إعلان وزير المالية عن القرارات الجديدة، وتداولوهم لوسم "#سمعا_وطاعة_في_المنشط_والمكره"، وأطلقوا وسما مناهضا أكدوا من خلاله أن "لا سمع ولا طاعة" لسلطة حاكمة فاسدة.

ولفت الدكتور عبد الله العودة –نجل الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة إلى أن "وظيفة الوطنجي والمطبل هو أن يقول لك بأنه إذا كان هناك خير ونعمة فهو من الحاكم الفرد المستبد الأعظم.. وإذا كانت هناك مصيبة وبلاء فهي عالمية أو من الشعب أو من القدر المحض".

وأعلن بندر العنزي أنه "لا سمع ولا طاعة يا آل سعود"، مناديا بإسقاط النظام السعودي. ونعت ابن سلمان بـ"صَبي ترمب، وقاتِل المواطنين"، مضيفا: "يسقط النّظام يا ابن سلمان، يسقط النظام يا مغتصبين".

فشل رؤية 2030

وحمّل ناشطون مسؤولية فشل السياسات المالية للدولة وللسلطة الحاكمة، بدلا من تحميلها إلى الشعب، مذكرين بتصريحات ولي العهد السعودي عن توقعاته لمستقبل المملكة في ظل رؤيته الاقتصادية وحديثه عن الانتقال بالمملكة لقوة اقتصادية كبرى غير معتمدة على النفط.

وكان موقع قناة "دويتشه فيلله" الألماني، قد أكد أن فيروس كورونا والانهيار التاريخي لأسعار النفط وحرب اليمن، يهددون بتبخر أحلام ابن سلمان في تعزيز قبضته على الحكم وإنجاز رؤية 2030 التي قدمها للعالم في أبريل/نيسان 2016.

وأشار الموقع إلى أن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب، فبدلا من بناء اقتصاد رقمي كما كان مخططا، وجد ابن سلمان نفسه أمام خلل تاريخي في الميزانية العامة بعد الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط وسط انتشار كورونا وعدد من التحديات الداخلية التي لها علاقة بشرعية الحكم وبتوافقات الأسرة الحاكمة.

وكتب الصحفي المعارض تركي الشلهوب: أن ابن سلمان سـار علـى خُطى السيسي رئيس النظام المصري، في بيع الوهم للناس، فالسيسي وعد شعبه بجعل مصر "قد الدنيا"، والآن مصر تبحث عن رأسها بين الحطام بسببه. وابن سلمان وعد الشعب بإعادة هيكلة الاقتصاد من خلال رؤية 2030، والتخلي عن النفط بحلول (2020) لكن النتائج كانت كارثية على الوطن والمواطن !.

مسؤولية ابن سلمان

واستهجن ناشطون تحميل مسؤولية فشل السلطة الحاكمة في إدارة اقتصاد البلاد إلى الشعب وفرض ضرائب مضاعفة عليه، مطالبين ابن سلمان بالتخلي عن النوادي الترفيهية التي اشتراها وبيع قصوره ولوحاته ويخته التي اشتراها بنحو 5 مليار ريال للتخفيف عن الشعب والمساهمة في دعم اقتصاد البلاد.

ولفتوا إلى أن ابن سلمان هو من شن حرب النفط، ووعد بالتخلي عن النفط، وأغرق البلد في حرب اليمن، وأطلق خططا ومشاريع فاشلة، وقام بمغامرات خارجية وخاسرة، متسائلين عن الأسباب التي تجعل الشعب يتحمل نتيجة "غبائه وفشله وكوارثه".

ورأى مدير "مركز الجزيرة العربية للإعلام" محمد العمري، أن من الخطأ تحميل وزير المالية الفشل، مشيرا إلى أن من دخل حرب النفط وخرج خاسر الأمير الملهم (ابن سلمان).

وطالب القائم على حساب "نحو الحرية"  ابن سلمان ببيع ممتلكاته الشخصية التي اشتراها من أموال الشعب، لدعم الميزانية والتخفيف على المواطن.

وأوضح الحساب أن من بين هذه الممتلكات: "اللوحة التي اشتراها بنحو نصف مليار دولار، واليخت الذي اشتراه بـ550 مليون دولار، والقصر الذي اشتراه بـ300 مليون دولار".

براءة كورونا

ورفض ناشطون تحميل سبب الانهيار الاقتصادي الذي وصلت إليه المملكة لانتشار فيروس كورونا، متحدثين عن الفساد المالي المستشري داخل السلطة الحاكمة، وتبديد الأموال وفق هوى ابن سلمان في حروب فاشلة وملذات ذائلة وحماية أنظمة ديكتاتورية مستبدة.

وجزمت الدكتورة حصة الماضي عضو في منظمة "القسط" لحقوق الإنسان السعودية المعارضة، بأن "فيروس كورونا بريء من التهمة التي ألصقتها به السلطة السعودية والمتسبب في ما وصل له الحال هو فساد آل سعود واستئثارهم بالمال والسلطة وفي ظل عدم المشاركة السياسية أو وجود قوانين أوشفافية فلايستطيع أحد محاسبتهم".

وأكد الباحث والناشط المهتم بشؤون الخليج فهد الغفيلي، أن انهيار النفط وكورونا ليسا وحدهما من أثر على الاقتصاد السعودي، جازما بأن "صرف ابن سلمان على دعم المليشيات والأنظمة الاستبدادية في المنطقة كنظام السيسي وحفتر، وفتح خزائن الدولة لترامب هذه هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تأثر الاقتصاد" .