لوفيجارو: تعيين جاسوس رئيسا لوزراء العراق.. هذه الأزمات تنتظره

12

طباعة

مشاركة

بعد خمسة أشهر من أزمة سياسية ناتجة عن مظاهرات عمت البلاد، احتجاجا على الفساد والوضع الاقتصادي المتردي، سمى العراق رئيسا جديدا للوزراء، على مقربة من الولايات المتحدة ويحافظ على علاقات ودية مع الجار إيران.

ووفقا لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، فإن رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي، هو شخص مقدَّر من قبل الاستخبارات الغربية، غير أن مهمة، هذا الرجل البالغ من العمر 53 عاما، والذي كان يتولى منصب رئيس المخابرات، هائلة.

وأشارت الصحيفة إلى استنزاف الموارد المالية للبلاد مع انخفاض برميل النفط إلى أقل من 20 دولارا، وتعثر العلاقات مع الولايات المتحدة بعد قرار طرد القوات الأجنبية، الذي أقره البرلمان العراقي في يناير/ كانون ثاني 2020، ردا على اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ببغداد بناء على أوامر دونالد ترامب (الرئيس الأميركي). 

كذلك، من بين التحديات التي تواجه رئيس الحكومة الجديد، استمرار تظاهر الشباب في ميدان التحرير ببغداد ضد طبقة سياسية فاسدة، والأزمة الاقتصادية التي أثقلها فيروس كورونا (كوفيد 19).

وبينت أن الكاظمي رجل براجماتي، أمضى سنوات عديدة في الولايات المتحدة، ولكن قبل كل شيء، فهو – ولأول مرة تقريبا منذ سقوط صدام حسين في 2003 - رئيس وزراء لا ينتمي للإسلام السياسي أو الأحزاب الشيعية التي تجسده.

وأكد مصطفى الكاظمي أنه يريد إدارة "المرحلة الانتقالية" قبل "الانتخابات المبكرة" التي لم يحدد لها جدولا زمنيا، وقال: إنه على دراية "بالأزمات المتتالية وتتراكم للأسوأ منذ عام 2003".

ملف المليشيات

ونوهت "لوفيجارو" بأن الولايات المتحدة تدعم الكاظمي، حيث منح وزير الخارجية مايك بومبيو بغداد إعفاء آخر لاستيراد الغاز الإيراني، لكن الأول يعرف جيدا أنه مراقب من قبل طهران وحلفائها في العراق، المليشيات الشيعية القوية المصممة على طرد القوات الأميركية من البلاد. 

كما أن مصطفى الكاظمي لا تساوره أية أوهام، بشأن الإزعاج المحتمل لهذه المليشيات، التي اتهمته بعضها بالتورط في اغتيال قاسم سليماني.

ولفتت إلى أن الكاظمي، أكد في تصريح له سبتمبر/ أيلول 2019: "نحتاج إلى وقت للتعامل مع هذه المشكلة. نحن في طور انصهار (لهذه المليشيات)".

وأضاف وقتها: "نعمل على تقوية الدولة العراقية ولا سيما الجيش، فكلما ازداد قوة ضعف الآخرون"، مدركا أن "الخطر هو إقامة اقتصاد مواز" لصالح هذه القوات شبه الموالية لإيران التي ليست تابعة للحكومة العراقية. 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، بحسب الصحيفة، إلى أي مدى يمكن أن يذهب الكاظمي ضد هذه المليشيات؟، التي يعتبرها كفيلهم الإيراني "حلا في الوقت الراهن"، لكن ذلك قد يتغير، وإلى أي مدى ستسمح ديناصورات النظام السياسي، المتشبثة بامتيازاتها، بالعمل في دولة ما زالت ممزقة بشكل طائفي؟.

الأكراد والمتطرفون

كما تشير "لوفيجارو" إلى أن مصطفى الكاظمي سيحتاج إلى علاقات جيدة مع الأكراد لإدارة الأزمة التي تلوح في الأفق مع أربيل، حيث أوقفت بغداد دفع مخصصات الميزانية التي تذهب إلى المحافظات الكردية الثلاث المستقلة بموجب الدستور.

في 16 أبريل/ نيسان 2020، سئمت الحكومة من انتظار أربيل للوفاء بوعدها بالتبرع بـ 250 ألف برميل يوميا لبغداد، وأعلن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي عن وقف دفع الحكومة لإقليم كردستان، نصيبها من الميزانية الفيدرالية العراقية، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى الذعر، وقالت إنها مستعدة لتسليم كل النفط.

كما يواجه زعيم المخابرات السابق أيضا، تهديدا مستمرا من قبل مقاتلي تنظيم الدولة الذي عاود عناصره شن هجماتهم في الأسابيع الأخيرة، بيد أنه ملم بالقضية جيدا، حيث أكد لـ "لوفيجارو" أن "التنظيم هو نتيجة لسوء الإدارة لدينا في العراق، وجميع المسؤولين الكبار فيه عراقيون، 80٪ من مجلسها الاستشاري يتألف من عراقيين و18٪ من السوريين والبقية أجانب". 

وتذكّر "لوفيجارو" بأن الكاظمي كان التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرتين، وبأنه مقدّر من قبل الاستخبارات الغربية، خاصة الفرنسية، لافتة في هذا السياق إلى إشرافه من الحدود العراقية السورية بداية عام 2019 على النقل سرا لمقاتلي التنظيم الفرنسيين من السجون الكردية إلى بغداد. 

ورأت الصحيفة أن هذه الاتصالات الدولية ستفيده في مهمته الجديدة، خاصة فيما يتم إعادة نشر قوات التحالف الدولي المناهض للتنظيم في العراق، ومغادرة بعض القوات بغداد بالفعل بما في ذلك الفرنسيون.

وضع كارثي

وفي نفس الموضوع كتبت صحيفة "ليزيكو": "شكل العراق حكومة بعد خمسة أشهر من شغور منصب رئيس الوزراء، وأمام نواب ملثمين بسبب كوفيد- 19، أدى الكاظمي اليمين مع خمسة عشر من وزرائه، رغم أن المناصب الحاسمة والمطلوبة من قبل العديد من الأحزاب السياسية كالشؤون الخارجية والنفط، لا تزال شاغرة".

وكما "لو فيجارو" أشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن رئيس الوزراء الجديد يرث وضعا كارثيا؛ بسبب انهيار سعر الذهب الأسود، الذي يوفر تقريبا جميع إيرادات الميزانية والعملات الأجنبية في البلاد.

ولفتت إلى أن الكاظمي شخصية مدافعة عن حقوق الإنسان فإضافة إلى رئاسته لجهاز الاستخبارات، درس الحقوق في الجامعة العراقية وكان صحافيا مناضلا ضد صدام حسين من أوروبا حيث لجأ هربا من هذا النظام.

عاد إلى العراق في عام 2003 بعد سقوط نظام صدام، ليشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي، كما أدار "مؤسسة الذاكرة العراقية" التي عملت على توثيق شهادات ضحايا النظام الأسبق.

وعمل الكاظمي أيضا رئيسا لتحرير مجلة "الأسبوعية" التي كانت تصدر عن مؤسسة كردية في مدينة السليمانية العراقية خلال عامي 2010-2011، كما نشر العديد من المؤلفات.

في عام 2016، كان من المفاجئ تعيينه من قبل رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، لقيادة أجهزة الاستخبارات، إلى جانب مكافحة الإرهاب، وخاصة ضد تنظيم الدولة بين 2014 و2017، حيث يُعرف الرجل بمواهبه كمفاوض ووسيط.