بتواطؤ سعودي.. هكذا استغلت الإمارات كورونا لاحتلال سقطرى اليمنية

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي انشغلت فيه الحكومة الشرعية باليمن بالأزمة الصحية التي ضربت عدن والمحافظات الجنوبية، جراء تفشي فيروس كورونا، دفعت الإمارات ألوية عسكرية للسيطرة على مدينة حديبو عاصمة محافظة سقطرى.

تزامن ذلك التحشيد مع تحليق طيران حربي تابع للتحالف، فوق سماء الجزيرة، وانسحاب مفاجئ للقوات السعودية الموجودة في نقاط تأمين مدينة حديبو.

كانت القوات الموالية للإمارات قد انسحبت، في وقت سابق، وحلت مكانها قوات سعودية، وفق اتفاقية إنهاء التوتر التي تم التوقيع عليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في مدينة الرياض.

تواطؤ سعودي

لم تتمثل المشكلة بهجوم قوات الانتقالي المدعومة إماراتيا على جزيرة سقطرى في هذا الظرف، بل بانسحاب القوات السعودية التي كانت تتولى حماية الجزيرة من أي تدخل، وفقا لاتفاقية الرياض المتفق عليها من قبل الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي.

انسحاب القوات السعودية، وما أعقبه من صمت الرياض إزاء التطورات،  اعتبره مراقبون تواطؤا سعوديا واضحا، ما دفع وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء اليمني أحمد الميسري لاتهام السعودية بالتواطؤ.

في تصريح تلفزيوني على قناة الجزيرة، قال الميسري: "الإمارات عبر أدواتها في المحافظات الجنوبية قامت بتفجير الأوضاع في جزيرة سقطرى في محاولة منها للسيطرة عليها مجددا والتنصل من اتفاقية الرياض".

مضيفا: "السعودية بسكوتها عن تلك التطورات، ثم انسحابها من المواقع التي كانت تشرف عليها في الجزيرة، يثبت أنها متواطئة مع النوايا الإماراتية في السيطرة على الجزيرة".

وحمل الميسري السعودية، "مسؤولية تحديد الجهة المعرقلة لتنفيذ اتفاق الرياض"، ودعاها إلى "مراجعة موقفها، بصفتها مشرفا على تلك الاتفاقية".

محافظ سقطرى رمزي محروس صرح أن "الإمارات تسعى عبر المجلس الانتقالي إلى جر المحافظة إلى مربع الفوضى"، داعيا السعودية إلى "تحمل مسؤولياتها في إلزام عناصر الانتقالي بوقف تمردها على الحكومة الشرعية، ومحاولة تفجير الأوضاع في المحافظة".

تمرير الأجندة 

الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي قال للاستقلال: "حرصت الإمارات ألا توجد السلطة الشرعية في عدن، وألا يتحقق نموذج للنجاح في هذه المدينة، وألا تصبح عاصمة لليمنيين كما خطط لها".

مضيفا: "السبب هو أنه إذا أصبحت عدن عاصمة لليمنيين فيصعب تمرير المشروع الأساسي وهو الانفصال وتفكيك الدولة اليمنية التي من خلالها تحصل الإمارات على بلد ضعيف ومفكك ليتسنى لها بعد ذلك تمرير أجندتها وأطماعها ورغبتها في الحصول على موطئ قدم".

يتابع التميمي: "استغلت الإمارات الأزمة الصحية الحالية في مدينة عدن، جراء تفشي فيروس كورونا، وكذلك الفيضانات التي غمرت أحياء في مدينة عدن، ودفعت الانتقالي لإعلان الإدارة الذاتية، لتمرر لعناصر الانتقالي التحركات التي أخذت شكل انقلاب كامل في أرخبيل سقطرى".

يضيف المحلل السياسي: "الإمارات لم تكن ترغب بتفكيك اليمن فحسب، بل كانت عينها على سقطرى، ولا يمكن أن تحصل على سقطرى واليمن موحد أو قوي ومستقر، لهذا غذت صراعا داخل الجنوب، بحيث تصبح سقطرى لقمة سائغة بالنسبة لها".

وفق خبراء، حاولت الإمارات، أن تبرز قضية مكافحة الإرهاب، وتحت هذه اللافتة عملت على إفشال الدولة اليمنية، وعرقلت بدورها، وبنت هذه الميلشيات على أساس أنها تقوم بمهمة كبيرة وبمباركة دولية، وهي مكافحة الإرهاب".

يتابع التميمي: "حاليا إذا نجحت الإمارات في إقناع الرئيس هادي بإقالة محافظ سقطرى رمزي محروس، فإنهم يكونون عمليا قد استكملوا الانقلاب في جزيرة سقطرى، وحصلوا على السلطة المحلية والسلاح والنفوذ بشكل كامل، وستصبح جزيرة سقطرى مثل عدن، لا مكان فيها للسلطة الشرعية ولا مكان فيها لليمن".

ويختم التميمي: "بالطبع هذا تم كله تحت غطاء من السعودية، ولولا الغطاء الذي وفرته الرياض، لما استطاعت الإمارات أن تحقق كل هذا، فالسعودية ساهمت في بقاء الجنوب مغلقا على النشاط الإماراتي حتى وصل إلى ما وصل إليه من تفكك وضعف واحتراب في الجنوب، وانتهى في النهاية بخروج السلطة الشرعية بعد انقلاب 10 أغسطس/آب 2019".

عجز تام

تأتي تلك التطورات وعدن تعاني أزمة صحية غير مسبوقة، جراء تفشي فيروس كورونا، وكذلك انتشار حمى الضنك والكوليرا، عقب الفيضانات التي جرفت المدينة.

السلطات الصحية وقفت عاجزة عن التعامل مع المصابين بفيروس كورونا نظرا لانعدام أجهزة التحاليل وشحة أجهزة التنفس الاصطناعي وعدم وجود معدات الوقاية الخاصة بالأطباء والممرضين.

وعقب انتشار كورونا وتزايد عدد الحالات، أغلقت عدد من المستشفيات أبوابها، وغادر الأطباء والممرضون المشافي، وقالوا إن السلطة المحلية (خاضعة لسيطرة الانتقالي) لم توفر لهم أدوات الحماية والوقاية من انتشار الفيروس، حسب وكالة الأناضول.

ورفع المحتجون لافتات كتب عليها: "أين أنتم، تركتونا نواجه كورونا بدون حماية أو دعم، أين السلطات المحلية والصحية للقيام بواجبها الأخلاقي تجاه المحجر الصحي والموظفين فيه".

وذكرت رئيسة منظمة "دفاع" للحقوق والحريات في بيان أن "عددا من المستشفيات في عدن أغلقت أبوابها في وجه المرضى، رغم احتياج السكان للإغاثة الطبية جراء تفشي فيروس كورونا".

وقالت رئيسة المنظمة هدى الصراري: بأن "عددا من المواطنين فقدوا حياتهم بسبب إغلاق المشافي في وجه المواطنين، وانعدام التحاليل الشخصية".

تدمير ممنهج

حسب مراقبين، فإن جائحة كورونا، كشفت عن هشاشة النظام الصحي في مدينة عدن، بسبب تحويل الإمارات المدينة إلى مسرح للفوضى خلال الخمس السنوات الماضية، وتركيزها على إنشاء ميليشيات على حساب القطاعات الصحية والخدمية في المدينة.

وفق إحصاءات 2017، لا تمتلك عدن التي يبلغ سكانها أكثر من مليون و700 ألف نسمة، سوى 7 أجهزة تنفس صناعي لمواجهة الفيروس، في حين جندت الإمارات أكثر من 90 ألف جندي ضمن ميليشيات مسلحة تعمل كأذرع عسكرية للمجلس الانتقالي منذ وجودها في صيف 2015.

علاوة على ذلك، فإن المجلس الانتقالي سعى إلى عرقلة جهود بعض مسؤولي مكتب الصحة في إيجاد خطة لمكافحة كورونا.

واتهم نائب مدير مكتب الصحة بمحافظة عدن محمد ربيد، المجلس الانتقالي الجنوبي، "بعرقلة جهود مكتب الصحة في تجهيز محجر صحي، مشيرا إلى أن المستشفيات والمحاجر تفتقد لأبسط الإمكانيات.

وفي نهاية مارس/آذار 2020، اقتحم مسلحون يتبعون الانتقالي الجنوبي، ميناء عدن وقاموا بنهب 9 سيارات إسعاف قدمتها منظمة الصحة العالمية للمحافظات المحررة، فيما لم يعرف مصير تلك السيارات حتى اليوم.

من جهة أخرى، فإن المجلس الانتقالي اتهم الحكومة الشرعية بالتحريض ضده، وذلك بإثارة الذعر في أوساط السكان عبر نشر أخبار عن إصابة عشرات السكان بفيروس كورونا، قائلا: إن تلك الإصابات هي لمرضى  بحمى الضنك، ومنكرا أي وفيات بفيروس كورونا.

غير أن تقارير وتصريحات كشفت هذه المزاعم، فوفق صحيفة عدن الغد، "استقبلت عددا من المقابر في مدينة عدن في 3 مايو/آيار 2020، فقط 16 حالة توفوا متأثرين بحميات، لم يتم تحديدها".

وحسب رئيس مصلحة الأحوال المدنية اللواء سند جميل، فإن المصلحة استخرجت 65 تصريحا بالدفن في عدن خلال 24 ساعة فقط.

وفي تصريح لمسؤول مقبرة القطيع بعدن، عبد الله سالم، فإن المقبرة التي يشرف عليها، استقبلت 15 حالة في 3 مايو/آيار 2020، وفي اليوم الذي يليه استقبلت 13 حالة، بدون كتابة سبب الوفاة على تصريح الدفن كما هو معتاد.

الأمر الذي دفع أطباء ومسؤولين في مكتب وزارة الصحة بعدن إلى الدعوة  لتسليم المستشفيات بعدن لمنظمة أطباء بلا حدود لتزويدها بالمعدات الضرورية لمكافحة وعلاج المصابين بفيروس كورونا، قبل أن تتسع الكارثة بشكل أكبر.