المسلسلات الخليجية في رمضان.. هل يوظفها ابن سلمان للوصول إلى العرش؟

12

طباعة

مشاركة

ككل عام، يتحول شهر رمضان المبارك إلى موسم للهجوم على القيم الدينية والروحانية التي يعتنقها المسلمون؛ عبر حملات تجري في تركيا أو حتى في الدول العربية عن طريق البرامج أو المسلسلات.

وتطرقت صحيفة تركية إلى هذا الأمر قائلة: إن "الكثير من هذه المسلسلات لا تساوي خمسة قروش، لكنها نجحت كثيرا في أسر ملايين المشاهدين وراء الشاشات بحسب مراقبين، يرون أن الهدف ليس ذلك وإنما أكبر منه بكثير". 

وتابع الكاتب إسماعيل ياشا في مقالة نشرتها صحيفة ديرليش بوسطاسي: "لقد حولوا رمضان من موسم للعبادات والطاعات إلى موسم للمتعة والسهر ومشاهدة الأفلام والبرامج الترفيهية".

هذا العام، أنتجت قناة إم بي سي السعودية، مسلسلين أثارا الجدل على مساحة واسعة في المجتمع العربي.

الأول: مسلسل "أم هارون" وهو لسيدة يهودية كانت تعيش سابقا في الكويت، والثاني: "مخرج 7" الذي يسلط الضوء على الكثير من تعقيدات المجتمعات وتطوراتها بشكل كوميدي ساخر.

لكن الصبغة الجامعة لكل منهما هي أن "الشعب الفلسطيني سيء؛ ومن الضروري تدشين علاقات تعاونية مع إسرائيل". 

كي للوعي

ورأى ياشا أن هذه المسلسلات هي عملية "كي وعي جمعي" تنفذها السعودية تجاه مواطني الدول الخليجية، عبر تسميم عقلية مواطنيها. 

وفي الحقيقة فإن "هذه المسلسلات هي نتاج سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تمكن من الوصول إلى كرسيه هذا بعد الإطاحة باثنين من أعمامه".

ويرجع ذلك إلى وعوده التي قطعها لواشنطن، بـ "تحويل المجتمع السعودي وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل" وهو على علم بما سيحدث له إذا أخفق في الوفاء بوعده، وفق الكاتب.

وبحسب رويترز، اتصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمحمد بن سلمان في 2 أبريل/نيسان 2020، وأصدر إنذارا نهائيا وهدد بسحب القوات الأميركية من السعودية إذا لم يخفض إنتاج النفط وهو ما كان بعدها بأيام قليلة لاحقة، لأن حدوث ذلك يعني قطع الخيط مع الرياض.

يضاف إلى ذلك، جريمة قتل جمال خاشقجي التي ما إن تخفت حتى تعود من جديد، كل هذا يدفع ابن سليمان لأن يفعل ما تريده واشنطن، فبدونها لن يكون لابن سلمان عرش ملكي يجلس عليه. ولهذا السبب أعلن وبكل قوة دعمه صفقة القرن الأميركية، وفق الكاتب. 

ويوضح ياشا: أن "المسلسل التلفزيوني الداعي إلى ضرورة تعاون الشعب السعودي مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية هو انعكاس للوعود التي قطعها محمد بن سلمان بالجلوس على العرش".

وفي الحقيقة، يمكن لولي العهد إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إذ لا يوجد أحد في السعودية يمكنه الاعتراض على مثل هذه الخطوة الآن، لكن في المقابل لا يمكن لابن سلمان أن يغير وعي وقناعة أمة وشعبا بكامله. لهذا الهدف، سيكون لابن سلمان سلسلة من الإجراءات، وفق تقدير الكاتب.

واستدرك: "لكن وكما رأينا في عدد من الدول ومنها تونس وبعدها تركيا، أن السياسة القمعية لا يمكن بأي حال أن تغير قناعات الشعوب، فالسعوديون مثل بقية الشعوب العربية المسلمة ، لا يقبلون بإسرائيل أبدا كصديق وشقيق".

وقال الكاتب: "سيتعلم ابن سلمان أن شعبه وبقية الشعوب ليست كالصلصال يستطيع تشكيله كيفما يشاء من خلال مسلسل أو اثنين أو حتى أكثر وسيدرك الملك السعودي المحتمل هذا الأمر عاجلا أم آجلا".

في ذات السياق ترى صحيفة،"كونو خبر " أنه وبينما تخطو دول الخليج وبعض الدول العربية خطواتها للتطبيع مع إسرائيل، تقدمت السعودية بخطوة المسلسلات الأخيرة هذه التي أثارت ضجة وبات مثار جدل وثمة دعوات لإيقاف بث المسلسل ومقاطعة قناة إم بي سي.

وتطرقت الصحيفة إلى مشهد بالتحديد أثار جدلا كبيرا في مسلسل مخرج 7 في حلقته الثالثة، حين كان البطل يناقش زميله حول الدعم السعودي لفلسطين وإن الأخيرة وشعبها دائما ما يتنكرون لهذا الدعم وينتهزون أقل فرصة للهجوم على دول الخليج، وفق وصفهم.

ويرد راشد الشمراني على ناصر القصبي بعد استنكاره هذا الحوار ضمن المسلسل بالقول: "شئت أم لم تشأ فإن إسرائيل موجودة وهي حقيقة"، يقولها مؤكدا على ضرورة قبول دولة الاحتلال كأمر واقع.

وأضاف الشمراني: "لقد ضيع العرب الكثير من السنوات في دعمهم القضية الفلسطينية والنهاية فقط الفوز بالتصريحات ليس أكثر والنتيجة كانت هي كلام فارغ".

هذا الحوار جرى بعد أن دافع الشمراني عن موقف ابنته وهي تعلب مع إسرائيلي في المسلسل، حيث قال: "إذا منعت ابنتي من اللعب، فلن تنهار إسرائيل". وأضاف: "إن الدول التي هاجمت إسرائيل انتهت وإسرائيل نجت برغم كل الحروب التي خاضتها". 

شيطنة الفلسطينيين

هذا المسلسل لقي الكثير من الانتقادات، ومنها ما ذكره ناشطون أنه "لا يمكن مناقشة القضية الفلسطينية من خلال تحريف سطحي ومتعمد للتاريخ. ما يحدث هو محاولة شيطنة للفلسطينيين عن طريق اتهامهم زورا ببيع بلادهم وفق الدعاية الصهيونية، وهي تُكرر فقط مشهد الفلسطيني البائس وتحاول تصويره على هذه الشاكلة".

وأكد أكثر من مراقب أن التضليل في هذه المسلسلات يمكن رصده بكل سهولة على الرغم من محاولة إظهار تعدد الآراء وتبادل الحوارات فيه.

دافع ما يسمى بـ"الذباب الإلكتروني" عن العمل وأهدافه وفكرته باستماتة، مدافعا بأنه يعكس الحقيقة وأن هذه الانتقادات له مجافية للحقيقة والدقة، مؤكدين على صحة ما تفوه به أبطال المسلسل من انتقادات للفلسطينيين وللقضية. 

في هذا السياق، فإن رسالة شاركها سعودي يدعى عبد الله الجهيمي على تويتر جديرة بالملاحظة، حيث قال: "نحن ممتنون للشمراني على تصحيح التصور الخاطئ وكشف الحقيقة وتوضيح طريقنا". وأضاف: "لقد كانوا يعبرون عن كراهتهم لنا منذ ولادتهم". 

وبدورها، رحبت الكثير من القنوات الإسرائيلية بهذا كله، ومنها القناة 12، وهي التي خصصت مساحة كبيرة في نشرة الأخبار لهذا الموضوع.

وأكدت أنه ولأول مرة في السعودية لم تقدم إسرائيل على أنها عدو. وهذا المسلسل باختصار يحمل رسالة بأنه من المستحسن زيادة العلاقات مع تل أبيب اجتماعيا وتجاريا.

أيضا، مسلسل أم هارون يحمل في طياته الكثير من الرسائل الخفية، ومنها مثلا أنه استخدم مصطلح "أرض إسرائيل" معلنا تأسيس دولة هناك، وقد وصف تارة أخرى فلسطين بأنها "مستعمرة بريطانية".

وهذا يؤكد بشكل لا ريب فيه أن الاستمرار في ضخ مثل هذه الرسائل مستمر حتى تحقيق الهدف النهائي وهو تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل تام ومفضوح. 

في المقابل، هناك الكثير من الدول أهمها الخليج خطت خطوات في سبيل التطبيع مع إسرائيل، خاصة في الأعوام الأخيرة، وكانت بعض هذه الخطوات سرية وأخرى كانت علنية، وقد تنافسوا فيما بينهم لذلك.

وقد كشفت حكومة إسرائيل غير مرة عن هذه الأمور من خلال الزيارات والمؤتمرات والاحتفاليات وغيرها.

وعلى سبيل المثال، عُقدت ورشة عمل اقتصادية في المنامة، عاصمة البحرين، في يونيو/حزيران 2019 في إطار ما يسمى بخطة السلام في الشرق الأوسط التي أعدها دونالد ترامب بدعوى "إيجاد حل" للقضية الفلسطينية".

وهذه الخطة المعروفة باسم "صفقة القرن"، أحادية الجانب في الشرق الأوسط، وأعلن عنها ترامب في 28 يناير/كانون الثاني، ووجدت دعما من العديد من دول الخليج.