صحيفة فرنسية: لهذه الأسباب العراق على حافة الانهيار

12

طباعة

مشاركة

مع انهيار أسعار النفط، لم تعد السلطات العراقية قادرة على دفع رواتب الموظفين، كما يؤدي حظر التجول المفروض نتيجة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، إلى تعقيد وضع الأسر الفقيرة التي تواجه صعوبة في العمل.

وقالت صحيفة "لاكروا" الفرنسية: إنه في ظل استمرار قائمة الأزمات في التزايد بالعراق، أدلى النائب أرشد الصالحي كلمات قوية جدا في نهاية شهر مارس/ آذار، بداية فرض حظر التجول لمنع تفشي كورونا. 

وأضافت: "رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أعرب عن خشيته من أن يؤدي حظر التجول الذي تفرضه السلطات إلى مجاعة للعديد من العراقيين المحرومين من الأجور"، مشيرا إلى أنه "يجب على الحكومة أن تعد إستراتيجية سريعة لتوزيع الغذاء على الفور".

وأوضحت "لاكروا" أنه وفقا لعادل بكاوان، باحث مشارك في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية وعضو في معهد البحوث ودراسات البحر الأبيض المتوسط ​​في الشرق الأوسط: "الأزمة السياسية تتفاقم الآن نتيجة المشاكل الصحية والاقتصادية مع انهيار أسعار النفط، وكذلك الأمن نتيجة هجمات تنظيم الدولة المتتالية، ومن الآن فصاعدا الأزمات العرقية".

واستغل تنظيم الدولة منذ شهر أبريل/نيسان 2020، تفشي جائحة كوفيد-19، وانسحاب قوات التحالف الدولي والانقسام السياسي، وكثف هجماته ضد القوات الأمنية ومرافق الدولة في العراق.

الجمود السياسي

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد محاولتين سابقتين فاشلتين، جرى اختيار رئيس المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة، حيث لا يزال يجري محادثات مع الأحزاب السياسية ولديه مهلة حتى 9 مايو/ أيار لتقديمها إلى البرلمان من أجل التصويت لنيل الثقة، ولكن حتى الآن، فشلت كل محاولاته.

وتسير البلاد بحكومة تصريف أعمال منذ خمسة أشهر، والقوات الأمنية منشغلة بفرض حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أدى حتى 3 مايو/أيار، إلى 97 حالة وفاة و2296 إصابة. 

وبحسب عادل بكاوان، فإن "الأحزاب الشيعية لم تقبل ترشيحه إلا لمنع سلفه، الذي اعتبروه عميلا للغرب، ولا يريدون السماح له بتشكيل حكومة قومية"، مؤكدا أن اللقاء الذي عقد يوم الاثنين 27 أبريل/ نيسان، وحضره "جميع الممثلين الشيعة الكبار" انتهى دون أي بيان صحفي.

وفي ظل المأزق السياسي، كل يوم يمر تذوب الإيرادات المالية للبلاد، إذ تقول المحللة روبي الحصري من منتدى النفط العراقي: "قدرت عائدات النفط، التي بلغت 79.4 مليار دولار العام الماضي، بـ 40 مليار هذا العام بسبب الانخفاض.  

وبينت أن الاتفاقية الموقعة بين الدول المنتجة زادت من الفاتورة "فمع انخفاض الإنتاج (...) وسعر البرميل حوالي 20 دولارا، يجب ألا تتجاوز عائدات النفط العراقي 25 مليار دولار".

تضخم الخدمة العامة

ولفتت إلى أن هذا الوضع يعد كارثة للدولة العراقية في ظل خدمة عامة متضخمة تعتمد بنسبة 95٪ على عائدات النفط. 

فبين عامي 2003 و2020، تقول "لا كروا": ارتفع عدد الموظفين العموميين الذين تدفع لهم الحكومة الفيدرالية من 750،000 إلى 6 ملايين. بينهم 1.4 مليون في كردستان وحدها، من أصل 5.1 مليون نسمة. 

ووفقا لعادل بكاوان، مؤلف كتاب استقصائي في 2019 يدعى "الدولة العراقية المستحيلة"، فإن عدم وجود عوائد من النفط يعني لا رواتب لموظفي الخدمة المدنية، ولا خدمات عامة، وفي النهاية لا دولة". 

والعراق هو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويصدر عادة حوالي 3,5 مليون برميل يوميا. وتعتمد على عائدات النفط أكثر من 90 ٪ من موازنة الدولة التي بلغت 112 مليار دولار في 2019.

ولا تزال بغداد تعتمد في مسودة موازنتها للعام 2020، والتي لم يصوت عليها بعد، على سعر متوقع للنفط قدره 56 دولارا للبرميل، لكن نظرا إلى أن الانهيار المتوقع لأسعار النفط سيكلف ذلك بغداد ثلثي الدخل الصافي العام الحالي.

ونوهت الصحيفة الفرنسية بأن الأزمة المالية تتحول بالفعل إلى صراع عرقي.

ففي 16 أبريل/ نيسان، سئمت الحكومة من انتظار أربيل للوفاء بوعدها بالتبرع بـ 250.000 برميل يوميا لبغداد، وأعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته عادل عبد المهدي أنه سيتوقف عن دفع الحكومة لإقليم كردستان، نصيبها من الميزانية الفيدرالية العراقية، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى الذعر. 

وقالت أربيل في ذلك الوقت إنها مستعدة لتسليم كل النفط، لكن هل بغداد في وضع يمكنها من القبول؟، يتساءل عادل باكاوان "ففي السنوات الأخيرة، دفع كل من الجانبين العربي والكردي رواتب لمسؤوليهما. واليوم، لا أحد قادر على القيام بذلك".

واستشهدت "لاكروا" بتعليقات بعض الصحف على هذا الوضع، حيث قالت صحيفة "العربية" في مقال بعنوان "الفيروس التاجي والفساد يضعان النظام السياسي العراقي في مأزق": "الحقيقة هي أنه إذا لم تتغير الأمور الآن، فسينتهي قريبا النظام الذي يثري نفسه في كل فرصة، دون أن ينجح في القيام حتى بأبسط الأشياء بشكل صحيح". 

كما قالت فورين بوليسي: إن "النظام السياسي فاسد للغاية، والأميركيون مشغولون في أماكن أخرى، والوضع الحالي في بغداد يناسب إيران بشكل كبير"، مضيفة: "لا أحد يستطيع مساعدة العراق".