حظر "حزب الله" في ألمانيا وتصنيفه إرهابيا.. ما تداعيات القرار؟

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع حلول 16 أيار/مايو 2020، لن يتمكن أعضاء حزب الله في ألمانيا لأول مرة في تاريخه من المشاركة في "يوم القدس"، الذي كان يشهد خروج مظاهرات ضد إسرائيل في عدة دول.

فبعد سنوات من الدفاع عن موقفها الرافض لحظر الجناح السياسي لـ"حزب الله" اللبناني، صنفت برلين الحزب كمنظمة إرهابية وحظرت أنشطته داخل ألمانيا.

نهاية أبريل/نيسان 2020، أعلنت الداخلية الألمانية أن حزب الله أصبح محظورا ومضافا إلى قائمة المنظمات الإرهابية، بعد أن أجاز البرلمان قانون حظر الحزب في ديسمبر/كانون الأول 2019، بناء على دعوة من قبل الحزبين المشكلين للتحالف الحاكم.

يقضي القرار بمنع جميع أنشطة الحزب السياسية والمالية، في عموم ألمانيا الاتحادية، ومن بينها جمع الأموال والتبرعات.

وكتب ستيف ألتر، أحد الناطقين باسم وزير الداخلية الألمانية هورست زيهوفر، في تغريدة على تويتر، أن وزير الداخلية "أكد حظر منظمة حزب الله الإرهابية الشيعية في ألمانيا"، وأضاف: "حتى في أوقات الأزمات، سيادة القانون قادرة على اتخاذ الإجراءات".

سبق ألمانيا مباشرة، بريطانيا، التي حظرت، في فبراير/ شباط 2019، أنشطة حزب الله بالبلاد، بشكل تام ووصفته بأنه "منظمة إرهابية"، وفي يناير/كانون الثاني 2020، قالت وزارة الخزانة البريطانية: إنها صنفت الحزب بالكامل منظمة إرهابية، بموجب قواعد الإرهاب والتمويل الإرهابي، وبالتالي ستجمد أصوله.

بريطانيا ثم ألمانيا التحقتا بكل من الولايات المتحدة وهولندا وكندا في قائمة الدول التي تحظر حزب الله بصفة شاملة على أراضيها.

ضغط داخلي

وفق مراقبين، فإن ذلك الحظر لم يكن مفاجئا، فقد كانت التطورات خلال الأشهر الماضية تشير إلى أن برلين تقطع خطوات باتجاه حظر الحزب وحظر أنشطته السياسية.

وكانت ضغوط من قبل الأحزاب الرئيسية في ألمانيا بالإضافة إلى عدد من الوزارات، على رأسها الداخلية والخارجية والعدل، قد دفعت باتجاه إقناع البرلمان لحظر الحزب، وقدمت له عريضة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

بدوره، مرر البرلمان في ديسمبر/كانون الأول، مطالبة للحكومة الاتحادية بفرض حظر شامل على حزب الله وأنشطته السياسية، وهو الأمر الذي تم العمل به من نهاية أبريل/نيسان 2020.

في عام 2013، حظرت الحكومة الألمانية الجناح العسكري للحزب، أسوة بما تم في الاتحاد الأوروبي لكنها امتنعت عن تصنيف الجناح السياسي للحزب كمنظمة إرهابية.

برلين بررت موقفها آنذاك بأن ذلك سيضر بالعلاقات السياسية مع بيروت، وأن الجناح السياسي في الحزب يقوم بدور اجتماعي في لبنان، قبل أن تضطر بعد 7 سنوات لاتخاذ هذه الخطوة.

تبعات الحظر

عقب الإعلان عن حظر الحزب، شنت برلين حملة أمنية على مراكز الحزب والمنظمات التابعة، ففي 30 أبريل/نيسان 2020، داهمت الشرطة 4 مساجد ومراكز تابعة للحزب في كل من برلين ودورتموند ومونستر وبريمن.

وحسب رويترز، فإن المساجد والمراكز والجمعيات التابعة للحزب كانت تخضع للمراقبة من قبل المخابرات الألمانية منذ سنوات. ويحظى الحزب بوجود كبير في المدن الألمانية، وله قواعد شعبية واسعة.

وحسب صحيفة دويتشة فيلة، فإن أجهزة الاستخبارات الألمانية تصفه بأنه تنظيم عقائدي على درجة كبيرة من التنظيم. ونقلت عن مسؤولين في الداخلية الألمانية أن نحو 1050 شخصا، في ألمانيا أعضاء في جناح متطرف في حزب الله.

وبناء عليه، نفذت الداخلية الألمانية عدة مداهمات ضد مشتبه بكونهم أعضاء في الحزب بمناطق متفرقة من البلاد. وحسب تلك المصادر فإن هؤلاء الأشخاص لا يعملون من خلال منظمة رسمية في ألمانيا، ويقومون بأنشطة متعددة، من بينها جمع أموال.

إجراءات التضييق على الحزب وأنشطته بدأت منذ سبتمبر/أيلول 2019، حيث منحت الحكومة الألمانية الادعاء العام الاتحادي تفويضا بملاحقة أعضاء الحزب جنائيا، الأمر الذي مكن الادعاء العام من تحجيم أنشطتهم، واتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.

وحسب مراقبين، فإن حظر الحزب وإدراجه في قائمة الإرهاب يقتضي تجميد أصوله المالية ومصادرة أملاكه، وفرض عقوبات على الانتماء إليه أو الترويج له أو ممارسة أنشطة تابعة للحزب.

أداة إيرانية

 يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بغداد والدبلوماسي السابق في الخارجية العراقية البروفيسور قيس النوري، لـ"الاستقلال": "المعروف عن حزب الله اللبناني هو ارتباطه الوثيق بالأجندة الإيرانية، وسياسة طهران الخارجية، التي يعد عمادها الأساس هو مبدأ تصدير الثورة".

يضيف النوري: "حزب الله اللبناني هو أحد أدوات إيران، ليس فقط في المنطقة، وإنما في العالم أيضا، لذلك عمد هذا الحزب إلى افتتاح وتأسيس فروع ومقرات مغطاة بعناوين، بعضها خيري، وبعضها اجتماعي، لكن حقيقة هذه العناوين الموجودة في أكثر من دولة في العالم، والغرض الأساسي منها هو جمع تبرعات لتمويل عملياتهم خارج لبنان".

يتابع الدبلوماسي السابق: "إضافة إلى أن هذه الواجهات التي افتتحها حزب الله كانت مراكز لكسب متطوعين لأهداف هذا الحزب، وبما يخدم توجهات إيران في أكثر من مكان حول العالم".

يضيف: "انتبهت الأجهزة الغربية في وقت متأخر إلى هذه الأنشطة الإرهابية، فعمدت إلى حظرها وغلقها، ووضع حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية، وهذا ما حصل في أكثر من عاصمة أوروبية، آخرها كان ألمانيا التي تأخرت كثيرا".

ويتابع أستاذ العلاقات الدولية: "المنظمات التي تعمل كواجهة لحزب الله كانت تغذي الحزب بالأموال، وكانت أيضا مراكز للدعاية واستقطاب الأشخاص للانخراط في نشاطات الحزب الإرهابية في أكثر من مكان في العالم، لذلك فإن إغلاق هذه الفروع وهذه الواجهات في ألمانيا حرم حزب الله من مصدر مهم من مصادر التمويل، وكذلك حرمهم من مراكز كانت تعمل في تجنيد الشباب وإغرائهم للانخراط في أنشطة الحزب".

يضيف النوري: "الولايات المتحدة الأميركية ضغطت على دول أوروبا من خلال تقديم معلومات استخباراتية دقيقة عن الأنشطة التي يقوم بها الحزب، وهي أنشطة تندرج جميعها تحت طائلة الإرهاب على الصعد المختلفة سواء الاقتصادي أو السياسي وغيره".

ويختم قائلا: "أعتقد أن إغلاق هذه الفروع في ألمانيا سيؤثر تأثيرا مباشرا على حزب الله في لبنان، خاصة أن بيروت تواجه مشكلة كبيرة جدا، نتيجة الوضع المالي المتردي، وتراجع مصادر التمويل".

كيان غير مشروع

كانت الحكومة الألمانية وعلى رأسها المستشارة أنجيلا ميركل، تفرق بين الذراع السياسي للحزب، والوحدات العسكرية التي تقاتل إلى جانب جيش نظام بشار الأسد، وهو السبب الذي دفع إلى تأخر تصنيفها بالكامل كمنظمة إرهابية من قبل برلين.

غير أن هذا التمايز لم يصمد كثيرا، بعد أن أفادت جهات استخباراتية ألمانية أن الذراع السياسية تمارس أنشطة غير مشروعة وتجمع أموالا وتبرعات لدعم أذرع الحزب العسكرية، من خلال شراء أسلحة وتمويل عملياته العسكرية.

الاستخبارات الألمانية وجهت تهما للحزب بأنه يستغل مساحة الحرية في ألمانيا ويمارس أنشطة غير مشروعة يجمع من خلالها أموالا عبر الجمعيات التي يديرها، أو من خلال تهريب المخدرات وغسيل الأموال.

تقارير إعلامية عززت تلك التقارير الاستخبارية، وذكرت صحيفة تاغس شبيغل الألمانية في تقرير لها أن "المراكز الثقافية والمساجد التابعة لحزب الله، وعلى وجه الخصوص مركز الإمام الرضا في برلين، تقوم بالدعاية والتجنيد وجمع التبرعات لصالح الحزب.

وأضافت الصحيفة أن السلطات الألمانية رصدت عمليات لتهريب المخدرات يقوم بها حزب الله، حيث تصل شحنات المخدرات إلى ألمانيا قادمة من أميركا الجنوبية عبر إفريقيا.

وأوضحت: أن "الكوكايين يصل إلى ألمانيا من خلال موانئ هامبورغ، وروتردام الهولندي، وأنتويرب البلجيكي، ويستخدم الحزب الأموال التي يجنيها من هذه التجارة في شراء الأسلحة وتمويل عملياته".

وحسب الصحيفة أيضا، فإن حزب الله يستخدم شركة لتأجير السيارات في مدينة دوسلدورف غربي ألمانيا كواجهة لعمليات غسيل الأموال.

تلك الممارسات شكلت ورقة بيد حزب "البديل لأجل ألمانيا" أكبر أحزاب المعارضة، لدفع البرلمان للضغط على الحكومة الألمانية لحظر الحزب وتصنيفه كمنظمة إرهابية.

لائحة العقوبات

أول إجراء ضد الحزب اتخذ في 2009، حيث صنفته الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية وحظرت أنشطته داخل أراضيها، وبموجب القانون، يعاقب بمدة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أي شخص في حال الانتماء إلى  الحزب أو الترويج له.

وعلى مرات متتالية تفرض الولايات المتحدة عقوبات على شخصيات في الحزب أو على عناصر أخرى لها علاقة به، الأمر الذي عطل من نشاط الحزب المالي، وحد من تحرك قياداته.

في فبراير/شباط 2020، أدرجت واشنطن اسم الأمين العام لجماعة كتائب حزب الله في العراق أحمد الحمداوي على القائمة السوداء، عقابا للجماعة على هجمات استهدفت القوات الأميركية في العراق، بحسب رويترز

وأضافت وزارة الخارجية الأميركية أنها أدرجت اسم أحمد الحميداوي أمين عام كتائب حزب الله في العراق على قائمة الإرهاب، كما أدرجت في فبراير/شباط 2020، كيانات وأفراد على صلة بحزب الله اللبناني على قائمتها للجماعات الإرهابية.

وأفادت مذكرة على الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية أن واشنطن أضافت أسماء مجموعة من الأفراد اللبنانيين والكيانات اللبنانية قالت إنها على صلة بمؤسسة "الشهيد" إلى قائمة الإرهاب.

ويصل عدد الكيانات والأفراد التي أدرجتها الولايات المتحدة في قائمة العقوبات إلى حوالي 50 كيانا وفردا، تابعين للحزب.

وتقضي تلك العقوبات بتجميد كافة الممتلكات والمصالح في الممتلكات التابعة للمدرجين إذا كانت موجودة في الولايات المتحدة أو في حوزة أو سيطرة مواطنين أميركيين، كما ينبغي إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بها. 

كما تحظر تلك العقوبات على المواطنين الأميركيين أو الأفراد الموجودين داخل الولايات المتحدة القيام بكافة المعاملات (بما في ذلك المعاملات التي تمر عبر الولايات المتحدة) التي تنطوي على أي ممتلكات أو مصالح، بحسب بيان الخزانة الأميركية.