واشنطن بوست: هذه أسباب الخلاف بين بشار الأسد ورامي مخلوف

12

طباعة

مشاركة

تداول ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مقطع فيديو غير مسبوق يكشف فيه ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، عن حالة انقسام غير مسبوقة بالعائلة الحاكمة في دمشق.

وقالت صحيفة واشنطن بوست: إن خلافا على أعلى المستويات ظهر على السطح بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف، بعدما ناشد الأخير على فيسبوك للمساعدة لتجنب محاولة الحكومة الاستيلاء على أصوله وممتلكاته.

وقالت ليز سلاي مديرة مكتب واشنطن بوست في بيروت: إن "شائعات تم تداولها في الخفاء منذ شهور، مفادها أن هناك انقساما كبيرا بين الأسد ومخلوف، رجل الأعمال الذي كان يتولى استثمار أموال الأسرة، خاصة بعد انتشار تقارير غير مؤكدة تزعم أنه تم وضعه قيد الإقامة الجبرية الصيف الماضي".

وقال مخلوف الذي ظهر في الفيديو متشككا لأبعد درجة، في رسالة إلى بشار الأسد: إنه فقد التواصل معه وأنه لم تعد لديه القدرة على الحديث معه، مؤكدا أنه دفع كافة الضرائب المقدرة على شركاته وأنه لم يعد يملك المال الذي تسعى الحكومة لوضع يدها عليه.

كما ألمح مخلوف إلى الخلافات داخل النظام، وألقى باللوم على ما وصفه بمعاناته على إطار مجهول من المسؤولين، مُضيفا أن هذه المجموعة تضعه دائما كمشتبه به وأنه الشخص المخطئ الشرير، (..) نحن لا نثق في هؤلاء الناس".

وناشد أسرته الحاكمة للتضامن معه بالقول: "أيها الرئيس، أتوسل إليك، هذه هي الحقيقة"، مؤكدا في الوقت ذاته، أنه ظل داعما للنظام البالغ من العمر 50 عاما، كما عرض أنه على استعداد لتقديم الأموال مباشرة للأسد ولكن ليس للدولة.

وينقل التقرير عن محللين قولهم: إن "الفيديو الذي انتشر علي فيسبوك يؤكد أن هناك صراعا محتدما على السلطة في أعلى مراتبها يتوغل داخل الأسرة الحاكمة منذ تسلم بشار الأسد مقاليد الحكم من والده حافظ عام 2000، كما أنه يُشير في الوقت ذاته إلى أن النظام السوري يواجه الآن ضغوطا هائلة، خاصة مع انهيار الاقتصاد واستمرار الحرب".

صراع كبير

وقال بسام باربندي، وهو دبلوماسي سابق في السفارة السورية بواشنطن، انشق عن النظام عام 2012: "إن الصراع كبير جدا، حيث كان رامي في الدائرة الداخلية منذ اليوم الأول لحكم بشار، وكان من المؤسسين للنظام وإن إخراجه منه سيكون طلاقا بائنا".

ويأتي الفيديو غير المسبوق، والذي يتحدث عن الخلاف العائلي بعد محاولات مستميتة للاستيلاء على أصول الشركات التي يسيطر عليها مخلوف كجزء من حملة أوسع من قبل الأسد لجمع الأموال للنظام الذي يعاني من نقص الأموال، كما تم استهداف أصحاب أعمال آخرين، بمن فيهم الموالون لرئيس النظام.

إلا أن الفيديو الذي بثه مخلوف يعد الأكثر تأثيرا نظرا لكونه في الدائرة المقربة للعائلة، وابن شقيق والدة الأسد، أنيسة، ورفيق طفولة بشار.

وإلى الآن لا يُعرف أسباب نشوب الخلاف بين الأسد ومخلوف، إلا أن السلطات المصرية كانت قد أعلنت في أبريل/نيسان 2020 أنها صادرت أربعة أطنان من المخدرات مخبأة في شحنة لبن من سوريا إلى ليبيا من قبل شركة مخلوف. وقبل شهر، جمدت الحكومة أصوله للمرة الثانية، متعللة بالضرائب المستحقة على شركته المستوردة للوقود، آبار بتروليوم.

كما تشير التقارير أيضا إلى أن هناك مطالبة جديدة بالملايين المستحقة للترخيص من قبل سيريتل - أكبر شركة للهواتف المحمولة في سوريا، حيث يمتلك مخلوف حصة مسيطرة فيها-، وقال مخلوف إنه يتعرض لضغوط لتسليم ما يزيد عن 100 مليون دولار.

ونقل التقرير عن مراقبين ودبلوماسيين سوريين تفسيرات للعداء الناشئ بين الأسد ومخلوف، حيث يرجع البعض ذلك إلى ضغوط على رئيس النظام العام الماضي (2019) من قبل روسيا، حليفته، لدفع فواتير الوقود المتأخرة، وهذا الأمر دفع الأسد إلى مطالبة ابن خاله الأغنى بتسليم الأموال.

وقال دبلوماسي مقيم في دمشق، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة معلومات حساسة: إن مخلوف رفض ذلك آنذاك.

ويقول آخرون: إن تكثيف التنافس داخل عشيرة الأسد على السيطرة على موارد البلاد المتضائلة بسرعة، أدى إلى تأجيج التوترات داخل الأسرة، لا سيما العداء الطويل الأمد بين مخلوف وزوجة الأسد، أسماء، التي تدير منظمة خيرية منافسة.

ويوضح بسام باربندي، وهو دبلوماسي سابق في السفارة السورية بواشنطن أن مخلوف يمثل جناحا متشددا من الأسرة، ويفضل استخدام القوة العسكرية لسحق المعارضين الحكوميين والسيطرة على المرأة التي تلعب دورا بارزا، كما تفعل أسماء الأسد.

الحاجة للمال

ويؤكد مراقبون أن هذا النزاع من شأنه أن يضعه في خلاف مع روسيا، التي تحاول إقناع الأسد بتقديم تنازلات سياسية لإنهاء الحرب، حيث قالت العديد من التقارير غير المؤكدة في وسائل الإعلام المحلية: إن موسكو كانت وراء حملة التحقيق مع شركات مخلوف، ربما بهدف استرداد بعض نفقاتها الخاصة في سوريا.

لكن يرجع آخرون الخلاف إلى أن ثروة مخلوف الأسطورية تُعرض الأسد للخطر، وربما حتى تحويل ابن خاله إلى منافس.

وقال دبلوماسي آخر يراقب الوضع في سوريا: إنه في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من 80 % من السوريين تحت خط الفقر، ترتفع الأسعار وتتدهور العملة، ويهدد البذخ المترف لمخلوف بإعادة إشعال المعارضة للحكومة.

يُذكر أن مخلوف كان هدفا مبكرا للمتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع خلال الانتفاضة المناهضة للأسد في عام 2011 وخصوا سيريتل الجبارة كرمز للفساد والمحسوبية التي كانوا يشجبونها.

وأعلن مخلوف بعد ذلك أنه سيتنحى عن الحياة التجارية ويركز على الأعمال الخيرية، ومع ذلك، احتفظ بحصة كبيرة في سيريتل، واستمر في إدارة أعمال أخرى وأطلق مليشيا تسمى البستان.

وأوضح في الفيديو أنه تراجع عن الظهور أمام الجمهور لتجنب أن يصبح عبئا على الأسد، وكانت هذه إحدى المرات العديدة التي أشار إليها مخلوف لرغبته في عدم إرهاق رئيس النظام أو إحراجه، وبدا أنها تشير إلى أن لديه القدرة على القيام بذلك.

كما عرض تذكيرا واضحا بشبكة المحسوبية الواسعة التي يديرها، حيث يوظف الآلاف من السوريين في شركاته ويوزع المساعدات على أسر أولئك الذين لقوا حتفهم في القتال من أجل العائلة على مدى السنوات التسع الماضية.

وقال الدبلوماسي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "قبل كل شيء، يبدو أن الوضع الاقتصادي الرديء في سوريا أضاف إلحاحية لضرورة قيام الأسد بجمع الأموال".

ولفت إلى أن "هناك ندرة رهيبة في المال. مخلوف لم يدفع ما يكفي وهو غير راغب في ذلك، هناك حاجة إلى المال، فالخزائن فارغة تماما".