هكذا أصبحت ليبيا بعد عام من هجوم حفتر على طرابلس

12

طباعة

مشاركة

يتصاعد النزاع في ليبيا رغم الدعوات التي أُطلقت من أجل "هدنة إنسانية" خلال شهر رمضان، والمخاوف من انتشار فيروس كورونا، في ظل تسارع الأحداث خاصة إعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر إسقاط اتفاق "الصخيرات".

والاتفاق السياسي الذي وقعه الفرقاء الليبيون نهاية عام 2015 بالصخيرات في المغرب، أناط السلطة السياسية في البلاد بالبرلمان المنتخب عام 2014 (سلطة تشريعية) والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (سلطة تنفيذية)، إلى جانب المجلس الأعلى للدولة (استشاري).

وقالت صحيفة "لاكروا" الفرنسية: "دعوة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والممثل السامي للاتحاد الأوروبي من أجل هدنة إنسانية في ليبيا بمناسبة شهر رمضان لم تغير شيئا، حيث يتواصل الصراع على السلطة بين قوات حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، وقوات حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة".

وضع متهالك

وأضافت: أنه "منذ أن أطلق المشير حفتر هجومه على طرابلس قبل أكثر من عام بقليل (مطلع أبريل/نيسان 2019)، أدى النزاع إلى نزوح حوالي 400 ألف شخص". 

ولفتت إلى تصريحات الممثلة الخاصة للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، التي قالت يوم 23 أبريل/ نيسان 2020: "لدينا الآن عاصفة كاملة، صراع متصاعد، يغذيه مباشرة الأطراف الخارجية".

وأضافت الدبلوماسية الأميركية: "ما يجري الآن في الواقع أكثر من حرب متنامية بالوكالة؛ لدينا الآن مؤسسات مقسمة، خلل، فساد، اقتصاد متعثر، وعدم وجود عائدات نفطية -حيث تصل قلة قليلة من عائدات النفط منذ فرض الحصار في منتصف يناير/ كانون الثاني 2020–".

وتابعت: "خسرت البلاد 4 مليارات دولار من عائدات النفط، كما أن لدينا أيضا جائحة تجهد نظاما صحيا متهالكا بالفعل".

وأشارت "لاكروا" إلى أنه ولعدة أسابيع، سجلت قوات حكومة الوفاق الوطني، بدعم من تركيا نقاطا، حيث تمكنت من السيطرة على ست مدن ساحلية، بما في ذلك صرمان وصبراتة والعجيلات. كما تواصل الحكومة الضغط على قاعدة وطية الجوية في غرب ليبيا.

وأوضحت أنه إلى الشرق من طرابلس، تواصل القوات التابعة لحكومة الوفاق كذلك محاصرة ترهونة، المدينة الحصينة للقوات الموالية لحفتر، على بعد 65 كم جنوب شرق طرابلس.

ووفقا لجلال حرشاوي، الباحث في المعهد كلينجندايل بهولندا والمتخصص في الشأن الليبي "الأتراك يمضون بطريقة منهجية وبإستراتيجية واضحة مبنية على تقنية طائراتهم بدون طيار لقطع خطوط الإمدادات، من بني وليد إلى ترهونة ومن ترهونة جنوب طرابلس".

وعلى الصعيد الدفاعي، ردت القوات الموالية لحفتر بتكثيف قصفها على الضواحي جنوب العاصمة الليبية.

شحنات الأسلحة 

وتنوه الصحيفة الفرنسية أن انتهاكات حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة لا يزال مستمرا، إذ ترسل الإمارات العربية المتحدة مجددا أسلحة وذخيرة لحفتر جوا عبر المطارات الليبية الشرقية، كما تسلم تركيا الأسلحة عن طريق السفن إلى مصراتة وطرابلس. 

وتضيف: "أصبحت ليبيا مجالا لتجربة أنظمة الأسلحة الجديدة المنتشرة في المناطق الحضرية، مثل بازوكا قاذف اللهب، التي تستخدمها القوات الموالية لحفتر في الضواحي الجنوبية لطرابلس والطائرات بدون طيار الانتحارية التي تنفجر عند ارتطامها". 

كما لدى معسكر حفتر الآن مقاتلين تم إضافتهم إلى المرتزقة السودانيين والتشاديين، دون نسيان القوات شبه العسكرية الروسية التابعة لمجموعة فاجنر، تواصل الصحيفة.

وأكدت "لاكروا": "يبدو أن الحرب على أشدها في ليبيا ولا شيء يوقف السباق نحو الهاوية، حيث طلب المشير حفتر من حلفائه الرئيسيين، الإمارات وروسيا، تعزيز ترسانته وقوته على الأرض، فلا يزال الرجل الذي يسيطر على الشرق يبحث عن نصر عسكري، وعن طيارين ومرتزقة إضافيين لشن هجومه المضاد جنوب طرابلس".

وفي الموضوع ذاته، كتبت صحيفة "لوتون" السويسرية قائلة: "بينما أدى الوباء الحالي إلى تراجع الأزمة الليبية عن تصدر الأخبار، ظهرت أسلحة جديدة على الأرض وأصبحت هذه الدولة الإفريقية على وشك الانفجار".

كورونا في ليبيا

وبينت أنه خلال الشهرين الماضيين، بدت الصحافة العالمية تركز على موضوع واحد يقلب حياتنا رأسا على عقب، هو جائحة الفيروس التاجي.

وأضافت: "بينما الأخبار عن الوباء لم تتوقف، العديد من الصراعات التي كانت تدور قبل الأزمة الصحية ما زالت مستمرة إلى اليوم، ومن بينها الحرب في ليبيا التي تغرق في وضع مأساوي بشكل متزايد".

ولفتت "لوتون" إلى أن الصراع انضم له بالتدريج قوى أجنبية (بشكل رسمي أو بآخر)، ورغم إبرام "اللاعبين" اتفاقية لوقف إطلاق النار في يناير/ كانون الثاني 2020، سُجل، منذ ذلك الحين، على الأقل 850 خرقا للهدنة، منها 70 في آخر أسبوع من أبريل/نيسان 2020 وحده، وفقا لبعثة الأمم المتحدة.

والأسوأ من ذلك، بحسب الصحيفة اليومية السويسرية، الاستفادة من قلة الاهتمام الذي يثيره النزاع الليبي، بسبب جائحة كورونا، حيث أن بعض الفاعلين بهذه الحرب بدؤوا في استخدام أسلحة جديدة، من بينها الغازات السامة.

وأوضحت أن وزير الداخلية في حكومة طرابلس اتهم المليشيات التابعة لحفتر باستخدام غاز الأعصاب أثناء القتال في قضاء صلاح الدين جنوب العاصمة، ويتركز الشك حول منظمة فاجنر التي تجند مرتزقة روسا يعملون نيابة عن الكرملين إلى قوات اللواء المتقاعد. 

وعن استخدام الأسلحة الجديدة في القتال، قالت "لوتون": "لسوء الحظ، بالنسبة لهذه الدولة الإفريقية، لم تكن هذه الأسلحة الجديدة المشكلة الوحيدة في ليبيا خلال الآونة الأخيرة".

فالدولة - التي وفقا للإحصاءات الرسمية لديها 60 حالة فقط من الفيروس التاجي- تخضع لتدابير وقائية وحظر تجول، ما لا يسمح حتى للسكان "بمحاولة الهروب من القصف".

وعلى الجانب الاقتصادي، أكدت الصحيفة السويسرية: "في ظل هذا السيناريو المروع، يعاني اقتصاد البلاد – الضعيف بالفعل – جراء انخفاض عائدات النفط التي أصبحت صفرا تقريبا"، مشيرة إلى أن "جميع المكونات الموجودة اليوم اتحدت من أجل ظهور كارثة كاملة".