أودري أزولاي.. مغربية تعهدت بإعادة إسرائيل وأميركا إلى اليونسكو

باريس - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بلغة إنجليزية غلبت عليها اللكنة الفرنسية، ألقت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، أودري أزولاي، خطابا من مقر المنظمة الذي يقع على بعد شوارع من برج إيفل بالعاصمة الفرنسية باريس، تعهدت فيه بإعادة إسرائيل والولايات المتحدة إلى المنظمة.

تحدثت أزولاي، المغربية اليهودية التي تحمل الجنسية الفرنسية، في 25 مارس/آذار 2020، عن الصعوبات التي يواجهها الطلبة عبر العالم بسبب جائحة كورونا، مفيدة بأن مليارا ونصف منهم ابتعد عن مقاعد الدراسة بسبب انتشار الفيروس المستجد. ودعت الدول لرفع التحدي من أجل مواجهة هذا الوضع الصعب. 

هذا التحدي ليس الأول الذي تواجهه ابنة مستشار ملك المغرب محمد السادس وقبله والده الملك الحسن الثاني، أندري أزولاي، منذ توليها المنصب في أكتوبر/ تشرين الأول 2017. 

جاءت أزولاي إلى المنظمة من وزارة الثقافة الفرنسية التي حملت حقيبتها في 2016 بعد أن عملت منذ 2014 مستشارة للرئيس الفرنسي السابق فرنسوا أولاند لشؤون الثقافة والاتصال. دخلت إلى عالم السياسة عبر هذا المنصب، إذ شغلت قبله منصب نائبة مدير مركز الإنتاج السينمائي بفرنسا.

ورثت أودري حبها للثقافة والفن من والدتها الأديبة كاتيا برامي، كما ينظم والدها مهرجان موسيقى "كناوة"، بمدينتها الأصلية الصويرة (غرب المملكة).

وهذا المهرجان هو أحد أكبر مهرجانات المغرب وإفريقيا، يستقبل سنويا أبرز الشخصيات السياسية في البلد وخارجه، مثل فرح ديبا، إمبراطورة إيران السابقة والزوجة الثالثة لشاه إيران الأسبق محمد رضا بهلوي. 

إرث ثقيل

فازت أزولاي أمام القطري حمد بن عبد العزيز الكواري، في الانتخابات على منصب المدير العام لمنظمة مضطربة تواجه الكثير من الأزمات.

أعلنت إسرائيل انسحابها من المنظمة في الشهر نفسه الذي تولت فيه أزولاي منصبها، لكن القرار لم يكن مفاجئا، حيث سبقتها إليه الولايات المتحدة، لتواجه المنظمة صعوبة في التمويل. 

وشكل القرار الأميركي ضربة قوية للمنظمة الأممية لأن خُمس ميزانيتها يأتي من واشنطن.

"الاستمرار في الانحياز ضد إسرائيل" كان هو المبرر الذي اتخذته واشنطن ورأته "تل أبيب"، "أخلاقيا وشجاعا"، للخروج من المنظمة التي تأسست عام 1946 بعد الحرب العالمية الثانية من أجل حماية التراث الإنساني الثقافي. 

وانتقدت أزولاي القرارين الأميركي والإسرائيلي بالانسحاب من المنظمة، قائلة: "في هذه اللحظات يجب أن نشارك ونؤيد المنظمة ونعمل لإصلاحها بدل تركها".

وأوضحت أزولاي أن أول شيء ستفعله هو العمل على إعادة المصداقية للمنظمة، وثقة الدول الأعضاء، حتى تتمكن من العمل بفاعلية.

وفي 2019 انسحبت إسرائيل بشكل رسمي من المنظمة وبرر المتحدث باسم وزارة الخارجية إيمانويل نهشون الخطوة بأنها تعود إلى "محاولات المنظمة فصل التاريخ اليهودي عن أرض إسرائيل". 

وبين 2017 و2019 انتظرت "تل أبيب" من المنظمة تغيير مواقفها، وهو ما صرح به مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، عندما قال: "الانسحاب يتضمن بندا يتيح لإسرائيل العودة عن قرارها إن غيرت اليونسكو من مواقفها".

وكانت المنظمة اعتمدت عددا من القرارات جاءت لصالح الفلسطينيين أبرزها التصويت على الوضع القائم في المسجد الأقصى كموقع مقدس لعبادة المسلمين، واعتبار الحرم الإبراهيمي جزءا من التراث العالمي.

كما تبنت قرارا يؤكد عدم وجود سيادة إسرائيلية على مدينة القدس، وأدانت أعمال الحفر التي تنفذها دائرة الآثار الإسرائيلية بمدينة القدس المحتلة. 

خط وصل

أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم وصول أول يهودية إلى منصب مدير عام اليونسكو.

وظهر المغزى من هذا الدعم عندما أعلنت أزولاي، بعد أيام من تعيينها، بأنها واثقة من النجاح في إعادة الولايات المتحدة وإسرائيل لعضوية المنظمة. 

تربط اليهود المغاربة عبر العالم علاقة قوية ببلدهم الأم المغرب، كما بإسرائيل حيث يعتبرون الجالية الأكبر من حيث التعداد والتي تمكنت من الوصول إلى مناصب نافذة في السياسة والجيش. كما يعتبر والد أودري "عراب" الجالية المغربية اليهودية. 

أزولاي التي فازت في الانتخابات على منصب المدير العام لليونسكو خلفا للبلغارية، إيرينا بوكوفا، هي ثاني امرأة على رأس المنظمة. 

وبذلت المديرة الحالية جهودا كبيرة لإنقاذ الآثار والتراث في المناطق التي تجتاحها الحروب، فبعد قيام تنظيم الدولة بتدمير الآثار في نينوى والموصل، قدمت لمدير متحف اللوفر خطة لإنقاذ التراث هناك. 

وعندما كانت وزيرة، أطلقت مبادرة دولية للتنوع الثقافي، عبر تمويل المكتبات التي توزع الكتب الصادرة بالفرنسية في الخارج وتشجيع الترجمة في حوض البحر المتوسط. 

وأطلقت في فرنسا مبادرات لتشجيع حرية الإبداع وحماية حقوق الملكية الفكرية وغيرها من الحقوق في العصر الرقمي.

وشجعت أزولاي الإبداع والحوار وتعزيز التعليم للجميع ومشاركة المتاحف والمعارض في العملية التعليمية مثل مهمة "متاحف القرن الحادي والعشرين" والتي أطلقتها في عام 2016.

مصرفية مثقفة

تجيد المديرة العامة للمنظمة الدولية إلى جانب الفرنسية كلا من الإنجليزية والإسبانية بطلاقة. 

ولدت في 4 أغسطس/ آب 1972 وقضت طفولتها بين فرنسا والمغرب. وإلى جانب كونها أم لطفلين، درست أزولاي في المدرسة الوطنية للإدارة بين عامي 1998 و2000.

كما درست في معهد باريس للعلوم السياسية عام 1996، وتحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، حصلت عليها من جامعة لانكستر البريطانية عام 1993. 

لم تحب أودري أزولاي عالم المال والأعمال رغم تخصصها فيه خلال سنوات دراستها، وبالرغم من أن والدها كان مصرفيا. 

عملت ابنة المستشار الملكي بدورها في القطاع المصرفي، لكنها ظلت تميل إلى الكتب والنقاشات، وقالت إنها "كرهت" تجربتها.

تنتمي أودري أزولاي إلى اليسار وقد استشهدت في حملتها كمرشحة لمنصب المدير العام لليونسكو بالسياسي الفرنسي الاشتراكي ليون بلوم الذي يعتبر أن المنظمة، يجب أن تكون "ضمير الأمم المتحدة".

ترشحت أزولاي إلى المنصب في اللحظة الأخيرة، إذ ظلت تشغل منصبها كوزيرة إلى أن فاز إيمانويل ماكرون بالرئاسة في مايو/ أيار 2017. واعتبرت أن "فرنسا تحظى بمشروعية قوية في الثقافة والتربية والعلوم".

دخلت السباق في اليوم الأخير من إيداع ملفات الترشح، في مارس/آذار 2017 إلى جانب ستة مرشحين آخرين من أذربيجان والصين ومصر ولبنان وقطر وفيتنام، وفي الدور الأخير نافست مرشح قطر لتحصل في النهاية على 30 صوتا مقابل 28 لغريمها. 

وكانت أزولاي صرحت خلال حملتها لرئاسة المنظمة: "اليونسكو هي معرفة الآخر، وأنا مستعدة لتولي المنصب لأنه رمز للقيم العالمية والإنسانية".