تراويح منزلية وإفطار أون لاين.. هكذا صنع المسلمون بهجة رمضان

مهدي القاسمي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عبّر المسلمون قبل حلول شهر رمضان الكريم عن قلقهم من مروره في أجواء كئيبة بسبب الحجر المنزلي الذي فرضته عليهم الحكومات التزاما بتوصيات منظمة الصحة العالمية للحد من انتشار فيروس كورونا. 

التدابير الوقائية التي اتخذتها الدول حالت دون أداء المصلين لصلاة التراويح بسبب إغلاق المساجد، ولا حتى ارتفاع صوت المآذن بالقرآن الكريم.

حُرم الناس من تبادل الزيارات والاجتماع على موائد الإفطار، كما حرموا أيضا من السهر مع الأصدقاء على المقاهي حتى وقت السحور.

لكن بعد دخول الشهر سرعان ما بدأ الناس يتأقلمون مع الوضع الجديد، بل هناك من وجد في المحنة فرصة ذهبية للتركيز في العبادات دون وجود ما يلههم عنها، وبدؤوا التفكير في بدائل لاستحضار أجواء رمضان وبهجته.

تراويح منزلية

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور من داخل المنازل لركن الصلاة أو مصلى منزلي، بعد أن خصص أصحابها مساحة أو غرفة لأداء الصلاة جماعة في المنزل واستحضار أجواء التراويح الإيمانية.

تقاسم الناس عبر هذه الصور والمقاطع المصورة أفكارا لإنجاز المصلى، الذي لا يحتاج مجهودا كبيرا غير بعض الديكورات البسيطة وسجاد الصلاة، حتى يشعر أهل البيت ببهجة رمضان، ويدعمون حالتهم النفسية في ظل الحجر المنزلي.

المصلى المنزلي يشجع أيضا الأطفال على أداء الصلاة، والاقتداء بالأهل والمشاركة في صلاة الجماعة.

وفي بحث بعنوان "تاريخ التراويح" أجرته قناة "الجزيرة"، ظهر أنها ليست المرة الأولى في تاريخ الإسلام التي تمنع فيها صلاة التراويح، فقد حدث ذلك من قبل في عدد من الدول الإسلامية بسبب الحروب والأزمات. 

وأفاد المصدر ذاته أن "بعض أجلاء الأئمة كانوا يفضلون صلاتها بأنفسهم وفي بيوتهم، فقد كان الشافعي (ت 204هـ) لا يصلي مع الناس التراويح في المسجد، لكنه كان يصلي في بيته ويختم في رمضان القرآن 60 مرة".

بث مباشر

لفك العزلة على المصلين الذين فرضت عليهم الجائحة التزام المنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، ابتكر عدد من الأئمة عبر العالم فكرة نقل الصلوات وتلاوة القرآن الكريم عن طريق البث المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعرفت هذه المقاطع المصورة مشاهدات بالملايين من المسلمين حول العالم المتعطشين لأداء الصلاة خلف الإمام.

في ألمانيا وإندونيسيا اعتمد الأئمة تقنية البث المباشر، بينما في المغرب نشر عدد من الأئمة فيديوهات يومية لصلاة التراويح يؤديها الإمام حتى يتمكن المصلون من أداء الصلاة خلفه.  

ليست الصلاة وحدها التي فرضت الجائحة أن تكون في المنازل، بل الصدقة أصبحت تجمع وتوزع أون لاين، حيث نشر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حسابات وتطبيقات لجمع الصدقات ومساعدة المحتاجين في عدة دول، وهي العبادة التي تعرف إقبالا كبيرا في الشهر الكريم.

إفطار أون لاين

الحرمان من موائد الإفطار التي تتزين بكل أصناف المأكولات ويجتمع حولها الأهل والأصدقاء، جعل الناس تفكر في طريقة لتعويض هذه "اللمة". 

ولأن برامج المحادثات عبر الفيديو كسرت التباعد الاجتماعي الذي فرضته الجائحة وقربت بين الأهل والأصدقاء، جاءت فكرة إفطار جماعي لكن عبر أحد هذه التطبيقات. 

لم يقتصر الأمر على الأهل والأصدقاء فحسب بل نظمت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات مفتوحة للانضمام لإفطار جماعي أون لاين.

وحددت إحدى هذه الصفحات من مصر يوم الجمعة 8 مايو/ أيار 2020، للإفطار جماعة لكن عن بعد بسبب حظر التجول الذي تفرضه البلاد للحد من انتشار الفيروس.

اليوم عملت بنصيحة ترودو رئيس الوزراء الكندي.. إفطار جماعي أونلاين!!!Thanks #Trudeau

 رمضان مبارك تقبل الله أجركم مضاعفا في هذه الظروف الصعبة..!

Posted by Ahmed Yaacobi on Saturday, April 25, 2020

أما من اعتادوا تنظيم موائد الرحمان لعابري السبيل والمحتاجين، فقد لجؤوا إلى توزيع وجبات الإفطار على المنازل.

ودعا كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي عدم نسيان المحتاجين في بيوتهم وإن منع تفشي فيروس كورونا من تنظيم موائد الإفطار الجماعي لهم.

فانوس رمضان

اعتاد سكان هذه الدول تعليق "زينة رمضان" في منازلهم وشوارعهم احتفاء وفرحا بحلول سيد الشهور. 

لم يتنازل هؤلاء عن عادة الترحيب برمضان، وقاموا بصناعة فوانيس رمضان في المنازل يدويا لاستحضار نفس أجواء السنوات الماضية. 

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تتضمن شرح خطوات صناعة الفانوس منزليا باستخدام آلات بسيطة ومتوفرة كالورق.

في حين يعلق الأتراك هذه الزينة على مآذن المساجد، يكتبون من خلالها رسائل تسمى "المحيا" وتتضمن عبرا تتعلق بالشهر الكريم، مثل "صوموا ولا تبذروا". وهي عادة عثمانية مستمرة منذ 450 عاما.  

من العادات التي لم يتنازل عنها الأتراك هي استقبال الشهر الفضيل على إيقاع طبول المسحراتي، إذ جاب شوارع إسطنبول فجر أول يوم من رمضان مجموعة من المسحراتية مرتدين الكمامات.

أطباق وحلويات

رغم الإغلاق أصرت الأسر على إعداد الأطباق السنوية الخاصة بالشهر الكريم وإن كان من الصعب تحضيرها في المنزل ببعض الدول. 

تعتبر بعض المأكولات وخصوصا الحلويات جزءا من الشهر الفضيل، وحتى لا يشعر الصائمون أن رمضان هذا العام مختلف عن سابقيه عمدت ربات البيوت تحمل عناء صنعها في المنزل، فصنعت التونسيات "زلابية" التي تعتبر علامة على دخول شهر الصيام.

وأعدت المغربيات "الشباكية" التي تعد طبقا ضروريا على مائدة الإفطار، وتؤكل مع حساء "الحريرة" والثمر والبيض المسلوق، ويعتبر هذا هو الفطور الأساسي للمغاربة. 

فيما حضرت ربة البيت المصرية "صوابع زينب"، ولم تخل الموائد السورية من حلويات "المشبك السوري".

صوابع زينب

اليوم نعرض عليكم طريقة سهلة وبسيطة وهى طريقة عمل صوابع زينب في المنزل بدون أي صعوبة ومن المعروف أن تلك...

Posted by ‎الشيف اسامه احمد‎ on Wednesday, April 8, 2020

فرصة ذهبية

تخوف البعض من ضياع بهجة رمضان وسط إجراءات الحجر قابلها ارتياح من طرف من رأوا في المحنة منحة من الله حتى يتمكن الناس من التقرب إليه بالعبادات في الشهر الكريم.  

وفي الوقت الذي كان يكون فيه تركيز الصائم مشتتا بين تلبية دعوات الإفطار من الأهل والأصدقاء والصلاة في المسجد وقضاء السهرة سواء في المقهى أو في المنزل، أصبح مطلوبا منه الصلاة والصيام وقراءة القرآن.

رأى العديدون في الجائحة خلال رمضان فرصة لإيقاف الموائد الباذخة التي كان يهدر فيها الطعام بينما يبقى ملايين الأسر بلا أكل. وفرصة للتعبد في المنازل والخلوة مع الله.

وكما تمكن فيروس كورونا من خفض نسبة التلوث في الأرض بنسبة 50 بالمئة بسبب تقليل حركة وسائل النقل، وعودة الحيوانات للتجول بكل أريحية، فهو فرصة لعودة الإنسان أيضا إلى طبيعته. 

وفي حين لا يرى الكثيرون في الجائحة سوى جانبا سلبيا، يعتبر البعض أن لها إيجابيات، منها مراجعة الإنسان لحياته والوقوف عند أخطائه سواء على مستوى المعاملات أو أسلوب الحياة.  

يكفي أن المحنة منحت الكثيرين فرصة للتواصل وتوطيد الأواصر بين الأصدقاء والعائلات. وهو ما أكدته شركة مايكروسوفت مؤكدة أن مستخدمي تطبيق "سكايب" زاد عددهم بأزيد من 40 مليون مستخدم خلال الحجر الصحي.

أما مكالمات الفيديو على تطبيق "فيسبوك ماسنجر" و"واتساب" فعرفت زيادة بنسبة 70% بعد فرض الدول للتباعد الاجتماعي للحد من انتشار فيروس كوفيد 19.