بعد إطلاقها أول قمر صناعي عسكري.. 3 سيناريوهات تنتظر إيران

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثارت إيران حفيظة الدول الغربية مجددا، بإعلانها في 22 أبريل/نيسان 2020، نجاحها في إطلاق أول قمر صناعي عسكري، وسط حالة من التوتر المتنامي بين طهران وواشنطن في منطقة الشرق الأوسط.

الخطوة التي وصفها الحرس الثوري، بأنها "عمل كبير وانعطافة جديدة" على الصعيد الفضائي لإيران ووعد بتكرارها، أثارت استهجان وغضب الولايات المتحدة ودول غربية عدة، وإسرائيل أيضا، الذين أكدوا أنها "استفزاز كبير وتشكل تحديا جديدا وخطيرا".

وفي ظل التطور الجديد، تدور تساؤلات حول تداعيات إطلاق قمر "نور1" العسكري على مستقبل العلاقة -المتأزمة بالأساس- بين إيران والولايات المتحدة بعد سلسلة استفزازات بينهما؟ وما الذي يعنيه للعالم إطلاق القمر الصناعي العسكري؟ وهل يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا ضد طهران بعد دعوة واشنطن إلى محاسبتها؟.

3 سيناريوهات

بخصوص مستقبل العلاقة بين البلدين على خلفية التطورات الأخيرة التي بدأت من منع الولايات المتحدة صندوق النقد الدولي من تقديم قرض إلى إيران لمواجهة كورونا، وتحرش الأخيرة بالسفن الأميركية، وصولا إلى إطلاق طهران للقمر الصناعي، طرحت الكاتبة بوني كريستيان 3 سيناريوهات محتملة في مقالها بمجلة "ذا ويك" الأميركية في 23 أبريل/ نيسان 2020.

السيناريو الأول، قالت الكاتبة: "هو أن تسعى الولايات المتحدة إلى تغيير النظام الإيراني، وهو سيناريو سبق أن طرحه الباحثان إريك إيدلمان، وراي تقية، في مقال نشرته لهما مجلة فورين أفيرز الأميركية".

أما السيناريو الثاني، فهو "الحفاظ على الوضع الراهن إلى أجل غير مسمى، مع استمرار ممارسة أقصى الضغوط في خضم المناوشات مع القوات الموالية لإيران في العراق وسوريا وأماكن أخرى. وفي السياق، أعلنت إدارة ترامب مؤخرا إنشاء منظومة دفاع جوي جديدة بالعراق ردا على الهجوم الذي شنته طهران بصواريخ باليستية في يناير/كانون الثاني 2020".

الكاتبة رأت في السيناريو الثالث، أن "يكون في اعتماد الحلول الدبلوماسية والسعي نحو السلام، والتركيز على محادثات يقدم فيها الطرفان تنازلات ذات مغزى".

وقالت بوني كريستيان: إن "مقال إريك إيدلمان وراي تقية كشف الكثير مما لا يجرؤ على قوله كثير من صقور الإدارة الأميركية المعادين لإيران. إذ أن صور المعارك في العراق تكشف بوضوح أن الولايات المتحدة غرقت في مستنقع صنعته بأيديها".

وحذرت الكاتبة من أن الولايات المتحدة إذا أقدمت على غزو إيران، فستواجه أسوأ مما حصل لها في العراق على كل الأصعدة. وأكدت أن مقال مجلة "فورين أفيرز" لا يتبنى فكرة الغزو، لكنه يطرح فكرة تغيير النظام من خلال القيام "بكل ما هو ممكن لإضعاف الحكومة ودعم أولئك الذين يعارضونها داخل إيران"، بما في ذلك دعم بعض العمليات السرية في الداخل الإيراني، وزيادة الضغوط.

ورأت الكاتبة أن "عدم وجود خطة علنية لغزو إيران لا يعني أنه خيار غير مطروح، فعلى مدى السنوات الماضية لم ينجح الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة إلا في دفع طهران إلى إثارة الفوضى في المنطقة، في محاولة يائسة لتثبت عدم رضوخها للضغوط".

وأشارت إلى أن هذا الأمر أدى إلى وضع القوات الأميركية في قلب الخطر. وفي حال كان هناك خطة للغزو أو لم تكن، فإن الخيارين الأول والثاني يضعان الولايات المتحدة وإيران على حافة حرب مفتوحة.

واعتبرت الكاتبة أن السبيل الوحيد لتجنب الحرب هو السعي نحو تحقيق السلام. وهذا يتطلب الاعتراف بأن سياسة العقوبات وممارسة "أقصى الضغوط" فشلت في جر إيران إلى الاستجابة للمطالب الأميركية، كما أججت مشاعر الجماهير الإيرانية ضد الولايات المتحدة، خاصة في ظل أزمة كورونا.

ما الجديد؟

ما يفرق هذه المرة عن اتهامات الغرب السابقة لإيران بتطوير قطاع الصواريخ، ولا سيما الباليستية منها، هو أن طهران أعلنت بشكل صريح أن القمر الصناعي كان للأغراض العسكرية، الأمر الذي أثار تساؤلا بخصوص ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للدول التي تعادي النظام الإيراني.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن مصادر رفيعة إسرائيلية أن "إيران أطلقت لأول مرة قمرا اصطناعيا عرف رسميا بأنه عسكري من طرف الحرس الثوري، وكشفت في أثناء ذلك عن منصة جديدة لإطلاق الأقمار الاصطناعية، وعن تدشين موقع جديد لإطلاقها".

وأوضحت الصحيفة العربية، حسبما نقل مراسلها إيتمار أيخنر، أن "هذه الخطوات تعطي انطباعا بأنه رغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بإيران جراء فيروس كورونا، فإنها لا تهمل جهوزيتها العسكرية".

وذكرت المصادر الإسرائيلية: "صحيح أن الحرس الثوري الإيراني كان شريكا في إطلاق أقمار اصطناعية في السابق، لكن هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها طهران بأن الحديث يدور حول نشاط عسكري، وحول نشاط لمنظمة أمنية هدفها الأول هو الدفاع عن نظام إيران".

من جهة أخرى، قالت شبكة "سي إن إن" خلال برامجها المسائية في 23 أبريل/ نيسان 2020: إن "تقييم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) خلص إلى أن تجربة إطلاق القمر الصناعي الإيراني تمت بنجاح للمرة الأولى بعد عدة محاولات فاشلة في الماضي".

وقال الخبير العسكري ديفيد دي روتش من جامعة "الدفاع الوطني" في واشنطن على حسابه بتويتر: "إيران تطلق أول قمر صناعي عسكري، ويعني ذلك نظريا أنه أصبح لديها إمكانيات إطلاق صواريخ عابرة للقارات"، وإن صح هذا التقدير فسيعد ذلك تطورا خطيرا في المواجهة المتصاعدة بين طهران وواشنطن.

وأشار دي روتش في تصريحات صحفية إلى أن النظام في طهران "يريد أن يظهر في موقف جيد، خاصة بعد الفشل المدوي الذي تمثل في إسقاط طائرة ركاب مدنية بعد إقلاعها من مطار طهران مطلع 2020".

لكن البروفيسور من جامعة "الدفاع الوطني" في واشنطن جودت بهجت، قال في مقابلة مع "الجزيرة": "إيران تبعث رسالة مفادها أنه رغم العقوبات وانتشار فيروس كورونا فإنها قادرة على التقدم وتحسين إمكانياتها العسكرية".

وحين سئل الرئيس دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض عن القمر الصناعي الإيراني، قال: "نتابع عن كثب". لكن وزير الخارجية مايك بومبيو، قال: "إيران بثت حول العالم معلومات مضللة بشأن الفيروس، من ضمنها حاجتها إلى المصادر لمواجهة تفشي فيروس كورونا داخليا".

وأضاف: "ها هم اليوم يطلقون الأقمار الصناعية، ويسيّرون السفن في الخليج العربي ويتحرشون بالسفن العسكرية الأميركية ويواصلون تمويل المليشيات الشيعية ويعملون لدعم حزب الله، بالأمس نظيري الإيراني كان في سوريا يتحدث مع سفاح دمشق"، في إشارة إلى بشار الأسد.

"تحايل إيراني"

وعلى صعيد التحرك الدولي المحتمل ضد إيران في مجلس الأمن بعد تجربتها الأخيرة في إطلاق قمر للأغراض العسكرية، اعتبر بومبيو أن "الأمر بمثابة تحد لقرار أصدره مجلس الأمن عام 2015. لكل دولة الحق في اللجوء إلى المجلس، وإيران ستتحمل مسؤولية أفعالها".

ويدعو القرار إيران للامتناع لمدة 8 سنوات عن العمل على تطوير صواريخ باليستية مصممة لحمل أسلحة نووية، وذلك بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته مع 6 دول عظمى.

من جهتها، وصفت مورغان أورتاغوس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، إطلاق الحرس الثوري الإيراني لقمر صناعي عسكري بأنه "خطوة استفزازية كبيرة" ودعت الدول الأعضاء في مجلس الأمن لمحاسبة طهران على انتهاكها القرارات الأممية.

وقالت أورتاغوس في حديث لقناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة، في 23 أبريل/نيسان 2020: "قرار مجلس الأمن رقم 2231 يطالب إيران بعدم اتخاذ أي إجراء يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة لحمل أسلحة نووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق التي تستخدم تكنولوجيا الصواريخ الباليستية".

ووصفت الدبلوماسية الأميركية خطوة الحرس الثوري الأخير بأنها "تحايل على القرار، وتحرك استفزازي كبير"، داعية الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى محاسبة إيران.

وفي السياق ذاته، اعتبرت بريطانيا، إطلاق إيران قمرا صناعيا هذا الأسبوع أمرا قلقا شديدا. وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية: "التقارير عن إطلاق إيران قمرا صناعيا باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية مقلقة للغاية ولا تتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 2231".

وحسب "رويترز" فإن المتحدث البريطاني (لم تذكر اسمه) أضاف: "تطالب الأمم المتحدة إيران بالامتناع عن أي نشاط يتصل بالصواريخ الباليستية المصممة بحيث تكون قادرة على حمل أسلحة نووية. يجب أن تلتزم إيران بذلك".

وتابع: "لدينا مخاوف بالغة وقديمة نحن وشركاؤنا الدوليون بشأن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني الذي يزعزع استقرار المنطقة ويمثل تهديدا للأمن الإقليمي".

أما الخارجیة الألمانية فعبرت عن القلق بشأن إطلاق إيران لقمر صناعي عسكري. وقالت ببيان لها في 23 أبريل/ نيسان 2020: "موقفنا لم يتغير من برنامج الصواريخ الإيراني الذي له تأثير مزعزع للاستقرار في المنطقة وغير مقبول من حيث مصالحنا الأمنية الأوروبية".

من جهتها، أدانت فرنسا بشدة في 23 أبريل/ نيسان 2020، إطلاق إيران القمر الصناعي، واعتبرت أنه يثير مزيدا من القلق بشأن برنامج طهران الباليستي ويشكل تهديدا للأمن الإقليمي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية: "نظرا للتشابه الشديد بين التقنيات المستخدمة لإطلاق صواريخ إلى الفضاء ولإطلاق الصواريخ الباليستية، يساهم هذا الإطلاق بشكل مباشر في تحقيق إيران تقدما مقلقا للغاية بالفعل في برنامجها للصواريخ الباليستية".

وأضافت: "يجب على إيران أن توقف كل الأنشطة المرتبطة بتطوير الصواريخ الباليستية المصممة لحمل أسلحة نووية، بما في ذلك القاذفات الفضائية. عملية الإطلاق لا تتوافق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231".

"نور1"

وعلى صعيد نوعية القمر الذي أطلقته إيران، والمواصفات التي يتمتع بها، والوظيفة التي يمكن أن يؤديها في المستقبل، قال رئيس مركز أبحاث الفضاء في معهد "فيشر" الإسرائيلي، طال عنبار: إن "القمر الاصطناعي الجديد دخل إلى المسار المذكور، وإن كنا لم نر بعد صورا قام بالتقاطها".

وأوضح عنبار في تصريحات صحفية أن "الإيرانيين يمتلكون القدرة على الوصول إلى صور أقمار اصطناعية تجارية، وهذه القدرة ساعدتهم على تخطيط الهجوم الصاروخي الناجح ضد منشآت النفط السعودية، لكن ثمة أهمية أيضا لتشغيل أقمار التجسس بصورة ذاتية".

وأضاف: "القمر الصناعي الجديد أطلق من دون إعلان مسبق وبسرعة من خلال منصة إطلاق متحركة ثلاثية المراحل. وبذا بثت إيران إشارات فحواها أن بمقدورها أن تطلق صواريخ باليستية من مواقع متنوعة في حال تعرض مواقع الإطلاق المحصنة التي أنشأتها للهجوم".

ويعتقد الخبير العسكري ديفد دي روتش أن "طول مدى الصواريخ العابرة للقارات يقدر بـ5500 كيلومتر، لكن قدرة القمر الإيراني لا تتخطى 2000 كيلومتر فقط". 

وأردف: "بالطبع هذا يعد تقدما، لكنه يظل تقدما محدودا في النهاية، صواريخ إيران مصدرها كوريا الشمالية وتتمتع بالوزن الثقيل، ومن الصعب جدا تحويلها إلى صواريخ عابرة للقارات".

وقلل دي روتش من أهمية إطلاق إيران القمر الصناعي بنجاح، قائلا: "قبل 30 عاما امتلك عدد قليل من الدول الأقمار الصناعية، الآن يمتلك تلك الأقمار الكثير من الشركات الخاصة التي لديها تكنولوجيا تسمح بوضع قمر في مداره، من هنا فإن ما حققه الإيرانيون لا قيمة عسكرية كبيرة له، هم يهدفون لمكاسب في تحسن الصورة والعلاقات العامة".

من جهتها، نقلت وكالة "نوفوستي"، عن ديمتري باشكوف هاوي اتصالات لاسلكية روسي، قوله: رصدت اتصالا من أول قمر صناعي عسكري أطلقته إيران مؤخرا. الاتصال أتاح لي تحليل البيانات، عن وضع أنظمة القمر الصناعي الإيراني نور1".

وحسب قوله، فإن القمر يرسل اتصالاته بتردد 400 ميغاهيرتز مع الإبدال بإزاحة التردد (FSK)، موضحا أنه يشبه في ذلك النماذج المصنوعة في الصين وأوروبا. وأوضح، أن مثل هذه الأجهزة تستخدم في كثير من الأقمار الصناعية التجارية الصغيرة، بما فيها الأقمار من نوع "كوبسات".

وخلص باشكوف، بناء على علامة القمر التي ظهرت في فيديو إطلاقه، إلى أن ذلك ليس سوى "كوبسات" بسيط من حجم 6U، ما يعني أن حجمه 10. 20. 30 سم. وتابع: "الاتصال من القمر ليس مستقرا، ما يعني على الأرجح أنه لا يزال يدور، ولن يبدأ بالعمل ما لم يتم وقف دورانه، وبعد ذلك سيجري تسليم المعلومات منه إلى الأرض عبر قناة اتصال أسرع".