واشنطن بوست: ترامب يعمق أزمات اليمن وسط انتشار كورونا

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة واشنطن بوست: إن قطع الولايات المتحدة مساعداتها عن اليمن، يعمق أزمات البلد الذي يعيش حربا أهلية و تدخلات عسكرية يقودها التحالف السعودي، في ظل تفشي وباء كوفيد 19 الذي ترك البلاد في حالة يُرثى لها.

وذكرت الصحيفة الأميركية في تقرير كتبه سودارسن راجيفان مدير مكتبها أن مسؤولين متخصصين في القضايا الإنسانية حذروا من أن عشرات برامج الأمم المتحدة التي تساعد الملايين من اليمنيين الفقراء يمكن أن تتوقف بحلول نهاية أبريل/نيسان 2020.

ويرجع ذلك إلى حد كبير للتخفيضات الكبيرة في المساعدات الأميركية في الوقت الذي شهدت البلاد فيه أول حالة مؤكدة مصابة بفيروس كورونا.

وأشار التقرير أن مسؤولين كبار في الأمم المتحدة أبلغوا مجلس الأمن أن 31 من أصل 41 برنامجا في اليمن قد تضطر إلى إغلاقها في غضون أسابيع قليلة إذا لم تفِ الولايات المتحدة والمانحون الآخرون بتعهدات التمويل الخاصة بهم.

ومن المعلوم أن تلك البرامج تشمل الأموال المخصصة للمساعدة الغذائية، وتغذية الأطفال، والصحة، والمياه والصرف الصحي، فضلا عن توفير المأوى، وكلها متطلبات  ضرورية لمكافحة كوفيد 19، وغيرها من الأمراض.

خلفيات القرار

ويؤكد التقرير أن التحذيرات جاءت بعد أن ألغت إدارة دونالد ترامب عشرات الملايين من الدولارات من المساعدات الإنسانية في مارس/آذار 2020، بعد اتهام المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران بتعطيلها واستخدامها، ثم ما لبث الرئيس ترامب أن قرر سحب التمويل لمنظمة الصحة العالمية، التي تلعب دورًا كبيرًا في اليمن.

وينقل عن منتقدي القرار قولهم: إن تخفيضات التمويل لها دوافع سياسية وتعكس العداء الأميركي تجاه إيران، في ذات الوقت الذي تحث فيه منظمات الإغاثة الدولية إدارة ترامب على إعادة التمويل لليمن.

وبنى هؤلاء دعوتهم على أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية أخلاقية لمساعدة البلاد لأن الطائرات المقاتلة والقنابل والأسلحة الأخرى التي توفرها الولايات المتحدة قد استخدمها التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن لتدمير عشرات المستشفيات والعيادات والمنشآت المدنية الأخرى.

وقال سكوت بول، مستشار السياسة الإنسانية لمنظمة أوكسفام أميركا: "من المذهل مراقبة دول، مثل الولايات المتحدة، تزود الأسلحة بحرية للحرب ثم تقطع الدعم عن الخدمات الصحية".

وتابع: "لا يوجد أي عذر لأي دولة، على الأقل من بين كل البلدان التي أشعلت الصراع مثل الولايات المتحدة، لإيقاف التمويل لأنشطة إنقاذ الحياة في مثل هذا الوقت الحرج".

من جهته قال متحدث باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: إن سبب ذلك هو تدخل الحوثيين منذ فترة طويلة في العمليات الإنسانية، مما ينتج عنه عدم استفادة اليمنيين الأكثر احتياجا لهذه المساعدات منها، مما جعل الولايات المتحدة غير متأكدة من وصول المساعدات لمن يستحقها. 

ويشير التقرير إلى أنه بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، بات اليمن أشد أزمة إنسانية في العالم، حيث يعتمد حوالي 80 بالمائة من السكان الآن على المساعدات الخارجية، بعد أن دمرت الحرب البنية التحتية الصحية، مما تسبب في انهيار الجهاز المناعي لملايين اليمنيين بسبب انتشار الجوع وسوء التغذية، وكذلك أمراض مثل الكوليرا والحمى.

خطورة الأمر

ونقل التقرير عن مارك لوكوك، كبير مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة، لمجلس الأمن قوله: "نتيجة لذلك، يحذر علماء الأوبئة من أن كوفيد 19 في اليمن يمكن أن ينتشر بشكل أسرع وعلى نطاق أوسع وبنتائج مميتة أكثر من العديد من البلدان الأخرى".

وبعبارة أخرى، الوقت ينفد من الجميع لإنقاذ ملايين اليمنيين المعرضين لخطر الموت، وفق تعبيره.

يُذكر أنه قبل أسبوعين، أبلغ اليمن عن حالته الأولى الوحيدة المؤكدة لفيروس كورونا، لكن عمال الإغاثة يشتبهون في أن إجمالي أعداد الإصابات أعلى بكثير من الأرقام المعلنة.

وقال مسؤولون بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مارس/آذار 2020: إنهم سيعلقون في البداية 73 مليون دولار من المساعدات للجزء الشمالي من البلاد، الذي يسيطر عليه الحوثيون.

إلا أن أوكسفام وجماعات إغاثة أخرى تقول: إن التخفيضات يمكن أن تصل بالمجمل إلى 200 مليون دولار، في الوقت الذي حث فيه اثنان من المشرعين الأميركيين، النائب إليوت ل. إنجل (ديمقراطي من نيويورك) وآدم سميث (دي-واش)، الإدارة على مواصلة تدفق المساعدات إلى اليمن.

ويؤكد التقرير أن الولايات المتحدة كانت قد تعهدت بتقديم حوالي 27 مليون دولار للسنة المالية التي بدأت في سبتمبر/أيلول (2019) لبرامج الصحة والتغذية لمنظمة الصحة العالمية في اليمن، وفقا لوكالة التنمية الدولية الأميركية.

وقال المتحدث باسم الوكالة: إن برامجهم مستمرة في العمل في جنوب اليمن، مضيفا أن الولايات المتحدة ستواصل دعم الأنشطة الحرجة التي تنقذ الأرواح في شمال البلاد.

ويشير التقرير إلى أن المساعدات الأميركية التي تم قطعها كان من المؤكد أنها ستكون حيوية لإنقاذ عدد لا يحصى من الناس، في الوقت الذي ساعد فيه الحظر الجوي والبحري الذي فرضه التحالف المدعوم من الولايات المتحدة على وجود نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية وغيرها من الإمدادات الصحية.

نتيجة لذلك فإنه قد تم إغلاق نصف المرافق الطبية، وفقا لمنظمة أوكسفام، وفقد ملايين اليمنيين إمكانية الحصول على إمدادات المياه والصابون.

تخفيضات ملموسة

ويؤكد التقرير أنه يوجد ما يقرب من 700 سرير في وحدات العناية المركزة، بما في ذلك 60 سريرا للأطفال، و500 من أجهزة التنفس الصناعي لخدمة سكان يبلغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة، وفقا لمنظمة إنقاذ الطفولة الخيرية.

كما أن تخفيضات التمويل كان لها الأثر البالغ على بعض المرافق الصحية، مما تسبب في توقف الأمم المتحدة عن توفير الوقود للمولدات لتشغيل المعدات الطبية ومكيفات الهواء في العديد من المرافق الصحية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية، وفقا لعائشة جمعان، رئيسة مؤسسة الإغاثة والتعمير اليمنية.

وتقع في تلك المؤسسة مستشفى الثورة، وهو الأكبر، حيث يخدم أكثر من 600 ألف شخص ويستعد لحالات فيروس كورونا المحتملة.

وقالت جمعان: "إن هذه التخفيضات أصبحت محسوسة بالفعل، حيث تم قطع الطاقة عن مستشفى رئيسي مما ينبئ بكارثة صحية في هذه المنطقة".

وأشار لوكوك إلى أنه إذا تم إغلاق المزيد من البرامج، فإن ما يصل إلى مليون شخص لن يتلقوا الإمدادات الأساسية، بما في ذلك مجموعات النظافة للحماية من فيروس كورونا.

وأضاف أن أكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد يمكن أن يصبحوا أكثر عرضة للإصابة بسبب التخفيضات في برامج التغذية.

في غضون ذلك، تقدر منظمة الصحة العالمية أن 80 في المائة من الخدمات الصحية التي تقدمها يمكن أن تتوقف في نهاية أبريل/نيسان 2020، بما في ذلك الفرق الصحية المحلية التي تكشف عن تفشي الأمراض.

العمل مع الحوثيين

ويؤكد التقرير أنه في حين اتخذ الحوثيون خطوات لتحسين ظروف العمليات الإنسانية، لا يزالون يفرضون قيودا شديدة على تسليم المساعدات وحركة موظفي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة.

وينقل التقرير عن مسؤول غربي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية قوله: "على من يقع اللوم؟ إنهم الحوثيون، من خلال رفضهم الالتزام بالمبادئ الإنسانية التي يتم احترامها في كل دولة أخرى".

من ناحية أخرى، تحث منظمة أوكسفام وجماعات المساعدة الأخرى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على اتباع نهج أكثر تعاونا واستئناف إرسال المساعدة، نظرا لخطر فيروس كورونا.

وقالت عائشة جمعان: "قررت الكثير من المنظمات البقاء في اليمن وتعمل مع الحوثيين لحل خلافاتهم، نحن لا نأخذ الملايين من الناس رهائن لصراع بينك وبين خصمك".

وفي محافظة مأرب الوسطى، آخر معقل رئيسي للحكومة، أكد السكان وقوع اشتباكات يومية بين الحوثيين والحكومة بصواريخ وقذائف تمطر على الأحياء.

وقال فؤاد أحمد الهدا، 45 سنة، موظف بوزارة الشباب والرياضة في المحافظة: "نسمع طائرات مقاتلة من التحالف تحلق في السماء، مما يؤكد أن إعلان وقف إطلاق النار ذهب مع الريح".

وأوضحت منظمة إنقاذ الطفولة في بيان لها بـ22 أبريل/نيسان 2020 أنه منذ بدء وقف إطلاق النار في التاسع من ذات الشهر، قُتل أو شوه ما لا يقل عن 38 مدنيا، من بينهم خمسة أطفال قتلوا وستة جرحى آخرين، وأضافت المجموعة إن 29 منزلا تمت إصابتها جراء قصف للطائرات.

وأكد خافيير جوبرت، المدير القطري لليمن لإنقاذ الأطفال أنه "من المخيب للآمال إلى حد كبير أن الأطراف المتحاربة لم تستطع حتى إلقاء أسلحتها لمدة أسبوعين لدرء التهديد الوشيك الذي تواجهه البلاد وهو احتمال تفشي كورونا".

وتابع: أن "هذا يدل على الافتقار التام للإرادة السياسية من جميع المشاركين في هذا النزاع الرهيب، والذي يدفع المدنيون فقط ثمنه الباهظ".