السبب والعدوى والعلاج.. هكذا تضاربت المعلومات عن كورونا منذ ظهوره

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

الثابت في أزمة جائحة فيروس كورونا حتى الآن هو عدم دقة كل المعلومات التي جمعت حوله، بدءا من سبب ظهوره لأول مرة في مدينة ووهان الصينية، مرورا بطرق العدوى، وانتهاء بسبل العلاج.

لم يكشف أحد بشكل موثوق عن المصدر الفعلي المتسبب في فيروس كورونا، ففي حين يرجح البعض أن مصدره هو الخفاش، يقول آخرون: إن مصدره هو أكل النمل الحرشفي، بل وصل بالبعض القول: إن الفيروس جاء من الفضاء، من خلال نيزك ضرب الصين العام الماضي، حسبما نقلت صحيفة إكسبرس البريطانية عن مجموعة من العلماء.

 

تأرجح مبكر

بداية التأرجح في الإعلان عن معلومات غير دقيقة، بل أحيانا متضاربة ومتناقضة، جاءت من قبل منظمة الصحة العالمية، التي أفادت أن فيروس كوفيد 19 لا ينتقل بين البشر، غير أن الفيروس أصاب، حتى كتابة التقرير، أكثر من مليونين و800 ألف شخص حول العالم، توفي منهم نحو 200 ألف.

نهاية مارس/آذار 2020، نشرت المنظمة تغريدة على تويتر قالت فيها: "لا يوجد دليل أن فيروس كورونا ينتقل بالهواء، بل ينتشر عن طريق القطيرات والمخالطة.. إلخ".

غير أن علماء من المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية الأميركية للصحة، وجامعتي كاليفورنيا في لوس أنجلوس وبرينستون، أجروا دراسة نشرت في دورية "نيو إنجلاند جورنال أوف مديسن قالوا فيها: "فيروس كوفيد 19 يبقى حيا ومعلقا في قطيرات الرذاذ في الجو 3 ساعات، والرذاذ يعمل كقاذفة تحمل قنابل مجنحة، هي فيروسات كورونا، وهذه القاذفة تتجول بانتظار أن تصادف هدفا تصب عليه حممها، أي فيروسات كورونا".

وفي حين كانت المعلومات الذائعة أن الفيروس ينتقل عبر العطاس وأن المسافة الآمنة بين الأشخاص هي متر ونصف، أفاد أطباء بأن الفيروس يمكن أن ينتشر بمجرد الحديث أو التنفس، وأن الحد الأدنى للمسافة الآمنة هي 3 أمتار.

شبكة سي إن إن الأميركية قالت: إن لجنة علمية مرموقة أبلغت البيت الأبيض بأبحاث تظهر أن فيروس كورونا المستجد، لا ينتقل من خلال العطس والسعال فحسب، بل عبر التحدث، أو حتى مجرد التنفس.

ووفقا لرسالة كتبها رئيس لجنة طبية بالأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم الدكتور هارفي فاينبرغ، فإن نتائج الدراسات المتاحة - رغم محدوديتها - تتسق مع تطاير الفيروس من التنفس الطبيعي.

معلومات كانت سائدة وفق مصادر طبية صرحت أن الطرود والبضائع التي يوصلها عمال البريد وموظفو التوصيل "الديلفري" لا تنقل الفيروس، وهو ما نشرته صحيفة لوموند الفرنسية قائلة: "الفيروس لا ينتقل عبر البضائع والطرود، واحتمال انتقاله ضعيف للغاية".

غير أن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نقلت عن الدكتور بين تشامبان أخصائي سلامة الغذاء بجامعة ولاية كارولينا الشمالية أن فيروس كورونا يمكن أن يعيش في الطرود والمنتجات التي تصل إلى المنزل.

وأضافت الصحيفة أنه تم تسجيل عدد من مصابي فيروس كورونا بين عمال البريد، كما أن بعض عمال التوصيل لدى "خدمة البريد المتحدة" (يو بي إس) وفيدكس الأميركيتين يواصلون العمل وهم مرضى خوفا من فقدان وظائفهم.

  عقار الملاريا

كانت القضية الأكثر جدلا والأبرز في سياق الأزمة  الصحية هو اكتشاف فاعلية دواء الملاريا "الكلوروكين" في علاج مصابي فيروس كورونا.

الطبيب الفرنسي البراز ديدييه راوول، أخصائي الأمراض المعدية ومدير معهد المستشفى - الجامعي للأمراض المعدية في مرسيليا (جنوب فرنسا) صرح أن عقار الكلوروكين أثبت فعاليته مختبريا في القضاء على فيروس كورونا، وأن المعهد قرر الشروع في اختبارات طبية واسعة النطاق لتشخيص المصابين بالفيروس وتقديم دواء الكلوروكين لهم".

الطبيب الذي يعد أول من صرح بفعالية عقار الكلوروكين أضاف: "نحن نعلم جيدا أن الكلوروكين كان فعالا في المختبر ضد هذا الفيروس، وهذا ما أكدته التجارب التي أجريت في الصين".

تقرير نشرته صحيفة ديلى ميل البريطانية كشف عن استطلاع شارك فيه 6200 طبيب من 30 دولة أكدوا فيه أن عقار الملاريا "هيدروكسي كلوروكوين" كان أكثر فعالية في علاج مصابي كورونا، وتم منح الأطباء في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة والصين رخصة لوصف هذا الدواء للمصابين.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجاز أيضا استخدام عقار الكلوروكين للمصابين بالفيروس في المستشفيات الأمريكية.

في المقابل، حذرت منظمة الصحة العالمية في 23 مارس/آذار 2020، من الأخطار التي يمكن أن تترتب على استخدام الكلوروكين لمعالجة كورونا، قائلة: إن "المتخصصين في مجال الصحة لم يثبتوا فعاليته العلاجية"، كما عبرت عن خشيتها أن يثير "آمالا" واسعة و"زائفة".

من جهتها، قالت الناطقة الرسمية باسم الحكومة الفرنسية سيبيت ندياي: "التجارب التي يجريها الدكتور ديدييه راوول تبعث على الأمل"، إلا أنها دعت إلى توخي الحذر من استخدام الكلوروكين قائلة: "لا نملك أي دليل بأن هذا الدواء يشفي المصابين".

آثار جانبية

وكالة الاستخبارات الأميركية حذرت موظفيها من تناول دواء "هيدروكسي كلوروكين" المضاد للملاريا، كعلاج ضد فيروس كورونا، بسبب أثاره الجانبية التي قد تؤدي إلى الموت، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

وقالت المخابرات الأميركية: "في هذه المرحلة، لا ينصح باستخدام الدواء من قبل المرضى إلا بعد نصيحة الأطباء المتخصصين، لأنه قد يسبب آثارا جانبية منها الوفاة المفاجئة".

علماء في البرازيل أيضا أوقفوا تجاربهم عن مدى فعالية عقار كلوروكين في علاج فيروس كورونا، بعد ظهور مشاكل في ضربات القلب لدى ربع الأشخاص بعد تناول جرعتين فقط من الدواء.

 لم تكن مراكز الأبحاث هي من خلقت حالة من الشك بذلك التأرجح فيما بينها، بل ساهم الأطباء والعاملون في المجالات الطبية بتلك الحالة، حيث كان أطباء قد صرحوا بأن الحفاظ على الفم رطبا وتعهده بشرب الماء الساخن، يقضي على فيروس كورونا في بداياته الأولى عندما يكون عالقا في محيط الحلق، وأن جفاف الحلق يمكن أن يوفر فرصة لانتقال الفيروس إلى الرئتين.

غير أن هذه المعلومة نفتها منظمة الصحة العالمية ومصادر طبية، قائلة: إنه لم يثبت أن شرب الماء الساخن باستمرار يمكن أن يقضي على الفيروس، وأن هذه تخمينات لم تثبت وفرضيات لم يتم اختبارها.

بلازما المتعافين

آخر معلومات تم نشرها عن طرق العلاج، كشفتها هيئات طبية ومراكز بحثية بإمكانية استخدام بلازما المتعافين من الفيروس لعلاج مرضى آخرين، وذلك لاحتواء بلازما المتعافي من الفيروس على كمية من المضادات الحيوية التي تعرف ب "إي إي جي"، قادرة على تقوية مناعة المريض في وجه خطر الفيروس.

عدد من الدول بدأت في تجربة هذه التقنية، على رأسهم تركيا، وبريطانيا التي أعلنت الهيئة الوطنية للتأمين الصحي بها شروعها في التجربة، كذلك أعلنت الولايات المتحدة أنها تجرب هذا النوع من العلاج في أكثر من 1500 مشفى، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من الوكالة الأميركية للأدوية، تبعتها فرنسا.

حتى الآن لم يتم التصريح بفعالية هذه التجربة، وفي حين يتوقع البعض بأنها ستكون ناجحة، يقول آخرون بأن الفيروس قادر على تطوير نفسه عبر طفرات جينية، الأمر الذي يشير إلى احتمالية عدم نجاح هذه التجربة في علاج المصابين.

بين احتمالات النجاح من عدمه، يبقى الكثيرون منتظرين نتائج التجربة، يحدوهم الأمل لاكتشاف دواء للفيروس الذي تسبب بانهيار الاقتصادات العالمية وأوقف الحياة العامة، وأصاب مئات الآلاف، وتسبب بوفاة عشرات الآلاف.