ذا كونفرزيشن: تقارب السعودية وباكستان مرهون بعدم تدخل طهران ودلهي

12

طباعة

مشاركة

أفاد مقال على موقع "ذا كونفرزيشن" أن "علاقات جديدة بدأت تتشكل بين باكستان والسعودية، وأن أهميتها أبرزتها لقطة معبرة خلال زيارة محمد بن سلمان إلى باكستان في شهر فبراير/ شباط المنقضي، عندما ظهر أمام العالم  ثلاثة رجال يتحركون في انسجام".

وتابع المقال وصف المشهد موضحا، "على يسار بن سلمان كان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، بينما كان على الجانب الأيمن قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا. كان الرجال الثلاثة يبتسمون وهم يسيرون في خطوات، وسط الاستقبال العسكري في إسلام آباد".

واعتبر دكتور العلوم السياسية والدراسات الدولية بجامعة برمنجهام، عمر كريم، وأستاذ السياسة الدولية بنفس الجامعة، سكوت لوكاس، في مقالهما أنها "المرة الأولى منذ سنوات عديدة، التي يرى فيها القادة الحكوميون والعسكريون الباكستانيون بعضهم البعض كأنداد جديرين بالتعاون، بعد أن استمر بينهم الشد والجذب".  

باكستان تستفيد

وقال الكاتبان إن الشكل الجديد للعلاقة "يجلب قدرا من الاستقرار إلى باكستان، حتى خلال الاضطرابات الاقتصادية والتوترات المتصاعدة مع الهند".

وأوضح المقال أن "باكستان الجديدة والموحدة تسعى إلى إظهار نفسها من خلال سياسة خارجية متجددة. وهي السياسة التي يمكن أن تعيد القوات والوجود الدبلوماسي في الخليج، بينما تتدفق المليارات من المساعدات السعودية والاستثمار إلى باكستان لتنقذها من الوضع الاقتصادي المضطرب".

ورأى المتخصصان في السياسة الدولية أن "التفاهم الجديد بين عمران خان والجنرال باجوا يعتبر ثورة في العلاقات المدنية-العسكرية في باكستان. كما أنه أنهى عقدا من الانقسام في الرؤية بين السلطتين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمن القومي. وأشار المقال إلى أن محمد بن سلمان، الذي طلب من الحضور اعتباره "سفيرا لباكستان"، له دور في إنشاء هذا التفاهم ومستفيد منه أيضاً.

وعلى المستوى التاريخي، ذكر الكاتبان أن "العلاقات الباكستانية السعودية كثيرا ما تمتد لحيز العلاقة شخصية بين القادة من كلا الجانبين، وكانت لها ديناميكية إستراتيجية من خلال التعاون الأمني. وقد ساعد ذلك على ضمان أن يكون الجيش الباكستاني عنصرا أساسيا في مناورات حكومة إسلام آباد الإقليمية".

وتابع المقال: "منذ الإطاحة بالرئيس الباكستاني برويز مشرف في عام 2008، أصبحت العلاقة غير مستقرة، وتأثرت أكثر في عام 2015، عندما رفض البرلمان الباكستاني طلبا تقدمت به السعودية للمشاركة في الحرب الأهلية باليمن، فقد كان الجيش الباكستاني يرغب في اتباع نهج أكثر دبلوماسية".

وبحسب المصدر ذاته: "ظل السعوديون في ريبة من القيادة المدنية الباكستانية، في الوقت الذي قام فيه الجيش بتحركاته الخاصة لإصلاح العلاقات، وأكد المجلس للسعوديين على التزامات باكستان الأمنية تجاه المملكة، وقُدمت باكستان كهمزة وصل إستراتيجية بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا".

"وكانت هذه طريقة لمواجهة عزلة إسلام آباد على الساحة الدولية وجذب الفوائد الاقتصادية والسياسية من الخليج. كذلك، كانت العلاقة القوية مع الرياض أيضا وسيلة لتحقيق التوازن أمام منافس باكستان اللدود، الهند، ومنعها من أن تكون لها اليد العليا في الشرق الأوسط"، بحسب المقال.

الغاية تبرر الوسيلة

وقال الكاتبان: إن "تحقيق هذه الغاية، استلزم انضمام باكستان في 2017 للتحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده السعودية، الذي يجمع بين جيوش 41 دولة إسلامية لمكافحة الجماعات الإرهابية وأنشطتها في العالم الإسلامي. وتم تعيين قائد الجيش المتقاعد في باكستان، رحيل شريف، قائدا لها".

وتابع الكاتبان: "كشفت مشاركة باكستان عام 2016 في التدريبات العسكرية مع السعودية وحلفائها، وكذلك التدريبات المشتركة بين القوات الخاصة في كلا البلدين، عن زيادة مستوى التعاون بين البلدين. وعززت إسلام آباد المصالحة من خلال إرسال أكثر من 1000 جندي إلى المملكة، بالإضافة إلى 1600 جندي تم نشرهم بالفعل في مهمة للتدريب والمشورة؛ مما جعل باكستان الدولة الوحيدة التي لديها قوة أجنبية كبيرة داخل السعودية".

وأوضح المقال أنه "من دون علاقات قوية بين الجيش الباكستاني والحكومة في إسلام آباد، كانت العلاقة التي تم إصلاحها محدودة. السعوديون لم يكونوا مستعدين للقيام باستثمار مالي كبير في باكستان دون ضمان من رئيس وزراء يدعم بالكامل المبادرة الثنائية".

وعاد الباحثان إلى أغسطس/ آب 2018، عندما تم انتخاب عمران خان رئيسًا لوزراء باكستان، و"سرعان ما توجه بن سلمان، الذي كان يواجه توترات دولية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، إلى إسلام آباد بوعد تمويل بقيمة 20 مليار دولار أمريكي لباكستان"، بحسب المقال.

المتخصصان في السياسات الدولية اعتبرا أن "الإعلان عن السخاء السعودي، وإعلان ولي العهد بإطلاق سراح 2100 عامل باكستاني محتجزين في السعودية، أدى إلى ارتفاع شعبية خان في غضون ساعات".

وأوضح المقال أن "انتخاب خان أدى كذلك إلى تغير شكل العلاقة بين الحكومة الباكستانية وجيشها، فبعد سنوات من الانقسام، أصبح القادة العسكريون والمدنيون الآن على نفس الخط إزاء النظرة الإستراتيجية للبلاد، وهناك مستوى عالٍ من الثقة في العلاقة الشخصية بين خان وباجوا".

لفت المقال إلى أن "المحور السياسي-العسكري المعزز داخل باكستان، والعلاقة التي تحسنت كثيرًا مع السعودية والاستثمار الذي جاء معها، ساعد على التهوين عن باكستان التي ما زالت مهتزة من اضطرابات وفساد العقد الماضي".

كيف تقبلت إيران الأمر؟

أكد الباحثان أن "إيران لم تفرح بخبر العلاقات المتجددة بين جارتها باكستان وخصمها في الشرق الأوسط (السعودية). هذا القلق تفاقم عندما قُتل 27 من أفراد الحرس الثوري الإيراني في تفجير حافلة بالقرب من الحدود الباكستانية، قبل أيام فقط من وصول بن سلمان إلى إسلام آباد".

وبحسب المقال، "تم تنفيذ الهجوم من قبل المتمردين البلوش، لكن طهران سرعان ما ألقت اللوم على السعودية والإمارات، التي تنفذ هذه الأعمال بناء على أوامر من الولايات المتحدة وإسرائيل. ثم تحولت إلى إسلام آباد قائلة: [إذا لم تعاقب باكستان المتمردين، فسنتخذ بالتأكيد تدابير تعويضية ضد هذه القوة المضادة للثورة في المستقبل القريب]".

وذكّر الكاتبان بـ"التصعيد للنزاع الباكستاني المستمر مع الهند بشأن كشمير، ففي 26 فبراير/ شباط، قيل إن طائرات حربية هندية قصفت باكستان ردا على هجوم شنه مسلحون أسفر عن مقتل 40 فردا هنديا في المنطقة المتنازع عليها في 14 فبراير/ شباط. وأسقطت باكستان طائرتين مقاتلتين هنديتين واستولت على طيار. وعرض خان إجراء محادثات سياسية وأعادت إسلام أباد الطيار، لكن التوترات مستمرة".

وخلص الكاتبان إلى أن "الإصلاحات في العلاقات بين باكستان والسعودية لم تقدم حلولا جديدة على مستوى الجغرافيا السياسية الإقليمية".

وختم المقال باحتمال "صياغة خان لطريق إلى الأمام مع الجيش الباكستاني، أو استعادة شراكة مع السعودية، ولكن يبقى أن نرى مدى قوة الروابط إذا ما أرادت أي من طهران أو دلهي خلق زعزعة جديدة في المستقبل القريب"، بحسب المصدر.