صحيفة تركية: أميركا لن تنهار.. هذا ما سيحدث بعد انتهاء حقبة كورونا

12

طباعة

مشاركة

قللت صحيفة تركية، من الآراء التي تتنبأ بانهيار الولايات المتحدة الأميركية، مؤكدة أن "لا شيء كهذا ممكن أن يحدث في المستقبل المنظور، رغم أنه يخضع للنقاش والطرح".

وقال الكاتب ندرت إيرسنال في مقالة نشرتها يني شفق: إن انسحاب أميركا من الميدان أمر ليس بهذه البساطة وهي ستقاتل وتصارع حتى النفس الأخير قبل أن يحدث ذلك.

لكنه توقع في المقابل أن يتضاءل دور واشنطن عالميا، "لكن أن تتوقف عن ممارسة دورها فهو أمر مختلف، والسؤال الآن أنه وفي حال حدوث ذلك، فمن سيكون مكانها، ومن سيؤدي الدور المنوط بها؟".

مجلس الأمن

وتطرق إلى التئام مجلس الأمن الدولي المرتقب في شهر سبتمبر/أيلول 2020، حيث قد تكون حقبة فيروس كورونا قد انتهت، "لكن يدرك الجميع أيضا أن العالم قبل الوباء لن يكون كما بعده".

ولذا، فإن مكان الاجتماع لوحده سيخضع للكثير من النقاش والمساومات، وكل ما جرى ويجري الآن من صراع على النفط وكمية الإنتاج وتحديد سعر البرميل وغيره، سيكون تمهيدا لشهر أيلول/سبتمبر، وفق الكاتب. 

وتحدث الكاتب عن تداعيات أزمة النفط منذ بداية جائحة كورونا، حيث أنه ثمة اتفاق أعلن عنه من أجل إنقاذ أسعار البترول المنهارة، لكنه حل وسط ولا يمكنه أن ينهي الأزمة "ولا يجب أن نتوقع ذلك".

وهو ما قاله وزير الطاقة الأميركي دان برويليت في مقالة نشرتها صحيفة ديلي ميل، حيث أكد أن "أزمة البترول عالمية وهي تتجاوز أي دولة، وبالتالي يجب على الجميع أن يقف عند مسؤولياته وأن يتخذ ما يلزم من قرارات لصالح الكل".

هذه الدعوات قد تنجح، حيث يقول الكاتب: "بالفعل انخفض إنتاج البترول بمقدار 10 مليون برميل يوميا ثم تحسنت الأسعار قليلا قبل أن تعاود الانخفاض مرة أخرى؛ وهو أمر في الحقيقة متوقع، فخطوة كهذه لن تحل المشكلة تماما، لكن قد يكون الهدف هو الوصول إلى سعر 40 دولار للبرميل الواحد".

وفي الحقيقة قد تحمل الصفقة بحد ذاتها قيمة أهم بكثير من آثارها. وبدت (أوبك+) أكثر أهمية في هذه الأوقات وهي علامة على التعاون واسع النطاق في السياسة العالمية لما بعد الوباء، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين، حيث أن الاتفاق يؤسس لتلك الروح.

وأجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب محادثات مباشرة مع قادة روسيا والسعودية والمكسيك وتظهر هذه المحادثات تقاربا بين مختلف الأطراف خاصة موسكو وواشنطن، حيث تقدم كل واحدة منهما التنازلات للأخرى، كما أن المملكة وروسيا خففتا من توتراتها بعد هذا الاتفاق.

وستكسب روسيا 75 مليون دولار يوميا من هذا الاتفاق، أيضا كان الارتياح من نصيب ترامب والذي ينتظر انتخابات رئاسية أواخر العام، لأن "التضعضع في قطاعات النفط أو الطاقة في بلاده لن يخدمه بأي حال من الأحوال".

وكتب ترامب على تويتر تعقيبا على هذا الإنجاز "الاتفاق الكبير مع أوبك بلاس تم إنجازه. هذا سينقذ مئات آلاف الوظائف في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة". وأضاف: "أود أن أشكر وأهنئ الرئيس الروسي بوتين والملك السعودي سلمان. لقد تحدثت إليهما للتو من المكتب البيضاوي. إنه اتفاق عظيم بالنسبة للجميع".

النفط والوقت

ويقول الكاتب: "ببساطة، الجميع خرج رابحا من هذه الاتفاقية والأهم أن بوتين أدرك بشكل صحيح مدى أهمية ترامب لحماية صناعة النفط وكذا النفط الصخري الذي يمثل غاية في الأهمية بالنسبة لواشنطن؛ حيث توظف الصناعة أكثر من 10 ملايين أميركي وتشكل 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد".

وهذا يدلل على أن كسب ود واشنطن من قبل روسيا ليس أمرا اعتباطيا بل لديها خطة مع اقتراب الانتخابات الأميركية ومرحلة ما بعد الوباء، "وفي الحقيقة يجب على كل الدول أن يكون لديها مثل هذه الأهداف".

على أي حال، يتابع الكاتب: "يبدو أن البيت الأبيض قد كسب مزيدا من الوقت، وفي نفس الوقت ثمة توافق ضمني بين الطرفين الرسميين في روسيا وأميركا ممثلين بترامب وبوتين، ولعل لقاءهما معا ثلاث مرات في أسبوع واحد يفسر ذلك".

الخلاصة هنا أن ثمة انفراجة أميركية روسية، يواصل الكاتب: "نحتاج أيضا أن نفهم أن الكرملين في عجلة من أمره. إنهم يريدون توقيع اتفاقية رئيسية بين واشنطن وموسكو قبل الانتخابات الرئاسية، فلا وقت للمغامرة أو ترك شيء للحظ الذي قد يكون عاثرا ويخرج ترامب من البيت الأبيض خاسرا".

كل هذه التوازنات لها علاقة بمقارعة كورونا، فالكل يرى أن الفيروس سيكون من الماضي قبل أن يحل شهر سبتمبر/أيلول 2020. ويوضح الكاتب: "بعدها سيكون هناك نقاشات حول المسائل العالمية، عبر عقد قمة مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الخطوات الأولى في حقبة ما بعد الوباء، في اجتماع الدول الأعضاء الخمس دائمة العضوية".

مقر الاجتماع حتى اللحظة غير معلوم، غير أن بوتين عرض بأن يكون على أرضه وترامب رحب بهذا الطرح بحرارة. وقد قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات: "بعد التغلب على هذا الوباء العالمي المهدد بالجهود المشتركة، علينا إعادة التفكير في أشياء كثيرة حول عمل المنظمات المتعددة الأطراف".

باريس أيضا تريد أن يكون الاجتماع على أرضها، ويبدو أن مكان الاجتماع وحده سيكون خاضعا للمساومة من قبل كافة الأطراف، ويقول الكاتب: "ستحضر الصين التي سيكون لديها الكثير مما ستقوله، وهي تستعد لتلك القمة جيدا وفي الأساس، روسيا استشارت بكين قبل أن تقدم عرضها وقبل به الصينيون".

خلاصة المشهد هنا أن "كلا من الولايات المتحدة وروسيا والصين، ستدخل في دنيا جديدة وفق حقائق ومعطيات مختلفة تماما بعد انتهاء وباء كورونا".

ويقول الكاتب: "تركيا أيضا في الصدارة، تماما كما اتخذت كافة التدابير الممكنة تجاه الفيروس بشكل مبكر للغاية، أدركت أيضا التغيرات التي بدأت تطفوا على السطح بشكل مبكر أيضا، ولذا فهي بحاجة إلى خططها الخاصة، التي تحدد اللاعبين الكبار في عالم ما بعد كورونا".