15 مليون مشترك إضافي في 3 أشهر.. كيف استغلت نتفليكس كورونا؟

12

طباعة

مشاركة

بعد أن فقدت شعبيتها في الشرق الأوسط بسبب أزمات متعاقبة آخرها فيلم "المسيح" في الأيام الأولى من سنة 2020 الجارية، تسعى شبكة "نتفليكس" إلى استغلال أزمة جائحة كورونا لاسترجاع بعض من أسهمها لدى الجمهور وفي البورصة أيضا.

أطلقت الشبكة 53 إنتاجا مختلفا خلال أبريل/ نيسان 2020، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والمواسم الكاملة من العروض التلفزيونية والكوميدية الخاصة، وفي 3 من الشهر ذاته كشفت الشبكة عن 5 إنتاجات جديدة.

أتاحت الشركة أيضا خدمة جديدة لحث الناس على الالتزام بالحجر الصحي المنزلي، أطلقت عليها اسم "نتفليكس بارتي" وتسمح للمشتركين مشاركة أفراد الأسرة والأصدقاء مشاهدة كل ما يريدونه من أفلام ومسلسلات، أو حتى برامج تلفزيونية عن بعد، في أي وقت وفي أي مكان، شرط الاشتراك بنتفليكس، وأن يتوفر لديهم متصفح "غوغل كروم" لتشغيل الخدمة.

خدمات نتفليكس الجديدة تدخل في إطار المنافسة بينها وبين منصات ترفيهية أخرى جعلت خدماتها مجانا لفترة من الوقت تزامنا مع تفشي فيروس كورونا تخفيفا عن المحجورين في المنازل عبر العالم، وتتيح خدمة نتفليكس، خاصية الدردشة في غرفة جانبية للتواصل مع الجميع، ومناقشة ما يدور أثناء المشاهدة أو تبادل التعليقات.

ركوب الجائحة

وأظهرت نتائج أعمال نتفليكس، الصادرة، 22 أبريل/شباط 2020، ارتفاع صافي أرباح الشبكة إلى 709.06 مليون دولار خلال الربع الأول من 2020، مقابل 344.05 مليون دولار خلال الفترة المقابلة من عام 2019.

ووفقا لنتائج أعمال الشركة، زاد عدد مشتركي نتفليكس 15.77 مليون مشترك في الربع الأول من 2020، وهي الوتيرة الفصلية الأكبر على الإطلاق، مقارنة مع 9.6 مليون مشترك خلال الفترة نفسها من 2020، ليصل إجمالي عدد المشتركين إلى 182.68 مليون مشترك في الخدمات المدفوعة.

وفي الأسبوع الأول من مارس/آذار 2020، ارتفعت أسهم نتفليكس بمقدار 0.8%، وهو ما حدث في نفس التوقيت الذي أعلن فيه محافظ بنك إنجلترا مارك كارناي أن بريطانيا على وشك خسارة اقتصادية كبيرة بسبب فيروس كورونا، حسب صحيفة "الإندبندنت".

وحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن إن بيزنس"، فإن الفضل في زيادة عدد المشتركين يرجع للمزايا الإضافية المجانية التي خصت بها الشبكة المشتركين، في حين رأت تقارير أخرى أن الفضل في رفع الأرباح عائد بالأساس للذعر من فيروس كورونا، والذي أدى لبقاء العديد من المستخدمين في المنازل، ما أدى لزيادة عدد المشتركين الجدد أيضا. 

وفي ألمانيا حددت مصادر صحفية المستفيدين من ذعر كورونا في شركات الخدمات المقدمة للمنازل، وفي مقدمتها نتفليكس وفيسبوك وأمازون وشركة "زوم" الخاصة بتطبيق عقد اجتماعات العمل عبر الإنترنت، بالإضافة لشركة "بيلوتون" التي تصنع دراجات التدريب البدني المنزلية.

التوقيت المناسب

نهاية يناير/كانون الثاني 2020، الشبكة أطلقت سلسلة حلقات وثائقية بعنوان "وباء عالمي" (Pandemic)، تحدثت بشكل خاص عن وباء الإنفلونزا الإسبانية الذي هاجم العالم منذ 100 عام، وتحديدا عام 1918، وأصاب مئات الملايين من البشر حول العالم، وتسبب في وفاة ما يزيد على 50 مليون مواطن في هذه الفترة.

السلسلة أوردت إمكانية حدوث وباء فيروسي مرتبط بالإنفلونزا مرة أخرى، وعن توقيت حدوث ذلك الوباء. وتزامن عرض نتفليكس للوثائقي مع بداية الإصابة بفيروس كورونا ما جعل نسب مشاهدة السلسلة ترتفع خصوصا، ونتفليكس عموما.

احتل المسلسل الوثائقي المرتبة الأولى من حيث المشاهدة. وهو مسلسل يعرض جهود مجموعة من الأطباء والمتخصصين في علم الأوبئة من مختلف الجنسيات، في محاربة وباء الإنفلونزا، ويرصد المحاولات المبذولة لوقف تفشي أي وباء جديد قادم في المستقبل.

كذلك شهد فيلم "العدوى" Contagion للمخرج الأميركي ستيفن سوديربرغ، والذي تعرضه شركة "أمازون"، إقبالا كبيرا، رغم تاريخ صدوره البعيد قبل 10 سنوات تقريبا.

الفيلم يكشف عن وباء يصيب البشرية يشبه إلى حد كبير، من حيث الأعراض ومكان تفشي الفيروس (الصين) وطرق الوقاية، فيروس كورونا، لذا كانت الغاية من متابعة هذين العملين، من قبل المحجورين لأسباب علمية ومعرفية في المقام الأول.

خدع ترويجية

لم يكن الطريق أمام نتفليكس معبدا لتحقيق كل هذه الأرباح، فقد واجهت في الأسبوع الأخير من مارس/ آذار 2020، طلبا من المفوض الأوروبي لشؤون السوق الداخلية، تييري بروتون، بتخفيف الضغط على  الشبكة العنكبوتية لتسهيل العمل والتعليم عن بعد خلال مرحلة الحجر المنزلي التي فرضتها الدول الأوروبية لمكافحة انتشار فيروس كوفيد 19.

وقررت الشركة خفض سرعة بثها التدفقي في أوروبا لمدة 30 يوما، وأوضح الناطق باسم الشركة في بيان أن ذلك "سيسمح بخفض حركة نتفليكس عبر الشبكات الأوروبية بنسبة 25% مع الاستمرار بتأمين خدمة عالية الجودة للمشتركين".

وأشاد بروتون "بتحرك نتفليكس السريع للحفاظ على حسن سير الإنترنت خلال أزمة كوفيد 19 مع إبقائها على خدمة جيدة لمشتركيها".

في الفترة نفسها استطاع "هاكر" - أشارت مصادر صحفية إلى أنه عربي - من اختراق حساب شبكة نتفليكس، على موقع "تويتر" الموجه للشرق الأوسط.

تغريدة المخترق لاقت تفاعلا واسعا من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي، بينهم مطالبون بحسابات مجانية، في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير عن خدعة تسويقية من الشبكة لزيادة عدد المتفاعلين.

التقارير استدلت بأنه "حين تم اختراق الحساب الموجه للشرق الأوسط، الذي ينشر باللغة العربية، لم يحدث أي اختراق للحسابات الأخرى، سواء الحساب الرئيسي للشبكة الذي يحمل اسم (Netflix US)، وهو الموجه للولايات المتحدة، أو غيرها من الحسابات الإقليمية الموجهة بلغات أخرى، مثل الألمانية والإسبانية".

إغضاب الجميع

قد تكون الشركة استغلت أزمتها في الشرق الأوسط لجعل الأمر أكثر منطقية. آخر هذه الأزمات كانت مطلع يناير/ كانون الثاني 2020، عندما أثار مسلسل "المسيح" الكثير من الجدل قبل خروجه للنور، بعد أن تجاوزت عدد مشاهدات إعلانه الرسمي 12 مليون مشاهدة خلال شهر واحد، وخرجت حملات للمطالبة بوقفه، إذ وقع أكثر من 3500 عريضة للمطالبة بوقفه مع وصفه بأنه "دعاية سيئة وشريرة للإسلام". 

وشن رواد مواقع التواصل في العالم العربي حملة واسعة ضد المسلسل بمجرد عرض إعلانه مطلع ديسمبر/كانون الأول 2020، ليتجدد الجدل بعرضه كاملا على موقعها.

وتحدث المغردون بأن الهدف من المسلسل خلط الأمر على المسلمين والتشويش على معتقداتهم والتشكيك فيها، حيث يظهر المسيح الدجال على أنه المخلص والمنقذ للاجئين من الحروب بالدول الإسلامية إلى بر الأمان في إسرائيل، في حين يكون "تنظيم الدولة" هو عدو المسيح الذي يحارب رسالته، على حد وصفهم.

المسلسل ليس أزمة الشبكة الوحيدة في الشرق الأوسط، بل إن الانتقادات لها زادت من المعارضين للنظام السعودي عبر العالم العربي، عندما حجبت حلقة من برنامج يقدمه الكوميدي الأميركي حسن منهج ينتقد فيها المملكة.

وركزت الحلقة على سياسة السعودية الداخلية والخارجية في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وتضمنت انتقادات لمحمد بن سلمان والحملة العسكرية بقيادة السعودية في اليمن.

الشبكة أيضا واجهت دعوات بالمقاطعة بسبب إصرارها على الترويج للمثلية وإقحامها في كل الأعمال التي تقدمها بشكل غير مبرر. بل إنها أغضبت البرازيليين أيضا، من خلال  فيلم "الإغواء الأول للمسيح" الذي أظهر سيدنا عيسى عليه السلام كمثلي الجنس، ووالدته كمدمنة للحشيش، ما دفع مليوني برازيلي إلى توقيع عريضة إلكترونية للاحتجاج على العمل.

وتحول غضب المسيحيين إلى حملة مقاطعة حملت شعار "إلغاء نتفليكس" (Cancelnetflix#) جذبت الآلاف من المتابعين في الولايات المتحدة والعالم.