لوفيجارو: هكذا استغلت تنظيمات مسلحة "كورونا" لاستعادة مواقعها

12

طباعة

مشاركة

حذرت صحيفة فرنسية من أن بعض الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، والقارة السمراء، تسعى للاستفادة من فيروس كورونا المستجد، الذي يهدد انتشاره الأنظمة المحلية وحلفاءها في الغرب.

وقالت صحيفة لوفيجارو الفرنسية: إن "بوكو حرام" تسعى للسيطرة على المزيد من الأراضي، في وقت يحث تنظيم الدولة مقاتليه على استغلال الأزمة الصحية وعدم "إظهار أي علامات شفقة" تجاه أعدائه.

وأضافت الصحيفة: "بينما انسحب الجيش الأميركي من عدة قواعد وأدى الفيروس لأول مرة إلى وفيات بين القوات العراقية، أعلن تنظيم الدولة عن عشر هجمات في يومين ضد الشرطة والجيش والمليشيات الشيعية في مناطق الأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك". 

وعلى الجانب الآخر من الحدود في سوريا، شن التنظيم عدة عمليات ضد القوات الموالية لبشار الأسد، بالقرب من مدينة السخنة في شرق البلاد.

"عقاب إلهي"

وأكدت "لوفيجارو" أن تنظيم الدولة يحث مقاتليه على مهاجمة وإضعاف أعدائه، والاستفادة من الأزمة الصحية من خلال مضاعفة الضغط عليهم، وذلك في رسالة حديثة نشرتها صحيفة النبأ، إحدى إصدارات التنظيم الذي هُزم إقليميا في ربيع 2019، ولكنه لا يزال يملك قدرة لا يمكن إنكارها، في سوريا والعراق على وجه الخصوص.

وبحسب الصحيفة الفرنسية، ترى المنظمة الإرهابية أن هذا الوباء "عقاب إلهي" صب على خصومها "الوثنيين"، وفرصة للثأر من أعدائها وتراهن قبل كل شيء على الخوف منه وانسحاب القوات الغربية من بلاد الشام لمواصلة هجماتها.

وأشارت إلى أن تنظيم الدولة يركز في هذا الإطار على منطقتين: ديالى في العراق ودير الزور في سوريا.

فمن بين 2000 عملية تبناها التنظيم منذ سقوط مدينته الأخيرة، باغوز شرق سوريا في مارس/آذار 2019، تم تنفيذ 580 عملية بمنطقة ديالى و452 في دير الزور.

ونقلت عن آرون ي.زيلين، خبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، "هذان هما معقلا تنظيم الدولة"، حيث تم الحفاظ على هياكل القيادة والتحكم في التنظيم.

ففي ديالى، توفر التضاريس الجبلية ووجود العديد من الكهوف فرصة للإرهابيين للاختباء، بينما يستغلون الاختلافات الطائفية المرتبطة بوجود السنة والشيعة العرب في وسط الأكراد والتركمان، تقول الصحيفة. 

وتوضح أنه "في العراق، قد يؤدي الانسحاب المستمر لـ 2500 جندي- ثلث التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة - بسبب الوباء إلى زيادة الهجمات الإرهابية".

شلل الدول الغربية

ويشكو عبد المعين، أحد سكان منطقة شايل بالقرب من دير الزور بسوريا، من أن "تنظيم الدولة يمكن أن يقتل شخصا في وضح النهار دون أن يعارضه أحد"، ففي هذه المنطقة، يتحرك المتطرفون بحرية، ويقيمون حواجز على الطرق ويجبون الأموال من السكان دون عقاب.

ووفقا لتقرير نشره موقع Warontherocks فإن "التنظيم يعتمد على انعدام الثقة بين السكان العرب والقوى الديمقراطية السورية التي يسيطر عليها الأكراد. كما أن السكان يتساءلون إلى متى ستبقى القوات الأميركية؟"، حيث لا يزال هناك بضع مئات لحماية آبار النفط.

وفي ظل مناخ عدم اليقين هذا، تقول "لوفيجارو": "نجح الإرهابيون في إقناع الناس بأنه من الأفضل الاعتماد عليهم، ومرة أخرى في أوائل أبريل/ نيسان 2020، وزعوا منشورات تهدد أي شخص يتعاون مع القوات الكردية أو الأميركيين". 

ويوضح مدير منظمة غير حكومية في محافظة دير الزور على تويتر "غدا، إذا جاء أولئك المقاتلون وطلبوا مني حمايتهم داخل المنزل، فسأفعل ذلك. وإلا سينتقمون عندما ينسحب الأميركيون".

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه "في شمال شرق سوريا، يلعب الأطفال الصغار الموجودون في المخيمات، الذين قتل أو سجن والديهم التابعون لتنظيم الدولة دورا مثيرا للقلق بشكل خاص في الهجمات ضد السكان".

وحذر مسؤول كردي من أن "مخاوف الشعب والمسؤولين الأكراد والتحالف الآن تركز على الفيروس وكيفية الهروب منه". وهذا هو أيضا أحد عناصر القلق، كما يتضح من التمرد الذي شنه مقاتلو التنظيم في سجن الحسكة بسوريا، فقبل مقتله، أمرهم زعيمهم أبو بكر البغدادي، بـ "كسر جدران" السجون.

وينوه جان تشارلز بريسارد، الذي يرأس مركزا لتحليل الإرهاب، بأن "تنظيم الدولة يأمل في الاستفادة من شلل الدول الغربية التي وقعت في كارثة اقتصادية (...) ويساورها القلق بشأن قدراتها الأمنية في مواجهة الفيروس لتشجيع أنصارها على التخطيط والإعداد للهجمات" في الغرب. 

بوكو حرام

أما في منطقة الساحل، فأشارت "لوفيجارو" إلى قرار الرئيس التشادي إدريس ديبي سحب قواته من المهمة التي تقاتل بوكو حرام، بعد أن شنت الجماعة يوم الاثنين 23 مارس/آذار أكبر هجوم في تشاد. 

وهاجمت عناصر هذه الجماعة الإرهابية فجرا معسكر بوما على بحيرة تشاد، وهي منطقة معقدة تتشابك فيها الأرض والمياه.

وبعد سبع ساعات من القتال، أحصى الجيش رسميا 92 قتيلا، وهو أكبر عدد من القتلى سجل على الإطلاق ضد بوكو حرام، إضافة إلى تدمير 24 مركبة وأخذ معدات عسكرية في خمسة زوارق كبيرة.

ووفقا لدبلوماسي تحدث للصحيفة: "لا يزال هجوم بوكو حرام يحتوي على العديد من الألغاز" .

وإلى الآن، من غير الواضح أي فرع من الجماعة، المنقسمة إلى الآن، قاد العملية ضد الجيش التشادي، فمنطقة البحيرة هي منذ فترة طويلة المخبأ الحصري للجماعة الموالية لتنظيم الدولة في مقاطعات غرب إفريقيا، منذ مبايعتها التنظيم في 2015، وتغيير اسمها لـ "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد".

لكن الجماعة قسمت في 2018 بعد إزاحة زعيمها، أبو مصعب البرناوي، الذي عين عام 2016، ومن بعده با إدريسا في وقت سابق من هذا العام (2020)، لكن أسباب هذه الانقلابات غير معروفة، وكذلك مصير الزعيمين السابقين، بحسب "لوفيجارو".

وتشير تقارير غير مؤكدة إلى أن عناصر من تنظيم الدولة جاؤوا من ليبيا خلال فبراير/ شباط 2020 في محاولة لحل الخلافات دون نجاح.

ويقول جاكوب زين، الباحث في مؤسسة جيمستاون: "تم تنصيب اثنين من قادة الجماعة غير معروفين سابقا إلى رتبة الخليفة"، فيما لا يزال القائد التاريخي أبو بكر شيكاو، الذي طُرد بسبب عنفه واستبداده، يحتفظ بالسيطرة على فصيل أصغر ولكنه لا يزال قويا، فرجاله، الذين طاردهم الجيش النيجيري من غابة سامبيسا، موجودون أيضا في المنطقة اليوم. 

ويؤكد الأكاديمي أنطوان بيروس دي مونتكوس على أنه "ليس من المهم معرفة من هو الأقوى، لأن هذه الجماعات تتغذى بشكل أساسي على ضعف الدول المركزية".

وبالتالي فإن وباء الفيروس التاجي يمكن أن يمنح بوكو حرام، وكذلك الجماعات النشطة في منطقة الساحل، فرصة لكسب أرضية، والمخاطرة بإضعاف الأنظمة المحلية وكذلك حلفائها الغربيين. 

ويبين جاكوب زين أنه "إذا تمكنت دول الساحل ونيجيريا من الاعتماد على فرنسا والولايات المتحدة في قتالهما ضد تنظيم الدولة أو فصيل شيكو، فإن مثل هذا التأكيد بات الآن أقل وضوحا".