كورونا في تركيا.. نتائج سارة تعززها تدابير صحية وعسكرية 

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "يني شفق" التركية أن نهج التداوي المبكر من فيروس كورونا، أثبت نجاحه في البلاد، بعد تسجيل أعداد قليلة من المرضى القابعين في وحدات العناية المركزة.

وقال الكاتب محمد أجيت في مقال له بالصحيفة: إن نسبة الوفيات بالفيروس هي الأقل في دول العالم تقريبا التي تعلن عن عدد الإصابات الحقيقي لديها.

وأصبح فيروس كورونا (Covid-19) الذي ظهر في الصين في كانون الأول/ ديسمبر 2019 وباء عالميا، تسبب في وفاة الآلاف، ولم يبق بلد في العالم تقريبا إلا وانتشر فيه بشكل واسع، "باستثناء عدد قليل من الدول من بينها تركيا التي لم يعلن فيها سوى عن حالة واحدة لمواطن تركي انتقل إليه الفيروس خلال وجوده في أوروبا"، وفق الكاتب.

وبحسب أجيت، بدأت الأرقام تظهر شيئا من الأمل فيما يخص فيروس كورونا، حيث بدأت أعداد المرضى القابعة في وحدات العناية المركزة تقل بعض الشيء كمعدل وليس حالات شفاء فحسب.

رؤية واضحة

واستند الكاتب في ذلك إلى تصريحات لوزير الصحة فخر الدين قوجة قال فيها: "بتنا نشهد رؤية أكثر وضوحا لمدة 10 أيام؛ حيث سجلنا انخفاضا في نسبة المرضى سواء في العناية المركزة، أو في الأسرة العادية".

وتابع الوزير: أن أنقرة سجلت انخفاضا بنسبة 3 إلى 3.5 بالمئة، "وهذا الأمر مهم للغاية، وعليه نحن نتوقع استمرار هذه الوتيرة بحيث ينخفض معدل القابعين في العناية المركزة كل يوم عن اليوم الذي قبله".

وأشار وزير الصحة إلى أن "علماء في 6 جامعات تركية لديهم قناعة مشتركة بتحقق ذلك نتيجة التدابير المتبعة في العلاج"، معتبرا أن "النتيجة التي سنحصل عليها من التدابير مؤكدة".

لكن الكاتب، لفت إلى أن تركيا في المرتبة الثالثة في عدد الإصابات اليومي بعد كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. ومع وصول أعداد الفحوصات إلى أكثر من 30 ألف يوميا فهذا يعني أن 1 من كل 6 حالات (يجري فحصها) مصابة بالفيروس.

وقال: "إذا ما وضعنا هذه البيانات جنبا إلى جنب، من حيث انخفاض أعداد المصابين يوميا، وكذا ارتفاع مرات الفحص، أيضا انخفاض معدلات القابعين في وحدات العناية المركزية، فهذا يعني أن تركيا تسطر مرة أخرى حكاية نجاح جديدة في علاجاتها ضد فيروس كورونا المستجد".

واستند إلى تصريحات لوزير الصحة تؤكد أن "العلاج المستخدم في تركيا يؤتي أكله، وثمة مليون نسخة من هذه العلاج في مخازن الوزارة"؛ فبينما تسارعت الزيادة في عدد الحالات، كان سر الانخفاض في عدد المرضى في العناية المركزة، يقول الكاتب.

واستطرد الكاتب: "سألت أحد المسؤولين عن هذه الأمور في وزارة الصحة، وأخبرني أن العلاج المستخدم هو كلوروكين، ولكن هل لدينا مليون صندوق من هذا الدواء قبل أن يكون لدى تركيا هذه الأعداد من المرضى؟".

ونقل الكاتب عن المصدر: "إذا كان استخدام العلاج مع المرضى مبكرا يأتي بنتيجة، فنحن لجأنا إلى هذا الأمر، وذلك له تأثير كبير، وقد نجح بالفعل هذا التكتيك قبل أن يستحيل الفيروس إلى التهاب رئوي، وإضافة إلى هذا العلاج ثمة علاجات أخرى تستخدمها الطواقم الطبية في حملة التداوي والرعاية". 

لذلك، يرى أن "استخدام هذا الدواء في فترة مبكرة ساهم بشكل كبير في العلاج ومنع الفيروس من إتلاف الرئة، يظهر ذلك من وفرة هذا الدواء وخطوة جمعه من الصيدليات ووضعه تحت تصرف مخازن الوزارة". 

أنباء مبشرة

أما فيما يتعلق بمعدلات الوفيات، يقول الكاتب: "عند المقارنة بين تركيا والدول الأخرى، نجد أننا سطرنا نجاحا منقطع النظير، إذ إن نسبة الوفاة في تركيا لا تتعدى 2.2% من المصابين بالفيروس مقارنة بـ10 % يموتون من المصابين في دول أخرى".

هذه النسبة التي تتمتع بها تركيا يمكن أن تكون قريبة فقط من ألمانيا على سواها من دول العالم أوروبيا أو خلافه. يواصل الكاتب: "أنقرة نجحت في أسلوب العلاج، لكن ألمانيا تمكنت من زيادة أعداد الاختبارات وهنا الفرق بين الدولتين، وهذا الأمر وفر شيئا من المقارنة بينهم". 

وإذا ما تقاطع أعداد القابعين في العناية المركزة مع الأعداد المسجلة يوميا بالفيروس، فإن تركيا ستسجل انخفاضا في نسبة الوفيات إلى أقل من 2.2 بالمئة، وفق تقديرات الكاتب. 

وكانت منظمة الصحة العالمية، قالت: إن تركيا تعد قدوة في مكافحة فيروس كورونا وجاء ذلك في تغريدة عبر "تويتر"، لممثل المنظمة في أنقرة بافيل أورسو.

وأشاد أورسو بقدرة أنقرة على تشخيص المصابين بالفيروس، وجهودها في مكافحته. وأضاف: "تركيا تعتبر دولة قدوة بفضل الجهود الهائلة التي تبذلها في مجال تشخيص مصابي كورونا وتعافيهم". 

وتابع في تغريدته بتاريخ 9 أبريل/نيسان 2020: "تركيا تدير بكل شفافية نشر المعطيات الصحيحة حول عدد الإصابات والوفيات في الوسط الإلكتروني".

 

القوات المسلحة

في مقال آخر له في ذات الصحيفة، تناول الكاتب محمد أجيت الإجراءات المتخذة من قبل القوات المسلحة التركية، في مثل هذه الظروف وانتشار جائحة كورونا المستجد.

وقال الكاتب: إنه "بما أن فيروس Covid-19 ينتشر من شخص لآخر، من المنطقي أنه كلما زاد عدد الأشخاص في نفس البيئة، كلما سجل الفيروس نصرا جديدا".

وقال: "من جهة أخرى، بدت الحياة وكأنها في عطلة، فأغلقت المدارس، وتوقفت العبادة الجماعية في المساجد، وتم تأجيل المسابقات الرياضية، وجرى إفراغ الدورات والمؤتمرات وغيرها؛ فكيف هو الوضع في الثكنات العسكرية التركية؟".

وأضاف: "أجرينا محادثة طويلة مع مسؤول كبير في وزارة الدفاع الوطني حول الإجراءات المتخذة والعمل المنوط بها ضد الوباء. لكن قبل كل ذلك دعوني أنقل خبرا سارا، بأنه لم تقع خسائر في صفوف القوات المسلحة التركية بسبب الفيروس حتى الآن".

وأردف: "هنا تظهر قيمة العمل العاجل والحاسم للغاية من الناحية العسكرية، حيث أنه منذ الإعلان عن أول إنذارات الفيروس في وزارة الدفاع التركية، تم الانتباه إلى الحدود مع إيران، الوجهة الثانية لانتشاره".

بطبيعة الحال، احتمالية انتقال الفيروس من إيران إلى تركيا عن طريق الحدود أمر طبيعي. يواصل الكاتب: "لذا كان من المحتم أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر خاصة في صفوف القوات التركية المسلحة حتى لا يصاب أحد منهم بأذى فضلا عن انتقال الفيروس إلى البلاد".

إجراءات الدفاع

في هذا السياق، اتخذت وزارة الدفاع سلسلة من الإجراءات لحمايتها من تهديد الفيروس، ومنها بحسب الكاتب ما يلي: 

جرى إغلاق المدارس العسكرية دون تردد، مع تطبيق مبدأ "البقاء في المكان"، الذي له دلالة في المصطلحات العسكرية، كما تم إيقاف جميع المهمات مع عقد الاجتماعات والمؤتمرات عن بعد بوسائل مختلفة كالهواتف والفيديو كونفرانس وغيرها. 

كما أنشئ مركز مكافحة كورونا (KOMMER) داخل الوزارة، حيث تم رصد مستوى تنفيذ التدابير المتخذة داخل القوات المسلحة التركية، واتخاذ الإجراءات الواجبة ضد الحالات المحتملة والخطط الطبية، وتمت إدارة كل هذا من خلال المركز.

العناية وأخذ ما يلزم من إجراءات لحماية الجنود التي لها مهمات على الجانب الآخر من الحدود، خاصة في سوريا أو شمال العراق، كذلك حماية الجنود عبر تقليص هذه العمليات في حدودها الدنيا، ولفهم معنى التقليص يمكن تلخيصه في أنه "في الوقت الحاضر أصبح السفر إلى الولايات المتحدة أسهل من هذه المناطق".

أيضا من جملة هذه التدابير، هناك أيضا مسألة وضع إمكانيات القوات المسلحة التركية لصالح العاملين في مجال الرعاية الصحية والمجتمعية. 

على سبيل المثال: جرى تخصيص منازل الجيش للعاملين في مجال الرعاية الصحية. وتم تقليص مخاطر الاحتكاك مع أسرهم أو جيرانهم في حدودها الدنيا.

داخل القوات المسلحة التركية، يجري تطبيق نظام "التسريح واستدعاء الحركة" (التجنيد) على فترات معينة على مدار العام وفي الحقيقة هذا إجراء ليس سهلا وهو قرار يتعلق بأولئك الذين يأتون لأداء خدمتهم العسكرية، وأيضا الذين يكملون مهماتهم ويغادرون، وإن كانت هذه المهمة صعبة في ظل الظروف العادية فكيف يبدو الحال مع انتشار الوباء؟! بالطبع المهمة ستكون عسيرة للغاية، يقول الكاتب.

ويتابع: "بحسبة بسيطة فإن هذه الخطوات تضع نحو 100 ألف جندي مع عائلاتهم تحت دائرة الخطر وهذا يتضمن السيارات والباصات المخصصة لاستقبالهم وإرسالهم بما في ذلك عمليات توديعهم واستقبالهم من قبل أهاليهم ما يستدعي إعادة النظر في هذه المسألة".  

وبالفعل، يقول الكاتب: "يجري العمل داخل وزارة الدفاع الوطني لوقف عمليات التسريح والاستدعاء مؤقتا ويبدو أن الأسباب المذكورة أعلاه جعلت مثل هذا القرار إلزاميا، وفي الحقيقة هذا القرار على وجه الخصوص فيه مصلحة لجميع الأطراف سواء الجند أو المجتمع فالأمر خطير ولا مجال فيه للهو أو العبث".