رغم جهودهم بأزمة كورونا.. هكذا يضطهد النظام المصري الطواقم الطبية

عبدالرحمن محمد | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

منذ دخول فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى مصر، تحولت الأنظار إلى صفوف الدفاع الأولى من الممرضين والأطباء، حيث أصاب الوباء ما يقرب من 43 طبيبا، توفي منهم ثلاثة أثناء أداء عملهم، في وقت توالت الدعوات الشعبية والرسمية لضرورة تحسين أوضاع الأطباء على كافة المستويات، خصوصا المادية منها.

ورصدت "الاستقلال" جانبا من غضب "الجيش الأبيض" أو "ملائكة الرحمة" قبيل بدء انتشار فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي دفع النظام في مصر إلى اتخاذ خطوات في هذا الأمر، لكنه من ناحية أخرى تجاهل دفن الأطباء المتوفين بسبب الوباء.

مطاردة نعش

تفاجأ سكان قرية "شبرا البهو" التابعة لمحافظة الدقهلية في وسط دلتا مصر، بوصول سيارة إسعاف تحمل جثمان الطبيبة سونيا عبدالعظيم عارف، والتي توفيت جراء إصابتها بكورونا، حيث استجابوا لنداءات انطلق بعضها عبر مكبرات مسجد القرية بضرورة منع دفن المتوفاة في مقابر أهلها خوفا من انتقال عدوى الفيروس.

وقال إبراهيم الشحات عمدة القرية: "إن بعض الأهالي هددوا بإحراق المقابر احتجاجا على دفن الطبيبة هناك"، مضيفا: أنه "بمساعدة قوات الأمن حاولوا التفاهم مع أهالي القرية لدفن الطبيبة إلا أنهم تجمهروا رافضين هذا الأمر". 

كانت النتيجة المتوقعة لتجمهر عدد كبير من أهالي القرية، وصول قوات الأمن بقيادة نائب مدير أمن الدقهلية، التي حاولت تهدئة الأهالي الذي أصروا على رفضهم للأمر، مما دفع الشرطة إلى القبض على 22 شخصا وتحويلهم إلى المحاكمة، وفصل عامل المسجد الذي مكن والده من تحريض أهالي القرية على التجمهر ضد دفن الطبيبة المتوفاة، وفق صحيفة اليوم السابع.

وسارعت وزارة الداخلية ووراءها إعلام النظام في مصر، إلى تحميل المسؤولية لجماعة الإخوان المسلمين، حيث اتهمتهم بتحريض الناس على منع دفن ضحايا فيروس كورونا، عبر لجان إلكترونية تروج شائعات عن الفيروس المستجد، ونشر أرقام مغلوطة عن الوفيات، والتقليل من قدرة الدولة على مواجهة الوباء.

كما تعمد الإعلام التركيز على أن إصابة الطبيبة بالفيروس جاء نتيجة مخالطتها لأختها العائدة من إيطاليا، رغم أن نجل المتوفاة أوضح خلال مداخلة هاتفية خلال برنامج "على مسؤوليتي" على قناة "صدى البلد"، أن سبب إصابتها جاء نتيجة مراجعتها لإحدى المستشفيات المصرية بعد تفاقم إصابتها بالغرغرينا.

 ألقاب براقة

في 2 أبريل/ نيسان 2020، أمر رئيس النظام في مصر، عبد الفتاح السيسي برفع مكافأة أطباء الامتياز من 400 إلى 2200 جنيه شهريا، وسيستفيد من هذا القرار ما يقرب من 12 ألف طبيب، بتكلفة إجمالي تبلغ 316 مليون جنيه سنويا.

وأشار وزير المالية محمد معيط إلى أن الموازنة الجديدة تتضمن زيادة في "بدل المهن الطبية" الذي يصرف للأطباء وهيئات التمريض ليرتفع الحد الأدنى له من 400 إلى 700 جنيه، والحد الأقصى من 700 إلى 1225 جنيه، إضافة إلى تأسيس صندوق للمخاطر لأصحاب المهن الطبية، حسب صحف محلية.

يأتي ذلك في ظل إطلاق ألقاب براقة تتناسب وطبيعة عمل الأطباء في تلك الفترة خلال مواجهة وباء كورونا، مثل لقب "الجيش الأبيض"، و"صف الدفاع الأول"، وغيرها من الأوصاف التي لهج رئيس النظام وإعلامه على تكرارها في كل مناسبة، رغم وقوع أحداث تتنافى مع الاحتفاء الظاهري بالأطباء أمام الكاميرات.

هذه الأحداث وغيرها دفعت نقابة أطباء مصر إلى المطالبة بمعاملة المصابين والمتوفين بفيرس كورونا من طواقمها الطبية، كما يجري معاملة الجيش والشرطة خلال العمليات العسكرية.

وقالت النقابة في بيان صحفي نشر يوم 11 أبريل/نيسان 2020: إن "ما تم حصره من إصابات الأطباء هو إصابة 43 طبيبا واستشهاد ثلاثة أطباء، وما زال الحصر مستمرا ومرشحا للزيادة"، مكررة طلبها لمجلس الوزراء بسرعة إضافة أعضاء الفريق الطبي المصابين والمتوفين بالعدوى للقانون رقم 16 لسنة 2018 الخاص بتكريم الشهداء والمصابين.

 

وكانت نقابة الأطباء قد طالبت خلال بيانات سابقة لها، بـ "بدل عدوى" عادل، أسوة ببدل المهن الطبية الذي تمت زيادته بقرار رئيس النظام في مصر، حيث أن الأطباء ما زالوا يحصلون حتى الآن على 19 جنيها كبدل للعدوى (1.25 دولار أميركي تقريبا)، في مقابل 3 آلاف جنيه (190 دولارا) يحصل عليها القضاة رغم عدم تعرضهم للعدوى.

الأقربون أولى 

أثارت وفاة الطبيب أحمد اللواح (57 عاما) بعد إصابته بفيروس كورونا، غضبا واسعا على النظام في مصر، بعد أن كشفت محادثته مع زميله، عدم استطاعته الحصول على جهاز تنفس اصطناعي.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور لمحادثة اللواح التي تظهر استنجاده للحصول على جهاز تنفس بسبب عدم توفره، وذلك بعد إصابته بالفيرس ونقله إلى زوجته وابنته.

 وتساءل مغردون حول ما إذا كان طبيب بمكانة أحمد اللواح لم يجد ما يسعف به نفسه، فكيف هي أحوال المصابين الآخرين الذين لا يجدون قوت يومهم فضلا عن أجهزة تنفس لا تتوفر إلا في مستشفيات معينة في طول البلاد وعرضها.

 وفي 8 أبريل/ نيسان 2020، أعلن الطبيب بمستشفى الصدر في مركز "دكرنس" بمحافظة الدقهلية، محمد السيد رمضان، إصابته بفيروس كورونا، وذلك بعد خمسة أيام فقط من استغاثته عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أقنعة "إن 95" من أجل الوقاية من الإصابة، في تناقض واضح بين التعامل المعلن للنظام في مصر مع الأطباء، وبين الواقع الذي يعيشه أفراد "الجيش الأبيض" يوميا في الأزمة. 

عذابات التمريض

وتعرض قطاع كبير من منسوبي التمريض في مصر، إلى مخاطر الإصابة بالوباء، في ظل إهمال وزارة الصحة لهم.

كانت أبرز تلك الحوادث، ما جاء في مقطع "فيديو" جرى تصويره يوم 11 مارس/ آذار 2020، يظهر فيه عدد من ممرضات مستشفى "حميات إمبابة" بمحافظة الجيزة، وهن يحتججن على الإهمال الذي يتعرضن له من قبل وزارة الصحة، مؤكدات على أن قسم التمريض بأكمله مصاب بفيروس كورونا، جراء نقص أدوات الوقاية من الإصابة.

وبعد حادثة الممرضات بأيام قليلة، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لمدير عام تمريض مستشفيات جامعة المنصورة، فاطمة فرحات، توبخ فيه وزيرة الصحة بسبب ما يعانيه الممرضون والممرضات من إهمال.

 

وفي 7 أبريل/ نيسان 2020، نشرت ممرضة في إحدى مستشفيات القاهرة، فيديو وهي تبكي داخل سيارة الإسعاف أثناء توجهها للحجر الصحي بعد إصابتها بفيروس كورونا، وقالت: إنها "تعمل بمستشفى "مبرة مصر القديمة".

وأفادت الممرضة أنها حاولت أكثر من مرة إبلاغ مدير المستشفى بظهور أعراض كورونا عليها لأنها تعاملت مع حالة كانت حاملة للفيروس"، وفق صحيفة "الوطن".

وأضافت الصحيفة: أن "الممرضة خالطت امرأة مسنة تبلغ من العمر 84 عاما، لمدة 3 أيام، وظهرت عليها أعراض المرض يوم 29 مارس/ آذار 2020، ولكن مدير المستشفى رفض إعطاءها إجازة رغم ظهور الأعراض عليها".