القلق أخطر من كورونا.. كيف تحمي نفسية أطفالك مع الجائحة؟

12

طباعة

مشاركة

فشلت مجموعة من الدول في الحد من حركة مواطنيها بشكل تام، وإن كانت قد فرضت عليهم حزمة من الإجراءات، بغرض الحد من انتشار فيروس كورونا،  الذي يضرب العالم.

حتى وهم يتابعون خطورة الوضع على شاشات هواتفهم وأجهزة تلفزيوناتهم، لم يستجب الجميع، فكيف ستقنع طفلا بالالتزام بالتعليمات، وتشرح له ما يحدث من حوله؟.

إذا كانت منظمة الصحة العالمية تشدد على ضرورة الاعتناء بالصحة النفسية في الظروف الحالية، ومدى أهمية ذلك وانعكاسه على مناعة الفرد، فإن الأمر سيكون من المؤكد أصعب مع وجود طفل في المنزل. إذ يحتاج العناية بصحته النفسية أيضا، والإجابة على كل أسئلته الملحة دون تهويل، لكن بشكل واضح.

مع تسجيل إصابات أقل للأطفال بفيروس كورونا، وثبوت أنهم أقل عرضة للإصابة به، إلا أن وضع العالم حولهم قد يؤثر على صحته النفسية بشكل كبير ويصيبهم بالهلع، زيادة على انقطاعهم عن الذهاب إلى المدرسة ورؤية أصدقائهم والخروج من المنزل، إلى زمن غير محدد، تتفاقم الصعوبات بالنسبة للأطفال الذين يصاب أحد أفراد أسرهم بالفيروس.

منظمة الصحة العالمية ابتكرت طريقة للتواصل مع هذه الفئة العمرية عبر قصص عليها رسومات ملونة وفيديوهات تساعدك على فهم كيفية حماية أنفسهم وعائلاتهم وأصدقائهم من الفيروس التاجي.

Kids, meet Ario - a kind, orange dragon with a horn like a unicorn, who will introduce you to COVID-19 and help you...

Posted by World Health Organization (WHO) on Thursday, April 9, 2020

أصدرت المنظمة الكتاب بعنوان "أنت بطلي" للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و11 عاما، ويخبرهم كيف يمكن للأطفال محاربة كوفيد 19.

اهتم الكتاب، الذي جاء على شكل قصص، بالجانب النفسي للطفل، ويشرح لهم كيفية إدارة المشاعر الصعبة عندما يواجهون واقعا جديدا سريع التغير.

تم إنتاج الكتاب بالتعاون مع أكثر من 50 منظمة تعمل في القطاع الإنساني، بما فيها منظمة الصحة العالمية، اليونيسف، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر، الهلال الأحمر ومنظمة إنقاذ الطفولة الأميركية.

أخطر من الفيروس

أستاذة الطب النفسي وعلوم السلوك البيولوجي في جامعة كاليفورنيا، تارا بيريس قالت: "الأطفال أشد حساسية للرسائل التي نوصلها لهم عن المرض. بيريس المشاركة أيضا في برنامج الطفولة المبكرة للوسواس القهري والقلق واضطرابات التشنج، أوضحت أنه غالبا ما يتم التعامل مع القلق كرد فعل يحدث في غياب التهديد.

لكن في هذه الحالة، فإن بعض التهديدات حقيقية للغاية. هذا يعني أن بعض الاستجابات القياسية للتفكير القلق قد تحتاج إلى تعديل. المفتاح، على حد قولها، هو إيجاد طريقة مفيدة لإدارة القلق.

ولحسن الحظ، يمكن للعلاجات القائمة على الأدلة للقلق والاكتئاب أن تساعد الأطفال على التعرف على الأفكار المقلقة ومعالجتها، وممارسة مهارات التأقلم الجديدة خلال المواقف الصعبة. وقالت بيريس: إنها لا تقتصر على الأطفال المعرضين للقلق، فهذه إستراتيجيات يمكننا جميعا استخدامها الآن.

وقالت راشيل هيربست، وهي طبيبة نفسية متخصصة في الصحة السلوكية للأطفال: إنهم يلتقطون الضغط الذي يشعر به الكبار من حولهم. واعتبرت "القلق معديا أكثر بكثير من أي فيروس، والأطفال يمتصونه".

كيف تتعامل؟

وترى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن الجائحة التي يتعرض لها العالم في الفترة الحالية جلب مشاعر مثل القلق والتوتر وعدم اليقين، خاصة من طرف الأطفال من جميع الأعمار.

ورغم أن الأطفال يتعاملون مع هذه المشاعر بطرق مختلفة، لكن إذا واجه طفلك إغلاق المدرسة وإلغاء كل الأنشطة أو الانفصال عن الأصدقاء، فسوف يحتاج إلى الشعور بالحب والدعم الآن أكثر من أي وقت مضى.

وعن كيفية المساعدة في خلق شعور بأن الحياة طبيعية في المنزل، تقول الأخصائية النفسانية للمراهقين، ليزا دامور، لليونيسف: 

1. كن هادئا واستباقيا

يجب أن يجري الآباء حوارا هادئا واستباقيا مع أطفالهم حول الفيروس التاجي، والدور الهام الذي يمكن للأطفال أن يلعبوه في الحفاظ على صحتهم.

من الممكن أن تبدأ أنت أو أطفالك في الشعور بالأعراض في مرحلة ما، تقول الدكتورة، والتي غالبا ما تكون مشابهة جدا لنزلات البرد أو الإنفلونزا، لكنهم لا يحتاجون إلى الشعور بالخوف المفرط من هذا الاحتمال. 

بل ينبغي على الآباء تشجيع أطفالهم على إخبارهم إذا كانوا لا يشعرون بحالة جيدة، أو إذا كانوا قلقين بشأن الفيروس حتى يتمكن الآباء من المساعدة.

تنصح الأخصائية النفسية بطمئنة الأطفال بأن احتمال إصابتهم هم والشباب ضعيف، وأن المرض قابل للعلاج. ويكفي تذكيرهم بأن تجنب الإصابة يحتاج إلى أمور بسيطة وهي غسل اليدين والبقاء في المنزل.  

One of the best ways to keep your children safe from coronavirus (and other diseases) is to simply encourage regular...

Posted by UNICEF on Saturday, February 15, 2020


2. التزم بالروتين

شددت دامور على ضرورة وجود جدول زمني لكل يوم، يشمل وقت اللعب وتواصل الطفل مع أصدقائه. وأوضحت أهمية تخصيص وقت "بدون تكنولوجيا" للمساعدة في الأشغال المنزلية.

وترى الدكتورة أنه من المريح للطفل أن يكون لديه شعور بيوم يتنبأ بما سيحدث فيه، ويعرف قيمة الوقت وفيما سيقضيه. أشارت المتحدثة للمنظمة إلى أهمية تحسيس الطفل بأن ما فعله ذو جدوى والثناء عليه بشكل مستمر، وأيضا الاعتماد عليه في بعض المهام. 

3. أشعره بالتعاطف

مع إغلاق المدارس وإلغاء المسرحيات المدرسية والحفلات الموسيقية والمباريات والأنشطة الرياضية، يشعر الأطفال بخيبة أمل شديدة، فبالنسبة لهم هذه خسائر كبيرة. تنصح الخبيرة النفسية، بإشعارهم بالتعاطف والدعم.

4. تحقق مما يسمعه

هناك الكثير من المعلومات الخاطئة المتداولة حول الفيروس المستجد، لتجنبها تنصح الأخصائية بإطلاع الطفل على كل ما يتعلق بالفيروس بوضوح وتبسيط.  تقول دامور: "اكتشف ما يعرفه طفلك وابدأ من هناك بوضعه على المسار الصحيح".

وإذا كانت لديهم أسئلة لا يمكنك الإجابة عليها، اجعلها فرصة لاكتشاف الإجابات معا، عبر مواقع المنظمات الموثوقة كمصادر مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية.

5. شتت انتباهه

في أوقات كثيرة سيشعر الطفل بالاستياء الشديد، وعندها يجب على الأبوين التركيز على تشتيت انتباهه، بحسب الأخصائية النفسية، عبر طبخ الطعام معا مثلا.

لا ترى دامور أي ضرر في ترك المراهقين مع شاشاتهم، لكن لبعض الوقت فقط. وتنصح الدكتورة بأن يقترح الآباء أن يعد أبناؤهم جدولا زمنيا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاطلاع عليه، ثم مناقشته معهم.

6. راقب نفسك

توضح دامور أن الآباء قلقون من أن يلتقط الأطفال منهم  إشارات على القلق أو التوتر، وتطلب منهم فعل ما بوسعهم لإدارة قلقهم مع أنفسهم وعدم تسريب هذه المخاوف للأطفال، وإن كان الأمر لا يخلو من الصعوبة.

يعتمد الأطفال على الوالدين لتوفير الشعور بالأمان، تعبر الأخصائية عن ذلك بالقول:"من المهم أن يتذكر الآباء أننا من يقود السيارة، وحتى وإن أحسسنا بالقلق فلا يجب أن نجعل هذا الشعور يتسرب لباقي الركاب".

كيف تخبرهم؟

قد يجد الأطفال صعوبة في فهم ما يشاهدونه عبر الإنترنت أو على التلفزيون - أو ما يسمعونه من أشخاص آخرين - حتى يصبحوا عرضة بشكل خاص لمشاعر القلق والتوتر والحزن. لكن إجراء مناقشة مفتوحة وداعمة مع أطفالك يمكن أن يساعدهم على فهم الآخرين والتعامل معهم وحتى تقديم مساهمة إيجابية لهم.

خبراء الصحة النفسية لدى اليونيسف أجابوا على كيف تتحدث مع طفلك عن الفيروس التاجي؟

1. استمع

ابدأ بدعوة طفلك للحديث عن المشكلة، اكتشف كم يعرفون بالفعل واتبع خطواتهم، خصوصا إذا كانوا صغارا ولم يسمعوا بالفعل عن تفشي المرض، فقد لا تحتاج إلى إثارة المشكلة - فقط اغتنم الفرصة لتذكيرهم بممارسات النظافة الجيدة دون إثارة مخاوف جديدة.

تأكد من أنك في بيئة آمنة واسمح لطفلك بالتحدث بحرية، قد يساعد الرسم والقصص والأنشطة الأخرى على فتح باب المناقشة.

الأهم من ذلك، لا تقلل من مخاوفهم أو تتجنبها. تأكد من الاعتراف بمشاعرهم وأكد لهم أنه من الطبيعي أن تشعر بالخوف من هذه الأشياء. أثبت أنك تستمع من خلال منحهم انتباهك الكامل، وتأكد من أنهم يفهمون أنه يمكنهم التحدث إليك ومع معلميهم.

2. كن صادقا

للأطفال الحق في الحصول على معلومات صادقة حول ما يحدث في العالم، لكن باستخدام لغة تتناسب مع العمر، والانتباه إلى ردود أفعالهم، وكن حساسا لمستوى قلقهم.

3. كيفية الحماية

واحدة من أفضل الطرق للحفاظ على سلامة الأطفال من الفيروسات التاجية وغيرها من الأمراض هي ببساطة تشجيع غسل اليدين بانتظام. لا يلزم أن تكون محادثة مخيفة.

We love this handwashing dance from Vietnamese dancer, Quang Đăng. Washing your hands with soap and water is one of the first steps to protect yourself from #coronavirus.

Posted by UNICEF on Tuesday, March 3, 2020

يمكنك أيضا أن توضح للأطفال كيفية السعال أو العطس في مرفقهم، وتوضيح أنه من الأفضل عدم الاقتراب كثيرا من الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض، واطلب منهم إخبارك إذا بدؤوا يشعرون بالحمى، السعال أو صعوبة التنفس.

4. تقديم الاطمئنان

عندما نرى الكثير من الصور المقلقة على التلفزيون أو عبر الإنترنت، قد تشعر أحيانا أن الأزمة تدور حولنا. قد لا يميز الأطفال بين الصور التي تظهر على الشاشة وواقعهم الشخصي وقد يعتقدون أنهم في خطر وشيك.

يمكنك مساعدة أطفالك على التعامل مع الإجهاد من خلال إتاحة الفرص لهم للعب والاسترخاء، عندما يكون ذلك ممكنا. حافظ على روتينك وجداولك المنتظمة قدر الإمكان، خاصة قبل أن يناموا، أو المساعدة في إنشاء روتينات جديدة في بيئة جديدة.

إذا شعر طفلك بتوعك، اشرح أنه يجب عليه البقاء في المنزل أو المستشفى لأنه أكثر أمانا له ولأصدقائه. طمئنهم أنك تعلم أنه صعب (ربما مخيف أو حتى ممل) في بعض الأحيان، لكن اتباع القواعد سيساعد في الحفاظ على سلامة الجميع.

5. المساعدات

من المهم أن يعرف الأطفال أن الناس يساعدون بعضهم البعض. إذا كنت تعاني من تفشي المرض في منطقتك، فذكر أطفالك بأنهم من غير المحتمل أن يصابوا بالمرض، وأن معظم الأشخاص الذين يعانون من الفيروس التاجي لا يمرضون كثيرا، وأن الكثير من البالغين يعملون بجد للحفاظ على أمان عائلتك.

شارك معهم قصص العاملين في مجال الصحة والعلماء والشباب، الذين يعملون على وقف تفشي المرض والحفاظ على سلامة المجتمع. قد يكون من المريح جدا أن تعرف أن الناس المتعاطفين يتخذون إجراءات.

6. إغلاق المحادثات بعناية

من المهم أن تعرف أننا لن نترك الأطفال في حالة من الضيق. مع اختتام محادثتك، حاول قياس مستوى قلقهم من خلال مشاهدة لغة جسدهم، مع الأخذ في الاعتبار ما إذا كانوا يستخدمون نبرة صوتهم المعتادة ومشاهدة تنفسهم.

ذكّر أطفالك أنه يمكنهم إجراء محادثات صعبة أخرى معك في أي وقت. ذكّرهم بأنك تهتم وأنك تستمع وأنك متاح كلما شعروا بالقلق.