"سيناريو كوهين"..  ما حقيقة قرب رحيل بشار الأسد عن السلطة؟ 

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور 9 سنوات من الثورة السورية التي انطلقت في 2011، يعود الحديث مجددا عن إمكانية رحيل رئيس النظام بشار الأسد، والسيناريوهات المحتملة في إزاحته عن المشهد السياسي، والشخصيات البديلة المطروحة لخلافته لقيادة مرحلة انتقالية.

تجدد الحديث، جاء بعد تغريدة أطلقها الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين على حسابه بموقع "تويتر" في 2 أبريل/ نيسان 2020، قال فيها: "مصدر أجنبي: خروج الأسد وللأبد من الحكم في تموز /يوليو القادم، حيث سينهي بشار الأسد 20 سنة في الحكم بعد أن أنهى تدمير بلده وتشريد شعبه".

لم يكتف كوهين بذلك، وإنما قال أيضا: "صفقة خروج بشار الأسد تشمل تقاعده هو وكل أسرته المباشرة في روسيا البيضاء. بشار كان يرغب في التقاعد في مدينة سوتشي الروسية ولكن  بوتين رفض". وزعم أن "فهد المصري (رئيس المكتب السياسي لجبهة الإنقاذ الوطني في سوريا) هو الذي سيحكم سورية بعد هلاك بشار الاسد؟".

"بالون اختبار"

تصريحات إيدي كوهين التي أحدثت جدلا واسعا بين السوريين، اعتبرها كتاب ومراقبون "بالون اختبار" حاول من خلال الصحفي الإسرائيلي جس نبض السوريين ومعرفة موقفهم حول قضية ما، بتوجيه من الموساد.

وقال الخبير الإستراتيجي والعسكري السوري أحمد الرحال في حديث لـ"الاستقلال": "إيدي كوهين لا يمكن أن يكون صوتا يصدح بالحقيقة، ربما تستخدمة المخابرات الإسرائيلية من أجل بالون اختبار لها نوع من الاستبيان والرصد".

وأضاف: "لا يمكن لكوهين أن يتحدث بالواقع السوري، لأن الواقع يُدرس في 5 دول، هي: الولايات المتحدة، روسيا، تركيا، السعودية، إيران، أما إسرائيل فتدخل ضمن العباءة الأميركية، مصالحها بسوريا تقضى من خلال واشنطن".

واتساقا مع هذه الطرح، قالت الكاتبة السورية ابتسام تريسي في مقال نشره موقع "الجزيرة مباشر" في 7 أبريل/ نيسان 2020: "إيدي كوهين لم يطلق تساؤله من الفراغ، إنه يريد توجيه أنظار السوريين إلى شخص أعلن معارضته للنظام السوري قبل الثورة".

وأضافت: "سواء كانت تغريدة إيدي كوهين من باب جس نبض السوريين ومعرفة موقفهم، أم من باب التغطية على الشخص الحقيقي الذي تُعده إسرائيل وأميركا لاستلام السلطة في سوريا بعد الأسد، فقد حقق إيدي كوهين الغاية من تغريداته كما يفعل دائما في أي مهمة موكلة إليه من المخابرات الإسرائيلية تماما، كما كان الجاسوس الإسرائيلي كوهين يفعل في سوريا أثناء تحضير الأسد الأب لحكمها".

معطيات جديدة

لكن محللين ربطوا تصريحات كوهين، بمعطيات جديدة على الأرض، ربما تنذر بقرب رحيل الأسد، منها: تقرير منظمة حظر الأسلحة النووية الكيماوية الذي صدر في 6 أبريل/ نيسان 2020، وحمّل النظام السوري المسؤولية عن 3 هجمات كيميائية في اللطامنة بريف حماة الشمالي عام 2017.

وفي هذه النقطة تحديدا تساءل الرحال قائلا: "لماذا في هذه المرحلة بعد 9 سنوات، بدأنا نسمع عن تقارير للأمم المتحدة عن استخدام الكيمياوي وقانون قيصر الصادر من الولايات المتحدة، والذي من المقرر أن يطبق في منتصف يونيو/ حزيران المقبل؟".

وأجاب الخبير العسكري السوري، قائلا: "واضح أن الموضوع السوري طرح مجددا على طاولة الحل. لكن لا يعني أن ذلك سيحدث غدا أو بعده، لكن الملف خلال التسع سنوات الماضية كان مغيبا، ويبدو الآن سيوضع على الطاولة".

وأوضح أن "إعادة فتح الملف السوري وطرحه للحل، يسبق مؤشرات تفيد بإبعاد كل المليشيات والفصائل الطائفية ومن كلا الجهتين سواء الموالية لإيران أو للقاعدة، بمختلف المسميات، وعلى الأرض نرى شيئا من هذه المؤشرات".

وتابع الخبير الإستراتيجي: "اليوم يبدو أن موعد رحيل الأسد بالفعل قد وصلنا إليه، فقانون قيصر سيمنع كل شيء عن النظام ويعاقب كل ومن يتعاون معه حتى روسيا، وسيقصم ظهر النظام السوري، وكذلك الحديث عن جرائم استخدام الكيماوي وإدانته حتى يطبق بحقه القانون الدولي. يبدو أن ساعة نظام الأسد اقتربت".

واستذكر الرحال حديث مسؤولين غربيين في لقاءات سابقة، أن "الأسد سيرحل في نهاية المطاف وأمامه خياران، إما المحكمة الجنائية الدولية التي سيواجه فيها جميع الجرائم، أو مغادرة سوريا مع جميع حاشيته الحاكمة".

وفي النقطة ذاتها، قال مدير "المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية" المحامي أنور البني: "تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأخير بمثابة نقطة فاصلة في كتابة نهاية نظام الأسد".

وأوضح البني في تصريحات صحفية أن "التقرير بالإضافة لكونه أداة اتهام قضائية أمام المحاكم مستقبلا فهو يُشكّل إدانة سياسية مبرمة ضد النظام المجرم، ويقطع الطريق نهائيا أمام أي محاولة أو جهد لإعادة تعويم النظام السوري وشخصياته المجرمة".

وتساءل الخبير القانوني السوري، قائلا: "لماذا العالم الآن سيتخذ خطوات، ولم يفعل ذلك رغم عشرات أنواع الجرائم التي ارتكبتها العصابة المجرمة في سوريا سابقا؟".

وأجاب البني: "هذه الجريمة مختلفة بالنسبة للعالم لأن استخدام الأسلحة الكيماوية مُحرّم دوليا بسبب سهولة الحصول على موادها الأولية، والتهاون من العالم مرة واحدة مع مستخدميها سيمنح المجرمين ضوءا أخضر لاستخدامها ببساطة على نحو واسع وهذا يعني تهديدا للعالم كله، لذلك لن يكون هناك أي تهاون أو تسامح مع المجرمين الذين يستخدمون هذا السلاح".

ورأى المحامي السوري أن "صدور هذا التقرير هو نقطة فاصلة في كتابة نهاية هذه العصابة المجرمة ونقطة تحول نهائية في موقف العالم من هذه العصابة. شكرا لكل السوريين والمنظمات والأفراد الذين ساعدوا وساهموا بصدور هذا التقرير".

"سيناريو كوهين"

وبخصوص ما طرحه كوهين من أن الأسد سيرحل ويجري تنصيب شخصية بديلة عنه، فقد أثار جدلا في الأوساط السياسية السورية، إذ أيد البعض ما طرحه، لكن آخرين اعتبروه مجرد تكهنات تصل إلى حد السخرية.

وقال المعارض السوري، كمال اللبواني في مقابلة مع وكالة "ستيب" السورية المعارضة: "يبدو أن كوهين قد سمع بالخبر من مصادره، رغم أنه ليس شخصية مسؤولة في إسرائيل فهو يميل إلى الإعلام، وإشارته لصديقه فهد المصري قد تكون من باب الدعابة وجس نبض الشارع لا أكثر، وليست تأكيدا على اسم فهد المصري".

وأشار إلى "توافق دولي على رحيل الأسد واستلام شخصية جديدة من داخل النظام السوري قريبا، ومن دون تغييرات جذرية، وقد تم تداول اسم علي مملوك (نائب رئيس النظام للشؤون الأمنية)، كشخصية ذات صلات خارجية كبيرة، وفق معلومات عن أنه يعمل على إخراج إيران من سوريا".

وأضاف: أن "هذه المعلومات جرى تسريبها من إدارات دولية، لأن القضية باتت جاهزة، وأصبح تسريب معلومة كهذه للمعارضة لإبقائها بالأجواء الدولية وما يحاك خلف الكواليس بالقضية السورية".

وأكد اللبواني أن "طرح اسم علي مملوك، لقيادة المرحلة القادمة، ليس إلا  ضغطا دوليا عليه لإجباره على ذلك، حيث تم تهديده بمحاكمته وطرح اسمه بالقوائم السوداء الدولية إذا رفض واستلم غيره".

اللبواني لفت إلى أن "الدول المعنية بالقضية السورية تحدثت بوقت سابق صراحة للمعارضة عن أنها لا تملك مشكلة مع الأسد إذا بقي بالحكم، بينما مشكلتها هي الوجود الإيراني في سوريا فقط، لأنه يعد خطرا على إسرائيل".

وأعرب المعارض السوري عن اعتقاده بأن "الأمر كله يبقى ضمن التجهيز وقابل للتغير بأي لحظة، إلا أن المؤكد أن هناك توافقا دوليا سياسيا قد حصل وغالب الأمر سيبدأ برحيل الأسد وتسليم السلطة لأحد من نظامه".

وأردف: "الوقت أقرب بكثير للتغيير من نهاية العام الجاري، وستتضح الأمور أكثر خلال صيف هذا العام، رغم أن خيار الفشل أو تغيير السياسات بأي لحظة يبقى قائما، إلا أن الشيء المقروء حاليا والمتوافق عليه هو رحيل الأسد وإيجاد شخصية من داخل النظام تقبل بحل سياسي وإخراج إيران".

لكن الكاتبة السورية ابتسام تريسي أكدت أنه "لن يكون الرئيس السوري الجديد شخصية يُجمع عليها الشعب، فقد علَّمنا التاريخ القريب أن السلطة الحاكمة يتم هندستها بما يلائم مصالح أقوى دولة من الدول المتصارعة على الأرض المستباحة، ولنا في أفغانستان والعراق والشيشان أمثلة ساطعة على ذلك".

أما الكاتب السوري، فغرد على تويتر: "تعقيبا على اللغط الحاصل بسبب تغريدة إيدي كوهين التي تساءل فيها عن رئيس سوريا المقبل عموما، كوهين كأداة إعلامية يتلاعب بعقول الأنظمة قبل الشعوب من خلال رسائل مبطنة تثير البلبلة، أما فيما يخص سوريا فرسالته ترهيب لنظام الأسد وسخرية منه باختياره لفهد المصري. المصيبة أن فهد صدق القصة".

وخلال السنوات التسع الماضية، تكرر الحديث عن قرب رحيل بشار الأسد من السلطة، ولا سيما عندما قال رئيس الولايات المتحدة السابق باراك أوباما في 30 سبتمبر/ أيلول 2015: إن "هزيمة تنظيم الدولة تتطلب قائدا جديدا في سوريا. ذلك لن يتم إلا بعد تنحية الرئيس السوري بشار الأسد".

كما أن دولا عربية عدة طالبت بعد تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، بضرورة رحيل نظام بشار الأسد عن الحكم كونه ارتكب جرائم حرب مروعة بحق السوريين، بعد قتل مئات الآلاف وتشريد الملايين إلى خارج البلاد، لكن البعض منهم تراجع ودعم الأسد وتحديدا السعودية والإمارات، والبحرين، ومصر بعد الانقلاب الذي قاده عبدالفتاح السيسي ضد الرئيس المدني الراحل محمد مرسي صيف 2013.

وفي 4 أبريل/ نيسان 2019، أكدت الخارجية الروسية أن مصير بشار الأسد، لا تجري مناقشته في المفاوضات الخاصة بتسوية الأزمة في سوريا، معتبرة أن هذه القضية صفحة مطوية.