مع تفشي كورونا.. ما الأسس التي يستند إليها ترامب في سباق الانتخابات؟

محمود سامي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن تداعيات جائحة كورونا (كوفيد 19) لن تقتصر على الخسائر البشرية والاقتصادية الكبيرة؛ بل إنها بدأت بخلق قائمة من قادة الدول، رفع الفيروس أسهم بعضهم وهوى بالمستقبل السياسي لآخرين.

على رأس هؤلاء القادة يأتي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يدور لغط كبير بشأنه منذ توليه السلطة مطلع 2017.

وفيما بدأ الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة في التقاط أنفاسه، بعد التصويت التاريخي بمجلس الشيوخ الأميركي في فبراير/ شباط 2020 بعدم عزله، جاءت جائحة كورونا لتكتب سيناريوهات جديدة بشأن مستقبله السياسي مع قرب الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وتحول فيروس كورونا من أزمة صحية إلى سياسية أيضا، قال البعض إنها أخطر ما يواجهه ترامب حاليا، وأنها تتجاوز في حدتها إجراءات العزل التي واجهها الرئيس سابقا.

الطرح السابق، تدعمه كتابات كبريات الصحف العالمية ومراكز الأبحاث والدراسات، التي تحدثت عن المستقبل السياسي لترامب مع ظهور منافسه غير المرئي المدمر.

معالجة الأزمة

سُجلت أول حالة لمريض بفيروس كورونا داخل الولايات المتحدة يوم 21 يناير/ كانون الثاني 2020، قبل أن يتسارع انتشار الوباء بشكل لافت في الأسابيع اللاحقة.

وفاقت الولايات المتحدة، الصين منبع الفيروس، في عدد المصابين، حين تخطت عتبة 300 ألف مصاب وأكثر من 8100 حالة وفاة، لتضم ربع مصابي كورونا في العالم.

وحتى نهاية فبراير/ شباط 2020، أي بعد نحو 5 أسابيع من ظهور أول حالة إصابة في أميركا، لم يكن ترامب جديا في التعامل مع الحدث، وسارت تغريداته على منوال "الطمأنة" والتقليل من المخاطر التي "لا تزال دون المستوى" وقتها.

لكن وتيرة الطمأنة انخفضت رويدا رويدا مع بداية مارس/ آذار 2020، إذ توقع ترامب أن يصاب بعض الأشخاص بمستوى خفيف ويتحسنون دون الذهاب إلى طبيب، مشيرا إلى "إجراءات سريعة" لإغلاق حدود، مع استمرار الحياة والاقتصاد.

وشهدت تغريدات ترامب، في الثلث الثاني من شهر مارس/آذار، تحولا كبيرا إذ قال: إن الصين التي كان يكيل المديح في تعاملها مع المرض، ستتسبب في "اختفاء الولايات المتحدة"، مع تأكيده "السيطرة" على "الفيروس المعدي للغاية" وتأثر أجزاء من بلاده بشكل طفيف.

وفي الأيام العشرة الأخيرة من ذلك الشهر، شكك الرجل في الأرقام المعلنة في بعض المناطق وعلى رأسها نيويورك.

وفي أواخر الشهر، استمرت مظاهر الفوضى في تعامل إدارة ترامب مع الأزمة، حيث تدخلاته الشخصية في قرارات تقنية وتخصّصية دقيقة، وتوقيعه على حزمة تحفيز تاريخية بقيمة 2 تريليون دولار.

ومع الوقت، بدأ ترامب يدرك أن هذا الفيروس أبعد من أن يكون أزمة عابرة، بالحديث عن أسوأ السيناريوهات ووضع نيويورك الصعب، وما ستشهده الولايات المتحدة "خلال أسبوعين شاقين ومؤلمين للغاية.. وحيث ذروة الإصابات والوفيات". 

مزاعم وتضليل 

في تقريرها المنشور من نيويورك، يوم 28 مارس/ آذار 2020، تحدثت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أنه "مع ارتفاع أعداد وفيات الأميركيين، يبدو أن الرئيس غير قادر على استيعاب خطورة المشكلة، وأطلق عدة مزاعم كاذبة منذ بداية الأزمة".

وذكرت وكالة رويترز، وفق إحصاء أجرته، أن عدد وفيات كورونا في الولايات المتحدة تجاوز، يوم 7 أبريل/نيسان 2020، 10 آلاف حالة. وتشهد أميركا ثالث أعلى معدل وفيات بسبب المرض في العالم، بعد إيطاليا التي شهدت 15887 حالة وفاة، وإسبانيا حيث توفي 13055.

وطالت اتهامات الفشل في مواجهة كورونا، الاستخبارات الأميركية، حيث اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" في 25 مارس/آذار 2020، انتشار الفيروس "أسوأ فشل استخباري في تاريخ الولايات المتحدة".

الانفصال عن الواقع وعدم المبالاة خلال المراحل الأولى لتفشي كورونا، سيكونان بحسب المجلة الأميركية، من أكثر القرارات كلفة في أي رئاسة حديثة، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى نهاية العام.

واتفقت آراء محللين على أن جائحة كورونا ستكون المعيار الرئيسي في تفضيل الناخب الأميركي من عدمه لترامب في انتخابات الرئاسة 2020.

وذهبت أكثر الأصوات المنددة بإدارة ترامب للأزمة إلى اعتبار رئاسته "قد انتهت" في ظل القدرات المتواضعة التي واجه بها الأزمة.

ووفق دراسة للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (مستقل/ مقره الدوحة) منشورة في 23 مارس/ آذار 2020، فإن أبرز العوامل التي تقف ضد ترامب في الانتخابات المقبلة، تتمثل في:

  •  ترامب بنى شعبيته خلال السنوات الثلاث الماضية، على أرضية اقتصادية؛ وكما تنسب له غالبية الأميركيين الفضل بالاقتصاد القوي، فإنهم قد يحمّلونه مسؤولية انهياره بسبب تفشّي الوباء.
  • توجّه الديمقراطيين إلى حسم الانتخابات التمهيدية لمصلحة نائب الرئيس السابق، جو بايدن.
  • أسلوب ترامب الفوضوي والمرتبك في إدارة ملف كورونا في الأسابيع الأولى، وتحميل طيف واسع من الإعلام الأميركي له مسؤولية تفشّي الوباء، في مقابل الخطاب العقلاني لبايدن، وتقديمه برنامجا مفصلا لكيفية تعامله مع الأزمة، لو وصل إلى البيت الأبيض.
  • عدم قدرة ترامب على إقامة تجمعات ومهرجانات انتخابية ضخمة؛ ما يُضعف من قدرته على حشد قاعدته الانتخابية.
  • قد يتخلى عنه بعض مؤيديه إذا فشلت جهوده في السيطرة على تفشّي الوباء، وما يتبع ذلك من تأثير في الحياة اليومية للمواطنين، وأوضاعهم الاقتصادية.

أما العوامل التي تقف في مصلحته بحسب الدراسة؛ فهي:

  • ما تزال أغلبية القاعدة الانتخابية لترامب متمسّكة به وموحدة وراءه، بغض النظر عن تقييمها .
  • استغلال ترامب الأزمة لتأكيد صحة مواقفه المرتبطة بمعارضته سياسة الحدود المفتوحة أو المرنة.
  • إذا نجحت خطة ترامب في إنقاذ الاقتصاد الأميركي وتحفيزه، فقد تزداد فرص فوزه بالانتخابات.
  • عجْز الديمقراطيين حتى الآن عن توحيد صفوفهم؛ بسبب استمرار المنافسة، فضلا عن تعليق ولايات عديدة انتخاباتها التمهيدية بسبب الجائحة.
  • يحاول ترامب تقديم نفسه بأنه رئيس في حالة حرب، على أمل أن يوحِّد الأميركيين خلفه ويستمروا في دعمه.

خلط الأوراق

بدورها رأت صحيفة "لي زيكو" الفرنسية أن وباء فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19) أعاد خلط أوراق الحملة الرئاسية في الولايات المتحدة مرة أخرى وأنه الوحيد القادر على الإطاحة بدونالد ترامب، بعدما حرمه من ورقته الرابحة، بسبب الاستخفاف الذي تعامل به مع الأزمة الصحية إضافة إلى عدم قدرته على استباق الأمور وتشكيكه بعلماء بلاده.

لكن الصحيفة تشير إلى أن استطلاعات الرأي تجاه الرئيس لم تتأثر حتى الآن بسبب الوباء- فما زالت شعبيته مستقرة بأعجوبة - لكن هناك فرصة كبيرة في أن يحرمه من ورقته الرابحة ألا وهي السجل الاقتصادي. 

ووفقا للصحيفة، يمكن لمعدل البطالة، الذي لم يكن منخفضا على الإطلاق منذ نصف قرن، أن يتضاعف خمس مرات في الأسابيع المقبلة، بسبب عدم امتصاص الصدمات الاجتماعية. 

وتشير إلى أن هذه الجائحة أظهرت ضعف النماذج السياسية كلها بدءا من الصين التي أعاقت الرقابة الصارمة والسلطة المركزية فيها، كشف حقيقة فيروس كورونا المستجد.

رئاسة ترامب انتهت؟، تحت هذا العنوان تنبأ الكاتب الأميركي بيتر وينر، في مجلة "أتلانتك" الأميركية، بمستقبل الرئيس. ورغم أنه من "المحافظين" وعمل مع ثلاث إدارات جمهورية، إلا أنه لم يخف رأيه السلبي في ترامب حتى قبل انتخابه.

يصف الكاتب، ترامب بأنه "غير لائق للمنصب من النواحي العقلية والنفسية والفكرية والعاطفية والأخلاقية".

كما يتهمه بـ"الكذب، والحقد، والأنانية، وعدم الاستقرار العاطفي، والفشل في القيادة، والافتقار للقدرة على التعلم من الأخطاء، والجهل".

ولخص الكاتب انتقاداته لترامب في سوء تعامله مع أزمة كورونا، حيث يرى أن الفشل الأكبر لترامب كان عجزه عن إظهار قدرته على إدارة الأزمة ليس فقط داخليا؛ ولكن على المستوى الدولي كقائد مفترض للعالم.