رغم حملات الكراهية.. هكذا ساند أطباء مسلمون الغرب في مواجهة كورونا

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بالرغم من حملات الكراهية التي يشنها اليمين المتطرف ضد المسلمين في أوروبا وأميركا، فإن هذا لم يثن الكوادر الطبية المسلمة والمراكز الإسلامية من أداء واجبها في دعم ومساندة السلطات هناك، في احتواء تفشي جائحة كورونا.

من الصين شرقا، وحتى أوروبا وأميركا غربا، كانت الكوادر الطبية المسلمة من أوائل من لبت نداء السلطات في المساعدة بمعالجة المصابين، ضمن مساهمات فقد فيها عدد من الأطباء المسلمين أرواحهم.

مراكز إسلامية أخرى وضعت مبانيها تحت تصرف السلطات المحلية في تلك البلدان، للمساهمة في الحد من تفشي الوباء، فيما أطلقت جاليات عربية وإسلامية حملات تبرع لمساعدة المتضررين بالفيروس وتقديم المعونة المادية والمعنوية لهم، ووزع مسلمون آخرون كمامات بشكل مجاني على المارة في الشوارع.

يأتي هذا في وقت أخفى معبد يهودي في نيويورك آلاف الكمامات الطبية N95 التي تحتاجها المستشفيات، متسببا بأزمة صحية، غدت فيها الولايات المتحدة من أكثر الدول احتياجا للكمامات.

ومع أن مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميريكي داهم المعبد وصادر الكمامات إلا أن تلك الحادثة أثارت غضب كثير من الأميركيين الذين دعوا إلى محاكمة المتورطين بإخفائا.

في رأس المدفع

توفي خمسة أطباء مسلمين وممرضة في المملكة المتحدة أثناء أداء واجبهم في معالجة المصابين بالفيروس. وبحسب صحيفة ميدل إيست آي البريطانية، كان أول طبيب فقد حياته أثناء تأديته مهنته الدكتور السوداني عادل الطيار (63 عاما)، وقد توفي بعد 12 يوما من إصابته بالوباء في المشفى الذي كان يعمل فيه.

الثاني هو العراقي حبيب زايدي (76 عاما)،  وقد كان طبيبا في مستشفى "ليه أون سي" لأكثر من 47 عاما، وتوفي بعد 24 ساعة من اكتشاف إصابته بالمرض.

وكان الدكتور زايدي قد حصل على جائزة التميز من المشفى الذي يعمل فيه، ونال وصف الأسطورة في مجال عمله، من قبل الأطباء والعاملين في المستشفى.


الثالث كان الدكتور السوداني أمجد الحوراني (55 عاما) ، وهو متخصص في قسم الأذن والأنف والحنجرة في مستشفى "ديربي وبورتون"، وقد توفي عقب إصابته بفيروس كورونا المستجد، أثناء تقديمه الدعم لفريقين طبيين للعمل سويا في علاج المصابين.

الطبيب الرابع كان الدكتور ألفا سعدو، وهو مسلم من أصول نيجيرية، يعمل مديرا لمستشفى الأميرة ألكسندرا، توفي بعد أسبوعين من الإصابة بالفيروس.

وكان سعدو قد أمضى 40 عاما للعمل في مشافي بريطانيا، وفي فترات عمله الأخيرة، عمل بدوام جزئي في الإشراف على المصابين، ما تسبب بإصابته بالفيروس.

أما الخامس، فهو البروفيسور البارز سامي شوشا، وهو طبيب مصري، كان يعمل في مستشفى شارينغ كروس، منذ عام 1978، كمتخصص في سرطان الثدي، بالإضافة إلى عمله في جامعة إمبريال كوليج، في أبحاث سرطان الثدي، وأصيب أثناء قيامه بعمله.

بالإضافة إلى ذلك، توفيت الممرضة الباكستانية المسلمة أريما نسرين ( 36 عاما) أثناء أداء عملها في مستشفى والسول مانور، في مقاطعة ويست ميدلاند، وقد نقلت بعد إصابتها إلى العناية المركزة، لتفارق الحياة في مطلع أبريل/نيسان 2020، وتنهي مسيرة عمل دامت 16 عاما في هذا المستشفى.

مراكز إسلامية

لم تكن مساهمة المسلمين محصورة في الكوادر الطبية، بل امتدت أيضا إلى المراكز الإسلامية التي وضعت مبانيها تحت تصرف الحكومات.

ففي ولاية ميتشغن الأميركية، وضع المركز الإسلامي بالولاية مبناه تحت تصرف السلطات المحلية، لاستخدامه وفق ما يراه مناسبا، لعلاج المصابين، أو لأغراض تسهم في الحد من انتشار فيروس كورونا.

وقد كتب المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان المقيم في ولاية ميتشغن على حسابه في فيس بوك أن الجمعية الإسلامية الأميركية في الولاية قدمت مبنى المدرسة التابعة للجمعية، ووضعته تحت تصرف الحكومة لاستخدامه في أعمال الإغاثة لمواجهة الظروف القاسية التي تمر بها أميركا.


 

إلى ذلك أطلقت الجالية اليمنية في عموم الولايات المتحدة الأميركية في 4 أبريل/نيسان 2020 حملة تبرعات لمساعدة المتضررين من المجتمع الأميركي عموما، وقد تولى تنظيم المبادرة عدة منظمات خيرية إغاثية، على رأسها منظمات "الأيادي النقية"، "يمن إيد"، والمجلس الدولي للحقوق والإغاثة ومنظمة أيادي الكرم.

وقد لقيت الحملة تجاوبا من الجاليات العربية، ودعا المساهمون إلى مساعدة المحتاجين لأي نوع من أنواع المساندة، بصرف النظر عن هويتهم العرقية أو الدينية.

علاوة على ذلك، دعت منظمات مدنية إسلامية في الولايات المتحدة عبر بيان لها،  مسلمي البلاد إلى الالتزام بتوصيات السلطات المحلية والوطنية في إطار مكافحة الفيروس.

وأوضح بيان يحمل تواقيع 34 منظمة إسلامية ناشطة في الولايات المتحدة، في مقدمتها الجمعية الطبية الإسلامية في أميركا الشمالية أنه يتعين على المسلمين اتباع توصيات السلطات المحلية في ولاياتهم، وذلك لحماية أنفسهم وعائلاتهم من خطر تفشي فيروس كورونا. 

 وأكد البيان دعمه لقرارات إغلاق المساجد والمدارس الإسلامية والمراكز الثقافية والفعاليات والتجمعات، امتثالا لتوجيه السلطات المختصة، حتى إشعار آخر.

تحميل مسؤولية

وبالرغم من جهود المسلمين في المشاركة بعلاج المصابين ومكافحة الوباء، ووقوفهم في الصفوف الأولى للمعركة، إلا أن اليمين المتطرف لم يسجل هذا الموقف لصالح المسلمين، بل على العكس من ذلك، وكما هي العادة، حمل المسلمين في بريطانيا مسؤولية انتشار الوباء.

وقالت صحيفة الغارديان: إن الشرطة البريطانية تحقق في جماعات يمين متطرف تعمل على استغلال جائحة كورونا ضد المسلمين، وتنشر معلومات كاذبة عن تسبب المسلمين بنشرها.

وأوضحت الصحيفة في 5 أبريل/نيسان 2020 أن الشرطة وثقت هذه التصرفات وقيدتها ضمن جرائم الكراهية، وأنها تعمل على محاسبة المتسببين بتلك الإعلانات.

ونقلت الصحيفة عن منظمة "تيل ماما"، وهي منظمة رقابية ترصد جرائم الكراهية ضد المسلمين، أنها وثقت عددا من الحوادث منذ اندلاع أزمة كورونا في بريطانيا.

وقالت المنظمة: إن اليمين المتطرف حاول خلق وعي شعبي لدى البريطانيين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأن المسلمين يخرقون قرار إغلاق المساجد، ويذهبون إليها ويعملون على نشر الفيروس.

وكانت تلك الادعاءات التي روج لها اليمين المتطرف قد تسببت بحصول عدة حوادث ضد مسلمين، من بينها اعتداء مواطن بريطاني في 18 مارس/آذار 2020 على مسلمة محجبة والسعال بشكل متعمد في وجهها.

كمامات مجانا 

وفي الصين شرقا، يشارك عشرات الأطباء العرب والمسلمين الطواقم الطبية في علاج المصابين بالفيروس والإشراف عليهم، كما يؤدون دورهم في توعية الجاليات هناك في كيفية التعامل مع الوباء.

وقد تحدث موقع "الصين اليوم" عن الطبيب اليمني عمار البعداني، كنموذج للأطباء العرب الذين يعملون بجد في مستشفى تشوتشو في مدينة ايوو الصينية، في معالجة المصابين، بالإضافة إلى نشاطه في تصوير مقاطع فيديو لتوعية الجاليات العربية في المدن الصينية.

بالإضافة إلى ذلك فإن عددا من المساجد والمراكز الإسلامية في الصين دشنت مبادرات وزعت فيها  الكمامات والمواد المعقمة مجانا على الصينين في الشوارع، في عدد من البلدان. 

وبحسب الموقع فإن شابا مسلما يقيم في بلدة شاديان بمقاطعة يوننان قد اشترى 13 ألف كمامة من فيتنام وتايلاند ووزعها على أهل منطقته في المقاطعة.

وكان الفنان السوري المقيم في مدينة ناجينغ الصينة قد رسم لوحات يبدي من خلالها مساندته وثناءه على الطواقم الطبية والجهود الحكومية في مكافحة الفيروس.

وكانت صانعة المحتوى الصينية المسلمة عائشة، قد قالت في مقطع فيديو لها حصد نحو 3 ملايين مشاهدة في أيام قليلة: "إن المسلمين (في الصين) اختاروا شيئا أهم من الربح والمصلحة، اختاروا الشجاعة والجرأة والمسؤولية والكرم، اختاروا الضمير والأخلاق والإنسانية أمام الخوف والخطر".

وعرضت عائشة بعض الفيديوهات التي تظهر جهود المسلمين الصينيين في مساعدة الناس وتقديم الوجبات لهم –مجانا- في ظل انتشار وباء كورونا.