تقرير الحالة العربية: مارس/آذار 2020

12

طباعة

مشاركة

 المحتويات
مقدمة
المحور الأول: جائحة كورونا في المنطقة العربية
  • السعودية
  • قطر
  • مصر
  • العراق
المحور الثاني: الحالة السياسية
  • الحالـة المصرية
سد النهضة
  • الحالة السورية
تصعيد عسكري في إدلب
  • الحالة السودانية
استهداف حمدوك.. وبوادر مصالحة داخلية
  • الحالة العراقية
صراع النفوذ لا زال مستمرا
  • الحالة الجزائرية
دستور يتقدم.. وحراك يتوقف
  • الحالة السعودية
اعتقال الأمراء.. حملة جديدة لإحكام السيطرة
المحور الثالث: الاقتصاد العربي
  • تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاديات العربية
  • أزمة انهيار أسعار النفط وأثرها على المنطقة العربية
المحور الرابع: الحالة الفكرية
  • الوباء وكيفية مواجهته.. رؤية إسلامية
  • جمال الدين الأفغاني.. مدرسة رائدة وإمام ضخم
خاتمة

 


مقدمة

على ما يبدو أن شهر مارس/آذار 2020، سيكون من العلامات الفارقة في تاريخ المنطقة العربية، ففيه بدأت حرب التحالف الخليجي على اليمن عام 2015، وكذلك بدأت أزمة جائحة كورونا تشتد في العالم وفي المنطقة العربية، إلا أن التصرف السعودي تجاه سوق النفط الدولية، بممارسة سياسة الإغراق والبدء فيما يعرف بحرب الأسعار، استجلب للمنطقة المزيد من الصعوبات الاقتصادية، ومن شأنه أن يزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي التي تعاني منها المنطقة.

وأدت تداعيات أزمة كورونا السلبية، عبر الإجراءات المتخذة للوقاية من انتشار الفيروس إلى تقليص مساحة حراك الشعوب، مما دعا فريق التقرير لإفراد متابعة تعامل المنطقة مع أزمة كورونا كمحور بديل لحراك الشعوب. وانصرف محور الحالة السياسية لمتابعة وتحليل أبرز الأحداث في مصر وسوريا والسودان والعراق والجزائر والسعودية.

وبطبيعة الحال، فرضت أزمة كورونا نفسها على محتوى المحور الاقتصادي، الذي ركز على قضيتين رئيسيتين، وهما تداعيات الأزمة على الاقتصاديات العربية، وأزمة انهيار أسعار النفط وأثرها على المنطقة العربية. بينما ركز المحور الفكري على قضية الجائحة وكيفية مواجهتها .. رؤية إسلامية، وكذلك التعرض لذكرى وفاة الشخصية البارزة في تاريخ الفكر الإسلامي الحديث الشيخ جمال الدين الأفغاني.


المحور الأول: جائحة كورونا في المنطقة العربية

مع انتشار جائحة كورونا في أكثر من 202 دولة وتسجيل أكثر من مليون مصاب وما يزيد على 50 ألف وفاة حول العالم حتى وقت كتابة هذه السطور، سجلت الدول العربية معدلات أقل من معظم دول العالم، سواء في أعداد المصابين المُعلَنة أو الوفيات جراء هذا الفيروس، فالدولتان الأوليان عربيا من حيث عدد الإصابات هما السعودية وقطر يحتلان الترتيب رقم 38 و55 في الترتيب العالمي (حتى كتابة هذه السطور)، ومن حيث الأعداد فإن عدد الإصاباتِ المعلنةَ في جميع الوطن العربي حتى مطلع أبريل/ نيسان 2020 يبلغ نحو 6.589 مصابا، والوفيات نحو 231[1].

جدير بالذكر أن السبيل الوحيد لاكتشاف الفيروس هو إجراء تحليل (pcr)، وبدونه لا يمكن التحقق بشكل فعلي من وجود الفيروس في جسم الإنسان أو خُلُوّه منه. فقد يحمل الإنسان الفيروس ويكون ناقلا له دون أن تظهر عليه أي أعراض مطلقا، وقد يظهر عليه عَرَض دون بقية الأعراض، وهكذا. وبالتالي، يمكن القول إن انتفاء العرض لا يعني انتفاء المرض.

وعليه، فالحقيقة أن هذه الإحصائيات والأرقام لا تعبر بالضرورة عن حقيقة انتشار الفيروس، بل يمكن القول إنها لا تعبر على الإطلاق عن الأعداد الفعلية. هذه الأرقام لا تعبر إلا عن الحالات المكتشفة من قِبَل الدولة، ولكنها لا تعبر عن العدد الفعلي لحاملي الفيروس.

تعتمد معظم الدول في تتبعها ومكافحتها لفيروس كورونا على واحدة من إستراتيجيتين: الأولى هي إجراء الفحوصات على أكبر عدد ممكن من السكان في المكان الموبوء دون إجراءات عزل قاسية، وهو الأسلوب الذي انتهجته كوريا الجنوبية باكرا وساعد في انحسار انتشار الفيروس بعد أن كانت المتضرر الأول بعد الصين مطلع مارس/آذار 2020[2]، والأسلوب الثاني هو العزل والحظر الإجباري المبكر لمحاصرة المنطقة الموبوءة والسيطرة عليها للحيلولة دون تَفَشي الفيروس في الأماكن المجاورة، وهو الإجراء الذي اتبعته الصين وساعدها على انحسار المرض بعد أن كانت هي المصدر الأصلي له[3]. وبين هاتين الإستراتيجيتين، تتأرجح بقية الدول.

وبالتالي، فإن زيادةَ الأعداد أو نقصها ليس مقياسا بذاته يعبر عن نجاح أو فشل الدولة في مواجهة الفيروس، فقد تكون زيادة الأعداد مؤشرا على نجاح الدولة لا فشلها، وكذلك قد يكون نقص العدد مؤشرا على الفشل لا النجاح. فالعبرة بالإجراءات المصاحبة لهذه الأعداد والمنتِجة لهذه الإحصائيات.

يحاول التقرير تتبع الإجراءات والقرارات التي اتخذتها بعض الحكومات العربية لمواجهة الفيروس في شهر مارس/ آذار 2020، وسيعتمد - قدر الإمكان - على البيانات والتصريحات الرسمية للمسؤولين في هذه الدول. وسيُورد التقرير البلدانَ المذكورة حسب الترتيب التنازلي من حيث أعداد الإصابات المكتَشفة في كل بلد حتى وقت كتابة التقرير.

أخذ التقرير نماذج البلاد الأربعة الأُوَل من حيث عدد الإصابات عربيا، كل نموذج في هذه الدول اتبع إستراتيجية مختلفة عن  الأخرى، وهو بالتأكيد ما أثَّر على عدد الإصابات المكتشفة حتى تاريخ كتابة السطور، وكذلك على عدد نسبة الوفيات في كل بلد.

  • السعودية

كان اليوم الثاني من شهر مارس/ آذار 2020 بدايةَ اكتشاف فيروس كورونا داخل المملكة، فقد أعلنت عن اكتشاف أول حالة مصابة قادمة من إيران عن طريق البحرين[4]، وبلغت الإصابات المكتشَفة آخر الشهر نحو 1720 حالة، و16 وفاة[5]. وبلغت عدد الفحوصات التي أجريت هذا الشهر 51 ألف فحص، طبقا لما أعلنه المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية، محمد عبدالعالي[6].

حاولت المملكة أن تتصرف باكرا بعض الشيء، فقد اتخذت المملكة بعض القرارات الاحترازية قبيل اكتشاف الحالة الأولى للحيلولة دون وصول الفيروس إليها، فقد قررت في 27 فبراير/ شباط 2020، تعليق الدخول إلى السعودية لأغراض العمرة مؤقتا، كما تقرر تعليق الدخول إلى السعودية بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي يشكل انتشار فيروس كورونا الجديد (19-COVID) منها خطرا[7].

واستكمالا للقرارات الاحترازية السابقة، قررت المملكة تعليق العمرة للمواطنين والمقيمين بالمملكة في 4 مارس/ آذار 2020[8]، ولم يكن اكتُشِف حينها سوى حالة إصابة واحدة، مما يدل أن المملكةَ بدأت بارًا في إجراءاتها للحد من انتشار الفيروس. كذلك لم تتأخر المملكة في اتخاذ قرار تعليق الدراسة، فكان قرار التعليق ولم تكن الحالات تخطت آنذاك 11 حالة[9]، وهو عدد ضئيل بالطبع، إلا أن المملكةَ قررت التبكير في الإجراءات، وهو ما قد يفسر ما سيأتي بعد ذلك من محدودية نسبة الوفيات إلى نسبة المصابين.

بدا مؤشر الإصابات شبهَ ثابت حتى تاريخ 14 مارس/آذار 2020، ثم بدأ بعدها المنحنى بالتصاعد، ولكن بنسب قليلة. وجراء هذا التصاعد، قررت السلطات فرض حظر تجول في المملكة من يوم 23 مارس/آذر 2020 من الساعة السابعة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا[10]. ثم تبع الحظر منع بالدخول والخروج من مدن الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة، وتقدم موعد الحظر من الساعة الثالثة عصرا[11].

يبدو أن هذه الإجراءات قد نجحت في الحد من الانتشار الجغرافي للفيروس إلى حد كبير، فالمحافظات الأربع التي مُنع الدخول والخروج منها صاحبة النصيب الأكبر من نسبة الإصابات الكلية، بنسبة 88٪ من إجمالي الحالات على مستوى المملكة. كما أن نسبةَ الوفيات كذلك لها دلالتُها، فرغم أن السعوديةَ هي الدولة الأولى عربيا من حيث عدد الإصابات، إلا أن نسبةَ الوفيات فيها إلى الإصابات المكتشفة تعد من أفضل النسب في الدول العربية، بل والعالم، بنسبة 0.6٪.

من المؤكد أن الأعدادَ الحقيقيةَ لحاملي الفيروس أكبر من العدد المكتشَف في المملكة حتى الآن، إلا أن الإجراءات التي تتخذها في حصر وتتبع المرضى والمخالطين، وعن طريق حظر التجول بين المدن، وحصر المرض في عدة مدن، كل ذلك -إن استمر بشكل أكثر فاعلية- يجعل السعودية مرجحة لأن تستطيع تفادي انتشار الجائحة بشكل كارثي.

  • قطر

ثاني أكبر دولة عربية من حيث عدد الإصابات (835 حالة)، إلا أنها الأقل من حيث عدد ونسبة الوفيات (حالتان فقط)[12]، بنسبة بلغت نحو 0.2% فقط، دخلت قطر شهر مارس/ آذار 2020، ولم تكن قد سجّلت حينها سوى إصابة واحدة لمواطن قادم من إيران في 27 فبراير/ شباط 2020[13]، والحالة كانت على متن طائرة قادمة من إيران، وخضعت الرحلة بأكملها للحجر الصحي الإجباري، ولم يختلط المصاب أو القادمون معه على نفس الرحلة مع المجتمع بأي شكل.

لم تُسَجَّل أي حالة في الأسبوع الأول من مارس/ آذار 2020، من خارج تلك الرحلة المعزولة منذ قدومها، وبلغ عدد الإصابات في هذه الرحلة 13 مصابا جميعهم خضعوا للحجر فور وصولهم ولم يتعاملوا مع أي فرد. مما يعني أن الأسبوعَ الأول قد مر دون أي إصابة في الداخل القطري.

مع بداية الأسبوع الثاني، أعْلِن لأول مرة تسجيل 3 حالات من خارج الحجر الصحي، ما يعني أن قطر قد دخلت مرحلة جديدة ابتداء من تاريخ 8  مارس/ آذار 2020[14].

وعليه، اتبعت قطر منذ ذلك الحين نظاما أسمته وزارة الصحة القطرية بنظام "الترصد الصحي"، وهو البحث عن الحالات المشتبه فيها وعدم انتظارها. وبالفعل، وَسَّعت الدولة نطاقَ التتبع والفحص لجميع من خالطوا الحالات الثلاثة، وتَمَكّنَت من تسجيل 241 إصابة كلهم كانوا خالطوا الحالات الثلاث بشكل ما[15]، أي أن 41٪ من الإصابات المكتشفة في قطر -حتى تاريخ كتابة هذه السطور- جاءت نتيجة لتتبع هذه الحالات الثلاث فقط. والوصول لهذا العدد الكبير نسبيا جراء تتبع المخالطين يدل على الكفاءة التي تعاملت بها السلطات في التتبع والفحص. كما ينبئ كذلك على العدد المتوقع اكتشافه حال القيام بتتبع حقيقي وجاد من قبل السلطات.

ورغم الإجراءات الاحترازية العالية، ورغم أن الإصابات من خارج الحجر كانت 6 حالات فقط، إلا أن الحكومةَ قررت - كإجراء استباقي- تعطيل الدراسة في الجامعات والمدارس منذ 9 مارس/ آذار 2020[16].

جدير بالذكر أن قطر كانت قد أجرت نحو 3500 فحص حتى ذلك اليوم -أي: اليوم التاسع[17]. كما أنها كانت تُخضع جميع الرحلات القادمة من إيران للحجر الصحي الإجباري لمدة 14 يوما (فترة حضانة الفيروس) منذ فبراير/ شباط 2020.

رغم القرارات الاستباقية والتتبع والفحص الموسع والدقيق الذي أجرته السلطات، إلا أنها قررت أن تبادر باتخاذ مزيد من الإجراءات التقييدية الاحترازية العامة للحيلولة دون انتشار الفيروس، فقد تقرر يوم 12 مارس/ آذار 2020، إغلاق صالات عرض السينما، والمسارح، ومناطق ألعاب الأطفال (المفتوحة والمغلقة)، والصالات الرياضية الخاصة، وصالات الأفراح سواء في الفنادق أو قاعات الأفراح[18].

كذلك رغم أن القادمين من البلدان الموبوءة كانوا يخضعون للحجر الصحي الإجباري فور وصولهم إلى المطار، إلا أنه قد تقرر وقف استقبال الرحلات الجوية بدءا من 15 مارس/ آذار2020 [19].

يبدو أن سرعةَ الإجراءات واستباق التدابير قد نجح بالفعل في الحد من تفشي الفيروس، فلا انكسارات حادة في الرسم البياني الذي يوضح تفشي الفيروس في دولة قطر (الرسم البياني الذي يوفره موقع منظمة الصحة العالمية بشكل يومي).

من المرجح أن تستطيع قطر الحيلولةَ دون تفشي الفيروس وتحوله إلى كارثة داخل البلاد، فبالإضافة إلى الإجراءات الاحترازية والخطوات الاستباقية السريعة، إلا أن عوامل متعددة قد ترجح هذه الفرضية، فقلة أعداد السكان من أهم العوامل، وكذلك فإن أسلوب الحياة الاعتيادي في قطر يحول بشكل ما دون تفشي الفيروس، فمعظم السكان لهم سياراتهم الخاصة، كما أن الإقبال على المواصلات العامة ضعيف.

  • مصر

تعد مصر ثالث البلدان العربية من حيث عدد الإصابات المكتشَفة (779 حالة)، كما أنها تحتل الترتيب رقم 61 عالميا من حيث عدد الإصابات المكتشفة، إلا أنها ومع ذلك تسجل نسبة وفيات تعد من أعلى النسب في العالم (6.25٪)[20]. أعلنت مصر عن أولى الحالات المكتشفة منتصف فبراير/شباط 2020[21]، ولم تعلن عن أي إصابات منذ ذلك الحين، حتى مطلع مارس/ آذار 2020.

تداعت نهايةَ فبراير/شباط 2020، بعض الأنباء عن مسافرين وصلوا إلى بلدانهم عائدين من مصر محملين بالفيروس، أعلنت عن ذلك أميركا وفرنسا وكندا وتايوان وعدة بلدان أخرى، كان ذلك في الوقت الذي تصرح فيه وزيرة الصحة بأن مصر خالية تماما من الفيروس[22].

نشرت الصحة تقريرا في 5 مارس/آذار 2020، عن حالات فرنسا وكندا وأميركا[23]، مفاده أن السلطات الكندية والفرنسية والأميركية لم تعط بيانات كافية عن المصابين لأن القوانين تحمي بيانات المرضى، وبخصوص الإجراءات، فذكر التقرير أنهم قد توجهوا إلى الفنادق التي كان يقيم بها الفوج السياحي في الأقصر وقاموا بمناظرة العاملين صحيا والتأكد من عدم ظهور أي أعراض مرضية تنفسية عليهم، بالرغم من أن انتفاء العرض لا يعني انتفاء المرض كما تقرر آنفا.

بعد نحو أكثر من 8 أيام على الإبلاغ عن وجود حالات حاملة للفيروس عائدة من مصر، اكتشفت مصر 12 حالة على إحدى البواخر النيلية قادمة من أسوان إلى الأقصر[24]، هذه الحالات كانت مخالطة للحالة التايوانية من أصل أميركي.

إذن، لم تمدنا الدول ببيانات المصابين العائدين من مصر. وبالتالي، فاحتمالية انتشار الفيروس كبيرة لأنك لم تستطع أن تحدد خط السير الكامل لتحصر المخالطين جميعهم.

حالة أخرى تدل على خطورة الموقف في مصر، وهي حالة الوفاة الأولى التي أُعلِن عنها كانت في 8 مارس/آذار 2020، وهي لشخص ألماني قَدِم مصر منذ 7 أيام، ووصل إلى المستشفى قبل ليلة واحدة من وفاته[25]، ما يعني أن هذا الشخص ظل حاملا للمرض مخالطا لأفراد المجتمع 5 أيام على الأقل، وليست هذه الحالة الوحيدة التي يُعلن عنها بنفس الظروف. كل ذلك يتم دون إجراءات تتبع وفحص حقيقية للمخالطين، وهو ما قد يفسر قلة الأرقام المعلَنة من قبل الحكومة.

مما سبق يدل على أن العديد من الحالات لم تكتشف إلا بعد فترة من المخالطة والانتشار في المجتمع، وحتى بعد الاكتشاف، لم يكن هناك إجراءات تتبع وحصر للمخالطين بشكل حقيقي، وحتى مع الوصول لبعض المخالطين، فإن الحكومةَ تنتظر ظهور أعراض حتى تُجري عليهم فحص (pcr).

ومن حيث عدد الفحوصات التي تجريها الحكومة، أعلنت الحكومة في الأول من مارس/آذار 2020، أنها أجرت فحوصات لنحو 1443 شخصا، ثم ذكرت في الثالث من الشهر ذاته أن عدد الفحوصات من الفترة 7 يناير/كانون الثاني 2020، وحتى تاريخه بلغ 1832 فحصا[26]، مما يعني أنه خلال يومين تم إجراء 389 فحصا فقط، وكان ذلك في نفس الوقت الذي تداعت فيه الأخبار بأن مصر تصدر الفيروس.

بعد نحو شهر كامل منذ ظهور الإصابة الأولى، بدأت الحكومة في اتخاذ الإجراءات لمواجهة الفيروس، فتقرر إغلاق المدارس والجامعات في 15 مارس/ آذار 2020[27]، ولم يتم إقرار إغلاق المساجد أمام صلاة الجمع والجماعات إلا في 21 من الشهر ذاته [28]، كما أن قرارات حظر التجول والتنقل بين المدن والمحافظات المصرية وإجراءات العزل والإغلاق والتباعد الاجتماعي لم  تُتَّخَذ إلا قبل 5 أيام فقط من نهاية الشهر[29].

يبدو أن السلطات المصريةَ كان لها أولويات أخرى في التعامل مع الأزمة، فقلة أعداد المفحوصين، والتأخر نسبيا في اتخاذ قرارات احترازية استباقية رغم الأنباء التي وردت بخصوص وجود الفيروس في مصر، وبالرغم كذلك من أن طبيعة الحياة اليومية للمواطن المصري قد تساعد في تفشي الفيروس حال وجوده، كل ذلك ينبئ عن إخفاق أو إهمال من السلطات المصرية في تعاملها مع الأزمة.

  • العراق

حتى كتابة هذه السطور، تحتل العراق المركز الرابع عربيا من حيث عدد الإصابات (728)، إلا أنها الأولى عربيا من حيث نسبة الوفيات (9.7٪)، والثانية عالميا بعد إيطاليا، وهو بالتأكيد له دلالته من حيث تعامل الحكومة العراقية مع الأزمة[30]. جدير بالذكر أن العراقَ سجلت حالتها الأولى في 24 فبراير/ شباط 2020[31].

رغم أن بعضَ القرارات قد أُخِذَت بشكل سريع عقب تسجيل أول إصابة، مثل قرار تعليق الدراسة في محافظة النجف، وهي المحافظة التي سُجِّلت فيها الحالة الأولى، ثم تبع ذلك قرار بتعليق الدراسة في جميع المحافظات العراقية، وكان ذلك بعد يوم واحد فقط من تسجيل الحالة الأولى،  إلا أن قرارا مثل هذا ما كان ليؤتى أُكُلَه وحدًا، فالمدارس والجامعات ليست هي المكان الوحيد لانتشار الوباء.

لم تقرر الحكومة حظر السفر أو توقف استقبال الرحلات من البلدان الموبوءة، وخاصة إيران، إلا بعد نحو 22 يوما من تاريخ ظهور أول حالة[32]. كما هو معلوم أن الدولةَ العراقيةَ منهكة والبنيةَ التحتيةَ فيها متهالكة جراء تاريخ طويل من الاحتلالات والحروب والصراعات الطائفية والإقليمية، وبالتأكيد سينعكس ذلك على مستوى المنظومة الصحية فيها التي من المرجح وقوفها عاجزة حال تفشي الفيروس نظرا لضعف الإمكانيات وتهاوي بنيتها الأساسية، وهو ما قد يفسر النسبة العالية للمتوفين في العراق.


المحور الثاني: الحالة السياسية

شهدت الساحة السياسية العربية عدةَ تطوراتٍ مهمة خلال شهر مارس/ آذار 2020، تطورات قد تساهم تداعياتها في تشكيل المنطقة فيما بعد.

فالخلاف المصري- الإثيوبي حول سد النهضة يسير في طريق شبه مسدود بعد تَخلُّف الإثيوبيين عن حضور الجلسة الأخيرة في المسار التفاوضي الذي ترعاه الولايات المتحدة، ومما يزيد الأمر تعقيدا بالنسبة للجانب المصري هو الموقف السوداني الذي يقف منذ بداية الأزمة موقفا حياديا  هو أقرب إلى إثيوبيا منه إلى مصر، وظهر ذلك جليا في تحفظ السودان على مشروع قرار جامعة الدول العربية الداعم لمصر.

كما أن الثورةَ السورية في ذكراها التاسعة تقف في مفترق طرق، إما أن تنحي خلافاتها جانبا وتصطف معا لتحقيق أكبر المكاسب الممكنة أو الحفاظ على الوضع الحالي على الأقل، أو أن تظل على حالها وتخسر حليفها الوحيد، تركيا، ويكون ذلك بمثابة شهادة وفاة للثورة.

أما النظام السوداني فصار قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مصالحة شاملة مع الحركات المسلحة في إقليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وهو مكسب سياسي سيساعده بلا شك على إحكام قبضته على الدولة.

لا زال العراق على حاله تتقاذفه مصالح الأميركيين وحلفائهم من جهة، وطموحات الإيرانيين وشيعتهم في الجهة الأخرى، تُصعد إيران عن طريق أذرعها ضد المصالح الأميركية، ثم ترد أميركا عليها على أرض العراق كذلك، وبين هذا وذاك صراع سياسي محتدم يعطل تشكيل الحكومة.

والجزائر تنجز خطوة في الدستور، ويرجع الحراك سنة إلى الوراء، وكلمة السر كورونا. وابن سلمان في السعودية يزداد نفوذا ويعتقل 3 من أبرز أمراء العائلة المالكة.

والقضية الفلسطينية لأول مرة تُقحَم في صراع إقليمي مباشر عن طريق مبادرة أطلقها الحوثيون لتبادل الأسرى، طرفا الصراع هما الحوثيون ومن ورائهم إيران، وفي الطرف الثاني تقف المملكة العربية السعودية.

  • الحالة المصريـة: سد النهضة

اتبعت إثيوبيا سياسة كسب الوقت في إدارتها لملف أزمة سد النهضة، وذلك منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم في 23 مارس/ آذار عام 2015، الذي أقرت فيه مصر بحق إثيوبيا في بناء السد، مما جعل كثير من أوراق الأزمة في يد إثيوبيا[33].

واستمرارا لهذه السياسة، قررت إثيوبيا عدم مشاركتها في الاجتماع الأخير في المسار التفاوضي الذي ترعاه واشنطن بخصوص سد النهضة مع مصر والسودان نهاية فبراير/ شباط 2020، معللة ذلك بأن فريق التفاوض لم يستكمل مباحثاته مع الخبراء المحليين وأصحاب المصالح في إثيوبيا[34]. كما وصفت الموقف الأميركي بأنه "غير مقبول وغير دبلوماسي"[35]

أعقب القرار الإثيوبي لهجة تصعيدية حادة من قبل المسؤولين الإثيوبيين، حيث استمر المسؤولون في تصدير الخطاب الشعبوي الحماسي الذي يستقطبون به شعبهم بأن قضية السد هي "قضية شرف وطني لن نتخلى عنه أبدا مهما كانت المكاسب من الخارج"، وأنه لا قوة ستمنعنا من بناء السد[36].

وفي ظل هذا التصعيد -الإعلامي والرسمي- من الجانب الإثيوبي، تستمر مصر في مسارها الدبلوماسي رغبة منها في تدويل القضية والاستعانة بأطراف مختلفة داخل الصراع، فأثارت القضيةَ في اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في 4 مارس/ آذار 2020، ساعية لكسب تأييد عربي شامل لموقفها في الأزمة.

بالفعل، حظيت مصر بتأييد عربي شامل في موقفها، إلا أن هذا الإجماع أفسده موقف السودان التي تحفظت - وهي دولة مصب كما هو حال مصر- على القرار العربي المؤيد لمصر،  وهو بالتأكيد ما أغضب القاهرة وجعلها تتهم الخرطوم بأنها سَعَت "لتفريغ النص من مضمونه" ولإضعاف أثر القرار"[37].

لا شك أن غضب الجانب المصري من التحفظ السوداني مبرر ومفهوم، ذلك أن العديد من الإجراءات المتأرجحة التي اتخذتها السودان منذ بداية الأزمة تصب في النهاية لصالح إثيوبيا، من وجهة النظر المصرية. وهو ما قد يبدو صحيحا في الموقف الأخير، فالجانب الإثيوبي يرغب في إطالة أمد التفاوض وكسب الوقت، وهو ما يقتضي بالضرورة الحيلولة دون تدويل القضية - وهو ما ترنو مصر إليه - حتى لا تأخذ المفاوضات مسارا آخر قد يحرج الطرف الإثيوبي أو يضطره لاتخاذ خيارات ليست في صالح مشروعه الوطني، حسب وجهة نظر الإثيوبيين.

والموقف السوداني يدعم الخيار الإثيوبي - أي المماطلة وعدم التدويل - بشكل كبير، فقد عَلَّلت السودان تَحَفُّظها بأنها لا ترغب في "إقحام" الدول العربية في موضوع لا زالت المشاورات بين الأطراف مستمرة فيه[38]، تبدو هذه المبررات متماهية تماما مع الرغبة الإثيوبية، فالسودان لا تريد "إقحام" أطراف خارجية، وهي نفس الرؤية الإثيوبية الراغبة في عدم تدويل القضية.

كما أن التعليل الآخر بأن المشاورات لا زالت مستمرة بين الأطراف هو كذلك يصب في الصالح الإثيوبي الذي يرغب في كسب الوقت وإطالة أمد المفاوضات.

وتأكيدا على فكرة أن السودان تسعى - كما إثيوبيا - إلى عدم تدويل القضية، أعلن الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، أن السودان ستلعب دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا هادفة إلى الوصول لاتفاق بشأن سد النهضة[39].

يبدو أن السودان ترغب في بدء جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين، وهذا بالتأكيد لا يصب إلا في صالح الجانب الإثيوبي الذي يعمل على أرض الواقع غير آبه بالمفاوضات، بل ويصرح بأنه سيبدأ في تخزين المياه بداية من يوليو/ تموز 2020. إذن، فالوقت في صالح إثيوبيا بالتأكيد، وليس في صالح مصر، وتساعد السودان إثيوبيا بتحفظها ومواقفها المتأرجحة.

  • الجهود الدبلوماسية

شَنَّ الطرفان - المصري والإثيوبي - خلال مارس/ آذار 2020، حملة دبلوماسية موسعة شملت معظم العواصم العالمية، حيث يسعى كل منهما لطرح وجهة نظره على الفاعلين الدوليين، إلا أن الجانب الإثيوبي يسعى كذلك إلى كسب الوقت وإطالة أمد المباحثات حتى الانتهاء الفعلي من إنشاءات السد التي وصلت بالفعل إلى أكثر من 70%، وعلى نقيضه الجانب المصري يسعى لتسريع وتيرة المفاوضات والتوصل إلى قرار حقيقي مدعوم من قبل الفاعلين الدوليين على أرض الواقع.

ومن واقع المفاوضات السابقة، من المرجح أن هذه الجولة لن تُسفر - كسابقاتها - عن جديد يُذكر لصالح الطرف المصري، ولكنها ستسفر فقط عن إطالة أمد المفاوضات والمباحثات لإعطاء الإثيوبيين فسحة أكبر من الزمن لإكمال مشروعهم الذي سيضعهم - حال اكتماله - في مكانة متميزة بين الدول الإفريقية.

فالحكومة الإثيوبية - حتى اللحظة - لم تقطع طريق المفاوضات ولم تتخل عنه، بل أعلنت أنها مستعدة لاستكمال المفاوضات مع مصر، وحتى التبرير الذي ذكروه لعدم حضورهم الجولة الأخيرة من مفاوضات مسار واشنطن يظهرهم أنهم لا يرفضون مبدأ التفاوض من الأساس، إنما تعذر حضورهم - فقط - لأنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت للتداول بشأن الإجراءات[40].

  • ضعف الموقف المصري، والخارطة البديلة

يبدو أن الدولة المصريةَ لم تضع في اعتبارها - حتى اللحظة - احتمالية أن يكون السد أمرا واقعا لا تستطيع تغييره يوما ما، يأتي تجاهل الدولة المصرية لهذه الاحتمالية رغم رُجْحانها على المدى القريب، فلا يلوح في الأفق أي استعداد إثيوبي للتنازل عن مشرعها القومي الذي سيكفل لها دورا إقليميا وقاريا رائدا في مجال الطاقة، كما أن الحكومةَ الإثيوبية تصور المشروعَ كمنارة تقدم يقضي على الجوع والتبعية. وبالتالي، لا يُنتظر من الحكومة الإثيوبية - في ظل المعطيات الحالية - أي تراجع.

وحتى خيار التعامل العسكري، فرغم أنه وارد الحدوث، إلا أنه مستبعد بعض الشيء، وهذه الفرضية مدعومة بعدة أسباب وشواهد، أولها أن المشروعَ قائم بتمويل وإشراف العديد من الدول والمؤسسات الدولية، وهو ما يعني أن الضربة العسكرية لن تكون موجهة لإثيوبيا فقط، بل لجميع المتضررين من الممولين والمشرفين على السد.

ثاني هذه الشواهد، أن أي ضربة عسكرية الآن بعد بدء تخزين المياه تعني بالضرورة أن كميات ضخمة من المياه ستضخ دفعة واحدة على مجرى النيل الأزرق، مما يعني تدمير آلاف الأميال من الأراضي الزراعية السودانية.

أما الشاهد الثالث فهو تاريخي، فليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها دولة منبع ببناء سد قرب المنبع يضر بمصلحة دول المصب دون أن تستطيع دول المصب منع ذلك، والمثالان الأشهر في الشرق الأوسط هما سدا أتاتورك (افتتح عام 1992 على نهر الفرات)، وإليسو (افتتح عام 2018 على نهر دجلة)، فلم تستطع الدولتان الأكثر تضررا من بناء السد، وهما العراق وسوريا الحيلولة دون إكمال بناء السد.

ما سبق لا يعني بالضرورة أنه ليس هناك ما تستطيع مصر فعله حيال السد، لكنه يعني أنه لا بد أن تضع مصر هذه الاحتماليةَ نصب عينيها ولا تستبعدها، وأن تتعامل داخليا وفقا لهذه الاحتمالية.

يضع السفير عبدالله الأشعل خارطة طريق يرى أن الدولة المصرية لابد أن تسير عليها في الفترة القادمة، أهم بنود الخارطة هو تشكيل لجنة عليا من الأجهزة المختصة بنَفَس جديد هدفه الإصرار على حماية مصر ووجودها على الخريطة من خلال وضع خطة بعيدة المدى لتأمين مصادر المياه فى مصر، والبدء فورا فى خطة قومية لترشيد استخدام مياه النيل وكل مصادر المياه فى مصر، وكذلك إعداد خطة فورية للبحث عن مصادر جديدة للمياه الجوفية والاستفادة من مياه الأمطار خاصة فى سيناء والساحل الشمالى والصحراء الغربية، ومعلوم أن المياه فى هذه المناطق تكفي لزراعة القمح اللازم للاستهلاك الوطني دون حاجة إلى الاستيراد وهذه الخطوة تحتاج إلى التمسك باستقلال القرار المصري في مجال الغذاء[41].

  • الحالة السـورية: تصعيد عسكري في إدلب

أتت الذكرى التاسعة للثورة السورية هذا العام والثورة في أضعف حالاتها منذ بداية الأزمة في 15 مارس/ آذار عام 2011، فجل الأرض السورية مُقَسَّمة بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا. ولم يتبق لفصائل الثورة سوى مساحة ضئيلة لا تتخطى الـ 10% من كامل التراب السوري. بَقِيَتْ إدلب - وهي محافظة حدودية مع تركيا - هي المعقل الأخير لفصائل الثورة السورية، والتي إليها ينزح السوريون المُهَجَّرون قسريا من المناطق التي سيطر عليها النظام في الشهور الماضية.

بالتأكيد سعى وسيسعى، النظام السوري إلى السيطرة على إدلب حتى يُعيد إحكام سيطرتِه على كامل الأرض السورية. ولأن إدلب منطقة حدودية مع تركيا، فإن سيطرةَ أي من النظام السوري أو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) يمثل تهديدا مباشرا للمصالح التركية وأمنها القومي. كما أن موجة ضخمة من اللاجئين ستنزح باتجاه تركيا حال سيطرة النظام أو قوات قسد، وهو ما يهدد الداخل التركي بشكل كبير. بالإضافة إلى البعد الأخلاقي للقيادة التركية التي تجد نفسها متقاربة مع القوى الداعمة أو المنبثقة عن ثورات الربيع العربي التي سعت إلى تحرير الشعوب. كل هذه العوامل دفعت بالجانب التركي إلى التدخل المباشر في الداخل السوري، وتحديدا منطقة إدلب، داعما لفصائل الثورة في حربها ضد النظام.

حدثت العديد من المناوشات بين قوات النظام وبين القوات التركية، خَلَّفت العديد من الخسائر البشرية لدى الجانب التركي، كان آخرها وأكبرها ما حدث يوم 28 فبراير/شباط 2020، حيث استهدفت قوات النظام مبنى يتمركز فيه الجنود الأتراك وراح ضحيةَ هذا القصف 34 جنديا تركيا.

منذ تلك اللحظة، لم يتوقف القصف التركي لمواقع النظام برا وجوا.. وتلك كانت الأجواء في الداخل السوري بداية شهر مارس/ آذار 2020.

استمر الأتراك في القصف وأعلنوا إطلاق عمليتهم "درع الربيع" في تصعيد واضح لوتيرة اللهجة السياسية والعسكرية، ومُنِيَ جيش النظام حينها بخسائر فادحة على المستويين البشري والمادي، فقد حَيَّدت العملية التركية ما يزيد عن 3000 من قوات نظام الأسد، بالإضافة إلى تدمير نحو 135 دبابة، 5 منظومات دفاع جوي، 16 مضاد طيران، 77 عربة مدرعة، 9 مستودعات ذخيرة. وهو ما يعد تقدما تركيا على الأرض بلا شك.

  • اتفاق هش لوقف إطلاق النار

بينما كان التصعيد السياسي والعسكري قد بلغ أَوُجَّهُ بين تركيا والنظام السوري بداية الشهر، سادت على الناحية الأخرى لهجة دبلوماسية هادةٌ بين الجانب التركي والروسي، الداعم الأول لنظام بشار الأسد، وصاحب الفضل الأكبر في انقلاب كَفَّة الثورة لصالح النظام. بدا جليا أن كلا البلدين لا يريدان الصدام بينهما وبين بعضهما بعضا. وهو ما أدى إلى اجتماع زعيمي البلدين على طاولة المفاوضات في 5 مارس/ آذار 2020، في العاصمة الروسية موسكو، وأسفر الاجتماع الذي استمر نحو 6 ساعات عن اتفاق من 3 بنود يقضي بوقف إطلاق النار، وإنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولي M4، وتسيير دوريات روسية - تركية مشتركة على هذا الطريق، اتفاق نعته الكثير من المراقبين للوضع السوري بأنه "هَشٌّ"، لأنه ترك العديد من القضايا الشائكة عالقة دون أن يتطرق لكيفية حلها أو التعامل معها، أهم تلك القضايا انسحاب النظام من المناطق التي تقدمت إليها قواته بدعم روسي - إيراني إلى "مناطق خفض التصعيد" (إدلب وما حولها) طبقا لاتفاقية سوتشي المبرمة بين روسيا وتركيا في سبتمبر/ أيلول 2018، وكذلك مآل النقاط العسكرية التركية في المناطق التي سيطر عليها النظام، إضافة إلى أن مصير نحو 1.7 مليون لاجئ في إدلب مجهول لم يذكره الاتفاق.

لم تقتصر هشاشة الاتفاق على ضعف بنوده فقط، بل إن هناك عوامل أخرى افتقدها الاتفاق زادت من هشاشته، من أهم هذه العوامل عدم وجود الإيرانيين (الداعم الثاني بعد روسيا لنظام بشار) في الاتفاق، وهو ما أضعف الاتفاق وجعله غير ملزم لهم، كما أن ذلك قد يكون مؤشرا إلى أن الكَرَّةَ ستعود مرة أخرى وستحدث خروقات من الجانب الإيراني أو أذرعه، كما أن الاتفاقَ غير ملزم كذلك بالنسبة لقوات النظام السوري، وهو ما ينبئ كذلك أن خروقات ستحدث من جانبه كما جرت عادته في جميع الهدنات السابقة.

لم تفعل الأحداث التي تلت الاتفاق المبرم في موسكو شيئا سوى أنها برهنت بشكل آكد على فرضية هشاشة الاتفاق. فالاشتباكات بين الطرفين لم تتوقف إلا بعد تخطي الوقت المتفق عليه لوقف إطلاق النار بنحو ساعة. والاتهامات المتبادلة بين الطرفين بخرق الهدنة لم تهدأ طيلة الشهر، فما انقضى الأسبوع الأول من الهدنة حتى صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن هناك خروقات لوقف إطلاق النار في إدلب، وأنه يجب على روسيا اتخاذ إجراءات حيال ذلك[42]، وبالفعل قصفت قوات النظام عدةَ مناطق في نواحي إدلب وحلب. كما أن الإمدادات العسكرية لم تتوقف طيلة الشهر على الجانبين رغم الهدنة. وبعد نحو أسبوعين من الاتفاق، هدد النظام بعمل عسكري لفتح الطريق الدولي M4[43]، وردا على التهديد السوري، استقدمت تركيا تعزيزات عسكرية إلى محافظة إدلب استعدادا للرد على أي هجوم أو خرق من قبل النظام وحلفائه[44].

  • بوادر أزمة داخلية

على الجانب الآخر، يبدو أن بوادر أزمة تلوح في الأفق بين بعض مكونات فصائل الثورة المسلحة وبين الجانب التركي. فالاتفاق التركي - الروسي لم يحظ بقبول واسع لدى العديد من الفصائل المعارضة. ظهر ذلك جليا مع بدء تسيير الدوريات التركية - الروسية المشتركة على الطريق الدولي في 15 مارس/ آذار 2020، بعد أن قطع طريقَ الدورية محتجون مدنيون ومقاتلون من المعارضة السورية مُعَلِّلين رفضهم للاتفاق بأنه لا يضمن إعادتهم لأراضيهم بعد أن دفعهم عنف النظام إلى النزوح. نتيجة لذلك، اختُصِرَت أول دورية مشتركة بين روسيا وتركيا وأمهلت روسيا أنقرةَ مزيدا من الوقت لتحييد المسلحين الذين نفذوا تلك الاستفزازات، بحسب وزارة الدفاع الروسية[45].

يبدو أن الأمر قد يتخطى مرحلةَ الاحتجاج السلمي، فلأول مرة منذ الاتفاق الروسي - التركي، تعلن تركيا عن مقتل اثنين من جنودها في إدلب، لكن هذه المرة كانت على يد من أسمتهم وزارة الدفاع التركية "جماعات راديكالية"[46]، لم تسم تركيا أي جهة لتتهمها باستهداف جنودها، لكن بعض التقارير تشير بأصابع الاتهام في هذه العملية إلى تنظيم "حراس الدين" المنشق عن هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا"، ويضم بين جوانبه خليطا من المتشددين الذين انشقوا عن هيئة تحرير الشام وبقايا فلول "جند الأقصى"، وبعض الذين هربوا من "تنظيم الدولة"، وأفادت بعض التقارير إلى أن مناوشاتٍ حدثت خلال الأيام الفائتة بين "حراس الدين" وهيئة تحرير الشام[47].

هذه الخلافات في الجبهة الداخلية لفصائل الثورة من جهة، وبين بعضها وبين الجانب التركي من جهة أخرى، تعيد للأذهان الدور الذي اضطلع به "تنظيم الدولة" من قبل - سواء بقصد أو بغير قصد - في الفَت من عضد فصائل الثورة وإضعاف موقفها وإشغالها بالخلاف الداخلي عن القتال مع العدو الرئيسي، وهو النظام.

هذه الحالة الداخلية تضع تركيا والجيش الوطني (التابع للمعارضة السورية) أمام استحقاق صعب، فتركيا الآن، ومعها الجيش الوطني، أمام واحد من خيارين، إما أن تستطيع احتواء واستيعاب هذه التنظيمات المتشددة، أو حلَّها والقضاء عليها. وكلا الخيارين مُرّ، وفي كليهما تحتاج تركيا إلى تحقيق التوازن بين تنظيم الجبهة الداخلية وبين الصراع مع قوات الأسد، لأن المستفيد الأول من أي خلل في هذا التوازن سيكون النظام السوري وحلفاءه وداعميه.

كل المؤشرات تنبئ أن توتر الأحداث وتصاعدها ما هي إلا مسألة وقت فقط، وأن الشهور القادمةَ ستحمل بلا شك في حواياها مستقبل الثورة السورية، في إدلب - على الأقل ـ فهل سيكون المستقبل لصالح الثورة السورية وفصائلها (تقليل الخسائر والحفاظ على الوضع القائم)، أم لصالح النظام؟.

إجابة هذا السؤال تعتمد في جزء كبير منه على مدى قدرة الفصائل المعارضة على استغلال اللحظة الراهنة في تنظيم صفوفها والوقوف على أرضية مشتركة ثابتة، وتجنيب الخلافات التكتيكية أو الفكرية جانبا في هذه المرحلة، وعدم إحراج تركيا واستجلاب عداوتها. فلا شك أن الدعم التركي لو رفع عنهم، فإن الوضع في إدلب سيكون كارثيا بالنسبة للمدنيين وللفصائل المعارضة على السواء. ولا مبالغةَ إن قيل إنها ستكون بمثابة شهادة وفاة للثورة السورية في هذه الموجة.

  • الحالة السودانية: استهداف حمدوك.. وبوادر مصالحة داخلية

معلوم أن حكم النظام السابق بقيادة عمر حسن البشير قد خَلَّف وراءه سودانا مثقلا بالقضايا الشائكة على كافة الأصعدة، فالداخل مُقَسّم بين مدنيين ذوي أيديولوجيات مختلفة متقاطعة، وعسكريين يحملون ولاءات متعددة، وتنظيمات مسلحة مقاتلة في بعض الأقاليم، خاصة في إقليم دارفور والمناطق الجنوبية المتاخمة لحدود دولة جنوب السودان. هذا علاوة على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الذي ما لبث يحلم مع سقوط البشير بتَنفُّس الصعداء وتحسين أوضاعه بالغة السوء. ولم يكن الصعيد الخارجي والعلاقات الدولية أفضل حالا من الداخل، فعلاقات السودان مع معظم القوى والفواعل الدولية لم تكن في حالة حسنة.

منذ سقوط البشير في أبريل/ نيسان 2019، لم يلبث السودان أن يخرج من أزمة حتى يدخل في أخرى. أهم هذه الأزمات كانت في العلاقة بين المدنيين والعسكريين في الفترة الانتقالية، أزمة دامت فترة من الزمن بلغت نحو 4 أشهر حتى وَقَّع العسكريون وبعض المدنيين وثيقة دستورية في 17 أغسطس/آب 2019، وثيقة هي التي تُشَكِّل كثيرا من معطيات المشهد الحالي في الداخل السوداني.

أحد مخرجات هذه الوثيقة كانت حكومة عبدالله حمدوك الذي رُشِّح من قِبَل تحالف قوى الحرية والتغيير، وحَلَف اليمين في أغسطس/آب 2019، إلا أن حكومته لم تقدم شيئا ذا بال يرضي آمال الجماهير السودانية المتطلعة إلى تحسين أوضاعها.

  • استهداف حمدوك

اهتزت الساحة السياسية السودانية صبيحة 9 مارس/آذار 2020، بمحاولة اغتيال لرئيس الوزراء عبر هجوم استهدف موكبه دون سقوط ضحايا[48]. لم تَتَبَنَّ العمليةَ أي جهة، ولم تُظهر التحقيقات - حتى اللحظة - الفاعل الحقيقي، إلا أن العديد من التصريحات والبيانات أشارت مباشرة بأصابع الاتهام إلى "الدولة العميقة"، أو "الإرهاب"، في إشارة إلى أنصار الرئيس السابق عمر البشير.

بيان مجلس الوزراء قال: "إننا نعلم أولئك الذين يستهدفون ثورة الشعب السوداني والمكاسب التي حققها بنضالاته ودماء شهدائه، لكننا نؤكد أن إرادة الثورة باقية وأن مسيرتها مستمرة ولن تفقد بوصلتها أبدا، وأن الإرادة الشعبية الغلابة ووحدة قوى التغيير هي ضمان استمرار ثورتها وهي الإرادة التي ستجعل الردة مستحيلة"[49].

بالطبع سيحاول النظام السوداني الحالي متمثلا في مجلس السيادة الانتقالي استغلال الأزمة في إحكام قبضته على السلطة وتهميش المزيد من القوى المعارضة له المحسوبة على نظام البشير، وهذا بالفعل ما التقطه حزب البشير "المؤتمر الوطني"، فسارع رئيس الحزب ووزير الخارجية السابق، إبراهيم غندور، بإصدار بيان يدين فيه محاولة الاغتيال ويصفها بأنها "حادثة لا تشبه قيم الشعب السوداني"، ودعا إلى الكشف العاجل عن "خيوط المؤامرة" التي تريد جر السودان إلى مستنقع الدماء والفتن[50].

يبدو أن حزب المؤتمر الوطني يحاول التعايش والتكيف بشكل ما مع النظام القائم دون صدام مباشر. ولكن يظهر كذلك أن قيادةَ النظام لا تلتفت لهذه المحاولات[51]، وستحاول بلا شك أن تستغل الموقف في الإسراع من خطواتها لإحكام السيطرة، فالبيان الصادر عن اجتماع مجلسي الوزراء والسيادة وقوى الحرية التغيير، بعد يوم واحد فقط من نجاة رئيس الوزراء يقول: إن فرعا من الأجهزة الأمنية السودانية (المخابرات) يرتبط ارتباطا وثيقا بالبشير سيخضع لسيطرة الحكومة المدنية وأن اللجنة المكلفة بتفكيك النظام القديم ستُمنح سلطات إضافية، كما أنهم سيسرعون في إعادة تنظيم وإنشاء جهاز للأمن الداخلي تحت إمرة وزارة الداخلية والاستمرار في هيكلة الأجهزة الأمنية[52]، كما أن النظام لا زال مستمرا في حملات الاعتقال والإقصاء بحق أنصار ومؤيدي البشير، ففي 17 مارس/ آذار 2020، أمر النائب العام السوداني باعتقال وزير الخارجية السابق، علي كرتي، و5 من كوادر حزب المؤتمر الوطني[53].

  • المحطة الأخيرة لإنجاز مفاوضات السلام

من أبرز القضايا الشائكة التي خَلّفها النظام السابق للقيادة الانتقالية هي الخلافات مع الحركات المسلحة في عدة أقاليم، وأبرز هذه الأقاليم إقليم دارفور، حيث يبدو الأمر معقدا، في ظل الاضطراب الأمني هناك منذ عام 2003 وتدويل القضية بفعل صدور سلسلة قرارات من مجلس الأمن الدولي إثر الاتهامات بوجود جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، علاوة على مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح ولجوء ما يزيد عن مليونين آخرين، طبقا لتقديرات الأمم المتحدة[54].

شهد هذا الشهر تقدما كبيرا في حل هذه الإشكالية، فقد أحرزت المفاوضات بين أطراف الصراع تقدما غير مسبوق، يبدو أننا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الاتفاق وإرساء السلام على أرض السودان.

جدير بالذكر أن المفاوضات، التي تستضيفها وترعاها دولة جنوب السودان، تسير في مسارين منفصلين، المسار الأول مع الجبهة الثورية، وهي تحالف يضم عددا من الفصائل المسلحة في إقليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وأبرز الحركات في هذا المسار هي العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان بزعامة ميني أركو ميناوي، والحركة الشعبية (قطاع الشمال)، فصيل مالك عقار، والثاني تتفاوض فيه الحكومة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، فصيل عبدالعزيز الحلو، وهي الحركة الأكبر تأثيرا وسيطرة في جنوب كردفان.

كان المسار الأول صاحب النصيب الأكبر في إحراز هذه التقدمات، أما المسار الثاني فلم يحدث فيه أي تقدم يُذكر بالرغم من التزام "الحلو" بمسار المفاوضات، وقد عزا رئيس لجنة الوساطة الجنوب سودانية، توت قلواك، تأخر التفاوض مع الحلو لأنه متمسك بعلمانية الدولة، ولا يريد تخطي هذه النقطة إلى غيرها، إلا أنه أكد أن هناك مساع لإقناعه بالعودة إلى طاولة الحوار[55].

يبدو أن طرفي الصراع (الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية) مُصِرّان على تذليل كل العقبات التي تقف في طريق المصالحة، فكان الأسبوع الأول من مارس/ آذار 2020، بمثابة تأسيس وتمهيد لخطوات واسعة في الأسابيع القادمة في اتجاه المصالحة. ففي الأسبوع الأول سافر نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى العاصمة الجنوب الإفريقية، جوبا، وثَمَّن سير تنفيذ اتفاق السلام ودعا الأطراف للإسراع في التوصل إلى توافق بينها[56]، وكذلك التقى رئيس المجلس السيادي، عبدالفتاح البرهان، بالقيادات الأهلية لإقليم دارفور في القصر الجمهوري، وأشاد بدورهم الكبير في تعزيز اللحمة الاجتماعية بدارفور، كما وصفهم بأنهم "قلب السودان النابض"[57].

وفي إطار سعي أطراف الصراع إلى إنجاز المصالحة والسماع لكل الأطراف المعنية، استقبل الأطراف وفدا شعبيا سمي "أصحاب المصلحة" من إقليم دارفور، وفدا ضم نحو 100 شخصية يمثلون النازحين والإدارات الأهلية والمهنيين والرعاة والزراع ومنظمات المجتمع المدني، قدم هذا الوفد ورقة تحوي رؤيةَ أبناء الإقليم في بنود اتفاق السلام، وخصوصا مطلبهم برجوع نظام "الأقاليم" في السودان، وكذلك تصريحات أطراف التفاوض بالالتزام بما ورد في ورقة "أصحاب المصلحة"[58].

كل هذه الإجراءات وغيرها كانت إشارة قوية من جميع الأطراف بعزمها وإصرارها على إتمام مسار التفاوض في أسرع وقت.

مع إعلان لجنة الوساطة الجنوبية في 9 مارس/ آذار 2020، تمديد أجل المفاوضات إلى 9 أبريل/نيسان 2020، بدأت الأطراف تسابق الزمنَ في إنجاز الاتفاقات على البنود المطلوبة وفق الجدول الزمني. فلم يمض سوى 4 أيام حتى أعلنت الأطراف التوقيع بالأحرف الأولى على ورقتي السلطة والتعويضات في أقاليم دارفور، النيل الأزرق، جنوب كردفان[59]. وبعدها بفترة مماثلة اتفق الطرفان على ورقة الثروة التي تعالج قضايا التوزيع العادل للثروة، وتضمن كذلك إجراءات لإدارة الموارد، كما اتُّفِق على تكوين صندوق لإعادة إعمار دارفور[60].

كل ما سبق ينبئ أن جميع الأطراف راغبة في إنجاز اتفاق صلح حقيقي، فقد تجاوزوا العديد من نقاط الخلاف فيما بينهم وأظهروا مرونة عالية فيما بينهم، إلا أن الاختبار الحقيقي لجدية الأطراف لم يكن في هذه البنود، فالملف الأهم، والذي يُعد بمثابة الحلقة الأصعب في الاتفاقات نظرا للتباين الشديد في وجهات النظر بين الأطراف، هو الملف الأمني. هذا الملف المعني بالترتيبات الأمنية بين الأقاليم، وكذلك خطة وقف إطلاق النار بشكل كامل، والأهم هو إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية ودمج مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش السوداني والمؤسسات المختلفة.

ورغم هذه البنود الشائكة، وإثباتا لجدية الأطراف، كادت هذه الأطراف أن تنهي مباحثاتها[61] لولا أن القدر سابق على التدبير، فقد أُعلنت وفاة وزير الدفاع السوداني ورئيس فريق الترتيبات الأمنية في المفاوضات، جمال عمر، بأزمة قلبية - دون شبهة جنائية - في 25 مارس/آذار 2020، وعليه عُلّقَت  المفاوضات مدةَ أسبوع من يومها[62].

كل المؤشرات تشير إلى ترجيح إكمال هذا الاتفاق بين الحكومة السودانية الانتقالية والجبهة الثورية، وهو بالتأكيد - إن حدث - سيقوِّي الجبهةَ الداخليةَ للنظام السوداني الانتقالي، وقد يزيد ذلك من ضغط الحكومة على المعارضين الإسلاميين وأنصار الرئيس السابق، فالعداوة بين هذه الحركات المسلحة، التي ستتفق معها الحكومة، وبين النظام السابق معلومة وثابتة.

  • إشكالية العلاقات مع مصر

من بين نحو 4 تواصلات معلنة بين الجانبين المصري والسوداني خلال مارس/آذار 2020، ـ ورغم أن الخلاف بين الموقفين "المصري والسوداني" حول مشروع قرار الجامعة العربية الداعم لمصر في قضية سد النهضة لا زال جديدا- إلا أنه لم يُعلن في أي منها أي تطرق لقضية سد النهضة والخلاف الدائر حول موقف السودان من القضية، فاجتماع مدير المخابرات المصرية عباس كامل مع حميدتي والبرهان كل على حدة في الخرطوم، وزيارة حميدتي لمصر ولقائه بالسيسي، والاتصال الهاتفي بين البرهان والسيسي، كل البيانات الرسمية في هذا الصدد لم تتطرق لمسألة الخلاف حول سد النهضة، كانت معظم البنود التي أُعلن تباحثها بين الجانبين متعلقة بالملفات الأمنية ومحاربة الإرهاب ومشاكل الهجرة غير النظامية. ويبدو أن الطرفين يريدان لعلاقتهما أن تستمر، رغم اتساع الخلاف بين الجانبين حول أزمة السد.

  • الحالة العراقية: صراع النفوذ لا زال مستمرا

يبدو أنه في قدر العراق أن تعيش طويلا بين مطرقة المحتل الأميركي وسندان التدخلات الإيرانية، مُشعلين في حرب نفوذهم على الأرض العراقية الحروب الطائفية والمحاصصات الحزبية، بين هؤلاء وأولئك تتراجع مصلحة الإنسان العراقي إلى ذيل قائمة أولويات تلك الأطراف جميعا، ولا زال المواطن العراقي هو الخاسر الأكبر في كل هذه الصراعات دونما أي مكسب عائد عليه.

وبعد سلسلة من التصعيدات والتوترات بين الفصائل والحركات المسلحة المدعومة إيرانيا وبين القوات الأميركية الموجودة في العراق أواخر 2019، بلغ التوتر ذروته بداية 2020، حين قررت القوات الأميركية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب قائد قوات الحشد الشعبي العراقي المقربة من طهران، أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/ كانون الثاني 2020.

تبع هذه الضربةَ توترات وتصعيدات لفظية بين الجانبين - الإيراني والأميركي -، وبدا من الحرب الكلامية، وكأننا في انتظار حرب مفتوحة بين الطرفين على الأرض العراقية، إلا أن الرد الإيراني الفعلي جاء رمزيا ضعيفا لم يُلحق أذى بالقوات الأميركية في قاعدة عين الأسد التي استهدفتها القوات الإيرانية.

لكن تقارير عدة توقعت أن هذا الرد الرمزي سيتبعه ضربات استفزازية استنزافية تُوَجَّه للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي العراق بشكل خاص[63]، وستستخدم فيه إيران أسلوبها المعهود "الحرب بالوكالة" عن طريق أذرعها النافذة والمنتشرة في العديد من البلدان العربية، ويبدو أن هذه الفرضيةَ لها وجاهتها ودلالتها، ويبدو كذلك أن نذرا من تبعات هذا الصراع قد ألقى بظلاله على الساحة العراقية في أحداث شهر مارس/ آذار 2020.

عدة ضربات وُجِّهت خلال هذا الشهر للقواعد الأميركية في العراق أو في المناطق المجاورة للسفارة الأميركية في بغداد[64]، لكن الضربة الأبرز في هذا الشهر كانت في 11 مارس/ آذار 2020، والتي أودت بحياة جنديَّيْن أميركيَّيْن وآخر بريطاني[65]، في تصعيد مباشر ضد الولايات المتحدة.

سارعت الدولة العراقية باستنكار الحادث، وتعَهَّدت كذلك بملاحقة الجهات التي أقدمت على هذا العمل "العدائي" وإلقاء القبض عليها ومحاكمتها[66]، يبدو أن الدولةَ العراقية كانت تريد أن تأخذ فرصتها في أن تكون فاعلا في الأحداث التي تحدث على مسرحها، إلا أن الولايات المتحدةَ لم تترك لهم هذه الفرصة، فبمجرد أن أُعْطِيَ البنتاجون السلطةَ الكاملةَ للرد على الهجوم من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قصفت القوات الأميركية نحو 5 مواقع لكتائب حزب الله العراقية، وأودت بحياة نحو 6 أشخاص، إلا أن العراق استنكرت الضربات الأميركيةَ واعتبرتها "انتهاكا لسيادتها وللمؤسسة العسكرية العريقة"[67].

الجديد هذه المرة بالنسبة للوضع الداخلي العراقي أن الرئيس العراقي وصف الهجمات التي أودت بحياة قوات التحالف بأنها "إرهابية"، هذه هي المرة الأولى التي يصف فيها الرئيس العراقي استهداف القواعد الأميركية بأنها أعمال إرهابية، مما يجعل التساؤل حول طبيعة العلاقة المستقبلية بين الدولة العراقية وبين بعض هذه الحركات المسلحة غير التابعة للدولة تساؤلا مشروعا، خصوصا في ظل تصاعد أنباء عن خلافات كبيرة مطلع مارس/آذار 2020، بين جهاز المخابرات العراقي بقيادة مصطفى الكاظمي، وبين كتائب "حزب الله"، بعد اتهامات وجهتها الأخيرة للكاظمي بتعاونه مع الولايات المتحدة في اغتيال قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، وعليه أفادت مواقع عراقية محلية بأن قوات الأمن العراقية قامت بحملة اعتقالات لبعض عناصر كتائب "حزب الله"، وفقا لما نقله موقع "عربي 21" [68]. بدورها لم تترك إيران التصريحات والأفعال الأميركية دون رد، فقد حَمَّلت إيران مسؤولية الهجوم على "وجود وسلوك" القوات الأميركية "غير القانوني" في العراق[69].

ويبدو أن الأمور لا تسير نحو التهدئة على الأرض العراقية، فالأطراف الخارجية مع وكلائهم الداخليين مصرون على جعل العراق مسرحا دائما للأحداث لا يكلفهم الكثير، برهان ذلك ما أعلنته كتائب "حزب الله" العراقية من أنهم يرصدون تحركات مريبة للقوات الأميركية وعملائها تُمَهِّد لما أسموه "إنزالا جويا" مرفوقا بدعم أرضي وإسناد ناري من طيرانه الحربي مستهدفين الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي و"حزب الله" العراقي[70].

  • رئاسة الحكومة.. صراع نفوذ

من تَبِعات التوترات والتجاذبات بين الدولة الإيرانية والولايات المتحدة المحاصصات الحزبية والتوترات الطائفية التي ألقت بظلالها هي الأخرى على العراق ويعيش حالة من اللااستقرار سياسي، فبعد مضي ما يربو على 4 أشهر منذ استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي من رئاسة الحكومة، لم تستطع العراق أن تتفق على رئيس حكومة لتسيير أعمالها وإدارة شؤونها.

مطلع مارس/آذار 2020، اعتذر محمد توفيق علاوي عن تكليفه بالحكومة بعدما فشل في الحصول على ثقة مجلس النواب (البرلمان) في حكومته على مرتين متتاليتين[71]، معَللا ذلك أن بعض الجهات السياسية غير جادة في الإصلاح ولا تعمل لإيفاء الوعود أمام شعبها، وتضع العراقيل أمام أي حكومة مستقلة، حسب قوله[72].

بعد نحو أكثر من أسبوعين من المشاورات والمباحثات، لم تستطع القوى السياسية أن تتفق على مرشح لرئاسة الوزارة، وعليه قرر رئيس الجمهورية برهم صالح، تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الوزارة في 17 مارس/ آذار 2020، وهو ما فَجَّر على الساحة العراقية صراعَ إرادات بين القوى النافذة، رفضته القوى المقربة من إيران باعتباره رجلا أميركيا، حسب زعمهم[73].

حتى اللحظة، فإن القوى الشيعيةَ منقسمة على ذاتها بخصوص موقفها من الزرفي، إلا أن جل الأطراف الشيعية يعتبر معارضا للرجل، إما للآلية التي اختير بها، أو اعتراضا على الشخص بذاته، والقوى السنية والكردية ليس لها موقف بشكل واضح بعد. علما بأنه قد جرت العادة أن تكون رئاسة الوزارة من نصيب الكتلة الشيعية، وهو ما يصعب المهمة بشكل كبير على الزرفي وعلى أي رئيس وزراء يأتي من خارج البيت الشيعي.

  • الحالة الجزائرية: دستور يتقدم.. وحراك يتوقف

حراك مستمر في الجزائر تخطى عمره العام منذ ولادته الأولى في فبراير/ شباط 2019.. لجنة خبراء ذات 17 عضوا، يقودها الخبير الدستوري الدولي أحمد لعرابة كُلِّفت من قِبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في يناير/ كانون الثاني 2020، بإعداد مسودة دستور جديد للبلاد، تستعد لتسليم المسودة الأولى للدستور لرئيس البلاد تمهيدا لطرحها للمناقشة مع الأحزاب والساسة ومنظمات المجتمع المدني..

جائحة كورونا (Covid-19) تتفشى في العالم، وتسجل الجزائر منها نحو 58 وفاة… هكذا كانت الحالة السياسية في الجزائر خلال شهر مارس/ آذار 2020.

ورغم أن تكليف الرئيس تبون للجنة الخبراء المنوطة بكتابة مسودة الدستور كان يقضي أن ينتهوا من إعداد المسودة بحد أقصى 3 أشهر من تاريخ تشكيلهم في 8 يناير/ كانون الثاني 2020

[74]، إلا أن اللجنةَ أعلنت مطلع مارس/آذار 2020، أنها ستسلم الرئيس المسودةَ الأولى بحد أقصى في 15 من ذات الشهر[75]، بما يعني أن المدة التي اكتفوا بها شهرين وأسبوعا فقط، وليس 3 أشهر كما كان متفقا عليه، مما يدل على أن العمل كان يجري على قدم وساق لإنجاز هذه المهمة، التي يكرر الرئيس حرصه الدائم على إنجازها في كل ظهور تلفزيوني له.

بالفعل، أُنجزت المسودة الأولى للدستور، وسُلمت كذلك لرئيس الجمهورية للاطلاع عليها، ثم يعقب ذلك طرحها على الأحزاب والشخصيات السياسية والمنظمات الأهلية والمجتمع المدني للتباحث حولها ومناقشة بنودها، وكانت المدة المقترحة لإنجاز هذا النقاش المجتمعي شهرا ينتهي نهاية أبريل/نيسان 2020، إلا أن الأقدار حالت دون إنجاز هذه الخطوة كما كان مخططا لها، ففي ضوء الإجراءات التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا في البلاد، قَرر تبون "تأجيل توزيع الوثيقة على الشخصيات الوطنية، وقيادات الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، إلى حين تحسن هذه الظروف"[76].

  • أنجزت كورونا ما لم تستطع الدولة إنجازه طيلة عام

56 جمعة نزلها المتظاهرون في شوارع الجزائر يهدفون إلى إسقاط الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، والذي مكث في السلطة ما يربو على العقدين وكان ينتوي إعادةَ تمديد رئاسته لعهدة خامسة. وبالرغم من أن الحراك حقق هدفه الأول بإسقاط بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019، إلا أن الحراك لم يتوقف، وظل المحتجون في الشوارع ينادون بتحييد الجيش وإبعاده عن السياسة وإسقاط ما يسمونه "نخبة بوتفليقة". ولم تستطع الدولة أن تقنع المتظاهرين بالعودة إلى بيوتهم وإيقاف حراكهم حتى بعد قدوم الرئيس تبون إلى السلطة عن طريق انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 40٪. لكن هذا الحال بعد كورونا ليس كما قبله.

تلاقت دعوات السلطة مع دعوات بعض مكونات الحراك في ضرورة إعلاء قيمة الإنسان والنأي بها بعيدا عن الخلافات السياسية في ظل أزمة تضرب العالم أجمع، فتزامنت دعوات بعض قادة الحراك التي أطلقوها منذ الأحد 15 مارس/آذار 2020، بضرورة تعليق التظاهر للحد من انتشار فيروس كورونا[77]، مع القرار الذي اتخذه الرئيس في 17 مارس/آذار 2020، بحظر الاحتجاجات والتجمعات بسبب فيروس كورونا[78]، معللا القرار بأن كورونا تعد مسألةَ "أمن وطني"، ويحب التعامل بناء على ذلك حتى لو أدى الأمر إلى "تقييد بعض الحريات مؤقتا، فحياة المواطن فوق كل اعتبار"[79].

حاول الرئيس منذ وصوله إلى السلطة أن يستوعب الحراك وألا يتصادم معه، بل ظل الرئيس يصفه بأنه "فورة وطنية محمودة" ما لم ينحرف عن مساره السلمي.

لكن يبدو أن دوائر في السلطة قد بدأت في التململ من استمرار الحراك، فرغم سياسة الحكومة بعدم انتقاد الحراك بشكل علني، إلا أن هذه السياسةَ قد خُرقت مع كورونا، فبعد تصريح خفيف من رئيس الوزراء، عبدالعزيز جراد، بأن بلاده تواجه "أزمة متعددة الأبعاد"، حث الناس على تقليل مطالبهم من الحكومة والحد من استمرار وجودهم بالشوارع[80].

أعقب هذا التصريح هجوم شبه مباشر من الناطق باسم الحكومة، عمار بلحيمر، حيث قال: إن الحراكَ "اخْتُرِق" من قبل تيارات سياسية بغرض تحييده عن طابعه الديمقراطي والتعددي، وأنه "يراوح مكانه دون مخرج"، حسب قوله[81].

سواء كان قرار الرئيس تبون نابعا من رغبة حقيقية في الحد من تداعيات كورونا، أو كان قراره استغلالا للأزمة الإنسانية في إيقاف حراك المعارضين له، أو كان كلاهما، كل ذلك لن يغير من الحقيقة الواقعة شيئا، حقيقة أن الحراك توقف لأول مرة يوم 20 مارس/آذار 2020، لأجل غير مسمى، وحقيقة ما بعد كورونا لن يكون كقبله، فمن الصعب أن يعود المتظاهرون مرة أخرى بنفس القوة حتى بعد انتهاء أزمة كورونا.

  • الحالة السعودية: اعتقال الأمراء.. حملة جديدة لإحكام السيطرة

يمكن القول أن وجه المملكة قد تغير في العديد من القضايا منذ اعتلاء الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في يونيو/ حزيران 2017 بعد الإطاحة بالأمير محمد بن نايف، فلم تعد المملكة مهتمة بتصدير نفسها على أنها راعية الإسلام والمسلمين في العالم، بل حرصت المملكة في سياستها الجديدة على تصدير سياسة أكثر تحررا أو تحللا من القيود التي كانت تفرضها عليها صورتها النمطية السابقة.

كان من أبرز آثار هذا التحرر هو التراجع الملحوظ لدور الهيئات الشرعية وعلى رأسها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبروز هيئة الترفيه المسؤولة بإقامة وتنظيم الحفلات الغنائية التي كانت محظورة حتى زمن قريب. كذلك الانفتاح العلني على العلاقات مع إسرائيل والموقف المتذبذب من قضية صفقة القرن. علاوة على السماح ببعض الحقوق للمرأة مثل السماح لهن بقيادة السيارات لأول مرة في تاريخ المملكة.

كل هذه الإجراءات صاحبتها إجراءات أكثر تشددا وحزما تجاه كل من يمتعض من هذه الإجراءات، ولم يسلم من هذه الإجراءات أفراد العائلة المالكة أنفسهم، آخر هذه الإجراءات ما نشر مطلع مارس/آذار 2020، عن اعتقال 3 من أبرز الأمراء في العائلة المالكة[82]على رأسهم الأمير أحمد بن عبدالعزيز الشقيق الأوحد المتبقي للملك سلمان على قيد الحياة، والذي يُنظر إليه كبديل محتمل من قبل العديدين من المنتقدين لسياسات المملكة الحالية. هذا بالإضافة إلى الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق والأمير نواف بن نايف.

قد تكون هذه الاعتقالات هي الأبرز منذ تولي ابن سلمان ولايةَ العهد، حيث أن الأمير أحمد يعتبر هو المعارض الأبرز لابن سلمان والبديل المحتمل لاعتلاء العرش، خاصة أن تقارير ذكرت أنه أبرز واحد من 3 من هيئة البيعة عارضوا تولي ابن سلمان لولاية العهد[83].

وسط كل هذه الإجراءات، ورغم أن المعتقل شقيقه ومن أبرز أفراد العائلة المالكة، يتجاهل الملك سلمان التعليق على هذه الإجراءات، ففي أول ظهور للملك بعد حملة اعتقالات الأمراء وعشرات المسؤولين الموظفين الحكومين، لم يتطرق الملك إلى هذه الاعتقالات، وكان خطابه مقتصرا على الحديث عن أزمة كورونا[84].

يبدو أن الملك غير معترض على تصرفات نجله التعسفية، أو قد يكون غير قادر على مجابهة هذه الإجراءات، كلها احتمالات واردة، إلا أن الأكيد هو أن ابن سلمان يسير بخطى ثابتة في تغيير وجه السياسة السعودية الخارجية والداخلية، وأنه يحاول اجتثاث أي عقبة قد تقف في طريق سياساته. 

  • الحوثي يطلق مبادرة لتبادل الأسرى

رغم أن أزمةَ الأسرى الفلسطينيين لدى السلطات السعودية متداولة على الساحة منذ نحو عام، إلا أن حدثا جديدا حوَّل الأزمة هذه المرة من مجرد أزمة بين حركة حماس والسلطات السعودية إلى قضية ذات بعد إقليمي، فقد أعلن عبدالملك الحوثي (اليمن)، زعيم جماعة "أنصار الله" المدعومة (إيرانيا)، في كلمة متلفزة أنهم مستعدون للإفراج عن أحد الطيارين و4 من الضباط والجنود السعوديين المحتجزين لديهم مقابل الإفراج عن معتقلي حماس المحتجزين بالمملكة.

يعد ذلك تطورا في الصراع الإقليمي بشكل واضح، فهذه هي المرة الأولى التي يتداخل فيها المكون الشيعي بشكل واضح وصريح في أزمات حركة حماس مع الأنظمة العربية، وهذا بالتأكيد له آثاره ودوافعه بالنسبة لحركة حماس، وكذلك لجماعة الحوثي.

يرى بعض المراقبين المناوئين لـ "أنصار الله" أن المبادرةَ التي قَدمها الحوثي للسعوديين ما هي إلا محاولة لتلميع صورة الحوثيين الملطخة أيديهم بدماء اليمنيين أمام الشعب اليمني وبقية الشعوب العربية، فهي لا تتعدى كونها محاولة غسيل سمعة، حسب رأي بعض المراقبين[85].

في المقابل، هناك اتجاه آخر يقول إن الدعم الذي تقدمه إيران، ومن وراءها حركات "المقاومة" التابعين لها، صادقون في تأييدهم للقضية الفلسطينيية ولمكونات المقاومة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، فالقواسم المشتركة بين الطرفين كثيرة ومتشابكة، وعدوهم واحد، فالولايات المتحدة وإسرائيل عدو مشترك للطرفين، والسعودية تقف في صف الولايات المتحدة الداعمة الأولى لإسرائيل، كما أن السعوديةَ عدو كذلك لإيران وجميع مكونات البيت الشيعي في المنطقة العربية، وبما أن العدو مشترك، فالتضامن بين الفرقاء ضرورة عقلية وسياسية، وبهذا فإن دعم الحوثي لحماس هو دعم حقيقي لا زيف.

ومن ناحية حماس، لم تجد حماس بدّا من تثمين وتقدير مبادرة الحوثي[86]، مع علمها أن (أقلمة) القضية والتداخل مع المكونات الشيعية التابعة لإيران قد يُعقّد الأمور ويجعلها أسوأ مما هي عليه الآن، ولكن يبدو أنها قد فقدت الأمل في القيادة السعودية الحالية، فحماس تبرر التغير في العلاقة بينها وبين المملكة بأن القيادةَ الجديدةَ تموضعت بشكل جديد لتتماشى مع ما يُسمى الرؤية الأميركية الجديدة للسلام أو صفقة القرن"، حسب ما ذكر باسم نعيم عضو مكتب العلاقات الدولية في الحركة[87].

في بداية الأزمة، فَضَّلت "حماس" عدم الإعلان عن اعتقال كوادرها في السعودية في بداية اعتقالهم، رغبة منها في التوصل لحل مع السلطة السعودية دون تصعيد الأمور، لكن هذه المساعي لم تجد نفعا وبدا أن القيادة السعودية الجديدة مصرة على مواقفها وغير مستعدة لتقديم أي حلول، ثم بعد ذلك أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف) في 6 سبتمبر/ أيلول 2019، أن السعوديةَ تخفي قسريا 60 فلسطينيا، وتبعته الحركة بإعلان اعتقال عدد من كوادرها في التاسع من نفس الشهر[88]

تصاعدت مطالبات قيادات "حماس" بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، خصوصا مع انطلاق محاكمة 60 فلسطينيا في 8 مارس/ آذار 2020، فقد وَجَّه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، نداء عاجلا إلى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، باتخاذ قرار بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون المملكة[89] ، كما كشف عضو مكتب العلاقات الدولية في الحركة، باسم نعيم، أنهم يجرون اتصالات مباشرة وعبر وسطاء مع السعودية لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين[90]، إلا أن كل هذه المحاولات لم تجد نفعا.


المحور الثالث: الاقتصاد العربي

سيناريوهات مفتوحة، للأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وتلقي بظلالها السلبية على الاقتصاديات العربية، وحتى الآن لم يظهر أي دلالة لتصرف جماعي من قبل الدول العربية، عبر ما يعرف بمؤسسات العمل العربي المشترك، لمواجهة الأزمات الاقتصادية المختلفة، والتي أبرزها التداعيات السلبية لأزمة كورونا، وكذلك أزمة انهيار أسعار النفط في السوق الدولية.

فثمة مسارات كانت منتظرة من مؤسسات عربية، مثل صندوق النقد العربي، وكذلك مؤسسات التنمية العربية، التي اعتادت تقديم المساعدات الإنمائية على مدار عقود للدول العربية وغيرها في مناطق مختلفة من العالم. ولذلك يركز المحور الاقتصادي، على موضوعي: تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاديات العربية، وكذلك أزمة انهيار أسعار النفط وأثرها على المنطقة العربية.

  • تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاديات العربية

لم تكن المنطقة العربية في عافية من الناحية الاقتصادية قبل أن تحل أزمة كورونا بتداعيات السلبية على العالم مطلع 2020، وسوف تؤدي تبعات كورونا إلى مزيد من المشكلات لدى الاقتصاديات العربية، وبخاصة أن المنطقة العربية، غير مؤهلة للتعامل مع مثل هذه الأزمات، من حيث وجود فوائض أو احتياطيات مالية بالشكل الكافي، أو امتلاكها لبرامج تخص الحماية الاجتماعية.

وفي تقدير أولي صدر في 18 مارس/آذار 2020 من قبل منظمة "إسكوا" سيتأثر الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بنهاية 2020 بتراجع قدره نحو 48 مليار دولار، كما أن خسائر الدول النفطية العربية خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى منتصف مارس/آذار 2020، قدرت بنحو 11 مليار دولار، نتيجة انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، وذهب تقدير "إسكوا" إلى أنه إذا استمرت أسعار النفط عند 30 دولارا للبرميل، فسوف تمنى الدول العربية النفطية بخسائر قدرها نحو 550 مليون دولار يوميا، كفارق أسعار بين 65 دولارا للبرميل في ديسمبر/كانون الأول 2019 و35 دولارا للبرميل منتصف مارس/آذار 2020.

أيضا ذهب التقدير، إلى أن خسائر الشركات في المنطقة، نتيجة ما نال قيمتها الشرائية من تراجع بلغ 420 مليار دولار، وهو ما يعادل نسبة 8% من إجمالي رأس مال هذه الشركات، وفيما يتعلق بالبطالة في المنطقة نتيجة أزمة كورونا، تقدر "إسكوا" أن يزيد عدد العاطلين في المنطقة العربية بنحو 1.7 مليون فرد، بنهاية [91]2020، والجدير بالذكر أن المنطقة العربية، قبل أزمة كورونا، كانت تصنف على أنها من أعلى أقاليم العالم من حيث نسبة البطالة، وأن معدل البطالة بالمنطقة بلغ 10%، وهو ما يعادل ضعف المتوسط العالمي[92].

بينما ذهب جهاد أزعور - مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصندوق النقد الدولي - إلى أن الأضرار الأولية بالمنطقة تضمنت إلغاء الرحلات السياحية في مصر إلى 80%، بينما تأثرت خدمات الضيافة والبيع بالتجزئة في الإمارات العربية المتحدة وبلدان أخرى.

كما اضطربت عمليات الإنتاج والصناعة التحويلية بينما أُرجئت الخطط الاستثمارية. كما أن الارتفاعات الحادة في درجة العزوف عالميا عن المخاطر وهروب رؤوس الأموال إلى الأصول المأمونة أدت إلى تراجع تدفقات الاستثمارات غير المباشرة إلى المنطقة بنحو 2 مليار دولار منذ منتصف فبراير/ شباط 2020، وعلى جانب آخر فإن ضيق الأوضاع المالية الذي تشهده المنطقة حاليا يمكن أن يشكل تحديا جسيما، حيث تشير التقديرات إلى وصول الديون السيادية الخارجية التي يحل أجل استحقاقها على المنطقة في 2020 إلى 35 مليار دولار[93].

وكان قطاع السياحة العربية، من أسرع وأكبر القطاعات الاقتصادية التي تضررت من أزمة كورونا، سواء في خدمات النقل والطيران، أو تشغيل اليد العاملة في المنشآت السياحية، وكان في مقدمة الدول العربية التي تضرر بها قطاع السياحة، تونس، التي تحقق نحو ملياري دولار كعوائد سنوية من نشاط السياحة[94]، والمغرب التي تحصل على نحو 8 مليارات دولار من السياحة، وتعد مصر من أكبر المتضررين، حيث حقق قطاعها السياحة 12.9 مليار دولار في 2019.

وعلى صعيد السياحة الدينية، فقد تضررت كل من العراق والسعودية، ففي العراق توقفت السياحة الوافدة إليها من إيران بسبب تفشي الإصابات بكورونا، وكانت إيران تدفع بنحو 10 مليون سائح سنويا إلى العراق، أما في السعودية، فقد توقفت رحلات العمرة إلى المسجد الحرام، ومن المحتمل أن يتوقف موسم الحج هذا العام، إذا ما استمرت الأزمة، وهو ما يعني تكبد اقتصاديات كل من العراق وإيران لمليارات الدولارات، لتجتمع عليهما أضرار تراجع إيرادات السياحة، وانخفاض أسعار النفط. 

  • إجراءات حكومية لمواجهة الأزمة

في إطار التخفيف من حدة الآثار السلبية على مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي، اتجهت حكومة المنطقة العربية، لتقديم حزم تحفيز، تنوعت ما بين تقديم قروض للشركات، أو قروض لمساندة المتعاملين بالبورصة، وكذلك دعم الشركات المتضررة من توقف نشاطها، مثل شركات الطيران، وكذلك الشركات العاملة في قطاع السياحة. كما تبنت بعض الحكومات العربية تقديم مساعدات للأسر الفقيرة.

 فقطر قدمت أكثر من 20 مليار دولار حوافز مالية للقطاع الخاص، ووجهت الصناديق الحكومية لزيادة استثماراتها في البورصة المحلية بحوالي 2.73 مليار دولار.

أما السعودية فأعلنت عن تقديم إعداد حزمة بقيمة 13 مليار دولار لمساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وكانت الإمارات الأكبر من بين الدول الخليجية والعربية من حيث حزمة التحفيز التي قدمتها لمؤسساتها الاقتصادية، حيث خصصت 27 مليار دولار لمواجهة أزمة كورونا[95].

أما حزمة تحفيز الاقتصاد لمواجهة أزمة كورونا في مصر، فكانت بحدود 6.3 مليار دولار، تنوعت ما بين دعم البورصة وقطاع السياحة، وقطاع العقارات، وكذلك تقديم منحة لأسر العمالة في القطاع غير الرسمي بنحو 32 دولارا لكل أسرة، تدفع لمرة واحدة.

وفي الأردن اتجهت السياسات النقدية لتخفيض الاحتياطي الإلزامي للمصارف، للعمل على زيادة السيولة، كما حصلت على قرض من صندوق النقد الدولي بنحو 1.3 مليار دولار لمواجهة الأزمة[96]. وأخيرا رصد المغرب مليار دولار لإنشاء صندوق لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.

وهناك مجموعة من التحديات التي ستواجه الاقتصاديات العربية، لن تتوقف بمجرد السيطرة على جائحة كورونا في الإطار الصحي، بل ستمتد إلى سنوات، في إطار التغيرات المنتظرة، أن تشمل كافة دول العالم، من حيث إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، والتي لم تؤت ثمارها، أو التي كشفت عن استمرار اعتماد الدول العربية على إنتاج المواد الأولية، أو اعتماد الدول النفطية على النفط فقط كمصدر وحيد للدخل وللنشاط الاقتصادي، وكذلك ضعف البنى الأساسية للاقتصاديات العربية، في قطاعات الرعاية الصحية والاجتماعية، لذلك قد يعاد النظر في الدول العربية، خلال الفترة القادمة في ممارسة الدول للنشاط الاقتصادي في قطاعات الصحة والتعليم[97]، وليس فقط على مستوى الاستثمارات، وعدم تركها للقطاع الخاص وحده، بل على مستوى الأجور والمرتبات الممنوحة للعاملين في القطاع الطبي.

  • أزمة انهيار أسعار النفط وأثرها على المنطقة العربية

تسهم الصناعات الاستخراجية - التي تعتمد بشكل رئيس على استخراج النفط والغاز الطبيعي - بنسبة تقترب من 27% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية لعام 2018، كما تستحوذ الصادرات النفطية على الجانب الأكبر من الصادرات السلعية للدول العربية، حيث تفيد إحصاءات 2018، أن الصادرات النفطية شكلت نسبة 63.4%[98] من إجمالي الصادرات السلعية العربية.

وتعيش الدول العربية النفطية تداعيات أزمة انهيار أسعار النفط منذ يوليو/تموز 2014، مما أدى إلى أن تظل أسعار النفط خلال عام 2019 بحدود 65 دولارا للبرميل بعد أن كان بحدود 100 دولار لبرميل قبل أزمة 2014، إلا أن مارس/آذار 2020، شهد الانتكاسة الأكبر لأسعار النفط، بعد أن فشلت مفاوضات "أوبك +" في الوصول لاتفاق على استمرار الالتزام بقرار تخفيض سقف إنتاج النفط، والعمل على زيادة معدلات التخفيض، بسبب ما يجتاح العالم من آثار سلبية لجائحة كورونا، أدت إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي.

ونتيجة لعدم توصل أوبك وروسيا على هذا الاتفاق، لجأت المملكة العربية السعودية إلى ما يعرف بحرب الأسعار في السوق الدولية، حيث طرحت كميات كبيرة في السوق، وأعلنت عن سعر 30 دولارا للبرميل، مما أدى إلى تداعيات سلبية، ستكون أوضاع الدول العربية النفطية فيه شديدة الصعوبة، وبخاصة بعد أن اتجه سعر النفط إلى مزيد من الانخفاض لما دون الـ 25 دولارا للبرميل.

وبذلك تجتمع على الدول العربية عدة مشكلات اقتصادية، أولا ضعف بنيتها الاقتصادية، واعتماد معظمها على إنتاج وتصدير المواد الأولية، وهي ضعيفة من حيث القيمة المضافة، والثاني أن الدول العربية في ظل الآثار السلبية لانتشار وباء كورونا ستكون فرصها المتاحة للتعامل مع الأزمة شديدة التواضع، بسبب اعتمادها بشكل كبير على الخارج، ثم كانت المشكلة الثالثة، وهي إشعال المملكة العربية السعودية لحرب الأسعار بالسوق الدولية للنفط.

ويمكن أن نرصد آثار أزمة انهيار أسعار النفط على اقتصاديات الدول العربية من خلال محورين، الأول أثر الأزمة على الدول النفطية العربية، والثاني نفس الأثر على الدول العربية غير النفطية.

  • الأثر على الدول النفطية

منذ عام 2015، والميزانيات العامة للدول العربية تعاني من أزمتي المديونية العامة، وكذلك زيادة العجز، بعد أن استمرت لأكثر من 10 سنوات، من تحقيق فوائض كبيرة، بسبب ارتفاع عوائد النفط خلال الفترة 2003 – 2014، وقد ساعدها هذا الأمر على بلوغ أرصدة صناديقها السيادية لنحو 2.6 تريليون دولار.

وفي هذا الصدد يتوقع جابريس إراديان - كبير خبراء الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد التمويل الدولي - أن تحقق الصناديق السيادية الخليجية انخفاضا في قيمة أصولها الرأسمالية بنحو 296 مليار دولار بنهاية 2020. ويضيف خبراء آخرون بأن هذا الانخفاض يعود إلى خسائر في قيمة الأسهم التي تتضمنها محافظ هذه الصناديق، وتقدر الخسائر الناجمة عن تراجع قيمة الأسهم بنحو 2016 مليار دولار، وأن الحكومات الخليجية سحبت ما قيمته نحو 80 مليار دولار[99]، بسبب شح السيولة، الناجمة عن انهيار أسعار النفط في السوق الدولية.

ومن شأن استمرار أزمة انهيار أسعار النفط، أن تشتد وطأة أزمة المديونية على دول النفط العربية، حيث ذكر معهد التمويل الدولي أن الديون الخارجية لدول الخليج ارتفعت من نحو 30 مليار دولار في 2014 إلى 220 مليار دولار بنهاية [100]2019.

وكذلك تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي. فعلى صعيد أرصدة صناديق الثروة السيادية لدول الخليج نجد أنها تراجعت في 2019 نحو 1.93 تريليون دولار، بعد أن كانت 2.24 تريليون دولار في 2014، وهي مرشحة لمزيد من التراجع، بل إن صندوق النقد الدولي توقع أن تنفد هذه الاحتياطيات بعد مرور قرابة 15 عاما[101]، إذا ما ظلت اقتصاديات دول الخليج تعتمد على النفط فقط، ولم تتجه لتنوع اقتصادياتها.

  • الأثر على الدول غير النفطية

الدول العربية غير النفطية، هي الحلقة الأضعف في أزمة انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، وإن كانت ستستفيد من جانب آخر، وهو انخفاض فاتورة وارداتها النفطية بنسبة تزيد عن 60% عما كانت عليه الأسعار قبل مارس/آذار 2020.

ولكن الجوانب السلبية، على الدول العربية غير النفطية، أن جزءا منها يتلقى مساعدات من الدول النفطية العربية، وبخاصة دول الخليج، ومع تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، سوف تتقلص هذه المساعدات بلا شك، وهو ما سيعود بالضرر على الدول العربية غير النفطية

ومن جهة ثانية فإن الدول العربية غير النفطية التي تعتمد على نشاط السياحة من الدول النفطية، سوف تتأثر بشكل كبير، لأن مواطني الدول النفطية سوف تنخفض دخولهم، وبالتالي سيقومون بإلغاء قرار السفر من أجل السياحة، أو في أقل تقدير، ستقلص هذه الرحلات من حيث العدد والفترات الزمنية، وإن كانت تداعيات جائحة كورونا، قد حسمت هذا الأمر، حيث ألغيت الرحلات الجوية والبرية والبحرية بين الدول العربية، لمنع انتقال العدوى.

أما الأمر شديد الأهمية للدول النفطية غير العربية، فهو تحويلات العاملين من أبنائها في الدول النفطية العربية، وبخاصة في دول الخليج، حيث ستتأثر أوضاع هذه العمالة سلبيا، سواء بتسريحها، أو تقليص رواتبها، وفي كلا الأمرين، فهذا شئ غير مرغوب، ففي حالة تسريح العمالة، سوف تزيد معدلات البطالة في الدول العربية غير النفطية، وهي بطبيعتها تعاني من ارتفاع معدلات البطالة، وفي الاحتمال الثاني، وهو تخفيض أو تأخير رواتب العاملين بالدول الخليجية، فسوف تتراجع تحويلات العاملين بالدول العربية غير النفطية، وهو مورد مهم للنقد الأجنبي في الدول العربية غير النفطية.

وثمة فرصة تلوح في الأفق بالنسبة للدول العربية غير النفطية، من خلال انهيار أسعار النفط، وهي أن تعمل على بناء مخزون إستراتيجي لها خلال هذه الفترة، ولكن قد يعوق معظم هذه الدول، أمران، الأول أن هذه الدول لديها أزمة تمويلية حادة، ومن الصعب أن تدفع مبالغ إضافية لشراء النفط لتكوين مخزوناتها الإستراتيجية، وهو ما يفتح باب أن تطلب هذا الأمر في إطار التسهيلات الائتمانية متوسطة وطويلة الأجل، ولكن ذلك سيكون مرهون بموافقة الدول المصدرة للنفط، وهو أمر صعب في ظل تداعيات أزمة كورونا.

أما التحدي الثاني أمام الدول العربية غير النفطية فيتعلق بضعف البنى الأساسية الخاصة بوجود مخازن قائمة بالفعل للاحتفاظ بالنفط الرخيص في هذه المرحلة.

ويعد ما ذكر من تأثير لأزمة النفط على الدول العربية، في الأجل القصير، وبخاصة أنها أزمة مقرونة بأزمة جائحة كورونا، ولعل سيناريوهات الأجلين المتوسط وطويل الأجل، تتوقف على أمرين، الأول نتيجة التدخل الأميركي على خط النزاع الروسي السعودي[102]، للتوصل إلى حل لإنهاء حرب أسعار النفط، والأمر الثاني هو التوصل لحلول طبية لكورونا، عبر الأمصال أو العلاج، بما يسمح بخروج الاقتصاد العالمي من كبوته، واستعادة النمو، وزيادة الطلب على النفط مرة أخرى، وبالتالي تحسن أسعاره في السوق الدولية.


المحور الرابع: الحالة الفكرية

يتناول المحور الفكري لشهر مارس/آذار 2020 موضوعين، الأول: الوباء وكيفية مواجهته.. رؤية إسلامية، ويتحدث عن تعريف الوباء، ومنهج الشريعة الإسلامية في التعامل مع الوباء عند نزوله، وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم من اقتراح الحجر الصحي، ورأي علماء الشريعة في التجمع للصلاة في هذه الظروف، وأخيرا كيفية التعامل مع جائحة كورونا وفق الرؤية الإسلامية.

والثاني: جمال الدين الأفغاني .. مدرسة رائدة وإمام ضخم، (في ذكرى وفاته) يتناول نشأته، وحياته العملية، ورحيله إلى الهند والأستانة، وإقامته في مصر وما خلَّفه من أثر علمي وأدبي، وأخلاقي، وسياسي. ثم منهجه في الإصلاح، وسنوات نفيه، وأخيرا شبهات مثارة حوله والرد عليها.

أولا: الوباء وكيفية مواجهته.. رؤية إسلامية

تعاقبت الأزمات والابتلاءات والمحن التي أصابت البشرية عبر تاريخها الطويل، ونزلت بالناس صنوف شتى من الابتلاء، كالطواعين والمجاعات والفيضانات والزلازل والجفاف وغير ذلك. وفي هذه الأيام يشغل بال الجميع، ما يُشاع من أخبار عن الوباء العالمي الذي يزداد انتشارا يوما بعد يوم، والمسمى بفيروس كورونا، وقد تسبب هذا الوباء في وفاة عدد كبير من الناس، وأثار حالات من الخوف والذعر خصوصا في البلدان التي استفحل فيها خطره. ولما كان هذا النوع من الأوبئة من قضاء الله وقدره، وانطلاقا من قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(البقرة:195). فإننا كمؤمنين مطالبون بالعمل على الوقاية من هذا البلاء ودرء أسبابه، وذلك بعد التوكل على الله والأخذ بالأسباب والتسليم بقضائه وقدره.[103]

  • تعريف الوباء

حسب منظمة الصحة العالمية، فإنه يتم الإعلان عن حدوث وباء "عندما ينتشر مرض جديد، لا يتمتع فيه الناس بالحصانة، في جميع أنحاء العالم بما يفوق التوقعات"[104].

  • منهج الشريعة الإسلامية في التعامل مع الوباء عند نزوله:

الوقاية من الهلاك نصت عليه الشريعة في القرآن والسنة، ودلت على ذلك كليات الشريعة ومقاصدها المجمع عليها. وبينت منهج التعامل مع "الوباء" عند وقوعه بتثبيت النفس ودفع الفزع والجزع عنها، والرضا بقضاء الله وقدره، والتخفيف على النفس بتأمل مصير من أصيب بالوباء فمات به، ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون شهادة لكل مسلم" (صحيح مسلم).

وفي هذا تسلية للنفس وتثبيت لها عن الفزع وانتشار الوباء. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى، ولا هام، ولا صفر، ولا يحل الممرض على المصح، وليحلل المصح حيث شاء"، فقالوا: يا رسول الله، وما ذاك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه أذى» (الموطأ)[105].

وهذه ليست المرة الأولى التي ينتشر فيها الوباء، ففي عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب  عندما أصاب الطاعون " طاعون عمواس" أرض الشام ، أخذ عمر – رضي الله عنه – بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون: "إذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه". وفي هذا الحديث النبوي إشارة واضحة إلى ما يطبق اليوم علميا وعمليا من الحجر الصحي بهدف مواجهة الأوبئة المنتشرة.

شهادة الغرب في أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أول من اقترح الحجر الصحي

وقد تحدثت الصحف العالمية عن هذا الإعجاز النبوي، حيث نشرت صحيفة نيوزويك الأميركية، أن النبي محمد "أول" من اقترح الحجر الصحي والنظافة الشخصية في حالات انتشار الوباء.

وقال خبراء المناعة مثل الطبيب أنتوني فوتشي والمراسلون الطبيون مثل سانجي غوبتا: "هل تعلمون من - أيضا - اقترح النظافة الشخصية والحجر الصحي خلال انتشار الوباء؟ محمد، نبي الإسلام.. ففي الوقت الذي لم يكن (النبي محمد) وبأي شكل من الأشكال خبيرا تقليديا بشؤون الأوبئة المميتة، محمد قدم نصائح لمنع ومواجهة تطورات مثل كوفيد-19" [106].

  • رأي علماء الدين في التجمع للصلاة   

وبينما أبدى كثير من المسلمين حيرة إزاء نصائح طبية بالابتعاد عن التجمعات، وهو ما يعني الابتعاد عن المساجد، خرجت فتاوى إسلامية تجيز التوقف عن الصلاة بالمساجد في البلدان التي تفشت فيه الأمراض.

ودعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في 14 مارس/آذار 2020، إلى إيقاف إقامة صلاة الجمعة والجماعة في أي بلد بدأ فيه تفشي وباء "كورونا المستجد" [107].

  • كيفية التعامل مع وباء "كورونا" وفق الرؤية الإسلامية

إذا فاستنادا إلى قوله تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) "سورة البقرة:195". ومع الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره خيره وشره، وباستقراء تجارب المسلمين وسيرتهم مع البلاء، فإننا نخلص إلى أن الإسلام عالج الأمراض الوبائية عن طريق قطع أسبابها، واتخذ هذا العلاج عدة خطوات على النحو التالي:

  1. أمر بالمحافظة على نظافة الإنسان.
  2. أمر بالمحافظة على البيئة.
  3. منع الإنسان من تناول كل ما فيه ضرر له.
  4. شجَّع على ممارسة أنواع الرياضة التي تقوي الجسم[108].
  5. أوجب الأخذ بأسباب الوقاية والعلاج، مع القناعة والاعتقاد بأننا نفر من أقدار الله إلى أقدار الله.
  6. الاعتقاد بأن لنا في هذا المرض والبلاء أجرا إن نحن صبرنا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون شهادة لكل مسلم"، وذهب العلماء إلى أن من مات بكورونا مثل من مات بالطاعون إذا كان المبتلى ذا نية على الشهادة وصبر على البلاء وشكر الله على كل حال.
  7. وجوب تجنب أماكن العدوى والالتزام بقواعد الحجر الصحي التي تحددها الحكومات والقوانين، فبالنسبة لمكان الوباء فإن في البقاء فيه رخصة، والخروج منه رخصة، فمن كان في الوباء، وأصيب، فلا فائدة من خروجه، وهو بخروجه ينقل المرض إلى الناس الأصحاء، ومن لم يصب فإنه يرخص له في الخروج من باب التداوي على ألا يخرج الناس جميعا، فلا بد أن يبقى من يعتني بالمرضى.
  8. التقيد بإرشادات وتوجيه الجهات الرسمية والهيئات الطبية لأنها الأكثر معرفة ودراية بتفاصيل المرض وآثاره وذلك في كل بلد، والتكافل مهم بين بني الإنسان للتغلب على هذا الوباء الخطير[109].

ثانيا: جمال الدين الأفغاني:  مدرسة رائدة وإمام ضخم (1254- 1315هـ = 1838-1897م)

  • نشأته

يوافق شهر مارس/آذار ذكرى وفاة جمال الدين الأفغاني، علم من أعلام النهضة في القرن التاسع عشر الميلادي، يعد من أعلام المجددين للفكر الإسلامي.

ولد محمد جمال الدين بن السيد صفتر الحسيني الأفغاني، سنة 1838م، في "أسد آباد" بأفغانستان، لأسرة يمتد نسبها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، ولهذا يحمل لقب سيد . وهناك خلاف في محل ولادته، فقيل إنه ولد في "أسد آباد (إيران)". ولكن المفكر الإسلامي د. محمد عمارة أثبت أنه ينتمي إلى الأفغان[110].

  • بداية حياته العملية:

في نشأة الأفغاني الأولى، وفي الدور الأول من حياته، تستطيع أن تتعرف على أخلاقه، والعناصر التي تكونت منها شخصيته، فقد نشأ في بيت مجيد، ازدان بالشرف واعتز بالإمارة، والسيادة، والحكم، زمنا ما، وتربى في مهاد العز، في كنف أبيه ورعايته، فكان للوراثة والنشأة الأولى أثرهما فيما طبع عليه من عزة النفس، التي كانت من أخص صفاته، ولازمته طوال حياته، وكان للحرب التي خاضها أثرها أيضا فيما اكتسبه من الأخلاق الحربية، فالوراثة والنشأة، والتربية، والمرحلة الأولى في الحياة العملية، ترسم لنا جانبا من شخصية جمال الدين الأفغاني[111].

  • رحيله إلى الهند ثم إلى الأستانة

رحل الأفغاني إلى الهند حيث فرض الإنجليز حصارا حول بيته لمنع لقائه بالعلماء والأتباع المسلمين، وبعد شهر تم ترحيله عن طريق البحر إلى مصر. ومن مصر اتجه إلى إسطنبول فأحسن سلطانها عبد العزيز محمود استقباله ثم انقلب عليه عندما دس المناوئون له عند السلطان ، فعاد الأفغاني إلى مصر [112].

  • الإقامة بمصر وأثره فيها:

عندما وصل الأفغاني إلى مصر في 23 مارس/آذار عام 1871 لقي ترحيبا من الدولة ، وفي هذا الجو هبط جمال الدين مصر مبعدا من الأستانة[113].

  • أثره العلمي والأدبي

أقام السيد جمال الدين في مصر، وأخذ يبث تعاليمه في نفوس تلاميذه، فظهرت على يده بيئة، استضاءت بأنوار العلم والعرفان، وارتوت من ينابيع الأدب والحكمة، وتحررت عقولها من قيود الجمود والأوهام، وبفضله خطا فن الكتابة والخطابة في مصر خطوات واسعة، ولم تقتصر حلقات دروسه ومجالسه على طلبة العلم، بل كان يؤمها كثير من العلماء والموظفين والأعيان وغيرهم، وهو في كل أحاديثه "لا يسأم" كما يقول عنه الشيخ محمد عبده، من الكلام فيما ينير العقل، أو يطهر العقيدة أو يذهب بالنفس إلى معالي الأمور، أو يستلفت الفكر إلى النظر في الشؤون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها... فاستيقظت مشاعر وتنبهت عقول، وخف حجاب الغفلة في أطراف متعددة من البلاد خصوصا في القاهرة[114].

  • أثره الأخلاقي والسياسي

السيد جمال الدين بما اتصف به من الأخلاق العالية، أخذ يبث في النفوس روح العزة والشهامة، ويحارب روح الذلة والاستكانة، فكان بنفسيته ودروسه وأحاديثه، ومناهجه في الحياة، مدرسة أخلاقية، رفعت من مستوى النفوس في مصر، وكانت على الزمن من العوامل الفعالة للتحول الذي بدا على الأمة وانتقالها من حالة الخضوع والاستكانة إلى التطلع للحرية والتبرم بنظام الحكم القديم ومساوئه، والسخط على تدخل الدول في شؤون البلاد.

كان من مظاهر هذه النهضة نشاط الصحف السياسية، وإقبال الناس عليها، وتحدثهم في شؤون البلاد العامة، وتبرمهم بحالتها السياسية والمالية، ثم ظهور روح المعارضة واليقظة في مجلس الشورى، على يد نواب نفخ فيهم جمال الدين من روحه[115].

  • منهج جمال الدين في الإصلاح

ذكر الأستاذ الدكتور عبد القادر محمود 6 عناصر لمنهج جمال الدين في الإصلاح[116]:

  1. الإسلام دين التوحيد الحق، الرافض لكل صور التعدد، الماحي لشتى الوثنيات وتبعية المرء لغير الله.
  2. وهو دين الكمال العقلي، دين أولي الألباب، والأفكار الناضجة والمزايا البشرية السوية، فلا مكان فيه لدعاوى جنسية وتفرقات عنصرية على نحو ما زعم إيرنست رينان، الفيلسوف الفرنسي الذي ناقشه جمال الدين وأوقفه عند حده.
  3. ينهض الإيمان على النظر في الكون، وعلى أداء العقل لوظيفته المنطقية، والإسلام يأبى تقليد الأوائل دون وعي، ويرى تعطيل العقل مرادفا للحيوانية.
  4. ومنذ بدأ الإسلام والمسلم عزيز الجانب قوي بربه سيد لما حوله يفعل الخير ويدعو إليه، ويحترم الحق ويحكم به، ويستمده من الوحي الأعلى، ويقيم سلطان الدولة على دعائمه، ومن ثم فهو يزدري الأهواء والتقنينات الأجنبية، ويجعل شريعة الله أساس الحكم في أرض الله.
  5. والأطوار التي جدت على المجتمع الإنساني توجب على المسلمين ألا ينحصروا في تقليد فقيه واحد من فقهاء الأمصار، بل يجب العود إلى الينبوع الذي يستقى منه الكل، أي الكتاب والسنة، وأن ينفتح باب الاجتهاد للوفاء بالمصالح الدينية والمدنية التي جدت.
  6. غالى جمال الدين الأفغاني بالخصائص الأدبية التي كرم الله بها الإنسان، ونوه بعظمة العقل وإمكاناته على الكشف والحكم، وأزاح العوائق التي تعترض نشاطه، واحتقر الجمود الذي يلوذ به بعض المتدينين، والفلسفات الانسحابية التي تشد المسلمين إلى الوراء.

لقد كان جمال الدين الأفغاني أول من طرح صيغة الإسلام الحضاري.. الإسلام السياسي، الإسلام الجغرافي. الأفغاني كان في حرب شاملة ضد الأجنبي العدو، يحاول تجميع كل طاقات الشرق للمقاومة، ولو استطاع أن يشكل المؤتمر الشرقي أو حتى الإسلامي، من خلال الصيغة السياسية التي طرحها، ولو وعى تلاميذه هذه الصيغة، أو قل لو أخلصوا لها، لربما تغير تاريخ الشرق [117].

  • نفيه إلى الهند

بعد تولي الخديوي توفيق الحكم في مصر وتحسبا لتأثير الأفغاني على الوضع السياسي قرر الخديوي الجديد نفيه في 24 أغسطس/آب عام 1879 إلى الهند. ثم سمحت له السلطات بالسفر إلى حيث يشاء، فتوجه إلى فرنسا.

وفي باريس، نظم الأفغاني علاقة "جمعية العروة الوثقى" بالمنظمات الثورية في فرنسا. وهي الجمعية التي تكونت في بلدان الشرق كي تحارب الاستعمار، وتدعو للتضامن الإسلامي والجامعة الإسلامية.

كان الأفغاني رئيسا لهذه الجمعية فأصدر مجلة عربية في باريس تدعو لأهدافها، فصدرت مجلة العروة الوثقى، وكان الأفغاني مدير سياسة المجلة، في حين كان الشيخ محمد عبده محررها الأول[118].

  • شبهات مثارة حول جمال الدين:

شبهة علاقته بالماسونية:

يقول الشيخ الغزالي معلقا على المغالين في هذه التهمة: "قالوا: كان منتسبا لأحد المحافل الماسونية، ولا أنفي هذا، وإنما أسأل: في أي كتاب إسلامي شرحت آثام الماسونية وحذر المسلمون منها قبل عصر الأفغاني؟ إنه خُدع بكلمات الإخاء والحرية والمساواة كما خدعت أمتنا اليوم في المؤسسات العالمية الكثيرة، والمهم أنه منذ ظهر إلى أن مات عليلا أو قتيلا لم يؤثر عنه إلا العمل على استنهاض المسلمين وإحياء جامعتهم وحضارتهم ورسالتهم، وذاك حسبه من الشرف".

أما شبهة التشيع:

فيضيف: "قالوا: إنه إيراني يستخفي بنحلته الشيعية وراء نسب زائف. وميدان التقية عند الشيعة يتيح له ذلك! قلت: إن أصدقاء جمال الدين وأعداءه نقبوا في أقواله وأفعاله وخطبه وكتبه فلم يروا ذرة من تشيع إلا للإسلام والسلف الصالح، ولم يروا نبرة من حماس إلا لاستعادة الحضارة الغاربة وإنعاش أمتها المسكينة"[119].

وفي رد هذه الشبه، يقول د. محمد عمارة - رحمه الله -: "وهم يستدلون على تشيعه وتشيع أسرته بدراسته العلوم الفلسفية وتوسعه في المنطق وعلم الكلام .. زاعمين أن ذلك مما امتازت به الدراسات في البيئة الشيعية، على حين كانت محافل أهل السنة ومؤسساتهم التعليمية تقف بالدراسة عند الفقه والأصول، وتتوسع في الحديث والتفسير واللغة والأدب.. ونحن نرد هذا الدليل، بالتنبيه على أن دراسة العلوم الفلسفية والمنطق والكلام قسمة مألوفة في منهج المسلمين التعليمي والتربوي منذ النصف الثاني من القرن الأول الهجري"[120].

والإمام محمد عبده يقطع بأن مذهب الأفغاني الكلامي هو مذهب الإسلام كإسلام، وليس مذهبا بالمعنى الضيق المشهور، وينبه إلى أنه لم يكن" مقلدا" في آرائه، ولكنه كان يفكر ويسلك في إطار فكر السنة الصحيحة، مع ميل إلى التصوف في الفكر والسلوك، ويذكر أن مذهبه الفقهي كان مذهب أبي حنيفة[121].

خطورة تشويه الرموز في الأمة:

يقول الشيخ الغزالي: "أذكر أن بابا روما الأسبق مات عقب مرض ألم به فألف طبيبه الخاص رسالة لا أدري ما فيها عن حياته الخاصة، فصودرت الرسالة، وفصل الطبيب من النقابة، وانتهت حياته الاجتماعية، وقد ألفت عشرات الكتب عن (نابليون) تنوه بأمجاده وتتواصى بالسكوت عن غدره وشذوذه وخسته .
مضيفا: "القوم إن رأوا من عظائمهم خيرا أذاعوه وإن رأوا شرا دفنونه! أما نحن فمبدعون في تضخيم الآفات إن وجدت، واختلافها إن لم يكن لها وجود، والنتيجة أنه لن يكون لنا تاريخ. وقد نظرت إلى علماء الدين الذين تناولوا الأفغاني بالسوء فرأيتهم يحيون في إطار نظم تتبع الاستعمار الشرقي أو الغربي، وأنهم في مواجهته ومواجهة سماسرته خرجوا بالصمت عن لا ونعم. إن الهيابين لا يجوز أن يشتموا الشجعان"[122].

وأكمل الغزالي: "إن الجريمة الأولى والأخيرة لجمال الدين الأفغاني أنه اكتشف الروح الصليبية في الاستعمار الغربي وحذر منها، ونبه إلى أن قلب بطرس الناسك لا يزال يخفق في صدور الساسة الأوروبيين. والجريمة التي تتبعها أنه قدم إسلاما بلا مذاهب مُفَرِّقة، وداس بكبرياء ما انشغل به جل علماء الدين من فروع الفقه وبحوث اللاهوت. وطبيعي أن تنطلق الأبواق لتطعن في شرف الرجل وعلمه، وقد تكون هذه الأبواق خادعة أو مخدوعة! بيد أن الاستماع إليها هزيمة إسلامية شائنة، ونصر مؤزر للصليبية الغازية وللسلطات العفنة التي عاشت وتعيش في كنفها"[123].

ومع التجهم الذي قوبل به جمال الدين من ذوي السلطان، والمكايد التي دبرها له الحاقدون والحسدة فإن الرجل بقي على وفائه لدينه وانتصافه لأمته وجراءته على الأعداء وتحمله الآلام[124]. كانت وفاته في (5 من شوال 1314هـ= 10 من مارس 1897م).


خاتمة

إذا كان شهر مارس/آذار 2020، قد شهد تصاعد الأحداث حول جائحة كورونا، على الصعيدين العالمي والعربي، فمن المتوقع أن تشهد المنطقة العربية الفترة القادمة المزيد من الآثار والسيناريوهات المفتوحة حول القضية، بسبب حالة عدم الشفافية التي تتعامل بها الحكومات العربية مع المشكلة.

وهو ما سيعمق من حجم التداعيات، وطول فترة معاناة المنطقة مع ما يستجد بشأنها على الصعد المختلفة، السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإن كانت الحكومات العربية تحاول حصر تلك الآثار في البعدين الاقتصادي والاجتماعي.


المصادر:
منظمة الصحة العالمية، خريطة انتشار (كوفيد-١٩) حول العالم، محدثة حتى تاريخ ٢٩ مارس ٢٠٢٠.
https://experience.arcgis.com/experience/685d0ace521648f8a5beeeee1b9125cd
شبكة NPR الأميركية، كيف تعاملت كوريا الجنوبية مع تفشي الفيروس دون إغلاق كل شيء؟، ٢٦ مارس ٢٠٢٠.
https://www.npr.org/sections/goatsandsoda/2020/03/26/821688981/how-south-korea-reigned-in-the-outbreak-without-shutting-everything-down
 جريدة الوطن المصرية، كيف تغلبت الصين على كورونا بدون اكتشاف العلاج؟، ١٦ مارس ٢٠٢٠.
https://www.elwatannews.com/news/details/4650425
وكالة الأناضول، أول إصابة بـ"كورونا" في السعودية، ٢ مارس ٢٠٢٠.
https://cutt.us/6JUMY
موقع وزارة الصحة السعودية، لوحة البيانات التفاعلية لمرضى فيروس كورونا، محدثة حتى تاريخ ٣٠ مارس ٢٠٢٠.
https://covid19.cdc.gov.sa/ar/daily-updates-ar/
المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الصحة، 29 مارس 2020.
https://youtu.be/nKi2fpib_b0
موقع عمون، بيان وزارة الخارجية السعودية: السعودية تقرر تعليق الدخول لأغراض العمرة، 27 فبراير 2020.
https://www.ammonnews.net/article/520432
وكالة الأناضول، تعليق العمرة مؤقتا لمواطني ومقيمي المملكة، 4 مارس 2020.
https://cutt.us/43il5
العربية، تعليق الدراسة في السعودية حتى إشعار آخر بسبب كورونا، 8 مارس 2020.
https://cutt.us/ow0JZ
فرانس 24، السعودية: حظر تجول ليلي لمدة ثلاثة أسابيع للحد من انتشار فيروس كورونا، 23 مارس 2020.
https://cutt.us/LYPQ0
مباشر السعودية، السعودية تمنع الخروج من المناطق.. وتقدم موعد حظر التجوال بعدة مدن، 25 مارس 2020.
https://cutt.us/8aVZn
منظمة الصحة العالمية، خريطة انتشار (كوفيد-١٩) حول العالم، محدثة حتى تاريخ ٢٩ مارس ٢٠٢٠.
https://experience.arcgis.com/experience/685d0ace521648f8a5beeeee1b9125cd
موقع وزارة الصحة القطرية، تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بمرض فيروس كورونا - 2019 (كوفيد-19) في قطر​​، 28 فبراير 2020.
https://www.moph.gov.qa/arabic/derpartments/healthaffairs/departmentofhealthprotectionandcommunicablediseasecontrol/Pages/NewsDetails.aspx?ItemId=83
موقع وزارة الصحية القطرية، وزارة الصحة العامة تعلن تسجيل ثلاث حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)​​، 8 مارس 2020.
https://www.moph.gov.qa/arabic/derpartments/healthaffairs/departmentofhealthprotectionandcommunicablediseasecontrol/Pages/NewsDetails.aspx?ItemId=94
موقع وزارة الصحة القطرية، تسجيل ٢٣٨ حالة اصابة جديدة بفيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) في قطر، 11 مارس 2020.
https://www.moph.gov.qa/arabic/derpartments/healthaffairs/departmentofhealthprotectionandcommunicablediseasecontrol/Pages/NewsDetails.aspx?ItemId=98
جريدة العرب القطرية، تعليق الدراسة في المدارس والجامعات الحكومية والخاصة لجميع الطلاب حتى إشعار آخر، 9 مارس 2020.
https://cutt.us/b9eMK
موقع وزارة الصحة القطرية،  تم إجراء نحو 3500 فحص منذ ظهور المرض، 9 مارس 2020.
https://www.moph.gov.qa/arabic/derpartments/healthaffairs/departmentofhealthprotectionandcommunicablediseasecontrol/Pages/NewsDetails.aspx?ItemId=95
المصدر السابق، بيان مكتب الاتصال الحكومي حول اتخاذ دولة قطر حزمة من القرارات لمكافحة فيروس كورونا​​، 12 مارس 2020.
https://www.moph.gov.qa/arabic/derpartments/healthaffairs/departmentofhealthprotectionandcommunicablediseasecontrol/Pages/NewsDetails.aspx?ItemId=100
وكالة الأناضول، قطر توقف استقبال الرحلات الجوية، 15 مارس 2020.
https://cutt.us/AOu3k
منظمة الصحة العالمية، خريطة انتشار (كوفيد-١٩) حول العالم، محدثة حتى تاريخ 29  مارس 2020.
https://experience.arcgis.com/experience/685d0ace521648f8a5beeeee1b9125cd
صفحة وزارة الصحة والسكان المصرية، بيان صحفي، 14 فبراير 2020.
https://www.facebook.com/113432613540693/posts/125085089042112/
المصدرالسابق، 27 فبراير 2020.
https://www.facebook.com/113432613540693/posts/131193631764591/
المصدر السابق، تقرير فني عن حالات فرنسا وكندا وأمريكا، 5 مارس 2020.
https://www.facebook.com/113432613540693/posts/134054744811813/ 
المصدر السابق، 6 مارس 2020.
https://www.facebook.com/113432613540693/posts/134344108116210/
المصدر السابق، بيان صحفي حول أول وفاة بسبب فيروس كورونا، 8 مارس 2020.
https://www.facebook.com/113432613540693/posts/135345351349419/
المصدر السابق، بيان وزيرة الصحة، 3 مارس 2020.
https://www.facebook.com/113432613540693/posts/133258581558096/
جريدة البورصة، مدبولي: قرار غلق كافة المدارس أسبوعين بدءا من الغد لمنع الاختلاط ونشر فيروس”كورونا”، 14 مارس 2020.
https://cutt.us/ZdfpD
صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري، بيان من وزارة الأوقاف، 21 مارس 2020.
https://www.facebook.com/794615087383525/posts/1543337415844618/?substory_index=0
المصدر السابق، مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء،  24 مارس 2020.
https://www.facebook.com/794615087383525/posts/1546524785525881/
منظمة الصحة العالمية، خريطة انتشار (كوفيد-١٩) حول العالم، محدثة حتى تاريخ ٢٩ مارس ٢٠٢٠.
https://experience.arcgis.com/experience/685d0ace521648f8a5beeeee1b9125cd
موقع راديو المربد العراقي، العراق يعلن تسجيل أول إصابة بالكورونا، 24 فبراير 2020.
https://www.almirbad.com/detail/44043
العربية، إغلاق الحركة في مطار النجف الدولي بالكامل، 17 مارس 2020.
https://cutt.us/hqO3b
علامات، السفير عبدالله الأشعل: إثيوبيا سحبت مصر إلى مربعها وموقعها وجعلت المفاوضات تدور تحت رحمتها بمجرد توقيع مصر اتفاق الخرطوم، ٤ مارس ٢٠٢٠ .
https://alamatonline.com/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b4%d8%b9%d9%84-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%84-%d8%a7%d9%84/
بي بي سي، إثيوبيا لن تشارك في اجتماع واشنطن، ٢٨ فبراير ٢٠٢٠.
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-51645326
بي بي سي، إثيوبيا تصف الموقف الأميركي بأنه غير مقبول، ٣ مارس ٢٠٢٠.
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-51726692
رئيس الوزراء الأثيوبي: لن نتخلى عن شرفنا في أزمة سد النهضة مهما كانت المكاسب التي سنحصل عليها من الخارج.
http://www.ahram-canada.com/169761/
بوابة أخبار اليوم، مصر ترد على السودان بشأن التحفظ على القرار العربي حول سد النهضة، ٨ مارس ٢٠٢٠.
https://akhbarelyom.com/news/newdetails/3011801/1/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8F%D8%B8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9%E2%80%AC
موقع جامعة الدول العربية، مجلد قرارات اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، مارس ٢٠٢٠.
http://www.leagueofarabstates.net/ar/councils/lascouncil/Documents/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D9%87%D9%80%D9%80%20153.pdf
وكالة الأناضول، حميدتي: السودان سيتوسط بين مصر وإثيوبيا في ملف سد النهضة، ١٥ مارس ٢٠٢٠.
https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%8A%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-/1767056
بيان وزارة الخارجية الإثيوبية على صفحتها الرسمية على الفيس بوك، ٢٩ فبراير ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/623401301020450/posts/3419116894782196/
علامات أون لاين، السفير عبدالله الأشعل: خطة مواجهة الخطر، ٤ مارس ٢٠٢٠.
https://alamatonline.com/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b4%d8%b9%d9%84-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%84-%d8%a7%d9%84/
الجزيرة، أردوغان: هناك خروقات لوقف إطلاق النار، ١١ مارس ٢٠٢٠.
http://nabdapp.com/t/69943659
العربي الجديد، النظام السوري يهدد بعمل عسكري لفتح الطريق الدولي "إم ٤"، ١٩ مارس ٢٠٢٠.
https://www.alaraby.co.uk/politics/2020/3/18/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A8%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A3%D9%85-4-
المصدر السابق، تركيا تواصل استقدام تعزيزات عسكرية، ٢٢ مارس ٢٠٢٠.
https://www.alaraby.co.uk/politics/2020/3/22/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8-%D9%88%D8%AA%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86%D9%81%D8%B1%D8%AF%D8%A9
رويترز، احتجاجات تؤدي لاختصار أول دورية مشتركة بين روسيا وتركيا على طريق سريع سوري، ١٥ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN2120HE
المصدر السابق، تركيا تعلن مقتل جنديين في إدلب السورية في هجوم لجماعات "راديكالية"، ١٩ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN2162LR
صحيفة الشرق الأوسط، "حراس الدين" تهاجم القوات التركية شمال غربي سوريا، ٢٠ مارس ٢٠٢٠.
http://nabdapp.com/t/70298027
بوابة الأهرام، نجاة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك من محاولة اغتيال في الخرطوم، ٩ مارس ٢٠٢٠.
http://nabdapp.com/t/69863833
موقع مجلس الوزراء السوداني، بيان الناطق باسم مجلس الوزراء بخصوص محاولة اغتيال رئيس الحكومة، ٩ مارس ٢٠٢٠.
http://www.sudan.gov.sd/index.php/ar/home/news_details/1993
بيان إبراهيم غندور على صفحته على الفيس بوك، ٩ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/130103297673546/posts/521690708514801/
رويترز، السودان يتحرك ضد الموالين للبشير بعد محاولة اغتيال حمدوك، ١١ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN20X38H
صفحة مجلس السيادة على الفيس بوك، البيان المشترك لمجلسي الوزراء والسيادة والحرية والتغيير، ١٠ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/213549196687278/
رويترز، السودان يأمر بالقبض على وزير الخارجية السابق علي كرتي، ١٧ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN214362
العربي الجديد، مفاوضات الحكومة السودانية والمتمردين، ٢٣ مارس ٢٠٢٠.
https://www.alaraby.co.uk/politics/2020/3/22/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%B6%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D9%86
صفحة مجلس السيادة على الفيس بوك، الوساطة الجنوبية تكشف عن مساعيها لعودة الحلو لطاولة المفاوضات، ١١ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/214078456634352/
المصدر السابق، الفريق أول دقلو يدعو أطراف التفاوض للإسراع في التوصل إلى التوافق بينها، ويشيد بسير تنفيذ اتفاق السلام بدولة جنوب السودان، ٢ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/207574910618040/
المصدر السابق، البرهان يلتقي بالإدارة الأهلية لإقليم دارفور، ٣ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/208219307220267/
المصدر السابق، التعايشي يؤكد التزام أطراف التفاوض بتوصيات أصحاب المصلحة من دارفور، ٦ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/210643070311224/
المصدر السابق، وفود الأطراف يوقعون بالأحرف الأولى على الوثيقة الأولى،  ١٤ مارس ٢٠٢٠ .
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/216495723059292/ 
المصدر السابق، وفد الحكومة وقادة مسار دارفور يتفقون على ورقة الثروة، ١٨ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/219538762754988/
المصدر السابق، الوساطة الجنوبية تطوي غدًا ملف الترتيبات الأمنية، ٢٤ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/224327935609404/
المصدر السابق، بيان من وفد التفاوض ينعي فيه وزير الدفاع، ويعلن تعليق المفاوضات لمدة أسبوع، ٢٥ مارس ٢٠٢٠.
https://www.facebook.com/104316004277265/posts/224723132236551/
بي بي سي، هل الرد الإيراني بداية حرب "استنزاف" بين طهران وواشنطن؟، ٩ يناير ٢٠٢٠.
https://www.bbc.com/arabic/inthepress-51048689
رويترز، عدة ضربات أطلقت بالقرب من المصالح الأميركية.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN20O2BZ ، https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN20S2OP ، https://arabi21.com/story/1255866/%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D8%B1%D8%A8-%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%A8%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF ،
المصدر السابق، التحالف بقيادة الولايات المتحدة يؤكد مقتل 3 عسكريين في هجوم صاروخي بالعراق، ١٢ مارس ٢٠٢٠ .
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN20Y3L6
موقع وزارة الخارجية العراقية، بيان صحفي، ١٢ مارس ٢٠٢٠.
https://www.mofa.gov.iq/2020/03/?p=9500
المصدر السابق، بيان صحفي، ١٣ مارس ٢٠٢٠.
https://www.mofa.gov.iq/2020/03/?p=9531
عربي ٢١، مخابرات العراق تصعّد ضد موالين لإيران، ٤ مارس ٢٠٢٠.
https://arabi21.com/story/1249957/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D8%AF-%D8%B6%D8%AF-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA
موقع وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية، رفض سياسة أمريكا في تحميل الآخرين مسؤولية عواقب حضورها غير القانوني في العراق، ١٢ مارس ٢٠٢٠.
https://ar.mfa.ir/portal/newsview/577449/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%B3%D9%88%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%A8-%D8%AD%D8%B6%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82
موقع كتائب حزب الله، رصدنا تحركات امريكية مريبة .. ولابد للمجاهدين من الاستعداد بالعدة والعدد للتصدي لما يبيته العدو، ٢٥ مارس ٢٠٢٠.
https://kataibhezbollah.com/news/3073
حساب محمد توفيق علاوي على تويتر.
https://twitter.com/mohammedallawi/status/1234221483490148354?s=21
حساب محمد توفيق علاوي على تويتر.
https://twitter.com/mohammedallawi/status/1234221488204587008?s=21
عربي ٢١، كتل سياسية عراقية ترفض تكليف "الزرفي" وتهدد بتحريك الشارع، ١٨ مارس ٢٠٢٠.
https://arabi21.com/story/1253590/%D9%83%D8%AA%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B1%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A8%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%B9
وكالة الأناضول، الرئيس الجزائري يعين لجنة خبراء لإعداد مسودة دستور جديد بحد أقصى 3 شهور، 8 يناير 2020.
https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%AE%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF/1696768
وكالة الأنباء الجزائرية، محمد لعقاب: الكشف عن مسودة تعديل الدستور يوم الخميس أو الأحد القادم كأقصى أجل، 11 مارس 2020.
http://www.ministerecommunication.gov.dz/ar/node/8569
عربي 21، بسبب كورونا.. رئيس الجزائر يؤجل نقاش تعديل الدستور، 24 مارس 2020.
https://arabi21.com/story/1255393/%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%8A%D8%A4%D8%AC%D9%84-%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B4-%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1
العربي الجديد،  أول جمعة دون مظاهرات منذ انطلاق الحراك الشعبي بسبب كورونا، ٢٠ مارس ٢٠٢٠.
https://www.alaraby.co.uk/politics/2020/3/20/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AC%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%A7%D9%86%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A
رويترز، تبون: الجزائر ستحظر الاحتجاجات في الشوارع بسبب فيروس كورونا، ١٧ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN2143ON
وكالة الأنباء الجزائرية، الرئيس تبون: الوباء المتفشّي مسألة "أمن وطني" و"أمن صحي" يهمّ الجميع، ١٨ مارس ٢٠٢٠.
http://www.ministerecommunication.gov.dz/ar/node/8651
رويترز، رئيس الوزراء الجزائري يقول إن بلاده تواجه "أزمة متعددة الأبعاد"، ١٠ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN20X2XN
وكالة الأنباء الجزائرية، بلحيمر: الحراك اخترق من قبل تيارات سياسية وأصبح بعد عام "يراوح مكانه دون مخرج"، ١٦ مارس ٢٠٢٠.
http://www.ministerecommunication.gov.dz/ar/node/8629
وول ستريت جورنال، اعتقال كبار أفراد العائلة المالكة السعودية، ٦ مارس ٢٠٢٠.
https://www.wsj.com/articles/top-saudi-royal-family-members-detained-11583531033
رويترز، اعتقالات بالسعودية توجه رسالة من ولي العهد: لا تقطعوا علي الطريق للعرش، ٩ مارس ٢٠٢٠.
https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN20W29N
عربي ٢١، في أول خطاب بعد اعتقال الأمراء.. الملك سلمان يتحدث عن كورونا، ١٩ مارس ٢٠٢٠.
https://arabi21.com/story/1254030/%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B9%D9%86-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7
وكالة الأناضول، مبادرة الحوثي تبادل سعوديين بفلسطينيين.. تلميع صورة أم دعم قضية؟، ٢٨ مارس ٢٠٢٠.
https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9/%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D9%85-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84/1782842
موقع حركة حماس، تصريح صحفي تقديرًا لمبادرة الحوثي، ٢٦ مارس/ آذار ٢٠٢٠.
https://hamas.ps/ar/post/11867/%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD-%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D8%A7-%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9 
الجزيرة، اتصالات مع السعودية للإفراج عن معتقلين فلسطينيين، ٢٥ مارس ٢٠٢٠.
https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/3/25/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%88%D9%86
وكالة الأناضول، مبادرة الحوثي تبادل سعوديين بفلسطينيين.. تلميع صورة أم دعم قضية؟، ٢٨ مارس ٢٠٢٠.
https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9/%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D9%85-%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84/1782842
آر تي ، وجه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، نداء عاجلا إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ٢٢ مارس ٢٠٢٠.
https://arabic.rt.com/middle_east/1096303-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%AA%D8%B7%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86/
الجزيرة، حماس: اتصالات مع السعودية للإفراج عن معتقلين فلسطينيين، ٢٥ مارس ٢٠٢٠.
https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/3/25/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%88%D9%86
اسكوا، موجز بعنوان، فيروس كورونا..التكلفة الاقتصادية على المنطقة العربية، 18 مارس 2020.
التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2019، ص 46.
د جهاد أزعور، جائحة كوفيد-19 في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: صدمة مزدوجة تواجه المنطقة، صندوق النقد الدولي، 24/3/2020.
DW، تحليل: كورونا يهدد أهم مصدرين للدخل في العالم العربي، 8/3/2020.
الجزيرة نت، مواجهة كورونا.. تعرف على مخصصات الدول العربية والعالمية لدعم اقتصاداتها، 16/3/2020.
عربي 21، صندوق القد الدولي يوافق للأردن على قرض بأكثر من مليار دولار، 28/3/2020.
عبدالحافظ الصاوي، كورونا وأولويات الاقتصاديات العربية، العربي الجديد، 20/3/2020.
التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2019، صندوق النقد العربي وآخرون، ص 157.
رويترز، تحليل – صناديق سيادية لدول نفطية بصدد بيع اسهم قيمتها 225 مليار دولار، 29/3/2020
جريدة الانباء الكويتية، 220 مليلر ديون دول الخليج، 10/3/2020
BBC، صندوق النقد الدولي يحذر دول الخليج الغنية من جفاف مواردها المالية، 7/2/2020
CNNترامب يتحدث مع بوتين حول الخلاف النفطي مع السعودية بالـ Gentleman، 30/3/2020
د. علي الصلابي . كيف تعامل المسلمون مع الأوبئة وآثارها في مراحل تاريخهم.إسلام أون لاين. 19مارس 2020.
https://www.skynewsarabia.com/
مَنهَجُ الشَّرِيعةِ الإسْلاَمِيةِ فِي الوِقَايةِ مِنَ الوَباءِ وعِلاجِه. عبد الكريم القلالي . هسبريس – جريدة إلكترونية مغربية. 15 مارس 2020.
مقال للدكتور كريغ كونسيدن في مجلة نيوزويك.. https://arabic.cnn.com/world/article/202
http://www.iumsonline.org/ar/ContentDetails.aspx?ID=11130 موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
علاج الأمراض الوبائية في الإسلام . http://site.iugaza.edu.ps/mso
د. علي الصلابي . كيف تعامل المسلمون مع الأوبئة وآثارها في مراحل تاريخهم.إسلام أون لاين. 19مارس 2020.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86_%
رحلة السيد جمال الدين الأفغاني من الماسونية للجامعة الإسلامية. 9مارس 2019. https://www.bbc.com/arabic/world-
د.  محمد عمارة ، الاعمال الكاملة جمال الدين الافغاني ج2 ص 32.
https://ar.wikipedia.org/
https://ar.wikipedia.org/
علل وأدوية . ص 79.
ودخلت الخيل الأزهر. محمد جلال كشك /ط3/. الزهراء للإعلام العربي .497-508.
https://ar.wikipedia.org/
علل وأدوية. ص78.
جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام. د محمد عمارة . دار الشروق. 1988. ص 24.
جمال الدين الأفغاني موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام. د محمد عمارة. ص 38.
علل وأدوية . ص 76.
علل وأدوية .  ص 84.
علل وأدوية. ص 80.