هذه الأدوية عالجت فيروسات أخرى.. هل تثبت نجاحها مع "كورونا"؟

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم للانفراد ببراءة اختراع دواء يعالج فيروس كورونا الذي ينتشر بسرعة ويحصد آلاف الأرواح يوميا، يسابق الطبيب الزمن لجعل مريضه يعيش، وعندما تكون الحالة متفاقمة إلى مرحلة يصعب على المريض الرجوع منها، يلجأ الطبيب إلى محاولات نسبة نجاحها ضئيلة جدا.

بعض الأدوية لم يتم إلى الآن الإعلان عنها بشكل رسمي أو التصريح باستخدامها، لكنها أثبتت قدرتها على التغلب على الفيروس، من بينها كلوروكين وهيدروكسيكلوروكين وهما عقاران مضادان للملاريا، سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في 29 مارس/ آذار 2020، باستخدامهما كعلاج لكورونا، لكن في المستشفيات فقط.

وزارة الصحة الأميركية أكدت في بيان أن إدارة الغذاء والدواء أعطت الضوء الأخضر حتى يوزع الأطباء هذه العلاجات على المرضى المراهقين والراشدين المصابين بكوفيد 19 والذين يعالجون في المستشفيات، بشكل مناسب، عندما تكون التجارب السريرية غير متوفرة أو ممكنة.

جدل الكلوروكين

قبل التصريح به من طرف إدارة الغذاء والدواء الأميركية، دار جدل محتدم في فرنسا، عندما أعلن الأخصائي في مجال الأمراض المعدية ومدير معهد المستشفى الجامعي للأمراض المعدية في مرسيليا (جنوب فرنسا)، ديدييه راوول، عن العلاج. 

راوول كان ضمن الفريق الذي توصل لعلاج "سارس" وهو أحد أبرز المتخصصين في مجاله عبر العالم، دخل في وصلة تراشق بالتصريحات مع  وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران، الذي أقر في النهاية عدم استخدام الكلوروكين إلا في الحالات الطارئة والأكثر خطورة فقط.  

في 23 مارس/آذار 2020، حذرت منظمة الصحة العالمية، من الأخطار التي يمكن أن تترتب على استخدام الكلوروكين لمعالجة فيروس كورونا طالما أن المتخصصين في مجال الصحة لم يثبتوا فعاليته العلاجية، كما عبرت عن خشيتها أن يثير "آمالا" واسعة و"زائفة".

يباع دواء الكلوروكين في الصيدليات باسم "نيفاكين"، وهو ليس دواء جديدا ولا مكلفا، بل يستخدمه أطباء مقاومة الأوبئة خصوصا في إفريقيا ودول أميركا اللاتينية، حيث تنتشر الملاريا منذ أكثر من 50 عاما.

يقوي الكلوروكين نظام مناعة الإنسان ويمكنه من التصدي لأمراض وأوبئة مثل حمى المستنقعات (الملاريا) ويقاوم الألم والحمى والالتهابات.

وكانت الصين أول من اختبر الكلوروكين لمعالجة المصابين بفيروس كورونا في بداية شباط/ فبراير 2020، على 135 مصابا بفيروس كوفيد 19، وأظهر نتائج جيدة دون تدهور حالة المصابين فيما بعد.

"ريمديسفير" وكورونا

لعلاج مرضى "سارس" و"ميرس" قبل سنوات استعان الأطباء بعقاقير لوبينافير، وريتونافير، وإنترفيرون بيتا، إلى جانب بعض المنشطات المناعية.

وقبل البدء في ابتكار علاج جديد ينطلق المتخصصون من علاجات أثبتت فعاليتها، ما جعل فريقا من الباحثين يقارنون بين هذا المزيج وبين عقار "ريمديسفير".

وأوضحت النتائج أن الاستخدام الوقائي والعلاجي للعقار أدى إلى تحسين وظائف الرئة وتقليل مدى تأثرها بالفيروس، كما ساعد على العلاج والوقاية من بعض الفيروسات مثل "إيبولا".

أثبت "ريمديسفير" فاعليته في الوقاية من أمراض سارس وميرس، وهما من نفس عائلة الفيروسات التاجية التي ينتمي إليها كوفيد 19، فهو يوقف تَضاعُف الفيروس داخل الخلية عن طريق تقليل إنتاج الحمض النووي الريبوزي RNA، ومن الممكن أن ينجح في القضاء على الفيروس.

استُخدم الدواء في حالة مريض أميركي كان قد تفاقمت، لكن أعراضه الجانبية قد تكون خطيرة، ما يجعل دخوله في مزيد من التجارب قبل بدء استخدامه أمرا ضروريا. 

دواء الإيدز

بعد وصولها إلى مرحلة جد متقدمة في انتشار المرض وعدم القدرة على التحكم فيه، سمحت إيطاليا باستخدام الأدوية المضادة لنقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، في علاج مرضى فيروس كورونا.

واعتبر مدير وكالة الأدوية الإيطالية، نيكولا ماجريني، أن الأدوية الأخرى، مثل الكلوروكين المضاد للملاريا، لها مخاطر، ويلزم توخي الحذر فيما يتعلق بالاستخدام الموسع لمثل هذه العقاقير".

 .

إيطاليا ليست وحدها التي أقدمت على الخطوة، بل إن اليابان بدأت باختبار عقار خاص بفيروس إتش.آي.في المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) لعلاج فيروس كورونا المستجد. 

وأعلن فرع بكين من لجنة الصحة الوطنية الصينية أن مزيجا من مادتي "لوبينافير" و"ريتونافير"، التي تنتجها آبفي في دواء يحمل اسم "كاليترا"، هو جزء من أحدث خطة علاج للمرضى المصابين بالفيروس.

إسبانيا بدورها خاضت التجربة، وأفادت صحف محلية  بأن أول مريض بفيروس كورونا في البلاد، ميغيل أنجيل بينيتيز (62) عاما، تعافى تماما بعد علاجه بكاليترا.

وقالت مؤسسة أبحاث الإيدز في بيان: "هذه النتائج مشجعة، لكن يحذر خبراء الصحة العامة من الحاجة إلى مزيد من الاختبارات قبل الاستنتاج بأن أدوية فيروس نقص المناعة البشرية يمكن أن تعالج بشكل فعال الفيروس التاجي".

وفي الولايات المتحدة، قالت بعض شركات الأدوية: إنها بدأت اختبار أدوية فيروس نقص المناعة البشرية لاعتماده كعلاج للفيروس القاتل.

العلاج بالبلازما

أطباء في شنغهاي ذهبوا إلى استخدام بلازما مستخلصة من دماء بعض الأشخاص الذين تعافوا من فيروس كورونا لعلاج مرضى يصارعون العدوى، وأشاروا إلى أن بعض النتائج الأولية مشجعة.

خبير في الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية قال: "استخدام بلازما الدم في فترة النقاهة نهج صحيح للغاية، لكنه شدد على ضرورة منح تلك التجربة الوقت الكافي لتحقيق أكبر قدر من الفائدة للجهاز المناعي".

وقال المدير المشارك لمستشفى مركز الصحة العامة بشنغهاي، البروفيسور لو هونشو: إن 184 حالة لا تزال تخضع للعلاج منها 166 حالة متوسطة، و18 شخصا في حالات خطيرة وحرجة.

وأسس المستشفى عيادة خاصة لتقديم العلاج بالبلازما، يتوافد عليها مرضى تماثلوا للشفاء للتبرع بالدم ويخضعون لتحاليل للتأكد من سلامتهم من أي فيروسات.

مدير برنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، الدكتور مايك رايان، علق على هذه التجربة قائلا: "البلازما في فترة النقاهة أثبتت أنها فعالة ومنقذة للحياة، وذلك عند استخدامها لعلاج أمراض معدية أخرى ومنها الدفتريا".

وفسّر أن "ما يقوم به الجلوبيولين مفرط المناعة، هو أنه يركز الأجسام المضادة داخل المريض عند تعافيه. إنك في الأساس تمنح الجهاز المناعي للمريض الجديد دفعة من الأجسام المضادة".

وبينما تعلن كل هذه المختبرات عبر العالم أنها لا يمكنها أن تفصح عن أي دواء دون التأكد من فعاليته في القضاء على الفيروس داخل الجسم دون أعراض جانبية. يتحدث الكثيرون من متبني نظرية المؤامرة أن الأمر متعلق بحرب صناعة الدواء بين المختبرات وبين الدول التي ترى في إيجاد الدواء صفقة مربحة.