كلاهما مر.. خياران أمام الرياض بشأن مبادرة الحوثي لإطلاق معتقلي حماس

12

طباعة

مشاركة

رغم انشغال العالم بمواجهة فيروس كورونا والتخلص منه، طفت على الساحة قضية قديمة جديدة، أثارت دهشة الكثيرين، وهي مبادرة جماعة الحوثي للإفراج عن أسرى سعوديين بينهم طيار وضباط، مقابل إطلاق سراح أعضاء في حركة حماس (عدهم 62)، اعتقلتهم السعودية بتهمة دعم وتمويل الإرهاب.

الكاتب إسماعيل ياشا، رأى في مقال نشرته صحيفة "ديرليش بوستاسي" التركية أن السعودية الآن في موقف صعب، وأنه وفي الحالتين سواء استجابت المملكة لهذه المبادرة أم تجاهلتها، فإن الخسارة هي التي ستلحق بالرياض.

وقال الكاتب التركي: مرّ عام تقريبا منذ أن اعتقلت السلطات السعودية عشرات الفلسطينيين المقيمين في المملكة وهم من كوادر حركة حماس الفلسطينية، إذ اعتُقل الكثير من الأشخاص في أبريل/نيسان 2019، إلى جانب طبيب الأنف والأذن والحنجرة محمد صالح الخضري، البالغ من العمر 82 عاما وابنه، المسؤولان عن علاقات الحركة مع السعودية.

وفي 6 سبتمبر/أيلول 2019 أصدر "المرصد الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، بيانا قال فيه: إن 60 فلسطينيا معتقلون بالسعودية، فيما لم تصدر الرياض منذ بدء الحديث عن قضية المعتقلين الفلسطينيين بالمملكة، أي تعقيب أو إيضاحات.

ونقل الكاتب عن مصادر قولها: إن المعتقلين أدينوا بـ"الانضمام إلى كيان إرهابي، وإعانته، وجمع التبرعات له، والتستر على قيادات الكيان الإرهابي"، مشيرة إلى أن جل المعتقلين كانوا يعملون على إعانة الفلسطينيين ضمن جمعيات خيرية مرخصة وتعين العوائل في قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية والقدس المحتلة.

ونشرت حماس، التي كانت تراقب المسألة وتحاول علاجها بهدوء لمدة خمسة أشهر، بيانا في سبتمبر/ أيلول 2019، عندما أدركت أن أعضاءها الذين احتجزوا بذريعة "دعم الإرهاب" لن يُطلق سراحهم، وطلبت من الرياض إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين؛ لكن دعوات الحركة وجهودها حتى الآن لم تجد نفعا وبدت السعودية غير معنية بالإفراج لا عن الخضري ولا عن غيره.

تحريك القضية

وفيما كانت القضية متوقفة تقريبا والجهود تشير إلى لا شيء، طفت القضية مرة أخرى على السطح وذلك بعد أن انتشر وباء كورونا في عموم الأرجاء وبالطبع كان للسعودية نصيب منه، حيث دعت حماس للإفراج عن كوادرها والحفاظ على أرواحهم.

وفي بيان صدر نهاية الأسبوع الماضي، دعا زعيم حماس إسماعيل هنية، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؛ فيما علق باسم نعيم، عضو مكتب العلاقات الدولية للحركة على هذه الدعوات، بالقول: إن "المفاوضات جارية مع الرياض بشكل مباشر وعبر وسطاء لحل المشكلة".

في غضون ذلك، جاء اقتراح مفاجئ لتبادل الأسرى قدمته جماعة الحوثي اليمنية، التي تسيطر على مساحات شاسعة من اليمن بدعم من إيران. وأبدت الجماعة، استعدادها للإفراج عن 5 سعوديين بينهم طيار، مقابل الإفراج عن أعضاء في حركة حماس موقوفين لدى المملكة.

جاء ذلك في خطاب متلفز ألقاه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بثته قناة "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة، في الذكرى الخامسة لانطلاق عمليات التحالف العربي في اليمن. وقال: "نعلن استعدادنا الإفراج عن أحد الطيارين السعوديين وأربعة من ضباط وجنود النظام السعودي، مقابل الإفراج عن المعتقلين المظلومين من أعضاء حركة حماس في السعودية".

وأضاف الحوثي: "نؤكد جاهزيتنا التامة لإنجاز عملية تبادل الأسرى التي دأب العدوان على التنصل منها". والسعوديون هم أسرى لدى جماعة الحوثي، تم أسرهم في أوقات سابقة، فيما لا يعرف مجمل عدد الأسرى السعوديين لدى الجماعة.

وردا على مبادرة الحوثيين، أصدرت حركة حماس بيانا قدمت فيه شكرها لاهتمام الحوثيين بالقضية الفلسطينية والعرض الذي تقدموا به لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في السعودية.

خسارة بالحالتين

 الكاتب التركي، قال: إنه لا يعلم عن مفاوضات تجري أو علاقة ما بين الحوثيين وحماس ولم تكن هناك أي اتفاقيات بين الطرفين قبيل هذه المبادرة ويعني هذا أن حماس تفاجأت بالمبادرة كبقية الأطراف، ووصفت الطرح الحوثي بأنه "مبادرة شخصية أو فردية".

وقالت الحركة: إنها تأمل الاستجابة لمبادرة الحوثيين في اليمن بالإفراج عن 5 أسرى سعوديين، مقابل الإفراج عن أعضاء في الحركة تؤكد أنهم معتقلون لدى المملكة.

وأعربت حماس عن أملها "من الأشقاء في السعودية الاستجابة للمطالب بالإفراج عن المعتقلين خاصة في ظل تفشي كورونا، ولا سيما أن بين المعتقلين كبارا في السن وأصحاب أمراض مزمنة". وأضافت: "نحن مع أي جهد يمكن أن يساهم في الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين لدى السلطات".

ورأى الكاتب أن بيان حماس يؤكد أن المبادرة كانت من جانب واحد وبدون تنسيق مسبق من حماس، ولم تطرق عبر قنوات الاتصال مع الحركة أو هكذا بدا الأمر.

وتابع ياشا، قائلا: "مع ذلك ومهما تكن النتيجة، فمن المؤكد أن الحركة قد سجلت هدفا نظيفا في مرمى السعودية؛ وفي الحالتين المملكة ستخسر اللعبة سواء أفرجت عن المعتقلين أم أبقتهم في سجونها".

وشرح الكاتب ذلك بقوله: "إذا ما تم الإفراج عن الأسرى فهذا يعني أن الرياض أذعنت للحوثيين، وتفاوضت معهم وقبلت بشروطهم. أما في حالة أنها لم تقبل مبادرة الحوثي ورفضت الإفراج، فهذا يعني اهتزاز صورة المملكة في العالم الإسلامي، والأهم من ذلك، ستبدأ عائلات الطيار السعودي والجنود والضباط، الذين أسرهم الحوثيون، في التساؤل عن سبب عدم تقييم فرصة تحرير أبنائهم".

وأشار ياشا إلى أن ما يعرف "بالذباب الإلكتروني" القريب من النظام السعودي، مشغول لأقصى درجة ومنذ فترة طويلة في إثبات علاقة بين حركة حماس وبين الحوثيين ومن ورائها إيران، ويحاولون تضخيم المسألة، وأن هذه الأطراف على جبهة واحدة تجابه السعودية التي تذود عن السنة في كل مكان.

ومع ذلك، هناك نقطة مهمة فاتتهم حين يروجون هذه القضية، أوضحها الكاتب في ختام مقاله، بالقول: "يرى الجميع أن اعتقال أعضاء من حماس هو نتاج التقارب السعودي الإسرائيلي وخطة صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية؛ وهذه المسألة بحد ذاتها عار بما يكفي ليلحق بالسعودية ونظامها القائم".